top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - لماذا يحترف الشيطان إبادة الآخر والإفساد ؟


لماذا يحترف الشيطان إبادة الآخر والإفساد ؟



أمريكا حققت أعظم تقدم تكنولوجي في التاريخ المعروف كله ، ولكنها بنفس الوقت أنتجت أعظم وأخطر الشياطين وأكثرهم عدداً ووحشية في التاريخ كله بما فيه حاضر البشرية ، ويكفي أن ننظر لما حصل في العالم منذ ولد الوحش الأمريكي ، الفريد في عنفه وحقده ولا مبالاته بآلام الآخرين ، من حروب وأزمات حيث شنت أمريكا وعمرها الرسمي لم يصل بعد الثلاثمائة عام أكثر من أربعين حرباً عدوانية وهو عدد حروب لم تشنه أية دولة أخرى أقدم منها بمئات وآلاف السنين ، وهي قتلت من البشر بقراراتها أو بدعم منها أعداداً لم يسبقها إليها في التاريخ ، فقبل أمريكا كان القتل بالآلاف وبعد ظهور الوحش الأمريكي صار القتل بالملايين ، وهي المسؤول الرسمي الأول عن نشر الفساد والظلم في العالم وبمستوى وحجم وسعة لم يسبقها أحد من قبل أبداً ، ويكفي التذكير بأنها دولة قامت أصلاً على الفساد والإفساد والظلم الفاضح كما سنرى .

وأنا حينما أكتب لا أتخيل أو أتهم أو أكره فهذه أمور جانبية ، بل أُدون وقائعنا الكارثية بصفتي أحد ضحايا أمريكا العرب والذين زادوا على العشرين مليون قتيل عراقي وسوري وفلسطيني ويمني وليبي وغيرهم ، أما من شردتهم من وطنهم وديارهم العربية فهم أيضاً وصل عددهم إلى أكثر من عشرين مليون عربي منذ عام 2011 ، وبناء عليه فمن الطبيعي أن أُدون الحقائق المعاشة والتي صارت جزء من وجودنا البشري .

وهذه السمات الأمريكية هي التي تجعلني أتوقع بأن نهاية البشرية ستكون على يد أمريكا ، أثبت ذلك وقد بلغت من العمر السبعين عاماً وثلاثة سنوات وأعيش سنوات تشردي مع عائلتي منذ غزت أمريكا وطني ودمرته شر تدمير لا لشي إلا حباً في القتل لنهب ثروات الآخرين رغم أنها الأغنى وهذه من سمات المرضى والشواذ وليس من طبيعة حتى الحيوانات الذي لا تقتل إلا عندما يهددها الجوع بالموت ، وأنا وبقية العراقيين والسوريين نفكر كل ساعة بالذي أوصلنا لحالنا فتتفجر ينابيع الاكتشافات وتترى الحقائق فارضة نفسها علي كي أكتبها للتاريخ ولمن لا يعرف تفاصيل كوارثنا المصطنعة وكي تدرك الأجيال القادمة من تسبب في كوارثنا مع إننا كنا نعيش في قطر عزيز وراق ومرفه ومستقر ، وما سأكتبه هو حالة إنسان يكتشف كل يوم المزيد من شرور أمريكا وهو مشرد ومحروم من مصادر العيش الكريم ومن الهوية القانونية ( جواز السفر ) وشهادتي مجردة من الغرض المسبق سواء كان أيديولوجيا أو سياسياً لأنها تدوين لوقائع فقط .

لماذا اقترن الشر الأعظم في تاريح كافة المخلوقات من بشر وحيوانات بأمريكا ؟ .


