الرفيق المجاهد صلاح المختار - ما المطلوب لاجتثاث الاحتلال الاستعماري الإيراني ؟
- مفكر قومي
- Jul 20, 2019
- 6 min read

ما المطلوب لاجتثاث الاحتلال الاستعماري الإيراني ؟
في عقوبات فرضتها أمريكا على إسرائيل الشرقية تسقط قطرات متباعدة بالقطارة لكنها بتراكمها تصبح بركة ماء آسن تهدد بخنق نظام الملالي تحقيقاً لأهداف لم تعد سرية ، ومن القطرات الجديدة ما صدر اليوم بفرض عقوبات على أشخاص من بينهم لبناني اسمه " سلمان رؤوف سلمان " الذي اتهم بتفجير كنيس يهودي في عام 1995 في الأرجنتين حيث عرضت مكافئة قدرها 7 ملايين دولار لمن يساعد على اعتقاله ، ولكن كان أهم سؤال طرح فوراً من قبل العديد من المراقبين هو التالي : لِمَ انتظرت مخابرات أمريكا إصدار مكافأتها حوال ربع قرن رغم أنها كانت تعرف دوره منذ تنفيذ العملية ؟ ، وهذا السؤال المنطقي يطرح أيضاً عندما يتعلق الأمر بالتغلغل الاستعماري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن ودول الخليج العربي وغيرها : لِمَ سكتت أمريكا وهي تراقب التغلغل الاستعماريالايراني ، السكاني والسياسي والاقتصادي ... الخ ، بل هي تساعده بوضوح ، ورسمياً أحياناً كما في العراق ؟ ، ولِمَ سلمت الحكم لنغول إسرائيل الشرقية وليس لنغولها ، وهم كثر ، عندما انسحبت في عام 2011 مضطرة نتيجة فاعلية عمليات المقاومة العراقية الباسلة ؟ ، للجواب ، لابد من تسجيل الملاحظات التالية :
1- التأخر في اتخاذ موقف رادع من قبل أمريكا ليس سببه عدم المعرفة ، فأمريكا توثق كل عمل ضدها أو ضد حلفاءها ( غير العرب طبعاً ) وتؤجل الرد إذا كان الطرف الفاعل ينفذ أهدافاً تخدم أمريكا والصهيونية مثلما تخدم الاستعمار الإيراني ، سببه الرئيس واضح جداً ، إذ يجب أولاً وقبل كل شيء أن تفكك تكمل إسرائيل الشرقية بنية الأقطار العربية الوطنية والقومية وشرذمة شعبها وحرث الأرض العربية حرثاً عميقاً يقتلع جذور الهوية القومية العربية أولاً وقبل كل شيء ، وهذا الهدف هو الهدف السوبرستراتيجي منذ بدأت أمريكا حروبها ضد القومية العربية في زمن المرحوم جمال عبد الناصر ، فالقومية العربية توفر اللحمة التضامنية بين العرب ، وهي ما يمنع تهديم أقطارهم ، والتهديم جعل إسقاط أنظمة فيها مقدمة لنشر كافة أشكال الفوضى التدميرية التي عندما تبدأ لا تنتهي إلا بتدمير الدولة أولاً ثم المجتمع وصولاً إلى الهدف الأهم إطلاقاً وهو تهديم منظومة القيم العليا بصفتها الضابط الرئيس للسلوك الإنساني والضامن الرئيس لوحدة المجتمع .
لكن مشكلة خطيرة واجهت أمريكا وإسرائيل الغربية ، ومازالت الكابح الرئيس لغزواتهما ، وهي أنهما لا تستطيعان خوض حروب طويلة ومتكررة لأنهما تفتقران للمعنويات في جيوشهما وسكان مستعمراتهما ، إضافة لأسباب أُخرى ، وهي أهم شروط النصر ، فاحتلال وطن الآخرين وجلب سكان من الخارج لا يصنع أمة لأنها نتاج تفاعلات قرون والفيات فهم غرباء بلا رابطة أمة أو هوية قومية ، فتمنح لهم هوية زائفة ومؤقتة ( الهوية الأمريكية والإسرائيلية الغربية ) تختفي أثناء الحرب وتحل محلها المصالح الفردية خصوصاً الحفاظ على الحياة لأن أمريكا عبارة عن فرصة للنفع السريع وليس أمة متكونة أصلاً .
