top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - هل عراقنا على عتبة الخلاص أم التفريس ؟


صلاح المختار

هل عراقنا على عتبة الخلاص أم التفريس ؟

من ينظر لما يجري في الوطن العربي وخصوصاً في العراق وسوريا واليمن ولبنان يقع ضحية حيرة قاتلة ، ففي حين أن الأجواء تبشر بقرب تصفية النفوذ الإيراني لكن نفس هذه الأجواء تقدم أدلة حاسمة على أن الذي يجري ليس الخلاص من الاستعمار الإيراني بل نقيضه وهو تحقيق خطوات على طريق تفريس العراق وسوريا ولبنان واليمن تمهيداً لتفريس مناطق ضخمة من المشرق العربي لأن كل المؤشرات تقنع من لديه عقل ويتعالى على دغدغات الخلاص الوهمية يرى عوامل التفريس وهي تتعاظم وتتوسع وتتعمق ! .


في العراق تتسع رقعة تهجير العرب من قراهم ومدنهم وأحياءهم ، وما يجري الآن في محافظتي ديالى وصلاح الدين وغيرهما من حرق للمزارع على نطاق واسع وتصاعد إرهاب الميليشيات ، الطائفية الظاهر الفارسية الجوهر، والتي تتجول في القرى والأحياء وتقتل وتهجر بالقوة بلا رادع وبدون أي تدخل أمريكي أو حكومي ، وفي سوريا يتعزز الوجود الإيراني سكانياً وعسكرياً وتتعقد صورة المشهد وسط تنافس أمريكي روسي إيراني تركي على تعزيز المواقع دون الانخراط في صدامات كبيرة بين هذه الأطراف ، وفي منطقة الطارمية في العراق تجري عملية واسعة النطاق لتفريغها من سكانها العرب بالقتل والترويع مع التأكيد علناً بأن الهدف هو إخلاء الحي من سكانه تحت غطاء جعله منطقة خالية من السكان ويؤكدون أنها يجب أن تكون مثل منطقة جرف الصخر جنوب بغداد التي هجر سكانها العرب بلا رحمة ! .

كل ذلك يجري ومعمعة المصارعة الحرة بين ترامب وخامنئي تصم الآذان من شدة القصف الكلامي الذي لا يلبث أن يتعرض لزخات مطر غزل أمريكي إيراني علني بينما الزواج الكاثوليكي يشهد نشاطاً سرياً في عواصم أوربية وعربية ، والآن يتدخل رئيس الوزراء الياباني لمصالحة الزوجين المتعاقدين منذ عام 1979 ! ، فما الذي يجري وماهي حقيقة الموقفين الأمريكي والإيراني ؟ .

1- لم يعد ثمة شك الآن بأن تهديدات أمريكا لنظام الملالي ليست سوى جعجعة بلا طحين فكل التصريحات والتهديدات الأمريكية والإيرانية تتحول فوراً وبلا إبطاء إلى غرفة نوم الزوجين فنسمع طقطقات سريرهما بقوة الرصاص ! ، وتتعالى شدة نبرة أمريكا التي تؤكد بأنها ( إذا ضربت ... ) سترد ولكنها تتجنب بشكل ملحوظ ربط ضرب أو تهديد دول الخليج العربي بإمكانية الرد ، ولدينا الدليل فرغم مرور فترة طويلة على ضرب السفن في خليج عمان وقصف مناطق نفطية في السعودية لم نرى رداً أمريكياً قاسياً ! رغم أن المنطقة مازالت تحسب خط أحمر أمريكي دمر العراق تدميراً شاملاً تحت غطاء ردعه عن اجتيازه في عام 1991 ومنع تهديد منابع النفط ، تبعاً لما سمي بمبدأ كارتر ، ولكن الطرف الإيراني في زواج المتعة والذي تحول عملياً إلى زواج كاثوليكي ، مدلل من قبل الغرب رغم كل ( ضربات الحبيب التي تشبه طعم الزبيب ) ! .