1- الإنسان مخلوق متعادل التكوين أصلاً والنظم الاقتصادية وما ينتج عنها من نظم اجتماعية هي التي تجعل الإنسان خيراً إذا تربى في بيئة تنمي الخير من خلال منع الحرمان المادي والتمييز الاجتماعي والاستغلال ، أو تجعله وحشاً كاسراً حينما تشوه تربيته بالاستغلال والاضطهاد وإهانة إنسانيته ، ولو تصفحنا تاريخ النظم الاقتصادية لوجدنا أهم الحقائق التي تفسر سلوك الإنسان ، فالرأسمالية شكلت انتقالة نوعية في المؤثرات الاجتماعية على البشر لأنها فصلت بين مرحلتين في تاريح الإنسان :

أ- مرحلة التوازن النسبي بين الشر والخير والتي انتهت مع نهاية الاقطاع وكانت تقوم على الكراهية بين طبقتين طبقة العبيد وطبقة السادة ، في مرحلة العبودية ، وطبقة الاقطاع وطبقة الفلاحين في زمن الاقطاع فكان الكره والحقد ينصب على السيد وعلى الاقطاعي وربما على أدواتهما أيضاً ، ولكنه كره لم يمتد ليشمل كل بشر آخر ، ولهذا كانت البشرية تعيش فترات من البساطة والسعادة والأمن والطمأنينة رغم وجود العبودية والاقطاع واستغلالهما للبشر ، وكان الصدق والأمانة والإخلاص والثقة واعتبار الغدر والفساد عاراً ، والكذب مذموماً من قبل الأغلبية الساحقة من الناس ، وفي ظل تلك النظم المستغلة للبشر نشأت تقاليد القبيلة وتشكيلات اجتماعية أخرى بكل إيجابياتها من صلات رحمية أو جيرة لها حرمة توحد الناس وتضع معياراً أخلاقياً لها وهو التعاطف بين البشر ووجود محرمات لا تمس .

في المراحل السابقة للرأسمالية كان ميزان الخير والشر متقارباً فتارة يميل قليلاً لصالح الشر وتارة أخرى يميل لصالح الخير ، ولكن ، كانت ظاهرة الابتعاد الكلي عن الخير والتحول نحو الشر المطلق ظاهرة استثنائية في تاريخ الإنسان ، وكان حب الخير هو ثروة الناس ، ولهذا صارت هذه الظاهرة الاستثنائية من مواد التاريخ ومن أمثلة الانحراف عن التوازن الطبيعي ، في تلك الفترات تكوّن مصدر الطيبة والصدق والأمانة والإخلاص والعاطفة الإنسانية وسمو الأخلاق رغم وجود الاستغلال . ب- في مرحلة الرأسمالية ولد الشر الأعظم في تاريخ الكرة الأرضية الذي نقل الجنس البشري إلى حالة شيطانية يتحكم فيها إبليس تماماً – وإبليس هنا كناية عن الظلم وليس المخلوق الميتافيزيقي – وسبب هذا التحول الجوهري يعود لأهم مبدأ في الرأسمالية وهو التنافس ، فما أن تحول التنافس بين البشر ، وكان موجوداً مع وجود البشر وشكل عامل تقدم عندما كانت تحكمه ضوابط ، إلى مسبب صراع منفلت من كل قيد أخلاقي وقانوني حتى أخذ يجر ميزان الخير والشر من وضعية التوازن أوتقارب الكفتين إلى فقدان التوازن أصلاً ! ، فلقد أدت التنافسية بحكم شعارها الأول ( دعه يعمل دعه يمر ) إلى تناميه لدرجة أنه سحق الأخلاق والقيم العليا وصلات الرحم والتقاليد وأصبح السيد الأوحد للسلوك ، فما دمت معرضاً للموت جوعاً وبلا مساعد فإنني يجب أن أنغمس في التنافس وأجد الطرق الضامنة لحصولي على الرزق كي أعيش سواء كانت شرعية أو فاسدة .

لكن هذه كانت مجرد بداية : فالتنافس كان يزداد كلما تقدمت الرأسمالية وسحقت كل منافس وصار هو السيد المطلق المتحكم في كل شيء : فلا أخلاق تمنعه ولا قانون يعرقله إلا وأزاله ، ولا فئة تريد منعه إلا وسحقها ، وهكذا سجل التاريخ أن التنافس الأناني صار هو المعلم من روضة الأطفال حتى الجامعة ومروراً بالعائلة ، فأصبحت الانتهازية والكذب والخداع من ضرورات البقاء وكسر الفساد كل حد وقيد بعد أن كانت صفات مذمومة تعزل ممارسها .