وهذا هو السبب الرئيس الذي جعل امريكا لا تحقق النصر النهائي في حروبها العدوانية الا باستخدام قوة غير بشرية ماحقة كما حصل عندما ضربت اليابان بقنابل ذرية لتجنب خوض معارط جبهية سبق وان هزمت فيها بطريقة مخزية امام القوات اليابانية ذات الهوية القومية الراسخة والتي انتجت ( الهارا كيري ) اي الاستشهاد طوعا من اجل اليابان ، وهذا ما ظهر ايضا بانهيار معنويات الجيش الامريكي في فيتنام والعراق .
اما اسرائيل الغربية فهي كذلك بصفتها مستعمرات غرباء اعتمدت على التفوق المطلق عسكريا على كل العرب لضمان عدم الهزيمة ولكن رغم ذلك فان كل من يعرف طبيعة المجتمع الاسرائيلي يعرف بان معنويات مستوطنية هشة وضعيفة جدا ولا تسمح بكسب حرب مواجهات طويلة بين بشر وهذا ما اكدته المقاومة الفلسطينية وحرب اكتوبر عام 1973 ، فكيف يمكن التغلب على عدو لديه قومية متبلورة منذ الاف السنين تمنع اختراقه جبهيا وهو الامة العربية ؟ ، الحل هو بتفتيت الهوية القومية تدريجيا بتعظيم القطرية اولا ثم اطلاق موجات طائفية وعرقية تحيي الاصول المندثرة للعرب وتحولها الى عوامل تهديم للهوية العربية ، فاشعال صراعات الدين والطائفة والعرق مكون رئيس للاستراتيجية المشتركة الغربية الاستعمارية والصهيونية .
2- وهنا نجد السبب الجوهري للاعتماد الغربي والصهيونية على اسرائيل الشرقية واعتبارها احد اهم اعمدة السياسات الغربية منذ حلف بغداد الى نظرية الحرب بالوكالة وصولا الى الحروب الطائفية والدينية ، فكل هذه الانواع من الحروب والصراعات التي تولى الغرب ومعه الصهيونية العالمية وضع خططها واشعالها هدفها الرئيس تدمير الهوية القومية العربية واحلال هويات فرعية سابقة للامة محلها ، وهذا لن يحدث الا اذا تعرض العرب الى انواع من الحروب التدميرية الشاملة للمجتمع والفرد بالذات ، وليس الى حروب عسكرية فقط ، فالحروب الشاملة للمجتمع والانسان الفرد تهدم المصدر الرئيس لقوة الانسان وتماسكه وهي القيم العليا ، والاخيرة لاتدمر الا بتدمير مقومات الحياة اليومية من خدمات وامن وامان ، واحلال الفساد والامية والخرافات محل التعلم والعلم .
ومن يقرأ التاريخ يرى ان الفرس كانوا دائما يعتبرون العرب العدو الاول ليس فقط بعد ظهور الاسلام وتهديمه لامبراطوريتهم بل قبل ذلك بكثير عندما كانت سومر وبابل واكد واشور امبراطوريات عظمى وكانت بلاد فارس مقرا لقبائل بدائية تعيش على غزو الجوار الغني وهو العراق حصرا لانه الغني بين جيران بلاد فارس الفقراء ، فالصراع العراقي الايراني يستبطن ارثا تاريخيا ثقيلا بكل تراكماته النفسية والثقافية ، وهو ما يفسر القسوة المفرطة التي يظهرها الفرس تجاه العرب. تذكروا هذه الخلفيات التاريخية والنفسية ستعرفون لم تعتمد الصهيونية والغرب الاستعماري على اسرائيل الشرقية في تنفيذ اخطر الاهداف المشتركة لهذه الاطراف الثلاثة واهمها تدمير الهوية العربية لانها مصدر قوة العرب وتماسكهم وعبقريتهم .
