الرفيق المجاهد صلاح المختار - متى يصبح إسقاط النظام مطلوباً ؟
- مفكر قومي
- Mar 18, 2018
- 6 min read

- متى يصبح إسقاط النظام مطلوباً ؟ -
من بين أهم الأسئلة التي تطرح كثيراً وتثير نقاشاً ما يلي :
متى يصبح شعار إسقاط النظام مشروعاً ومطلوباً ؟
للجواب ، من الضروري مناقشة الوضع العام الذي يطرح هذا الشعار أو ذاك في بيئته لأنها تحدد صوابه او خطأه .
1- يلاحظ أن إسرائيل الشرقية تقوم باعتماد الطائفية كوسيلة أساسية لاختراق الدولة العربية ولتفتيتها ، بامتلاكها كتل طائفية داخل قطر ما تحصل على أدوات تدمير القطر من داخله أو إقلاقه وفتح ثغرات فيه تستخدمها لتحقيق المزيد من التأثير فيه ، وتغليب الهوية الطائفية على الهوية الوطنية يفضي الى نتيجتين خطيرتين :
الأولى ، هي تقسيم العرب إلى سنة وشيعة ، ومسيحيين وصابئة ويزيدية ، وغيرها ، فيفقد العرب القوة الشعبية الموحدة الضرورية لمواجهة وإحباط هجمات الأعداء ، ويصبح ممكناً العثور على من يتعاون مع الأعداء ضد وطنه وأمّته ، وهنا تتعرض معايير الديمقراطية للتجميد لأن الارتباط بقوة أجنبية معادية يحول الحالة إلى تجسس أو خيانة أو تهديد بهما .
أما النتيجة الثانية ، فهي أن تغليب الهوية الطائفية على الهوية الوطنية يؤدي إلى نقل الولاء من الوطن إلى مرجعية طائفية خارجة مثل طهران ! ، أين أصبحت الوحدة الوطنية ؟ ، بل ،أين أصبحت الوطنية ذاتها ؟ ، وهو ما نلاحظه مثلاً في العراق وسوريا واليمن ولبنان حيث حولت كتل عربية ولاءها من وطنها إلى إسرائيل الشرقية وصارت تعمل ضد وطنها .
2- ما أن يتحقق هذا التشرذم الطائفي حتى يصبح ممكنا تغيير طبيعة الصراع في القطر ، فبدلاً من الاستمرار في النضال في حالات عدم وجود تهديد خارجي من أجل الديمقراطية والحرية وإنهاء الفساد والاستبداد والتبعية لقوى معادية يصبح الهدف هو دحر الطرف الطائفي الآخر بأي ثمن وطريقة ، وفي هذه الحالة نرى أن شعار إسقاط النظام في البحرين مثلاً ، لم يتم تبنيه من قبل أتباع إسرائيل الشرقية فيها بهدف الإصلاح كما تروج الدعاية الإيرانية وأتباعها ، بل هدفه تجريد الحكومة من القدرة على مواصلة حفظ الأمن والاستقرار فتنتشر الفوضى الهلاكة ، وهو شعار لا ينهي الطائفية بل يعززها لأنه ينقل الصراع من العمل لإزالة ثغرات في مسار الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وهي ثغرات يمكن إصلاحها ضمن القطر الواحد وفي إطار هويته الوطنية ، إلى صراع هوية وهو ما يخرج المطاليب عن إطارها الديمقراطي والسلمي إلى حروب أهلية بين هويتين متناقضتين . وللتذكير فقط مادمنا نستخدم مثال البحرين فان المعارضة البحرينية كانت حتى عام 2010 تتبنى أساليب عمل ديمقراطية للإصلاح وترفض العنف كوسيلة لتحقيقه ، ولهذا اشتركت في انتخابات عام 2010 وحصلت على نسبة 40% من المقاعد في البرلمان وكانت راضية بهذه النتيجة واعتبرتها مكسباً كبيراً على طريق الإصلاح ، ولكن ما إن بدء ما يسمى بـ( الربيع العربي ) في عام 2011 حتى تغيرت المعارضة جذرياً وأصبحت تعمل لإسقاط النظام علناً وتمارس العنف ضد الشرطة والمؤسسات الحكومية وكانت النتيجة هي إشعال حرب عصابات .