ووصل الحال إلى تبني قاعدة عرفية تقول ( اكذب وازني واسرق ولكن حينما يقبض عليك فلا أحد سيقف إلى جانبك ) فنشأت أو تضخمت ظاهرة ازدواجية المعايير ، لقد أصبح الإنسان مجرداً من أية حماية فشركته تتخلى عنه وأصدقاءه أول من ينقلب عليه ، وصار عليه أن يحمي نفسه بنفسه وليس ثمة وسيلة أفضل من الخداع خصوصاً الخداع المدروس في مجتمع يقدس الأنانية لدرجة جعلها مقرر ما هو الحق وما هو الباطل كما تقول البراغماتية .

أما في مرحلة متقدمة من الرأسمالية وهي مرحلة الاحتكار عندما نجحت الشركات الأقوى في سحق الشركات الأضعف فإن التنافس تطور وصار محكوماً بقوانين واضحة وأبرزها السيطرة التامة لعوائل رأسمالية تراكمت الثروات لديها ، وهنا تجردت الدولة من آخر مظاهر استقلاليتها عن النظام الاقتصادي فقد أصبحت تابعة له تماماً ، وهذا هو ما يفسر لم تحولت الديمقراطية من ( حكم الشعب ) كما قيل إلى وسيلة سيطرة الغني على السلطة ، فلو بحثت عن فقير مرشح للرئاسة في أمريكا مثلاً لن تجده ! ، لقد تجردت الديمقراطية من آخر معاقلها وهو الانتخابات الحرة وصارت محكومة بالمال ومن يملكه ، ناهيك عن ظهور التزوير الالكتروني المعقد وحلوله محل الكاوبوي الذي يجبر الناس بمسدسه على فعل ما يريد ، في هذه المرحلة تم إكمال تحطيم كل ما يحمي الإنسان ويمنع استغلاله فسقط معها آخر قلاع الترابط الإنساني ، بتحطيم منظومة القيم الإنسانية السابقة للرأسمالية والتي سادت حياة الجنس البشري آلاف السنين وتحول الكذب والخداع والغدر والاستغلال إلى ممارسات طبيعية حوصر الإنسان السابق للراسمالية وأصبح معزولاً وأسير مجموعات قوانين وأنظمة ردعية تخدم الرأسمالية وأخضعت الدولة لها مباشرة برئيسها وبرلمانها وقضاءها وشرطتها وجيشها ... الخ ! ، هنا نجد الشيطان يسود ويخضع المكون الخير في الإنسان ويخطط للحروب التي تقتل الملايين بعد أن كانت تقتل الآلاف قبل الرأسمالية بأسلحة من صنع رأسمالي يهمه فقط الربح ، وجرائم أمريكا ما كان لها أن تقع لولا هذا الاختلال في الميزان الذي نشأ مع البشر وبقي متحكماً في عموم الناس حتى لو زال لدى النخب وبعض الحكام المستبدين .


2- أما ما جعل الرأسمالية الأمريكية تصبح الوحش الأكثر عدوانية وأنانية من رأسمالية أوربا وهي الأصل فهو الحالة الخاصة لأمريكا ، فأمريكا ليست دولة أمة طبيعية مثل ألمانيا وفرنسا ، بل هي دولة شاذة بعوامل قيامها لأنها كانت دولة أسسها قتلة وشواذ أخلاقياً ، وهذه مخلوقات ليست عادية بل أغلبها مرضى نفسياً :

