top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - حدود الذي قد  يأتي


حدود الذي قد يأتي



التحليلات لما يجري الآن متناقضة لدرجة إرباك الذهن ، ولهذا فإن من المستحيل فهم ما يجري الآن بصواب من دون تذكر الخلفيات التي قادتنا إلى ما نحن فيه الآن وأهمها :



1- لو نظرنا لما يجري منذ عام 1979 وحتى الآن لرأينا الأسباب في تسميتي لإيران بـ" إسرائيل الشرقية " ، فقد أحدث إيصال خميني للسلطة في ذلك العام انقلاباً شاملاً في المنطقة والعالم ، فالصراع تحول من صراع بين المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي والمعسكر الرأسمالي بقيادة أمريكا وصار صراعات دينية وطائفية عمت العالم كله وأصبحت المنقذ الرئيس للرأسمالية الأمريكية من الانهيار قبل انهيار الاتحاد السوفيتي ، نتيجة انغماس العالم بصراعات دينية ( إسلامية – مسيحية ، وإسلامية – إسلامية ، ثم شيعية – سنية ) .

وكان للعرب حصة الأسد من تلك الصراعات المدمرة لأنهم الهدف الأول لخميني فأجبرهم ذلك الانقلاب على تغيير أولوياتهم الاستراتيجية ، فأصبح الدفاع عن الوطن القطري أسبق في ترتيب الأولويات من الدفاع عن فلسطين التي اعتبرت بحق قضية العرب المركزية ، لأن وطن هؤلاء تعرض لنشر ما أسماه خميني بـ( الثورة الإسلامية ) فيه وهو خطر قاتل ومباشر ، ومن البديهي أن من يدافع عن قطر آخر عليه أولاً أن يحمي نفسه من الموت ، وما جرى في العراق من إرهاب وعمليات تخريبية قبل اندلاع الحرب بين البلدين كان الفتيل الذي فجر الحرب وكان أخطر التهديدات الإيرانية هو محاولة تطبيق شعار ( تحرير القدس يمر عبر تحرير بغداد ) ، فمن المستفيد من هذا الانقلاب الاستراتيجي ؟ .

2- دون أدنى شك كان المستفيد الأول هو إسرائيل الغربية التي تخلصت لأول مرة في تاريخها من التهديد العربي المشروع والضروري بعد انغماس الأقطار العربية في مواجهة تحديات الخمينية من داخلها ومن خارجها ، وهذا مكسب استراتيجي هو الأعظم منذ قيام إسرائيل الغربية وحتى ذلك الوقت والذي لم يتحقق إلا على يد خميني ونظامه .

أما المستفيد الثاني فهو الغرب عموما وأمريكا خصوصاً حيث أن تصاعد الفتن الطائفية والموجة الإسلاموية قد أدت لإضعاف القوى الوطنية والتقدمية وحولها من الهجوم على إسرائيل الغربية وداعميها الغربيين إلى حماية نفسها من الخطر الإيراني وهو ما جعل أمريكا وأوربا تجدان وسيلة هي الأعظم في ترويج أسلحتها وكل ما تراكم في مخازنها ومصانعها من بضائع بائرة إلى العرب تحت غطاء توفير أسلحة الدفاع عن النفس ثم صار لأمريكا وأوربا ( حق ) المطالبة بثمن حماية دول الخليج العربي من الخطر الإيراني ، فجردت دول الخليج العربي من أكثر مالها وصارت تواجه عُجوزاً في ميزانياتها لأول مرة بعد أن كان لديها فائض كبير لا تعرف ما تفعل به ! .

وهكذا تعززت مداخيل أمريكا ودول أوربية بصورة غير مسبوقة من حيث حجم ما نهبته من العرب .

وتوجت كل تلك المكاسب الأسطورية للغرب وإسرائيل الغربية بمكسب غير مسبوق وهو بدأ عملية التطبيع العلنية بين إسرائيل الغربية ودول خليجية ، وكانت أحقر رسائل دول خليجية طلبها من كتاب إصدار تصريحات تنكر وجود فلسطين أو حقوقها الثابتة ودعموا غزوات الصهاينة علناً وبلا حياء من لا شرف له ، وذلك كان مستبعداً أن يتم بدون التهديدات الإيرانية المتعاظمة التي أصبحت غطاء لكل الموبقات .

3- بل أن أمريكا ومعها دول أوربية ، خصوصاً بريطانيا ، استخدمت نظام خميني وورثته لتنفيذ خطوات في ( خطة بنرمان ) وهي تدمير أي نهضة علمية وحضارية للعرب ، فدمرالعراق تدميراً شاملاً ليس لأنه كان على صلة بالإرهاب ولا لوجود خروقات لحقوق الإنسان، كم اتهموه ، بل لأنه تجاوز الخطوط الحمر في مجال الحصول على العلوم الحديثة والتكنولوجيا ونجاحاته الباهرة في تصنيع الأسلحة والمعدات الالكترونية الدقيقة مثل القداحة النووية وتخصيب اليورانيوم بطريقة عراقية مبتكرة أُضيفت لطريقتين فقط في العالم ، وهذا محرم على العرب تحريماً مطلقاً من قبل الغرب والصهيونية ، فصار العراق خطراً على النهب الغربي والاحتلال الصهيوني لفلسطين بعد أن تجاوز عتبة النهضة ودخل منتدى القوى المتقدمة .

