الرفيق المجاهد صلاح المختار - الذين يختبؤون خلف اسم الله
- مفكر قومي
- Aug 25, 2019
- 7 min read

الذين يختبؤون خلف اسم الله
" أيها المراؤون توقفوا عن الدفاع عن الله بقتل الإنسان ودافعوا عنه كي يتمكن من التعرف إلى الله "
جبران خليل جبران
( أنا هو المختار ) عبارة توراتية ومنها استنسخت في ديانات أُخرى منها الإسلام السياسي ، ويرددها من ( اختاره ) الله لأداء رسالة ما ، أو من يدعي ذلك احتيالاً ، وإذا استبعدنا الأنبياء الحقيقيين لدينا سؤال منطقي وهو : كم محتال استخدمها ؟ ، ربما نعجز عن حصر عدد من استخدمها وقال ( أنا المختار من الله ) ، أو ( نحن شعب الله المختار ) ، وهناك في الغرب منظمة اسمها ( أبناء الله ) ، ولدينا حزب إيراني أُسس في لبنان اسماه مؤسسه خميني ( حزب الله ) ، وفي الحالة الأخيرة عملية نقل ( التخويل ) الإلهي بتمثيله المزعوم من فرد إلى مجموعة بشرية ! ، ويصل الجنون المرضي حداً غريباً عندما نجد صفحات في الانترنت يدعي أصحابها أنهم الله ذاته ويدخلون في معارك دفاعاً عن ادعاءهم ! ، ولئن كانت الحالة الأخيرة شذوذاً مرضياً واضحاً إلا أن ما دونها وهو ادعاء أن الله اختارهم تبدو ممكنة التصديق في مجتمعات متدنية الوعي والثقافة وضحية فقر مدقع .
( انا المختار ) صنعت ثم أخذت تحرك بلا توقف كوارثنا ، في هذا الزمن ليس أسهل على كل ناهب وقاتل وزان ومزور من السطو على اسم الله ، وليس أسهل من شراء خرقة بفلس ولفها فوق الرأس والصراخ : ( أنا المختار من الله ) ! ، بل وصل الهزال حد أن " نوري المالكي " وهو نصف الأمي والفاقد لأي مميزات فكرية وثقافية صدق حينما وصفه بعض الأُميين والساعين للمال الحرام بـ( المختار ) ! ، قبل تاريخ كوارثنا الجديدة كان من يعتمر عمامة يحتاج لألف دليل لإثبات أنه صالح بسلوكه العملي وليس فقط كما توحي ملابسه وكلامه ولهذا كان رجل الدين متواضعاً جداً ويخشى كثيراً كلام الناس ناهيك عن خشيته الله صدقاً .
وكانت أكبر كوارث عصرنا هي تصنيع الأيدز المزدوج : أيدز HIV وهو مرض قاتل اكتشف وجوده في نهاية السبعينيات والأيدز الذي يصيب من يرتدي عمامة لخداع البسطاء ، ولم يكن غريباً تلازم الايدزين زمنياً ، فمن صنع فايروسهما هو نفس مختبرات الغرب والصهيونية ، كما لم يكن غريباً استنساخ جبريتهما فالأيدز المرض يسوق من أصابه إلى الموت ، وأيدز السطو على الدين يجبر على طاعته بصورة عمياء ! ، الأيدز الساطي على الدين ظهر متزامناً في أفغانستان وإسرائيل الشرقية (1979) أحدهما متستر بالتسنن وثانيهما متستر بالتشيع ولكنهما يشتركان في وظيفة واحدة سلب الإنسان وعيه وإرادته وتحويله إلى عبد تام العبودية مثلما يستبعد مرض الأيدز جسد الإنسان ويقتله في النهاية ، والأيدزان السني والشيعي مكتوب عليهما ( صنعا في أمريكا ) في عيادة الطبيب زبجنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي في النصف الثاني من سبعينيات القرن 20 ، مثلما صنع أيدز الجسد في مختبرات وكالة المخابرات الأمريكية لاستخدامه كسلاح إبادة جماعية في إطار خطة أمريكية هدفها تقليص سكان الكرة الأرضية إلى مليار واحد فقط ! .
لكن أيدز السطو على اسم الله هو الأخطر فلقد قتل أيدز الجسد 25 مليون إنسان حتى الآن بينما أيدز السطو قتل أكثر من ذلك إذا حسبنا العدد الحقيقي لضحايا الحروب سواء بالقتل أو بالتجويع أو بنشر الأمراض القاتلة مثل التي يسببها اليورانيوم المنضب وتلويث البيئة وتعمد تسريع التصحر في أفغانستان ويوغسلافيا وأفريقيا والوطن العربي ، خصوصاً في العراق الذي فقد أكثر من ستة ملايين عراقي منذ عام 1980 ذهبوا ضحية أيدز السطو ، من سطو خميني حتى سطو بوش ومن بعده ، ولكن السمة المشتركة لكلا الأيدزين هي الإبادة الجماعية للناس العاديين والتي تسبقها ظاهرة انحلال الجسد والروح معاً .
