top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - هل ستقع الحرب ؟


هل ستقع الحرب ؟


مازال كثيرون يتساءلون : هل ستقع الحرب بين أمريكا وإسرائيل الشرقية ؟ ..

والجواب الواضح جداً الآن هو أنه لا حرب كلاسيكية ستتعرض لها إسرائيل الشرقية مثل تلك التي هدم العراق بها لأسباب كثيرة ، وهو ما أكد عليه الرفيق المناضل عزة إبراهيم في خطابه الأخير بصواب تام ، فكيف نصف الذي نراه الآن من تحريك بوارج حربية وإسقاط طائرات مسيرة وخطف سفن وتهديدات متبادلة وتعزيز العقوبات الاقتصادية ؟ ، الجواب .. لا تنتظروا حرباً شاملة على إسرائيل الشرقية كالتي تعرض لها العراق ، فهذا لن يحدث ، والحروب أشكال منها الاقتصادية والنفسية والإعلامية والعسكرية ... الخ ، فحرب احتلال العراق كانت عسكرية لأنها استخدمت القوة العسكرية بكثافة هائلة لحسم الصراع بسرعة مع طرف مثل دولة لديها مؤسسات وقواعد وأهداف ثابتة يمكن قصفها ، وهذه تسمى الحرب العالية الحدة أو الكثافة (HIGH INTENSITY WAR) .

ولكن هناك نوع آخر من الحروب ، وهو الحرب المنخفضة الحدة أو الكثافة (LOW INTENSITY WAR) وأبرز مثال لها هو تلك الحرب التي بدأتها أمريكا وآخرين ضد العراق بعد وقف إطلاق النار في عام 1991 فالعدوان الثلاثيني كان حرباً عالية الحدة لكن ما تبعها كان حرباً منخفضة الحدة ، فهل تتذكرون كيف كانت ؟ ، إنها كانت عمليات عسكرية متفرقة وليس هجوماً شاملاً مكثفاً وتستهدف مواقع عسكرية واقتصادية ومؤسسات حيوية ومزارع .. الخ ، ولم تكن تلك العمليات يومية ، واقترنت بفرض مناطق حظر جوي تمنع الطيران العراقي ، وكان الهدف قضم قواه خصوصاً الاقتصادية والعسكرية والنفسية تدريجياً فتتقلص مساحات الحركة للدولة العراقية وتضيق سبل معالجة مشاكلها حتى توصل إلى حافة الانهيار ، وعندها تكون الخطوة التالية في هذا النوع من الحرب هي احتلاله عسكرياً بأقل الخسائر وباسرع تحطيم لما تبقى من قوة الهدف ، وهذا النوع من الحروب يستخدم أيضاً في مواجهة حروب العصابات .

فهل توجد الآن حرباً منخفضة الحدة بين أمريكا وإسرائيل الشرقية ؟ ، الجواب .. نعم ، ثمة حرب تجري الآن ومنذ انسحب ترامب من الاتفاقية النووية ، فإسرائيل الشرقية قد أدت دوراً خطيراً جداً في تفتيت العراق وسوريا واليمن ولبنان وأشعلت فتناً طائفية عمياء في أقطار أُخرى وزرعت ألغاماً جاهزة للتفجير في الأقطار العربية المتبقية ، وهذه أهداف مشتركة بين أمريكا والصهيونية وإسرائيل الشرقية ، ولكنها وهي تنجز هذه الأهداف المشتركة وفي مراحل تحقيق خراب هائل أخذت تتجاوز الخطوط الحمر التي وضعت لها بالأصل وأخذت تنفذ خططاً امبراطورية خاصة بها وعلى حساب الامبراطوريات الأخرى خصوصاً الامبراطوريتين الأمريكية والصهيونية ، وهكذا صار ضررورياً إعادة إسرائيل الشرقية إلى ما بين السكتين ومنعها من الخروج من بينهما ، فالحرب الحالية هي حرب منخفضة الحدة وهدفها ليس تدمير إسرائيل الشرقية وإنما إعادة تأهيلها لتلعب دوراً أكثر خطورة في ظل نظام ( معتدل ) ينبثق من بين صفوف النظام الحالي وليس بإسقاطه ، وربما تلجأ أمريكا إلى تنفيذ ضربات انتقائية تفرض عليه الاستسلام .