أ- الذين تم نفيهم إلى القارة المكتشفة وهي أمريكا كانوا مجاميع المجرمين في بريطانيا وفرنسا والتي لم تعد السجون تكفيهم لكثرتهم فتقرر نفيهم إلى أمريكا للتخلص من شرورهم التي نقلت معهم . ب- ولكي نفهم العوامل المؤثرة في التكوين القيمي للأمريكي الحالي يجب أن نعرف خلفيته العائلية والاجتماعية ، ففي فرنسا مثلاً امتلأت السجون كبريطانيا بالمجرمين وبنفس الوقت انتشرت أحياء العاهرات في كل مكان وتفتقت عبقرية الفرنسيين عن حل سيترك أثره في المجتمع الأمريكي الحالي حيث اتخذت الحكومة الفرنسية قراراً بإطلاق سراح السجناء ولكن بشرطين :

الشرط الاول هو أن يهاجر المجرم المطلق السراح فوراً إلى أمريكا ، والشرط الثاني هو أن يتزوج عاهرة ويأخذها معه إلى أمريكا وبلا رجعة .

فأُفرغت سجون فرنسا من المجرمين وزالت أحياء العهر وانتقل كل هؤلاء إلى أمريكا وإلى هناك نقلوا ممارساتهم وأنماط تربيتهم وفرضوا سيطرتهم بالعنف فكان طبيعياً أن يكون نسلهم متأثراً بتقاليد وقيم بيئة منحرفة أصلاً .

ج- النوع الثالث من المهاحرين لأمريكا هو الأشد تعرضاً للاضطهاد الديني في أوربا فهؤلاء وجدوا الخلاص في أمريكا فهاجروا إليها ونقلوا معهم تربية المضطهد طائفياً القائمة على عقدة اضطهاد الآخرين له مما يوجب الرد بكره مضاد للآخر واحتقار لقيمته الإنسانية .

د- أما النوع الأخير المهاجر إلى أمريكا فهو الأكثر فقراً في أوربا وغيرها والذين يأسوا من العثور على فرص الحياة فأغراهم العالم الجديد بفرص الثراء فيه وهم أسرى مشاعر الفقر والاستغلال ولم يكونوا خاضعين لقيم إنسانية تحترم آدميتهم فرد كثير منهم بحقد لم ينحصر بالحقد الطبقي ضد من استغلهم فقط بل أصبح حقداً على الآخرين كلهم وعدم احترام آدميتهم .

إذاً ، أمريكا تميزت بأنها محيط استوعب عند نشوءه بشراً تسود كثير منهم عقد الاضطهاد والحرمان وهيمنت عليه نخب من المجرمين وهؤلاء هم من وضع قواعد التعامل الأساسية وتقاليد الدولة الأمريكية وأخضع بقية المهاجرين له ، ولهذا نرى الأمريكي عدوانياً وأنانياً بتطرف ومغروراً ويتلذذ بقتل البشر الآخرين ، وهو مازلنا نعانيه في العراق وسوريا واليمن وليبيا وما عانته فيتنام وكل دولة تعرضت للعدوان الأمريكي .

سندخل في وعي الأجيال القادمة مشاهد القتل العشوائي من الطائرات الحربية لأبناءنا كأن جنود أمريكا يمارسون العاب فيديو ، أو سحق سيارات العراقيين بالدبابات أو إطلاق النار في الشوارع لمجرد إشباع رغبة عدوانية ، ولقد وثقنا تفاخر جنود أمريكيين بأن كل واحد منهم قتل مئات العراقيين .

هذه جرائم لن ننساها ، وعلينا أن نتذكر دائماً بأن هذه التربية نتاج شرور الأجداد السفاحين الذين كانوا يتلذون بجمع فروات رأس الهنود الحمر للحصول على المال ، والجدات العاهرات اللواتي كن يمارسن العهر في حانات الكابوي فالأحفاد القتلة : بوش الأب والابن وكلنتون وأوباما وترامب وغيرهم هم ثمرة تربية الأجداد والجدات .

ما تعلمناه وصار يقيناً ثابتاً هو أن أمريكا حلوة كالسكر لكنها وكالسكر أيضاً قاتلة ، فلا يدخل سكر أمريكا خلية إلا ويسرطنها .

رأسماليتها مصدر كوارث البشرية الأعظم والمفسد الأخطر للجنس البشري .


Almukhtar44@gmail.com

27-2-2018

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page