top of page

ولاء السامرائي - السيد والرفيق يسوقان الانتخابات العراقية



مرة ثانية ، يلقي كل من السيد والرفيق طوق نجاة للعملية السياسية في العراق وطبقتها الفاسدة ، بتسويقهما وتجميلهما انتخابات مايو/ أيار المقبل ليقفا ضد احتجاجات غالبية الشعب الذي يتظاهر، ويرفض الذهاب إلى صناديق الاقتراع بوجود الوجوه نفسها التي جاءت مع الاحتلال ، ودمرت البلاد والعباد .

فلماذا يسوّق مقتدى الصدر ورفيقه الشيوعي وبعض التشكيلات الصغيرة عبر الكتلة التي شكلاها " سائرون " الانتخابات ضد غالبية أبناء الشعب ، ويبذلون أقصى جهودهم من الدعاية والزيارات والاجتماعات للتصدي لحملة المقاطعة الواسعة التي تجتاح المدن العراقية ؟ ، وهل سيتمكنون ، كما في المرة السابقة ، من ركوب موجة الغضب والاحتجاجات التي تعم العراق ، لتجميل عملية الانتخابات هذه المرة ، ودفع الناس إلى المشاركة فيها ؟ .

لم يتردد مقتدى الصدر ، في المرة الأولى ، من سرقة انتفاضة العراقيين الذين ساروا سلمياً إلى المنطقة الخضراء ، وإلى ساحة التحرير ، ليطردوا ساستها الفاسدين ، فأجهض أهم تحرّك حدث في العراق ، هز أركان عملية الاحتلال السياسية ، وكان قريباً جداً من قلعها من جذورها ، فاكتسح أنصار الصدر هذه الانتفاضة ، وأجهز هو عليها بتعليماته وتعاونه مع الحكومة وقواتها العسكرية والأمنية التي رتبت حمايته ووجوده في المنطقة الخضراء ، وقد حول الانتفاضة الوطنية إلى احتجاجات مطلبية ، لم تقم الحكومة إلى الآن بالاستماع لها ، بعد أن أخمدها وأتم تسويفها في ذلك الحين .

يتكرّر هذا المشهد اليوم ، حيث يساهم التيار الصدري ، بالتنسيق مع الحكومة ، باحتواء الاحتجاجات التي لم تنقطع منذ أسابيع في مدن العراق الجنوبية وفي بغداد ، والعمل على امتصاص غضب الناس بوعود كاذبة ، عبر نشطاء ، كما في النجف وبغداد ، ليفرغ المطالب من محتواها ، ويميعها ويحتويها ، خدمة للحكومة ولعمليتها السياسية ، وما نزول أتباعه في هذه المناطق إلا لكي يتمكّن من السيطرة فيما بعد عليها وإنهائها استجابة لرغبة رئيس الوزراء ، حيدر العبادي ، بالتهدئة قبل موعد الانتخابات ، ولا يغير من الأمر إصدار الصدر " تعليمات " " تربوية " لمرشحي تياره ، تليق بالقصّر ، وليس لمترشحين بالغين للفوز بمناصب البرلمان ، كما لا يغير تصريحه إن مشاركته في الانتخابات هي لكشف الفاسدين ، فقد سبق له وطلب من العبادي إقالة الفاسدين ولم ينجح ، لأن المحكمة الدستورية أرجعتهم ، ولم يقم العبادي بإقالة أي فاسد ، ولم يحل أي سياسي فاسد ، على الرغم من انكشافهم إلى أي محكمة ، وملفاتهم الكثيرة بالصوت والصورة مكدسة بالمئات في مكاتب هيئة النزاهة ، ولا أحد يهتم بها ، والأدهى أن تياره نفسه يضم وزراء متهمين بقضايا فساد واسعة وبالمليارات ، لكنه يتغاضى ويحاجج من يقول له ذلك بجملة أعطوني الدليل ! .


أما الحزب الشيوعي الذي جمع حوله شخصيات وأحزاباً لا يزيد تعدادها عن بضع عشرات لتشكيل كتلة " سائرون " مع التيار الصدري ، فهو الآخر يحاضر مرة في " الفضيلة والوطنية وضد المحاصصة " ، في خطاباته ولقاءاته ، وأخرى يبوس فيها اللحى ويتصافح مع القتلة والفاسدين ، بحجة أن " الخلاف لا يفسد للود قضية " ، وهو شريك كامل للتيار الصدري في إجهاض التظاهرات لاحتلال المنطقة الخضراء من أبناء الشعب العراقي المنتفضين ، فتياره المدني ونشطاؤه كانوا مبكراً في مقدمة المتعاونيين مع القوات الحكومية ، لضبط أي توجه يؤدي إلى تهديد العملية السياسية وبرلمانها في المنطقة الخضراء ، وللسيطرة عليه وتخريبه ، وعلى الرغم من كل الحذلقات اللغوية التي يرطن بها قادة الحزب عن " رغبتهم باصطفاف وطني جديد عابر للطائفية .. وكسر احتكار السلطة ، وتحقيق الإصلاح الجذري ، وتخليص بلدنا من الطائفية والفساد "، فهذه القيادة التي لا تريد " أن تفسد للود قضية " ، تصرفت دائماً على هذا الأساس منذ خمسه عشر عاماً ، ولم يسمع شعبنا العراقي أي نقد أو إدانة لما حصل لبلدنا من تدمير وإبادة جماعية أو تطهير طائفي وعرقي وتهجير منهجي وتغيير ديمغرافي ، بل إن بيانات الحزب وخطاباته وقادته تصب في نهج العملية السياسية ، والمحافظة عليها ، وعدم المس بأيٍّ من أسسها ، وخصوصاً عدم المسّ بالدستور ، ولا بأيٍّ من القرارات المجحفة منذ الغزو .