والسؤال المركزي هنا هو : من كان أداة تدمير العراق ؟ ، أليس النظام الإيراني تحت خميني وورثته ؟ .

ليس ثمة شك الآن وباعترافات قادة إسرائيل الشرقية المتكررة بأنهم مثل أمريكا وراء خلخلة وإضعاف العراق وهو ما مهد للغزو الأمريكي – البريطاني له ، وليس ثمة شك في أن من أكمل تدمير المجتمع وبقايا الدولة العراقية بعد أن دمرت أمريكا القوات المسلحة وقوى الأمن هو ميليشيات إسرائيل الشرقية ونغولها الذين وكلتهم أمريكا حصراً بتولي الحكم لأنها تعرف أنهم الأكثر تأهيلاً لتدمير العراق شعباً ودولة وهوية ، ولهذا كان متوقعاً ، بل وضمن خطة أمريكا تدمير العراق ، أن يسلم العراق لنغول نظام الملالي وليس لنغول أمريكا عندما أجبرت المقاومة العراقية القوات الأمريكية على الانسحاب ، لهذا فإن من حقائق غزو العراق أن الكوارث الأشد كارثية كان نظام الملالي فاعلها بعد تسليم أمريكا الحكم لنغوله في العراق في عام 2011 .

4- لم تكن فضيحة "إيرانجيت " خطأ ولا خطوة منفردة بل كانت خطة في إطار استراتيجية عامة تواصلت حتى الآن محورها تعاون أمريكي – إيراني – صهيوني لتدمير العراق أولاً ثم الانتقال لتدمير سوريا وإكمال تحييد مصر وحلب دول الخليج العربي ونشر الفوضى الهلاكة في كافة الأقطار العربية تمهيداً لتدميرها بالتدريج ، وليس أكثر قدرة على نشر الفتن الطائفية من نظام الملالي وهو ما أثبتته كافة الأحداث ، وهنا نتوقف قليلاً لنسأل : ما معنى ونتائج تدمير العراق وسوريا وتحييد مصر وإجبارها على تبني سياسة دفاعية صرفة بسبب الإرهاب الداخلي المصنع غربياً وصهيونيا ؟ ، النتيجة الأهم هي إنهاء الطوق العربي الاستراتيجي ( المصري – السوري - العراقي ) حول إسرائيل الغربية وتبديد قدراته الأساسية لعدة عقود وهو أخطر التحولات الاستراتيجية على الإطلاق في الوطن العربي .

من هو المنفذ الرئيس لهذه العمليات ؟ ، إنه نظام الملالي الذي ضرب استقرار الأقطار العربية بنشر الفتن الطائفية ، فهل تجهل الصهيونية وأمريكا هذه الحقائق البارزة والواضحة فتتخلى عن ذخيرتها الاستراتجية الأهم وهي إسرائيل الشرقية ؟ ، أم تكافأ بعد أن تستبدل العمامة ببدلة عصرية ؟ .

5- ما معنى أن تكون إسرائيل الشرقية ذخيرة استراتيجية للغرب والصهونية ؟ ، بعد تدمير العراق وسوريا وتحييد مصر وتدمير ليبيا واليمن وزرع بذور الفتن الطائفية في المغرب العربي والسودان لم يعد العرب يشكلون خطراً على إسرائيل الغربية وهو ما جعلها تتمادى أكثر فنفذت خطة الربيع العبري وليس العربي ، وتخلت عن خططها المرحلية المحدودة المطامع ( الأرض مقابل السلام ) وتبنت خططاً صريحة ( السلام مقابل السلام ) والأخيرة تعني أن على العرب التفاوض فقط حول كيفية إحلال السلام في ظل أوضاع مختلة تماماً لصالحها ولصالح أمريكا خصوصاً أن عليهم أن يقبلوا بما تريده إسرائيل الغربية من ضم الأراضي العربية ومطالبة العرب بدفع تعويضات لليهود عما أسمته أملاكهم في الأقطار العربية ! .

وصول إسرائيل الغربية لهذا الحد من التحدي للعرب ما كان ممكناً لولا تدمير قوتهم والذي لعبت إسرائيل الشرقية الدور الأهم فيه بعد تمهيد أمريكي عسكري ومخابراتي حيث وقفت أمريكا أمامه راعية وداعمة مباشرة كما رأيناه في العراق ، ومتفرجة وموافقة كما في سوريا وليبيا واليمن ولبنان والتفرج بلا تدخل ردعي هو موقف تشجيع مباشر للتوسع الاستعماري الإيراني ، ومادامت إسرائيل الشرقية هي التي نفذت تلك الخطوات الجوهرية ، فهل توجد ذخيرة استراتيجية بالنسبة للغرب والصهيونية أهم منها أو بديلاً عنها ؟ .