3- في ضوء هذا المثال يمكننا معرفة ما هو ضار وما هو نافع للوطن ، فحينما تصل الأوضاع إلى حمل السلاح والاشتباك مع الدولة تنفتح أبواب جهنم ويتحول الوطن الذي كان آمناً ومستقراً وبغض النظر عن الأخطاء أو الانحرافات إلى مسرح للموت والعنف والإرهاب الدموي وهو ما يشجع قوى دولية وإقليمية على التدخل كطرف مباشر في الصراع ولهذا رأينا أمريكا تدخل مباشرة داعمة الموقف الإيراني صراحة تحت غطاء تحقيق مطاليب المعارض ! ، وكان الموقف الأمريكي يصب المزيد من الوقود في نار الفتنة الطائفية ويدفع دولاً أخرى مثل دول مجلس التعاون الخليجي للتدخل المباشر لمنع انهيار البحرين أمنياً .
4- وعندما يصل الصراع في قطر ما مثل البحرين إلى حد تهديد الهوية الوطنية بالذات وليس النظام السياسي فيه كما رأينا فإن التطور هذا يفرض قواعد عمل أخرى أهم من الديمقراطية وهي قواعد حماية الهويتين الوطنية البحرينية والقومية العربية ومنع زوالهما بضم البحرين إلى دولة أجنبية نتيجة وجود ذوي الأصول الإيرانية بكميات ضخمة وبقي ولاءهم لوطنهم الأصلي وليس لوطنهم الجديد ، كما يوجد عرب تحول ولاءهم من الولاء للوطن إلى الولاء للطائفة وهو يترجم حرفياً بالولاء لإسرائيل الشرقية .
ولكي نزيل أي غموض يجب أن نذكّر بحق سيادي ومطلق وهو أن دول العالم المتقدمة والتي تطبق ديمقراطية أصيلة مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا أخذت تسحب الجنسية من الذين اكتسبوها سابقاً لممارستهم الإرهاب ، وهذه الحجة مقبولة عموماً لأن أصل المواطنة وجوهرها هو جعل الولاء للوطن وليس للأصول العرقية أو القومية السابقة ولا للطائفة ، وهذا بالضبط هو نفس ما فعلته البحرين بصواب كامل عندما سحبت الجنسية من مواطنين بقي ولاءهم لإسرائيل الشرقية وطنهم الأصلي .
5- ما يجب لفت النظر إليه بقوة هو أن إسرائيل الشرقية وبواسطة أتباعها في البحرين وغيرها ولأجل إسقاط الأنظمة يتبعون تكتيكاً معروفاً فيركزون دعايتهم على العمل على إدانة السعودية وبقية دول الخليج العربي ويحملون هذه الأقطار نتائج كوارثنا كلها في العراق وسوريا واليمن وغيرها ويستشهدون بدعم دول خليجية لأمريكا ضد العراق وبنفس الوقت يلاحظ أن هذا النقد يستبعد إسرائيل الشرقية بل يمجدها بادعاء أنها تقاوم أمريكا وإسرائيل الغربية رغم أنها المسبب الأكبر لكوارثنا الآن والشريك الأهم لأمريكا ، في مسعى واضح لتضليل الشعب العربي وكسب دعمه . وعندما تنتشر هذه الدعاية الإيرانية الصرفة تواجه دول الخليج وليس حكامها فقط احتمال انهيار الدولة القطرية عبر نشر الفوضى الهلاكة فيها ! ، هنا نصل إلى جوهر الأهداف الإيرانية وأخطرها وهو تحشيد الرأي العام العربي أو جزء منه ضد الأنظمة الخليجية والسعي لإسقاطها ليس لتحقيق السلم والديمقراطية ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه فإسرائيل الشرقية خاضعة بصرامة لنظام ولاية الفقية وهو النظام الأكثر استبدادية في عصرنا ، بل هدفه تفريس البحرين أولاً كمقدمة لضمها إلى إسرائيل الشرقية التي تعد البحرين محافظة إيرانية لها مقعد في البرلمان الإيراني ! ، الواقع الأبرز هنا هو أنه عندما يرفع شعار إسقاط النظام لن تكون نتيجته البديل الديمقراطي كما يقول أنصار إسقاط النظم بل انتشار الفوضى الهلاكة وتوسع الصراعات الإقليمية وتعمقها وهو هدف أمريكي غربي صهيوني إيراني مشترك ، وواضح جداً لأنها تفضي حتما لتفتيت القطر وتمهد لتقسيمه أو إنهاء هويته الوطنية والقومية كما نراه الآن في العراق وسوريا واليمن وليبيا وكما يعد الآن لمصر وغيرها .
