الرفيق المجاهد صلاح المختار - ألغام تسمية الذي حدث 1
- مفكر قومي
- Apr 24, 2018
- 4 min read

ألغام تسمية الذي حدث
الحلقة الأولى
الرفيق المجاهد صلاح المختار
هل هناك ألغام تزرع بصورة عفوية أو عمداً أثناء مناقشة الضربة الأمريكية البريطانية الفرنسية لسوريا ؟ ، نعم ، ومن المؤسف أن البعض اهتم باستخدام تسمية ورفض غيرها للضربة أكثر من اهتمامه بطبيعة أطراف الأزمة ، وهي العامل الأهم في تقييم الذي حدث .
إن فقدان البوصلة يبدأ من تعويم هوية أطراف أي أزمة ، فهل تجوز مغادرة قاع الحدث وأصوله التكوينية خصوصاً هوية أطرافه والطفو فوق فقاعته مع أنه حدث مرسوم لجرنا إلى منتصف محيط الدم ثم تفجر الفقاعة ونحن فوقها فنجد أنفسنا نسبح في محيط الدم والدموع رغما عنا ؟ ، البعض لا يهتم بالتسميات ويتجاوز دلالاتها ونتائجها بسبب تعامله مع الحدث في لحظته المعزولة عن سياقها الزمني وعن مكونات الحدث الأصلية دون تذكر القاع والخلفية الحاوية لكافة معطيات أصوله وجذوره ، أو لاعتقاده بأن التسميات مجرد مسائل شكلية لا تحتاج للتوقف عندها والتأمل في مضامينها ، ولهذا نجد أنفسنا أحياناً في ورط كبيرة وهي أننا نخرج من إطار موقفنا الأصلي ونتبنى موقفاً مناقضاً له يجعلنا نصطف مع أعداءنا ، هل يوجد اغتيال معنوي أقسى من اكتشاف أننا نصطف مع عدونا الأخطر ؟ ، من بين أهم دروس الحروب والأزمات درس أن التسمية تقتل أكثر مما يقتل الصاروخ ، لدينا أدلة كثيرة سأختار مثالاً واحداً فقط لأختصر النقاش وإظهار كيف نوضع فوق فقاعة وتحرك نحو محيط دم ونار ثم تفجر فوقه ، وهو مثال كيفية توريط العرب في أكبر مشاكل الصراع العربي الصهيوني ومشاكل العرب مع العالم كله بخداع لغوي منذ عام 1967 !!! ، والمقصود هو تبني القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن في عام 1967 حول الحرب التي شنتها إسرائيل الغربية على العرب . كيف حصل ذلك ؟ ، قدم اللورد كارادون ، وزير الخارجية البريطانية ، وقتها مشروع قرار وردت فيه عبارة ( الانسحاب الإسرائيلي من أراض عربية ) ، وبالنظر لضعف النظرة النقدية لمن كانوا في جلسة مجلس الأمن ويمثلون دولاً عربية فإنهم لم يكتشفوا الأثر الكارثي لإمرار القرار وهو يتضمن تلك العبارة ، وكان الظن لدى الممثلين العرب بأنه يعني الانسحاب من كل الأراضي العربية – السورية والمصرية والفلسطينية التي احتلت في تلك الحرب - وليس بعضها كما يفسر نص مشروع القرار من الناحية اللغوية الصرفة والذي اقر. وهكذا فان عدم ملاحظة الفرق بين ( الانسحاب من أراض عربية ) وبين ( الانسحاب من الأراضي العربية ) ورطنا في ظهور موقف دولي مساند للموقف الإسرائيلي وهو ما أدى في النهاية إلى تراجع حكام العرب وقبول التنازل عن بعض الأراضي العربية مقابل ما سمي بـ( السلام العادل ) ، تحت غطاء ( مبادلة الأرض بالسلام ) ! ، هل كان الموقف العربي الرسمي مسألة افتقار للدقة ؟ ، أم أنها أكبر من ذلك وهي مسألة تواطؤ وتنازل عن حقوق العرب ؟ ، هذا السؤال تدحرج إلى الخلف ولم يتحول إلى كرة ثلج وصار ترفاً جدلياً بعد تبني مجلس الأمن لذلك القرار الذي مازلنا نعاني من كوارثه حتى الآن وأبرزها إكمال عملية التنازل العربي عن أرضنا في فلسطين وبلوغ ما تم التنازل عنه أكثر من 80 % !!! ، بل إنه أصبح غطاء لتراجعات متعاقبة من قبل أنظمة عربية وجدت في تلك الغفلة العربية تبريراً للردة والتفريط بحقوقنا في فلسطين ! ، ولم تتوقف عجلة التقصير اللغوي غير المفهوم من قبل دبلوماسيين عرب وحكامهم بل استمرت في الدوران وأوصلت إلى مرحلة قبول التنازلات المجانية عن فلسطين وعن السيادة والقرار المستقل داخل الأقطار العربية ذاتها ! ، فمن قبل بما سمي تضليلا بـ( عملية السلام ) استناداً لقرار 242 وجد نفسه مضطراً لمنع عسكرة سيناء وتحييدها وعدم استخدامها مثل أي أرض وطنية ، وغلق حدوده بوجه المقاومين العرب للاحتلال الصهيوني رغم مشروعية المقاومة المسلحة لغزو استعماري وضرورتها التامة ! ، وتصل التنازلات إلى حالتنا الآن وبعد قبول قرار ملغوم من مجلس الأمن في عام1967 نرى الحكومات العربية مضطرة للرضوخ التام لما سمي زوراً بـ( المجتمع الدولي ) وقراراته غير الشرعية ، وهو مجتمع داعم لإسرائيل الغربية ومكرس لاحتلالها لأرضنا في فلسطين وسوريا ، ولدينا مثال حي وهو دعم الخطة الإسرائيلية والتي تبنت موقفاً يتناقض مع نصوص قرار 242 وهو سياسة نتنياهو القائمة على خطة ( السلام مقابل السلام ) أي مبادلة الاعتراف العربي الشامل بإسرائيل بالسلام الإسرائيلي ، أما الأرض العربية المحتلة فيجب التوقف عن المطالبة بها والاعتراف بأنها أصبحت أرضاً إسرائيلية ! ، إسرائيل الغربية ترفض حتى إعادة بعض الأراضي العربية طبقاً للقرار 242 وصدرت قرارات من الكنيست تعتبرها ( أرضاً إسرائيلية ) لا يمكن التنازل عنها للعرب وأبرزها الجولان المحتل والقدس المحتلة بجزءيها وقرار عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ! ، ماذا كانت حجة العالم في دعمه للموقف الإسرائيلي ؟ ، كانت الحجة الرئيسة أن القرار 242 ينص على إعادة بعض وليس كل الأراضي العربية المحتلة .
لقد أسقط نتنياهو وبدعم من ( المجتمع الدولي ) جوهر قرار 242 الذي فرضه نفس المجتمع الدولي وهو ( مبادلة الأرض بالسلام ) ! ، هل هذا المثال كاف لدق جرس إنذار لمن يستخدم بسخاء مضر الآن مصطلحات لا يقدر معناها الحقيقي ودلالاتها ونتائجها ؟ ، الآن نرى بعض العرب يستخدمون تسميات لها دلالات قد تعيدنا إلى المربع صفر أي ما قبل الوعي لأهمية التسميات ودلالات اللغة ، فقد استخدم النظام السوري وإسرائيل الشرقية ونغولها العرب مثل حزب الله ، كما روسيا تسمية ( العدوان الثلاثي ) لوصف الضربة العسكرية لسوريا التي قامت بها أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، وهي تسمية مخابراتية صرفة اختارتها مخابرات نظام بشار وبدعم ايراني - روسي لأجل إعادة تأهيل نظام بشار والتعتيم على خيانته وجرائمة وخداع الجماهير العربية طوال اربعة عقود زخرت بالخيانات الوطنية والقومية من خلال الربط بين الضربة على سوريا وبين العدون الثلاثي على مصر عبد الناصر – رحمه الله - في عام 1956 والذي قامت به ثلاثة دول هي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل الغربية رغم أن الفرق بين الحدثين هائل ونوعي والخلط عمل تترتب عليه نتائج كارثية على العرب . ومن المؤسف أن بعض الوطنيين والقوميين العرب استخدم هذا الوصف أيضاً وهو ما دفعنا لمناقشة القضية من جذورها .
أين يكمن خطأ تسمية ( العدوان الثلاثي ) على سوريا ؟
يتبع .
almukhtar44@gmail.com
24-4- 2018















































Comments