3- الدور الايراني التقليدي ( زمن الشاه ) والمستحدث ( زمن الملالي ) المتفق عليه غربيا وصهيونيا هو الذي يفسرالمواقف الغربية والصهيونية عموما تجاه نظام الملالي ، فهو هي خير اداة لتحقيق اهداف الغرب والصهيونية والتعويض عن نقض معنويات جنودهما في الحروب ، وذلك لايمكن ان يتحقق الا بتنمية احقاد نخب الفرس على العرب ودعم مطامعهم في مياه وارض العرب الصالحة للزارعة والتي تفتقر اليهما بشدة ، والتي تجعلهم مستعدين لفعل ما تتردد امريكا والصهيونية عن فعله ، وهو ما نراه الان بوضوح في جرائمها المتطرفة البشاعة في العراق وسوريا واليمن وغيره ، ولهذا اعتبرت بلاد فارس الذخيرة الاستراتيجية الاهم للغرب والصهيونية في منطقتنا ، ويترتب على هذه الحقيقة امران خطيران :
الامر الاول : عدم محاسبة النخب القومية الفارسية على تجاوزاتها على الغرب والصهيونية التي تقع نتيجة التنافس او الطمع الايراني الضخم ، وانما تأجيل ذلك لما بعد اكمال دورها الرئيس في مرحلة معينة ثم فتح الملفات المؤجلة لمحاسبتها عليها ، والامر الثاني هو ان محاسبتها لا تشكل تدميرا لقواها كما حصل ويحصل للعراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها بل توجيه صفعات لها لاجل اعادتها للسير بين سكتين حديديتين يجب ان لاتخرج من بينهما : فالقومية الفارسية بالاصل ذخيرة استراتيجية للغرب والصهيونية وقبلهما كانت الداعم الرئيس لغزوات التتار والاستعمار الاوربي في بداية انطلاقه ، وبعكس القومية العربية المستهدفة ، ويفضي ذلك الى ضرورة اعادة تأهيلها لتلعب دورا رئيسا في منظومة اقليمية كبرى جديدة ستقودها امريكا اسميت بـ( النظام الشرق اوسطي ) والذي اختارت امريكا له الاسرائيليتان الغربية والشرقية وتركيا ولم تختار قطرعربيا واحدا ليلعب دورا رئيسا فيه لسبب بسيط هو ان الاقطار العربية الحالية يجب ان تشرذم وتحول الى كيانات اصغر مجردة من عوامل القوة خصوصا العسكرية وتكون اقمارا تدور في افلاك القوى الاقليمية والدولية .
ما هو موقف حركة التحرر الوطني العربية عموما والعراقية منها خصوصا مما يجري الان ؟ .
ان مجرد تحديد نطاق التوسع الايراني وتقييده سياسيا لتكون اسرائيل الشرقية منضبطة يوفر العنصر الايجابي النسبي وهو تقليص معاناتنا في الاقطار العربية بتخفيف الضغوط الايرانية القاتلة علينا ، وكما في الحياة العادية فان الانسان عندما يتعرض للموت يبحث عن النجاة حتى ولو بقيود ، وهذا هو حالنا نحن العرب الان ، وضبط اسرائيل الشرقية وبعد اتمامها لاهداف جوهرية في التدمير المنظم لاقطارنا وهويتنا خصوصا تهديم منظمومة القيم العليا ، يفضي تنفسنا براحة نسبية ووضع خطط تحررنا تدريجيا باستغلال ما يتوفر من امكانيات وفرص ، فاذا انتهت عمليات الارهاب الايرانية المتطرفة القسوة واتيحت بيئة مناسبة لظهور فرص عمل وطني لا تمنعه الفاشية والاضطهاد ويؤدي لرفع اجتثاث البعث وهو خطة لقمع كافة المؤمنين بالعروبة وليس البعثيين وحدهم ، فتلك خطوات مطلوبة ومرحب بها ، ولكي لا نعبر هذه الملاحظة نذكّر بان اسرائيل الشرقية التي تبتز كل من يدعم خطوات تحجيمها باتهامه بالعمالة لامريكا فعلت ذلك قبلنا منذ " ايرانجيت " التي تلقت بموجبها اسلحة ومعلومات مخابراتية عن الجيش العراقي واستمرت طوال العقود الماضية بلا توقف ووصلت حد الاعداد المشترك الامريكي الايراني لغزو العراق والاتفاق على خطواته ثم مشاركة اسرائيل الشرقية بصورة رئيسة في احتلال العراق والسيطرة على العملية السياسية بقرارامريكي وصهيوني مشترك للاسباب التي ذكرناها ، فالدافع الذي سمح لاسرائيل الشرقية بالعمل المشترك سواء كان تحالفا رسميا او تعاونا فعليا هو ذاته الذي يسوغ ترحيبنا باي خطوة امريكية لتقييد اسرائيل الشرقية وهو مطلبنا في حده الادنى ، اما مطلبنا في حده الاعلى فهو الاجتثاث العميق والشامل ليس فقط للاحتلال الايراني وانما واساسا تصفية كافة نغوله العرب في كل اقطارهم لان وجود نغل واحد سيعيد انتاج امثال عبد الملك الحوثي وحسن نصر الله وهادي العامري .
Almukhtar44@gmail.com
19-7-2019
Comments