انظروا الآن إلى العراق سترون ما لم يكن يخطر على بال عراقي حتى في الكوابيس قبل عام 2003 : بشر يتبركون بمكان أفرغ فيه خميني مثانته ! ، وآخرون يتبركون بعنزة ، وغيرهم يتمرغلون في الطين بحثاً عن كرامة ! ، وبنفس الوقت تنشر العمامة الأيدز الأخطر وهو زواج المتعة لأجل إنهاء القيم الأخلاقية والترابط الأسري ! ، ونتيجة لأيدز السطو انتشر أيدز الجسد بشكل مرعب في العراق وفاق خطورة اإشعاعات ما يعادل ثمانية قنابل ذرية القيت على العراق فقط في عام 1991 وقتلت آلاف العراقيين والولادات المشوهة لمئات الأطفال كل عام ناهيك عن التدمير المنظم لآلاف الأسر التي لم تعد تعرف نسب الأبناء ! .
أكاديميون تخرجوا من بريطانيا وفرنسا وأمريكا ونالوا شهادات عالية يقبلون يد العمامة ويطلبون منها البركة والنعمة ، ورئيس ورزاء الحالي كان ماركسياً ماوياً وليس ماركسياً خروشوفياً ، يتحول إلى خادم لمعمم فيلطم ويوزع الطعام في مواسم خنق إنسانية الإنسان ، والجاران المتحابان عائلياً طول قرون يتحولان إلى عدوين لايكتفي أحدهما بقتل أبناء الآخر بل يتلذذ بسحله وتقطيع جثته وشويها على نار هادئة تسلية ! ، كل ذلك يتم باسم الله ومن يقوم به يؤكد أنه يطيع أمر الله الآتي من العمامة السوداء أو البيضاء ! .
تمهلوا لا تستعجلوا فالأمر أخطر : بالأمس عندما احتل جورج بوش الصغير العراق أكد أنه تلقى أمراً من الله ليقوم بذلك بل أنه استل من التوراة قصة يأجوج ومأجوج واتصل هاتفياً بالرئيس الفرنسي جاك شيراك وطلب منه دعم حربه على العراق لأنها بأمر من الله من أجل القضاء على ياجوج ومأجوج ، فذهل الرئيس الفرنسي وهو لا يكاد يستوعب ما قاله له الرئيس الأمريكي ، والأخير يؤكد بثقة بأن الله يحدثه يومياً ويأمره بفعل ما يقوم به ! ، لا تقولوا أن بوش أغبى رئيس أمريكي – كما أكد استبيان رأي أمريكي - لذلك قال ذلك لأن من اختاره رئيساً اختاره عمداً لأنه جاهل ونصف أمي وتوراتي ، وهذا ما حدث في إسرائيل الشرقية عندما اختارت الصهيونية الأمريكية توراتياً آخراً هو خميني ليحل محل الشاه ، فخامنئي تلميذ خميني يقول أنه يجتمع مع المهدي المنتظر ويكلمه بالموبايل والرئيس الإيراني أحمدي نجاد بشرنا أكثر من مرة بأن المهدي المنتظر اقترب مجيئه ، وآيات الله يقولون بأن المهدي المنتظر يجهز جيشه في مثلث برمودا ! .
لكن المفاجئة أكبر هنا : الآن ترامب التاجر العريق يقول بوضوح في مؤتمر صحفي مفاجئ : الله اختارني لخوض الحرب مع الصين ، قبل أن ينظر إلى السماء ويفتح ذراعيه قائلاً " أنا هو المختار " ، مقتبساً في ذلك مصطلحاً توراتياً ، وفق ما أوردت " فرانس برس " - 22-8-2019 ! .
ما حكاية ( تخويل ) الله لبشر بحمل منجل يحصد أرواح ملايين الناس باسم الله ؟ ، ليس ثمة شك بأن من اختاروا بوش الصغير وترامب رئيسان لأمريكا ومن اختار خميني قائداً لإسرائيل الشرقية ومن دعم بن لادن زعيما للفرع السني من الساطين على الدين يعرفون بيقين تام بأن وضع اسم الله فوق جباه هؤلاء أو في مقرات أحزابهم إنما هو دجل ، فمن اختارهم ولقنهم هو علماني أو ملحد ، فالمحافظون الجدد أشدهم تعصباً هم من العلمانيين في الواقع وبعضهم كان ماركسياً وفوق ذلك تروتسكياً مثل عادل عبد المهدي ، ومن المعروف رسمياً بأن من أسس إسرائيل الغربية ليس الحاخامات اليهود بل العلمانيين اليهود من الماركسيين المتشددين أو من جماعة الأممية الاشتراكية ، فهدف السطو على اسم الله هو التحايل على الناس ودفعم للموت من أجل أن تتضخم جيوب العمامة البيضاء وتوأمها السوداء .