ولعل ما يجلب الانتباه أكثر أن الأسابيع الأخيرة شهدت ظاهرة ملفتة للنظر : فعندما يقوم خبير أو مسؤول أمريكي بتعداد الدول التي تتعرض للتهديدات الإيرانية يستثني العراق متعمداً وقد تابعت هذه الظاهرة القوية وذات الدلالات الخطيرة جداً خصوصاً أنها تظهر بعد فترة من شمول العراق ، ومما يزيد التساؤل هو أنه في وقت تجري فيه عمليات إيرانية واسعة النطاق لتهجير العرب من قراهم ومناطقهم وبيوتهم ومدنهم وإحلال آخرين محلهم فيهم عدد غالب من غير العراقيين ومع ذلك تستثني أمريكا العراق في رسالة واضحة جداً لإسرائيل الشرقية تقول بأن أمريكا ليست ضد تفريس العراق ! .

فهل حقاً أن ترامب يريد إنقاذ العراق وغيره من الاستعمار الإيراني كما يدعي هو من معه ؟ ، أم أنه يدعم عمليات التفريس المنظم من أجل تغيير الهوية العربية لأجزاء هائلة من العراق وسوريا ولبنان واليمن وهو ما يمهد لعمليات تفريس أشد خطورة في أقطار عربية أخرى ؟ ، اسمحوا بتأكيد ما سبق أن كررت قوله منذ الغزو الأمريكي للعراق :

1) ليس من مصلحة أمريكا ولا إسرائيل الغربية إيقاف التفريس الواسع النطاق الذي تنفذه ميليشيات تابعة لفيلق القدس إضافة للقوات الرسمية لسبب بسيط يعرفه حتى نصف المثقف وهو أن تغيير هوية الأقطار العربية القريبة من إسرائيل الغربية هدف سوبرستراتيجي وليس استراتيجي فقط ، فلا أمن ولا أمان لها من دون إنهاء عروبة العراق وسوريا ومصر ولبنان والأردن أو على الأقل جعل العرب أقلية أو محاصرين وتابعين لغيرهم وبذلك تنتهي إمكانية تحرير فلسطين ، وهو الهدف الأسمى للعربي .

2) أما أمريكا فالوطن العربي مغرباً ومشرقاً وطبقاً لخططها المعروفة ، وآخرها ما فرضته على العراق من فدرالية ونظام محاصصات ووسعت نطاق تطبيقه ليشمل سوريا واليمن وليبيا ، يجب أن تنتهي عروبته ويتحول إلى فسيفساء إثنية وعرقية وطائفية وقلاع إقطاعية منعزلة وأن تنخرط هذه الكيانات القزمية في صراعات لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد ، وإلا هل فكرتم يوماً لِمَ يقع ويتصاعد الصراع القطري – السعودي الإماراتي المحتدم والذي حول كل طاقات هذه الأقطار التي تقترب من إنتهاء عروبتها بسرعة هائلة إلى حرب داحس والغبراء فقدنا فيها بقايا كرامة الإنسان وتقاليدنا الأخلاقية وصار المرتزقة من الاعلاميين في قنوات تلك الأقطار يسيّرون قوافل البذاءة من أجل المزيد من البترودولار ؟ ، ابحثوا عن دور أمريكا وإسرائيل الغربية وبريطانيا ونظام الملالي في طهران ستجدون أنه وراء ما يجري والهدف هو إنهاء الأمة العربية بكافة أقطارها وتسييد الغرباء عليها .

تذكروا دائماً ولا تنسوا أبداً أن أمريكا وإسرائيل الغربية وإسرائيل الشرقية تسعى كلها إلى إحداث تغييرات سكانية عميقة وواسعة النطاق في العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان كمقدمة لتقسيم الوطن العربي كله ، لأن كل منها له مصلحة استراتيجية في ذلك ، ومنها أمريكا التي تواجه حالة تراجع خطير في قدراتها التكنولوجية والاقتصادية مقابل الصعود المفزع ( لأمريكا طبعاً ) للصين وروسيا ، والذي أجبرها على الانقلاب الوقح على نظام رأسمالي فرضته هي عبر إبادة الملايين من البشر وهو اقتصاد السوق الرأسمالي وكان قانونه الإلزامي هو منع تدخل الدول وترك الأسعار تتقرر في السوق ، الآن ترامب وبصفته ممثل الرأسمالية الرثة المنهزمة يعود لنظام الحماية ويستخدم كافة الطرق لابتزاز العالم .

