الرفيق المجاهد صلاح المختار - الصواب والخطأ في نقد تجربة البعث
- مفكر قومي
- Nov 8, 2019
- 4 min read

الصواب والخطأ في نقد تجربة البعث
منذ الغزو يطرح مطلب نقد تجربة حكم البعث في العراق من قبل اطراف مختلفة التوجهات وباختلافها تختلف دوافع هذه المطالبة ، ورغم صدور العديد من التوضيحات من الحزب والانتقاد لبعض خطوات مسيرة الحكم الوطني الا ان هناك من مازال يطالب بنقد التجربة تلك وكأن الوضع السياسي خلا من التحديات ولم يبقى الا الاخطاء التي يجب تصحيحها اولا وقبل دحر الاستعمار الايراني الذي زرع ملايينه من الاجانب في العراق وسوريا ويريد زرعها في اليمن ولبنان كمقدمة لتغيير ديموغرافية الاقطار العربية، وهو تحد وجودي لايسبقه اي خطر اخر ويفرض انهاء التغلغل السكاني الاستعماري الفارسي اولا وقبل كل شيء !
ولهذا وجه الاعلامي الذي اجرى مقابلة مع الرفيق المناضل عزة ابراهيم الامين العام للحزب مؤخرا سؤالا حول نقد التجربة والاخطاء التي وقعت فرد الرفيق المناضل قائلا ( أما الاخطاء فقد حصلت اخطاء كثيرة كبيرة وصغيرة وسبحان من لا يخطئ بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (( كل أبن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )) كيف لا يحصل الخطأ في مثل هذه المسيرة العملاقة ونحن في البعث مطلوب منا ومفروض علينا في دستورنا وفي نظامنا وفي عقيدتنا ومبادئنا ان ننتقد مسيرتنا ونشخص ايجابياتها وسلبياتها ونشخص اخطائها وهفواتها لكي تكون لنا دروساً وعبراً للمستقبل ) ، ومع اقرارنا بحق كل انسان بالنقد والاعتراض ، فتلك هي الحالة الطبيعية ، الا ان طرح الاسئلة له اصول منطقية تتحكم بها ، وفيما يلي اهم الملاحظات :
1- حينما تكون في حالة طوارئ وتواجه خطرا مباشرا ليس منطقيا ان تطرح اسئلة عن مواضيع يمكن تأجيلها لفترة اخرى مريحة نسبيا عندما تتوفر الفرصة ، والان العراق والوطن العربي يمران بمرحلة تقرير مصير لانه امام تحد وجودي مميت وهو الغزو السكاني والعسكري الايراني للعراق وسوريا وقسم من اليمن والسيطرة السياسية التامة على لبنان ، لذلك فمن المنطقي في ترتيب الاولويات ان نطرد الاحتلال اولا قبل ممارسة الحياة الطبيعية بما في ذلك الاجابة على الاسئلة التي يمكن تأجيل الرد عليها .
2- ولكن الرفيق الامين العام أبى الا ان يرد ويوضح بصراحة المناضل الذي يهمه الرأي العام العربي والعالمي ويرى ضرورة ان يعرف الحقائق كما وقعت فأكد وقوع اخطاء اثناء مسيرة 35 عاما ، وربطها بالبشر وليس بالمبادئ وهذا كلام دقيق لان المبادي تبقى محفوظة في اطارها الاصلي عندما يبدأ تطبيقها في ظروف معقدة جدا ومنها تحديات خطيرة لا تترك لك خيارا سوى دفع الموت عنك وعن شعبك اولا وقبل اي خطوة اخرى ، وبطبيعة الحال فان تلك التحديات تفرض وقوع الاخطاء الى جانب مواصلة مسيرة الصواب .
3- ان اي حكم على اخطاء الفرد او الجماعات محكوم بقاعدة لايمكن تجاهلها وهي ان هناك ميزان عدل يحدد نسبة الخطأ الى الصواب في مسيرة الفرد والجماعة فان رجحت كفة الصواب فان المسيرة صحيحة والعكس صحيح ، وكلما زاد رجحان الصواب زادت قيمة المسيرة ووصلت في مستوى التاريخية .فهل تجربة الحكم الوطني وفي ضوء ميزان العدل هذا صحيحة ام خاطئة ؟ الجواب الموضوعي البعيد عن الانحياز والبحث عن اخطاء وتضخيمها هو ان التجربة كانت اغلبية مسيرتها الساحقة ايجابية ووصلت ايجابياتها الى مستوى ان اخطاءها قليلة حتى وان كان بعضها كبيرا .وهنا يجب التذكير باستحالة وجود تجربة بلا اخطاء .