إن العقوبات الاقتصادية المتزايدة هي عبارة عن خنق متدرج للنظام يوصله لحافة الموت لإجباره على التراجع عن التصرفات التي ترفضها أمريكا وحلفاءها ، وتوجد مؤشرات قوية إلى أنه يراد من إسرائيل الشرقية وهي تتعرض للاختناق المتزايد قيامها برفسات احتضار فترتكب حماقات عسكرية ضد أمريكا ومن معها فتتوفر الحجج للإعداد لخطوات عسكرية محدودة بدعم عالمي وإقليمي وأمريكي داخلي من أجل حسم الصراع بين طرفين متلاقيين حول أهداف استراتيجية كبرى أبرزها تقسيم الأقطار العربية وتقاسمها ، والإعداد لبروز ( إيران ) معتدلة ومنسجمة رسمياً مع المخططات المشتركة الغربية والصهيونية .

إن اختيار أمريكا للحرب المنخفضة الحدة مع إسرائيل الشرقية له أسباب متعددة .. أولها ، تجنب خوض حرب عالية الحدة مكلفة كثيراً مادياً وبشرياً ونفسياً وهي لا تستطيع تحملها بعد فشلها أمام المقاومة العراقية الباسلة ، وثانيها ، حماية إسرائيل الشرقية من التفكك والتقسيم وهو احتمال يتزايد مع شن حرب عالية الحدة ، فهذا الكيان المصطنع المسمى الآن ( إيران ) قام على أنقاض ما كان يسمى ( بلاد فارس ) حتى عشرينات القرن الماضي فضمت بريطانيا الأحواز العربية وقوميات أُخرى إليها ، لتأهيلها لممارسة ضغوط استنزاف أو حروب مخطط لها مع العراق وبقية العرب ، وضم الأحواز سببه مادي واستراتيجي ، فأكثر من 85% من ثروات إسرائيل الشرقية ومياهها وأراضيها الزراعية تأتي من الأحواز أو فيها ، وبدونها لن توجد إسرائيل شرقية قوية بل ستكون بلاد فارس ضعيفة وفقيرة وتفتقر لمتطلبات دور إقليمي فعال ، وموقع الأحواز الملاصق للعراق ودول الخليج العربي يمكِّن إسرائيل الشرقية من ممارسة عدواناتها من أقرب نقطة ، وهذا ما جعل ضم الأحواز قراراً من بين أهم قرارات أوربا الاستعمارية في بداية القرن الماضي .

ولنتذكر كيف أن أمريكا وأوربا أعلنتا عندما دخل العراق الأحواز في عام 1980 رفضهما التام فصلها عن إسرائيل الشرقية لأنه يجردها من أهم مصادر قوتها المستخدمة ضد العرب وهو ما يمنع إنشاء قوة إقليمية تكمل الدور الصهيوني في فلسطين ، ولو لم تكن هناك إسرائيل أُخرى في شرق العراق لما تمكنت إسرائيل الصهيونية في غربه من البقاء ، فالذي حوّل نضال العرب من نضال ضد الكيان الصهيوني إلى دفاع عن الكيانات الوطنية هو إسرائيل الشرقية بإشعالها للفتن الطائفية ، ولهذا .. فإن الإسرائيليتين هما كالمطرقة والسندان بالنسبة للعرب الذين وضعوا بينهما .

وأخيراً وليس آخراً ، فإن ( النظام الشرق أوسطي الجديد ) يعد إسرائيل الشرقية أحد أهم أعمدته ، وهكذا ترون أن السبب الرئيس لعدم معاملة إسرائيل الشرقية بنفس القسوة التي عاملت بها أمريكا ومن معها العراق ، وحطمت قدراته الاستراتيجية وزرعت بذور تفتيته ، هو أنها ضمانة غربية وصهيونية لمنع العرب من النهضة الحضارية وامتلاك وتطوير العلوم والتكنولوجيا وتحقيق الوحدة العربية وبناء مجتمعات مستقرة تتفتح فها الطاقات الإنسانية التي تسجنها حالات عدم الاستقرار .

ونتيجة لما تقدم ، فإن إسرائيل الشرقية كانت وستبقى الذخيرة الاستراتيجية الأهم والأخطر للغرب الاستعماري والصهيونية العالمية وكيانها في فلسطين المحتلة ، والمحافظة على وحدتها الإقليمية الحالية هدف غربي وصهيوني رئيس ويفرض تنفيذ حرب منخفضة الحدة لإجبارها على التراجع عن طموحاتها المتجاوزة للخطوط الحمر .

Almukhtar44@gmail.com

21-7-2019

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page