منذ أن أخذ الإنسان يخشى ظواهر الطبيعة مثل البرق والظلام والأعداء الآخرين بشراً وحيوانات ظهرت فكرة وجود قوة عليا وراء كل ما يخيفه ويحيره ويزرع الأمل فيه ، وبعد أن تبلورت فكرة عبادة خالق الكون وهو الله ظهرت معها ظواهر أُخرى منها القدرة على تفسير كلام الله بطرق مختلفة لأن وجود الله إيماني وهو متعال على البشر وليس له تجسيد مادي كي يتعامل الإنسان معه مباشرة فيكذبه الله حينما يخرق تعاليمه الحقيقية ، ومن هذه النقطة كانت بداية كل شيء يتعلق بتراث الأديان ، خصوصاً التفسيرات البشرية للنصوص ، حيث رأينا الصالح يتزاحم مع الطالح وكل منهما يريد إزاحة الآخر واحتكار ساحات تفسير تعاليم الله ، فاستخدام اسم الله في الحياة كان من أول مظاهر تطور دماغ الإنسان وتقدم وعيه تدريجياً بعد أن كانت غريزة البقاء هي حافزه الأول في تطوير وعيه .
بهذه الخلفية التاريخية نرى أن الإنسان هو المفسر لما ينسب لله بدون وجود أدلة متفق عليها على الخطأ والصواب في التفسيرات وكل الأمر يعتمد على قدرة الإنسان على الإقناع ، وبما أن تلك البركة – القدرة على الاقناع – ليست متاحة لكل الناس بل هي ميزة نخب فإن الحاجة لتخلف الناس ظهرت كإحدى أولويات مفسر الدين العادي الملكات ، فبدون الجهل والأمية وتدني الوعي لا يمكن للمفسر أن يجد من يصدقه وهذا الاقتران الشرطي رأيناه في كل مراحل استخدام اسم الله في العالم ، ففي القرون الوسطى كانت الكنيسة تدعم الجهل وترسخه لأنه وسيلتها ليس للسيطرة على الناس فقط بل أيضاً لاستغلالهم مادياً وضمان بقاء سلطة التحكم بالناس بيدهم إلى الأبد ، فلم يكن ممكنا للكنيسة بدون الجهل تحشيد آلاف الناس لشن الحروب الصليبية رغم أنها كانت عمليات نهب لثروات الشرق ، ولا كان ممكنا قتل المصلحين بدون الجهل .
الجهل والتجهيل المنظمان هما إذاً وسيلة رجل الدين للسيطرة على الناس وتسييرهم كما يشاء ، وهو أقصر الطرق لجني الثروة والحصول على الجاه وربما في مرحلة ما يصبح الحصول على الجاه أكثر أهمية من الثروة ، فهذا الإنسان المتخلف ونصف الأمي المعمم ، الذي نراه الآن في العراق وغيره ، ورغم اكتنازه للمال وإمساكه للسلطة بفتاويه ، كما هو حالنا في العراق ، في أعماقه يعرف أنه تافه ومتخلف ومتدن القيم ومحتال ... الخ ، ولذلك يحتاج للجاه ولو شكلياً أكثر من حاجته للثروة ، وهنا نرى ازدواجية رجل الدين فهو صالح ظاهرياً ولذلك ينصب اهتمامه على الشكليات لكنه مع نفسه واقع تحت أشد مشاعر الدونية قوة ! .
كيف نفسر قسوة التطرف الأصولي على الآخر سواء كان إسلاموياً أو مسيحياً أو يهودياً بدون ما سبق ذكره ؟ ، جربوا إعطاء قطعة لحم لقط جائع جداً وحاولوا أخذها منه فماذا يفعل ؟ ، إنه يقاتلك حتى الموت من أجل أن يبقي قطعة اللحم في فمه ، هكذا يجب أن ننظر لسلوك رجل الدين الذي منح فرصة الطغيان .
ما يمنح التطرف الديني في كافة الأديان وليس الإسلاموي فقط قسوته هو الجهل أو نصف الجهل ونصف الجهل أخطر بكثير من الجهل ، فالجهل يبقي للطبيعة الإنسانية بعض القوة الفطرية بينما نصف الجهل يمحوها لأنه يقوم على معلومات محدودة يريد بها تفسير كل شيء رغم أنها قاصرة ، فيفرض معلوماته المتدنية على الكون وليس على الإنسان بالقوة العمياء ، ويتضاعف الخطر ويصبح أكثر وحشية عند استغلال نصف المتعلم من قبل أجهزة مخابرات لتفتيت شعب ما مثلما يحصل معنا حيث تتوغل المخابرات الأمريكية والموساد والمخابرات الإيرانية كثيراً في صفحات الدين لاقتناص نصوص معينة وتسخيرها لتعمية الضحايا وتحويلهم إلى روبوتات مسيرة تنفذ حتى أشد الأعمال مناقضة للدين الحقيقي والذوق والإنسانية .
أليس هذا ما يفعله آيات الله سنة وشيعة ومسيحيين وبوذيين وهندوس ويهود ؟ .
Almukhtar44@gmail.com
24-8-2019
Commentaires