والآن ، هل عرفتم لم أكد الرفيق عزة إبراهيم بأن إسرائيل الشرقية صاحبة فضل على أمريكا ؟ .

6- الآن ندهش لترويج قصة تؤكد بأن أمريكا سوف تدمر إسرائيل الشرقية وهو خداع منظم لنا أو جهل مثير للدهشة للخطط الأمريكية والصهيونية ، فهل من المنطقي أن تدمر أمريكا والصهيونية الذخيرة الاستراتيجية التي ساعدتهما على تحقيق أكبر وأخطر المكاسب الاستراتيجية في الوطن العربي خلال أكثر من نصف قرن ؟ ، وهل من المنطقي تدمير من أدت سياساتها المتسترة بالدين إلى نشر الصراعات الطائفية والدينية في الكثير من القارات بدل الصراع السوفيتي - الأمريكي وهو الهدف الأحب إلى قلوب الاستراتيجيين الأمريكيين ؟ .

قد يقول البعض ، نعم ، لأن دورها انتهى ، ولكن هذا الجواب نصف الحقيقة ، فنعم ، دور نظام الملالي على الأغلب انتهى بعد أن أكمل نشر الفوضى ، ولكن دور إسرائيل الشرقية لم ينتهي ومازال لها دور خطير قادم ولكنه مختلف عن دورها طوال أربعين عاماً ، فما هو هذا الدور الجديد لإسرائيل الشرقية ؟ .

7- أحد أهم الأهداف الأمريكية إقامة ( نظام شرق أوسطي جديد ) أعمدته ثلاثة : إسرائيليتان الشرقية والغربية وتركيا وبقيادة أمريكا ، أما العرب بعد تقسيم أو تقزيم أقطارهم لن تكون نظمهم سوى أقمار تدور في أفلاك هذه الأطراف الأربعة .

هذا النظام هو أداة أمريكا لإدارة الوطن العربي ومحيطه الاقليمي لجعل المنطقة الداعم الأهم لأمريكا في تنافسها مع كابوسها الصين ومنافسها العسكري روسيا .

8- الهدف الأمريكي إذاً مما يمارس تجاه إسرائيل الشرقية ليس تدميرها كما دمر العراق بل إعادة تركيب نظامها السياسي بطرق ليس الحرب الشاملة من بينها ، حتى وإن حصلت نتيجة حماقة نظام الملالي فهي محدودة زمنياً ومكانياً .

المطلوب هو صعود نظام جديد من رحم النظام الحالي إن أمكن أو من معارضة إيرانية موجودة وتعزيز قوته العامة خصوصاً العسكرية ليكون شرطياً مرة أُخرى وببدلة أُخرى مهمته الأساسية المشاركة مع بقية الشرطة في النظام الاقليمي في ضبط المنطقة أولاً ثم تسخيرها في الصراعات العالمية المتصاعدة خصوصاً منع أي نهضة للعرب وتعميق الخلافات بينهم ، فإن تراجع نظام الملالي وقبل بشروط أمريكا الـ12 فهو ساقط بلا حرب وإن استمر في العناد فهو ساقط بضربات منتقاة عسكرياً لتدعم عناصر في داخل النظام وخارجة لتسلم السلطة .

9- أمريكا وهي تتدحرج من فوق قمتها التي اعتلتها طوال عقود تركز جهودها الأساسية لعرقلة إكمال الصين صعودها وتطويق روسيا ليس فقط من جهة أوربا الشرقية فقط بل أيضاً من جهة العراق وإسرائيل الشرقية ، فطريق الحرير الصيني يمر منهما ولابد من اعتراضه بقوة ، وبطن روسيا الرخوة في شرقها ولابد من زيادة الضغط عليها عبر الحلف الجديد ، فالنظام الاقليمي الجديد هو نظام أمريكي يخدم أمريكا وبالتأكيد يخدم من تدعمه أمريكا وأولهم إسرائيل الغربية .

فهل عرفتم الآن لِمَ أُصر على استخدام تسمية إسرائيل الشرقية بدل إيران ؟ ، وهل عرفتم لِمَ أُصر على وصف العلاقة بين الإسرائيليتين بأنها علاقة توأم يكمل أحدهما الآخر حتى وإن تعاركا كما يتعارك كل توأم وهما في الرحم رفساً من أجل المكان وهو ضيق ؟ ، وهل اتضحت الأسباب الاستراتيجية لدور الشرطي الإيراني المستمر منذ عهد الشاه وحتى الآن وسيستمر لعقود ؟ .

تذكروا أن المطلوب الآن هو نزع عمامة الشرطي الإيراني الذي أفلس تماماً وإلباسه زي شرطي عصري يحمل هراوة ضخمة .

والخلاص هو في الاعتماد على أنفسنا في تحرير العراق كما أكد الرفيق المناضل عزة إبراهيم في خطابة في ذكرى تأسيس الحزب ، وعندما يتحرر العراق تبدأ عملية إنقاذ الأمة كلها .

Almukhtar44@gmail.com

16-5-2019

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page