top of page

الدروس الفوائد في استشهاد القائد - الدرس 29 ( الظاهر والباطن )


الدروس الفوائد في استشهاد القائد

الدرس التاسع والعشرون

( توافق الظاهر مع الباطن )



ظواهر الأعمال هي ما تقوم الجوارح وتراه أعين الناس ، وبواطن الأعمال هي تلك التي تضمر أو تستقر في القلب أو الصدر والنفس ، وللظواهر والبواطن أفعالاً خيرة وصالحة ، وأخرى خبيثة وطالحة .

وقد ترى إنسان يضمر السوء في صدره ويدعو بالشر ويكتم أفعالاً خبيثة كالسحر وما إلى ذلك ، ويُظهر للناس تودداً ومسعاً للخير حتى تأتيه الفرصة التي ينقض فيها على فرائسه ، { سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ۚ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } ، وترى إنسان آخر يتوافق ظاهره مع باطنه خيراً كان أم شرّاً ، والبعض الذي يظهر فعل الشر يتحسس الناس فيه بذرة الخير فيساعدوه على إنمائها ، ذلك ، أن فعله الظاهر أخذه في تربيته ونشأته كفعل اعتاد عليه ، وأما بذرة الخير التي فيه فهي موروثة من أصالة منبته ومرضعه .

الذي يهمنا تعميمه لتصح حياة الأمّة وتنتصر وتزدهر ، هو توافق الباطن والظاهر عند الناس والدرجات التوافقية الطردية بين درجة تقدم الفعل ودرجة الإيمان المستقر في القلب .

لقد خبرنا القائد الشهيد ، صدام حسين المجيد ، من أولئك المؤمنين الذين توافق ظاهره مع باطنه على مدى حضوره في الفعل السياسي سواء كان في فترة النضال السري لحزب البعث العربي الاشتراكي أو في زمن دولة البعث الخالد في عراقنا العظيم ، فليس من فعل قيادي رجولي بطولي إلا كان مجسداً لعلو الحالة الإيمانية المستقرة في قلبه ووجدانه ، وللعراقيين خاصة والعرب عامة شواهد كثيرة على ذلك ، وما موقفه من قضية فلسطين المحتلة إلا واحدة من تلك الشواهد على عمارة الإيمان في قلب قائدنا الشهيد .

وهكذا ، حتى نصل للدقائق التي تفصل بين حياة القائد الشهيد في الدنيا وبين انتقاله إلى جوار الرفيق الأعلى ، لنشاهد صورة وأنوار إيمانية قد بانت على محياه الشريف وأحاطت بجسده الطاهر كتجسيد حقيقي على ما استقر في قلبه من قوة الإيمان ليظهر على ثباته وقوته ورباطة جأشه وهو يعلم أنه مغادر هذه الدنيا الفانية إلى حياة الخلود .

لقد كانت وقفة القائد الشهيد على منصة الشهادة تمثل درساً بليغاً وكبيراً في المعاني لأمّته ورفاقه ، خاصة لأولئك الذين يرهبهم الموت من أن يتقدموا بفعل جهادي على الأرض فيه انتصار الأمّة ورفعتها ، وبالتأكيد ، فإن هذا الحال معتمد على قوة الإيمان ودرجته في القلب ، فكان مشهد الشهادة درساً مفاده أن قوة الإيمان وسموها في القلوب كفيلة بتثبيت وتأكيد الفعال الرجولية الجهادية التي بها تنطلق الأمّة إلى تربع خيريتها التي جُبلت عليها وجعلها الله بها .

وكما عهدناه ، ما انفك قائدنا الشهيد يعطي الدروس والعبر لأمته ورفاقه في المعاني الإيمانية والقيم الثورية والأفعال الجهادية ، فكانت وقفته الثابتة بالله وهو يُغادر الحياة الدنيا جملة من المعاني أراد أن يقولها لشعبه ورفاقه ، وكأن لسان حاله يقول لنا ، إذا ما أردتم النصر لأمّتكم ، فعليكم بعمارة الإيمان في قلوبكم فإنه سبيل كل خير ، ورفعة لكم في حياتكم الدنيا أو عندما يدرككم الموت ، حيث أن صاحب الإيمان القوي لا يهاب الموت ولا يلتفت إليه حيث وقد بلغ اليقين أن ما عند الله خير وأبقى ، وقد قال سيدنا رسول الله ، صلّى الله تعالى عليه وسلّم (( المؤمن القوي ، خير من المؤمن الضعيف )) .

والله أكبر ، وليخسأ الخاسؤون

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page