الأستاذة ولاء سعيد السامرائي - لمن انتخابات المنطقة الخضراء ؟
- كاتبة مقيمة في فرنسا
- Mar 23, 2018
- 3 min read

- لمن انتخابات المنطقة الخضراء ؟ -
عندما كتب المناضل عوني القلمجي بأن المشاركة في الانتخابات القادمة هي جريمة بحق العراق فهو لم يجانب الصواب ، لأن كل الانتخابات التي حصلت تحت مظلة الاحتلال أدت إلى طريق مسدود وربما تكون هذه القادمة هي الأسوأ بين كل الانتخابات .
فمن شارك في الانتخابات للمرة الأولى تحت حراب المحتل ودعايته الكاذبة بجلب الديمقراطية التي تفتقت عنها أذهان كوندليزا رايس وعصابه بوش بعد انكشاف كذبة أسلحة الدمار الشامل ربما يعذر لأسباب معروفة حتى لو لم تكن حججه قوية ، ومن ثم جاءت الانتخابات الثانية لتكشف زيف الديممقراطية حينما تم إبعاد من فاز بالانتخابات من كتلة إياد علاوي وتم تعيين المالكي من قبل السفارة الأمريكية بشهادة المجرم الجلبي ، ومددت نفس السفارة إقامة المالكي في رئاسة الوزراء لينهي ما بدأ به من حرب على العراقيين تحت غطاء الطائفية ، ولم تمدد له ولاية ثالثة رغم فوزه في الانتخابات ، فالولايات المتحدة متمسكة بما فصلته للعراق من بدلة سياسية وفقاً لأجندتها وليس من أجل عيون الديمقراطية للشعب العراقي ، لذلك تم طرد المالكي شر طرده وأُهين هو ووفده من قبل سيد البيت الأبيض ونواب الكونغرس ليعود خائباً من حيث أتى ، فتم تعيين حيدر العبادي الذي نال 3000 صوتاً فقط .
لم تكن خدع المحتل هي الوحيدة التي دفعت العراقيين للذهاب إلى الانتخابات ، بل لعل خدع العمائم بأشكالها هي التي حشدت لملئ الصناديق بتلاعبها بعقول ومشاعر البسطاء بذريعة حكم طائفي شيعي جعفري لا علاقه له بالدين مرتبط بملالي وولاية الفقيه الإيرانية .
لعل هذه الانتخابات هي الأكثر كشفاً لزيف كل ما قيل حول العملية السياسية وأحزابها الفاسدة ، فبعد خمسة عشر عاماً من الغزو والاحتلال نزعت الحقائق على الأرض كل ادعاءات الولايات المتحدة وأحزابها بخصوص إعادة بناء العراق وجعله جنة من الرفاهية تجري فيها أنهار اللبن والعسل . الحقائق التي لمسها العراقيون في واقعهم هو أن الحكومات المتعاقبة لم تنفذ أي مشروع ، أبسطها الخدمات العامة ، يصب في خدمة المواطن العراقي ، بل تكرس الحكومات المتعاقبة حكومة بعد حكومة وسنة بعد أخرى منذ 2003 خطط ومشاريع الاحتلال الأمريكي من إبادة للشعب العراقي في فتنة طائفية وتهجير أبنائه وتدمير موؤسساته التعليمية والطبية ونشر الإرهاب والترهيب والقتل المجاني والاستيلاء على الممتلكات العامة ، إلى فساد يبدأ من أبسط وظيفة إلى قبة البرلمان التي تباع وتشترى فيه المناصب حتى أصبح العراق مزاد نخاسة كل شيء فيه يُباع ويُشترى بفضل ساسة العملية السياسية وسادتهم المحتليين إلى آخر جريمة اقترفتها دول الاحتلال الأطلسي بهولوكوست الموصل حيث دمرت المدينة على روؤس أهلها المدنيين بذريعة " داعش " ، ولم يسمح بإنقاذ السكان فدُفنوا أحياء تحت الأنقاض عمداً وتنكيلاً بسكان المناطق والمدن المقاومة .
وخرج رئيس الوزراء الحالي الذي يحضى بدعم حلف الأطلسي حيدر العبادي ليتكلم عن “ معجزة ” انتصار كاذبة حققتها قواته دون خجل وحياء ، وقبلها بشَّر العراقيين بالإصلاح ونشر العدل وأخذ الحق من الفاسدين وإبعادهم عن مناصبهم وإعادة الأموال إلى الخزينة العامة ، لكنه لم يقم ولا بعمل واحد باتجاه الفساد وطوى الإصلاح ، بل أن ما قام به من إقاله نواب رئيس الجمهورية الثلاثة أعادتهم المحكمة الدستورية إلى مناصبهم ، ولم نرى من كلامه فيما بعد إلا دعاية كاذبة للتغطية على جرائم الموصل وغيرها من مدن العراق المنكوبة وتدميرها .
أما الإنجاز الكبير لحكومته فهو قانون النفط الجديد الذي يعيد العراق إلى ما قبل التأميم الذي قام به النظام الوطني عام 1971 ولتُسلم ثروة العراق النفطية والغازية إلى شركات النهب بعد أن كانت مرتبطة كلياً بالدولة العراقية ، فهل هناك فعل ضد الشعب العراقي وأمنه وسيادته وشعبه أكثر من هذا القرار ؟ ، نظرة سريعة على منجزات حكومات الاحتلال ، حكومة بعد أخرى ، وانتخابات بعد انتخابات ، تكشف أن دور هذه الحكومات ولعبة الانتخابات تدار فقط لخدمة خطط الاحتلال الأمريكي ووكيله الإيراني حصرياً .
سيستمر حيدر العبادي في ولاية ثانية بدعم من الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي التي يتمسك بوجودها على الأرض كما صرح وهو يعمل منذ تدمير الموصل على تطبيع وضع الميليشيات الطائفية ودمجها بالجيش كما ترغب طهران .
بهذه العملية يسير رئيس الوزراء على نفس نهج المالكي الذي اشترى قبل سنوات أصواتاً له عبر وظائف ومخصصات لكل الأجهزة الأمنية التي انتخبته في الولاية الثانية .
إن حملات مقاطعة الانتخابات التي تقودها فئات من أبناء شعبنا منذ أشهر تعبير عن الواقع العراقي وحياة أبناء شعبنا اليومية المنتهكة في كل دقيقة من جحر المنطقة الخضراء وتعبير صادق عن انغلاق طريق الانتخابات التي تصور زوراً على أنها عملية ديمقراطية .
لذا ، فإن هذه الحملات بحاجة إلى دعم كل القوى الوطنية العراقية المناهضة للاحتلال ووجوده في العراق سواء في الداخل أو في الخارج ، فهذا الرفض من شأنه تقويض العملية السياسية غير الشرعية القابعة في المنطقة الخضراء والمحمية من مرتزقة الدول المحتلة وعمل شرخ مؤلم في أسس خطط الاحتلال ليكون سابقة لمواجهات شعبية قادمة تتصدى لإنهاء العراق بلداً وشعباً .
وأبناء الرافدين قادرون على دحر بناء العملية السياسية الفاسد ليستعيد العراق حريته ويصنع بسواعد أبنائه ديمقراطية حقيقية ومواطنة تعيد له السيادة على أرضه وشعبه وثرواته .















































Comments