جومرد حقي إسماعيل - الدروس الفوائد / الدرس 28 ، اليقين
- كاتب ومحلل سياسي
- Mar 14, 2018
- 3 min read

الدروس الفوائد .. في استشهاد القائد
الدرس الثامن والعشرون
( اليقين )
جومرد حقي إسماعيل
قال الله تعالى في كتابه العزيز { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } .
قال ابن القيم الجوزيه :" اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد ، وبه تفاضل العارفون ، وفيه تنافس المتنافسون ، وإليه شمّر العاملون ، وهو مع المحبة ركنان في الإيمان ، وعليهما ينبني وبهما قوامه ، وهما يُمدّان سائر الأعمال القلبية والبدنية ، وعنهما تصدر ، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال ، وبقوتهما تقوى الأعمال ، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين ، وهما يثمران كل عمل صالح ، وعلم نافع ، وهدى مستقيم" .
واليقيم على ثلاث مراتب :
أوله ، علم اليقين : وهو ما يردُك من العلم في شيء بخبر الصادق الثقة ، كعلمك بالكعبة .
ثانيه ، حق اليقين : وهو ما يستقر وصف الشيء في قلبك والاستدلال عليه ، كصورة الكعبة في ذهنك وبصيرتك .
ثالثه ، عين اليقين : أعلى مقام في اليقين ، وهو رؤيتك للشيء بأُم عينك ، كحضورك عند الكعبة ومشاهدتها عياناً .
ومن صفات أهل اليقين ، الصبر وطمأنينة القلب والتوكل وكثرة الانفاق في سبيل الله والاستقامة والخشوع والزهد .
لقد كان فعل القائد الشهيد ، صدام حسين المجيد ، في حياته الدنيا دال على علو مرتبة يقينه بالله وما عند الله من خير كثير ، لقد كان نور الإيمان لا يُفارق محياه الشريف ، وحتى في جلسات " المحكمة " كان رابط الجأش حاضر بهيبته ، كتاب الله العزيز بيمينه ، يقيم صلاته في وقتها وهو في جلسات " المحكمة " ، وكان فعله في حياته الدنيا قبل الاحتلال وفي جلسات " المحكمة " يُشير إلى علو مقام التوكل لديه وحقيقة زهده في الدنيا .
ومن المشاهد الدالة على يقينه ، وقفته بثبات في وجه التحديات التي جابهت الحزب والأمّة منذ دخوله المعترك السياسي ، فكانت وقفته المشهودة في تصديه للنظامين القاسمي والعارفي ، ووقفته البطولية في القادسية الثانية المجيدة التي سُميت باسمه ، وأم المعارك الخالدة وصفحاتها التي لا يزال المجاهدون يسطرون فيها أروع معاني الثبات العقائدي والتوكل على الله تعالى بقيادة الرفيق المجاهد ، عزّة إبراهيم ، حفظه الله تعالى وأيده بنصر من عنده .
ولو تدبرنا صفات الثوار أصحاب العقيدة الثورية لوجدناهم من أهل الإيمان ومن أهل اليقين بالله وبنصره .
وبكل هذه الصفات والمقامات القلبية ارتقى القائد منصة الشهادة ، ووقف وقلبه مطمئن حيث وقد بلغ مقام عين اليقين ليرى مقعده في الجنّة والتي بانت على محياه الشريف وسبب ابتسامته وهو يُغادر الدنيا إلى حياة الآخرة ، يُغادر رفاق الدنيا إلى الرفيق الأعلى ، وما غادر قلوبهم ، يغادر الأهل والأصحاب إلى مجاورة حضرة سيدنا النّبي محمّد ، صلّى الله تعالى عليه وسلّم .
رأيته وكأنه يترأس ندوة موسعة لجماهير الأمّة عموماً ورفاق البعث خصوصاً ، ولسان حاله يعلمهم دروساً في الثبات العقائدي فكراً وفعلاً متقدماً على الأرض ، ليقول لهم بأن اليقين شرط في عمل الثوار وحضورهم بين الجماهير ، يقينهم بالله وما عنده ، ويقينهم بالحق في عقيدتهم وجهادهم في سبيل الله تعالى من أجل تحرير الأمّة وتحقيق الحياة الحرّة الكريمة للجماهير الأبية .
قرأنا وقفته وثباته وهيبته وشموخه بمعاني اليقين ، وعلمنا أن الفلاح لا يناله إلا الموقنون ، الثوار المجاهدون أهل الثبات العقائدي ، وأن نعمل بما يرضي الله تعالى حتى يأتينا اليقين ، أي الموت ، وهو عين اليقين ، والمجاهد حاله مستقر في مقام اليقين باعتبار أن الجهاد مِن أسمى العبادات التي يحضرها المرء بقلبه وروحه .
هكذا هو القائد الشهيد ، ما زال يعلم جماهير أمّته ورفاق دربه المعاني الروحية في الجهاد والفعل المتقدم على الأرض .
بسم الله الرحمن الرحيم { ألم () ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ () الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ () وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ () أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
والله أكبر ، وليخسأ الخاسؤون
Comments