وما معركة هواوي مع الصين الجارية الآن إلا مثالاً يقدم لنا صورة أمريكا المتدحرجة من قمة التل الذي وصلت إليه ، لذلك فمصلحة أمريكا أساسية وواضحة في إنهاء عروبة الوطن العربي وهي زجت بكافة احتياطياتها الغالية ، خصوصاً المخابراتية ، في هذه المعركة الحاسمة ، لأنه فقط بتغيير الهوية السكانية للأقطار العربية تستطيع أمريكا إقامة نظام إقليمي شرق أوسطي يكون سلاحها الفعال جداً في كبح انطلاقة الصين وروسيا الجبارة ، فهل ترون الآن لِمَ لم يشمل تطبيق إدارة ترامب ( مبدأ كارتر ) نظام الملالي والذي تم غزو العراق تحت مظلته وهو الذي يقول بأن أي تهديد لمنابع النفط يلزم أمريكا بالتدخل بكافة الطرق بما فيها العسكرية لمنع التهديدات ومن أي طرف إقليمي أو دولي صدرت ؟ .

3) المصلحة السوبرستراتيجية لكل من أمريكا وبريطانيا والإسرائيليتين الغربية والشرقية هي التي تمنع انفلات الصراع في منطقتنا وأمريكا تريد فقط إعادة إسرائيل الشرقية الى بيت الطاعة في عقد زواج صار كاثوليكيا وهو تحول يعني أن على العرب عدم إبعاد النظر عن الحقيقة التالية ولو للحظة وهي أن إسرائيل الشرقية كانت وستبقى ذخيرة استراتيجية عظمى لكل من أمريكا وإسرائيل الغربية في ضمان إبقاء العرب خانعين متشرذمين .

4) نرى بوضوح أن أكثر المستفيدين من التغييرات السكانية في الأقطار العربية هو الاستعمار الاستيطاني الصهيوني وهذا هو ما يجعل كل الأحداث واضحة بلا أي غموض حيث لم تكتفي أمريكا ومعها إسرائيل الغربية بإطلاق صوارخ خلبية مقابل هتافات نارية لنغول الفرس في الوطن العربي ( الموت لأمريكا ) بل جعلت الموت ينحصر عمداً وتخطيطاً بالعرب ، فهل عرفتم لم تتجاهل أمريكا ذكر العراق عندما تتحدث عن توسع التغلغل الإيراني في الأقطار العربية ؟ ، وهل عرفتم لِمَ لم تطلق بعد حتى رصاصة حقيقية واحدة على طهران بينما تنهمر مليارات الصواريخ والقذائف على العرب في العراق وسوريا واليمن والسودان والجزائر ويحرم المرضى من الدواء ويجوع الأطفال حتى الموت في مقاديشو وبغداد ودمشق وصنعاء ؟ ، هل تعرفون الآن لِمَ أكد الرفيق القائد عزة إبراهيم في خطابة في ذكرى تأسيس البعث بأن أمريكا لن تضرب إيران ؟ .

تحت ضجيج أصوات مدافع أمريكا وإسرائيل الشرقية في قاعات هولي وود تجري عملية إمرار أخطر مراحل تقسيم الأقطار العربية وتقاسمها وهي تسارع عمليات تفريس العراق وسوريا واليمن ولبنان قبل أن تنتهي أمريكا من إجبار الزوجة الإيرانية على الاستسلام لشروط الزواج الكاثوليكي ، لذلك نحن مجبرين على تكرار تأكيد ما يلي : نرحب بكل إضعاف لإسرائيل الشرقية حتى في معارك سرير الزوحية بينهما لأنه سوف يوفر لنا فرص جانبية وليس بفضل أمريكا أو غيرها للنهوض اعتماداً على أنفسنا وشعبنا ومهما طال الزمن ، فالمهم أولاً وقبل كل شيء حماية عروبة العراق وسوريا واليمن ولبنان وبعد تحقيق ذلك يمكننا تحقيق كل ما نريده بقوة أمة حافظت على هويتها القومية وليس بقايا أمة مهزومة ومتشرذمة .


Almukhtar44@gmail.com

7-6-2019

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page