إن شعار إسقاط النظام غير ممكن إلا بترويج دعايات بعض أسسها صحيحة وهكذا تشيطن دول الخليج العربي بينما تجمل صورة إسرائيل الشرقية ونغولها العرب ، وبدلاً من الإصلاح السلمي الذي يحافظ على الهوية الوطنية لدول الخليج العربي يصبح البديل الإيراني هو المطروح للتطبيق .
وفي اللحظة التي يصبح فيها شعار إسقاط النظام في قطر عربي مقدمة تؤدي إلى نشر الفوضى الهلاكة أو تقسيم القطر يتحول من مطلب شعبي مشروع إلى هدف استعماري تتبناه قوى معادية للأمة العربية وللقطر ذاته ، فالمحافظة على الهوية القومية يعد الواجب الأول والأهم والذي يسبق أي واجب أو ضرورة أخرى بما في ذلك الديمقراطية وحقوق الإنسان مادام الوطن يتعرض لمخاطر التفتيت والغزو الخارجي وهو ما نراه واضحاً وبلا غموض في العراق وسوريا واليمن وليبيا ، وهي أمثلة تجعل وبلا تردد أي دعوة لإسقاط نظام عربي تحت غطاء الديمقراطية وحقوق الإنسان هدفاً يخدم مباشرة المخطط الامبريالي والصهيوني والإيراني معاً .
وفي هذه الحالة ، فإن دعم القطر العربي ضد محاولات التقسيم ونشر الفوضى فيه واجب قومي عربي مهما كانت طبيعة النظام السياسي فيه ، لأن المطلوب ليس دعم النظام بل حماية الهوية القومية العربية لأي قطر عربي ، ويترتب على هذه الحالة الخاصة والمحددة واجب التنسيق مع النظام نفسه من قبل القوى الوطنية والتقدمية لمنع إسقاطه ليس لإدامة سلبياته بل لحماية هوية القطر القومية العربية ومنع نشر الفوضى فيه ، وكما أشرنا مراراً فإن تجارب العراق وسوريا واليمن وليبيا تكفي لحسم هذا الأمر وتأكيد أن المحافظة على الهوية الوطنية والقومية أهم بمراحل من الديمقراطية وحقوق الإنسان فإذا ضاع الوطن بتقسيمه أو ضمه لدولة غير عربية لن تبقى هناك ديمقراطية ولا حقوق إنسان ، بل سنواجه ، كما في الأحواز ، عملية تفريس منظمة مقرونة بأشد أنواع الاضطهاد العنصري وتجريد السكان من هويتهم القومية بالقوة .
نعم ، شعار إسقاط أي نظام يصبح ضرورياً وواجباً عندما تفشل كافة أساليب النضال الأخرى السلمية وبشرط أن لا يكون هناك تهديد خارجي مثل التهديد الإيراني في حالة البحرين وأن لا يؤدي ذلك إلى فتح الأبواب لدخول بديل آخر هو نشر الفوضى الهلاكة وتحويل القطر إلى ساحة للتشرذم المستمر حتى إيصال القطر إلى التمزق الكامل وإغراء قوى خارجية للتدخل والاحتلال ، فوجود تهديد خارجي وارتباط من يريد التغيير وإسقاط النظام بجهة معادية لها مطامع بأقطار عربية مثل إسرائيل الشرقية يجعل شعار إسقاط النظام عملاً يخدم العدو ويلحق ضرراً فادحاً بالأمة كلها ولا يحقق الإصلاح ولا ينهي الفساد والاستبداد .
هذا هو موقفنا الواضح والثابت منذ بدأت مشكلة البحرين في زمن الشاه وحتى الآن ولم نتغير أبداً ولن نتغير وسيبقى موقفنا هو دعم عروبة البحرين والنضال ضد كل ما يهددها ويفتح الثغرات للتدخل الإيراني ولضم البحرين لإسرائيل الشرقية ، وما يبقى هو النضال من أجل الديمقراطية بوسائل سلمية والابتعاد الكلي عن التأثيرات والمصالح الإيرانية وإبقاء هدف حماية هوية البحرين العربية سائداً وطاغياً على أي هدف آخر في ذلك القطر العربي مادام التهديد الإيراني قائماً .
Almukhtar44@gmail.com
18-3-2018















































Comments