لا يهتم حزب الرفاق إلا بالحصول على مكافأة بمقاعد برلمانية فقط ، وإلا فهل من " المنطق " أن يخطب قادته اليوم داعين العراقيين إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع بشكل واسع ، لاختيار من هو " نزيه مثلهم ومثل أصحاب التيار الصدري " ، طالباً من العراقيين تعديل " موازين القوى السياسية " وهو يعلم علم اليقين أنه ، وبحسب التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخابات العراقي ، والمسمى " سانت ليغو" ، فإن حظوظ الأحزاب الصغيرة لن يكون وردياً ، حتى لو شاركت فيها أسماء مثل منتظر الزيدي ، أو دعمتها أسماء فنية مشهورة ، أو بعض الشابات اللواتي يستعرضهن الحزب كأنهن دمى لجذب الناخبين إلى التصويت ، وكان عليه ربما إدانة هذه التعديلات التي صمت عليها ، لكن سكرتير الحزب خطب ، قبل أيام ، ليقول " لم يأت انخراطنا في كتلة سائرون لتحقيق غاية نفعية .. أو للحصول على مقعد برلماني بأي ثمن ، ولو كان هذا ما نريد لحققناه بسهولةٍ ، في انتخابات 2010 وانتخابات 2014 " . .. هل نسي سكرتير الحزب الشيوعي أن هذا الكلام عار عن الصحة ، فلم يكن للحزب أية شعبية في تلك السنوات ، ومن فازت في الانتخابات هي الأحزاب الطائفية التي اكتسحت الساحة العراقية ، بدليل أن سكرتير الحزب سابقاً ، حميد مجيد ، دخل إلى الحكومة الأولى من خانة الطائفة الشيعية ، وليس باعتباره حزبا شيوعياً .

بعد كل الخدمات التي قدمها التيار الصدري ، ومعه الحزب الشيوعي ، والتي تستجيب ليس فقط لمتطلبات العملية السياسية ، بل أيضاً لتصريحات السفير الأميركي في بغداد ، دوغلاس سليمان الذي دعا، قبل أيام ، إلى عملية سياسية " غير طائفية "، بالأحزاب الطائفية نفسها ؟ ، وفعل الشيء نفسه ممثل الأمم المتحدة في العراق ، يان كوبيش ، والذي رعى شخصياً مؤتمراً لمنظمته ، وقّعت فيه القوى العراقية " ميثاق شرف " ، ادعى فيه هذا الموظف الأممي " تطوير الديمقراطية في العراق " ، عبر هذا الميثاق " والذي يحتم على الموقعين الالتزام بالضوابط والأنظمة الديمقراطية لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات ، المقرّر إجراؤها في مايو/ أيار المقبل " .

تكشف هذه التحضيرات للانتخابات بوضوح تصميم الطبقة السياسية ، بكل أحزابها صغيرها وكبيرها ، على المضي في سحق العراق ، وإسكات أي احتجاج وانتفاضة ، ليس فقط من الأحزاب الطائفية الكبرى التي حرقت العراق وهدمته ، بل حتى من الأحزاب المدنية والإسلامية التي تدّعي محاربتها الفساد والفاسدين .

كما تكشف هذه الانتخابات اتساع تفنن الأحزاب في الحيل والخدع والالتفاف على الاحتجاجات المستمرة لأبناء الشعب العراقي المظلوم .

لذا، يحتم الواجب الوطني على الجميع كشف كل ما تستعمله هذه الأحزاب اليوم من طرق لدفع الشعب العراقي إلى المشاركة في الانتخابات ، وإلى فضح كل ألاعيب الطبقة الفاسدة ، وخصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب اليوم دورا كبيرا في أوساط الشباب .


لن يبتلع الشعب العراقي أكاذيب عبيد المحتلين ودجلهم ، وسينزل يوما إلى وكر المنطقة الخضراء ، لينظفها بالمكوار والحجارة ، كما فعل أجداده ، وهو قادر آجلاً أم عاجلاً ؟ .

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page