ويكفي ان نذكر ببعض الانجازات التاريخية التي غيرت وجه العراق نحو الافضل بمراحل نوعية ومنها محو الامية والفقر بالكامل ، ومجانية الطب الوقائي والعلاجي ، والثورة الزراعية التي حققت الاكتفاء الذاتي ، والتصنيع الجبار الذي مكن العراق من التحول الى دولة مصنعة وتقلص تدريجيا اعتماده على الخارج ، وتعاظم قدراته الردعية لمن يضمر شرا للعراق والامة العربية لدرجة ان العراق صار مهابا من الكبار والصغار كما لم يكن سابقا ، وكانت القادسية الثانية من ابرز شواهد القدرات الردعية العراقية والتي ادبت نظام الملالي في اسرائيل الشرقية واجبرته على تقبيل يد العراق القوي وتجميد مشروعه الاستعماري المتبرقع باسم ( نشر الثورة الاسلامية ) لمدة 15 عاما انتهت بغزو العراق وقيام امريكا بتسليم مفاتيح العراق لاسرائيل الشرقية ونغولها كي يسيطروا عليه ومنه وبقوته المادية وببعض قوته البشرية يتمددوا في اقطار عربية اخرى .
ان واحدا فقط من هذه الانجازات التاريخية ويوجد غيرها كثير لم نذكره ، يكفي لمنح النظام الوطني وتجربة حكم البعث الحكم الجازم بانها تجربة ناجحة بكل المعايير وان الاخطاء بمقارنتها بما قدمته للشعب والامة العربية عنصر ثانوي لا يجوز تغليبه على الجزء الاعظم في حالة توفر الموضوعية والانصاف .
4- ويلاحظ ولهذه الملاحظة قيمة كبيرة جدا ان الجماهير العراقية التي عاشت عصر الانجازات التاريخية المذكورة وتمتعت بخيرات عراقها ومنها محو الفقر كليا ، وتوفير خدمات ممتازة يندر توفرها حتى في البلدان الاكثر تقدما ، هذه الجماهير وابناءها من الجيل الذي ولد بعد الغزو لم يطالبوا بنقد تحربة حكم البعث بل قاموا ، بحسهم السليم الخالي من الغرض السلبي وبتجربتهم العملية ، بالمجاهرة بمطلب عودة البعث الى الحكم لانه مشهود له بنجاحاته العظيمة في حل مشاكل العراق الاساسية وخدمة الشعب ، وعبرت هذه الجماهير البطلة عن دعمها للبعث في التظاهرات والتجمعات واللقاءات في العراق منذ اعوام وحتى الان وفي خارجه ، وهتفت للبعث وللشهيد صدام ولقائد مسيرة التحريرالرفيق عزة ابراهيم بلا خوف او تردد ، وهذه شهادة كبيرة على ان مطلب البعض الذي يعده اهم من انجازات البعث ليس مطلبا جماهيرا وانما هو مطلب انفار او كتل سياسية محددة ليس هدفها من وراءه تصحيح اخطاء بل التهرب من اسحقاقات العمل الوطني وتجنب الاعتراف بالدور التاريخي للبعث في بناء عراق قوي ومستقل ومتقدم ومرفه ، والاهم انكار انه الان هو الاقدر على اعادة بناء العراق ليكون عظيما مرة اخرى وبمستويات اكبر مما سبق .
5- شهدت مرحلة ما بعد الاحتلال تبني البعث ستراتيجية واضحة تكرر شرحها من قبل الحزب وقائده الرفيق عزة ابراهيم ابرز اسسها الايمان العميق والحاسم بالتعددية السياسية ورفض انفراد حزب واحد بالحكم وتجنب الاستيلاء على السلطة بالقوة والانقلابات العسكرية والاحتكام لصناديق الاقتراع لتقرير من يحكم، وتأكيد ان الاخطاء كانت اخطاء افراد وليس المبادئ ، ولو ان غير البعث كان هو الحاكم في تلك المرحلة وواجه نفس الظروف والتحديات التي واجهها خكم البعث فان هذا الغير كان سيرتكب نفس الاخطاء وربما اكبر منها بكثير والواقع يؤكد ذلك ، الامر الذي يفرض الابتعاد عن الحجج الواهية لمواصلة مواقف مبنية على صراعات قديمة او ثأرات لاتخدم قضية تحرير العراق من الغزو الفارسي الخطير .
من هنا نفهم دقة وصواب ما قاله الرفيق القائد عزة ابراهيم في مقابلته الصحفية الاخيرة ، وهي تؤكد باننا وقبل ان ينقدنا احد نقدنا انفسنا وحزبنا ومارسنا لان ذلك من صلب واجباتنا ومن متطلبات عقيدتنا واننا الان نمارس سياسات عملية تؤكد اننا تجاوزنا تلك الاخطاء وحذفنا من حوافزنا كل ما قد يكررها ، فلنتعلم جميعا درس ان التمترس خلف الثأرات المخفية او الخلافات الفرعية تحت اغطية تبدو منطقية هو احد اسباب تأخر تحرير العراق والاضرار بالامة العربية كلها .
Almukhtar44@gmail.com
1-10-2019
Comments