top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - أين الذي قال أن العراق انتهى ؟


أين الذي قال ان العراق انتهى ؟



بعد أن ذبحوه ونشروا جسده شجرة فروعها نثار في الأكوان السبعة ، ووضعوا أطفاله في أراجيح تحترق مقاعدها ، وبعد أن هدموا ( بيت الحكمة ) ورصفوا كتبه جسراً يعبرون عليه فوق بحيرات الأحمر مانح الحياة ، وتبارى النهابة بالاستحواذ على نفائس المتحف العراقي ليبقوا التوراة الأصلية سراً لا يعرفه أحد ، وبعد أن احتلوا ( بابل ) و( أور ) بدبابتهم كي يكتموا صوت حمورابي وهو يحمل تحت إبطيه قوانين العدل ، ويخفوا عن العالم ترانيم هدير جيوش نبوخذ نصر وهو يقتحم أسوار الشر في قدسنا ، وبعد أن هدموا جسور بغداد وأبعدوا الكرخ عن توأمها الرصافة مسافات أميال ، وبعد أن نصبوا عمامات الانفلات الأخلاقي مراجع فوق تلال جثث أطفال العراق ، بعد كل هذا ، وبتأثير تعميمه ، جعرت مجلة التايم الأمريكية : ( انتهى العراق ) ! ، ورسمت قلبه مقطعاً إلى ثلاثة أجزاء تتنافر وتتناحر لا شعر عبد الرزاق عبد الواحد يجمعها ولا أغاني ناظم الغزالي تطربها ولا حكايا ألف ليلة وليلة تسرها ! .

بشرنا اليانكي بأن العراق انتهى ، وبأنه صار قبائل وأعراق وطوائف كل منها لا يقبل بأقل من إرسال غيره إلى الجحيم كي يتربع وحده على عرش بغداد وبلا بشر وبدون نهر ، وبعيداً عن تهويمات شعراء مقهى ( حسن عجمي ) – ملتقى أدباء والعراق - أكد لنا بوش ( أن المهمة انجزت ) وأن العراق نحر ، وأن الخير دحر ، وأن النغول الذين جاءوا مختبئين ببسطاله صاروا أسياداً ، وأن أطيار العراق التي كانت تملأه فرحاً هاجرت إلى منافي الموت قهراً ، بشروا العالم بكل هذا وأرادوا إقناعنا بأن العراق لم يعد موجوداً وبأن علينا الاستسلام لعالم بدون العراق وبلا بابل وأور ، وخال من يوسف عمر وناظم الغزالي ومعروف الرصافي وجواد سليم ومحمد غني حكمت وعبد الرزاق عبد الواحد وشفيق الكمالي وليلى العطار ، وألف ألف مبدع ومبدع في عراق يموت الإبداع في العالم ويبقى هو نبعه الوحيد ، فالعراق هو تموز الذي ما إن يموت حتى يبعث حيـاً ، إنه الإبداع الأبدي .

إنه العراق الذي أبى الفراق ، وبقيت جيناته تعشق العناق بين دجلة والفرات ، إنه ابن تموز الذي لا يموت حتى وإن نحر ، حتى وإن مورس عليه السحر ، فهو ضروع بالحليب تموز ، وهو قلعة جرانيت يرتدي حلة الغد فتنبت أزاهير الحياة فوق أديمه حتى وإن كان جرانيت ، إنه حديقة تتعالى في أفياءها زقزقات العصافير ، وتتعارك فراخ النسور في سماءها احتفالاً بعودة تموز في الأول من تشرين هذه المرة ، وفي ساحة التحرير تتراصف العيون جيشاً واحداً يشوف الغد كزرقاء اليمامة ، تحدق في عراق تتلألأ في سماءه نجوم الخلود تنتظر ولادة طفل يحمل راية حمورابي ودبابة نبوخذ نصر ، وبغتة يولد الطفل وتسير الملايين خلفه وبرفعة اصبعه يبني جسورنا ويعمر بيوتنا ، وتتحلق الملايين حوله في ساحة التحرير ، وينتصب هناك عملاق عظيم ولد في الأول من تشرين لكنه تعملق في يوم ولادته وكما رفع الجسور مدداً باصبعه فإنه بنى جبل أُحد ( المطعم التركي ) بومضة عين ، واحتضن بأهدابه الملايين التي تدفقت لتسمع نشيده الخالد : ( منصورة يا بغداد .. منصورة يا بغداد ) .

تهدم عرش الطاووس – عرش كسرى - وتكسرت حجابات الكونكريت بقوة ذبذبات صهيل خيولنا الآتية من جنوب العراق الملتقية بفرسان بغداد ونينوى والأنبار ، تعالت صرخات الملايين : ها هو العراق يعود ! ، ها هو دجلة يفيض خيراً بعد قحط جفاف ، وها هو الفرات يعانق توأمه دجلة ليشكلا مجدداَ نهر العراق العظيم ، يهزم نغول قورش القابع في طهران بلحية شيطان أعور الضمير ، تختفي جسور بغداد تحت أجساد الملايين العابرة لها نحو غد الحرية والاستقلال ، وتسبح في سماء العراق غيمة حمراء تتوهج فيها وجوه شهداء انتفاضة تشرين ، وتخرج ماجدات العراق يطهرن ممرات بغداد وأرصفتها وزواياها من وساخات المجوس ، وتنهار أحلام كانت باقيات في محافظ النفوس ، ويتراكض طفل عمره عام وسط شارع الرشيد غير آبه ولا مرتاع وابتسامة الأمن تنداح فوق قسمات وجهه وكركراته تملء الآفاق ، فتموز عاد والعنقاء بعثت والعراق عاد عظيماً بأبنائه وقوياً بشهدائه .

والآن : هل يرى من قال ( أنها نهاية العراق ) ما يجري في ساحات العراق بعد أن صار مجدداً كله ساحات عز وشرف وكرامة ؟ ، هل يرى كيف أن الملايين تقف رجلاً واحداً هويته عراقيته فقط ؟ ، تبدد سحر هاروت وماروت والأعور الدجال القابعون في طهران ، بانتفاضته نفض شعب العراق كل الأغطية الزائفة التي ألقوها عليه ، فلا طائفية اليوم تفرقنا ولا عنصرية تشرذمنا ، العراق قلب واحد وراية واحدة وأنشودة واحدة وهدف واحد : طرد الفرس من العراق وتعقيم العراق من نغولهم ومن نفاياتهم الوسخة .

ومثلما انتهت قهوة قاسم سليماني فإن كل أكاذيبكم عن زوال العراق كانت محض دعاية تافهة جرفتها دفقة نشيد واحد من ساحة التحرير .

اليوم نغني للعراق ولبنان ، وغداً سنغني لفلسطين والأحواز ، لتبقى الطفولة فرحة وآمنة .

Almukhtar44@gmail.com

8-11-2109

Attachments area

Kommentare


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page