top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - ألغام تسمية الذي حدث - 2



الغام تسمية الذي حدث

الحلقة الثانية


الرفيق المجاهد صلاح المختار


إن تحديداً صائباً لتسمية ما حدث لنظام بشار وهل هو عدوان امبريالي فيستحق مقارنته بالعدوان الثلاثي على مصر ، أم أنه صراع بين الامبرياليات القديمة والجديدة وبمشاركة اتباعهما ومنهم نظام بشار ضرورة مسبقة لأي حكم موضوعي ، وهذه الحالة تفرض تسميات مختلفة ، ولهذا لابد أولاً وقبل كل شيء تحديد هوية نظام بشار بدقة وموضوعية واستناداً لمسيرته .

لقد اعتبرت كافة القوى الوطنية ضرب مصر في عام 1956 عدواناً ثلاثياً ، رغم تحفظنا في ضوء وعينا الحالي لوصف ( عدوان ثلاثي ) الذي أطلق على حرب عام 1956 وهو ما سنبينه لاحقاً .

هل نظام بشار معادٍ للاستعمار والصهيونية وخادم للشعب العربي كي نقبل وصف ما حصل بأنه ( عدوان ثلاثي ) تشبيها بالعدوان على مصر عبد الناصر ؟ ، قبل تقديم إجابة لابد من التذكير بما حصل في عام 1956 لأن كثير من الأجيال الشابة لا يعرف تلك الحادثة حيث أمم الرئيس جمال عبد الناصر قناة السويس وطرد الأجانب منها وأدى ذلك إلى شن إسرائيل الغربية حرباً على مصر انضمت إليها كل من بريطانيا وفرنسا استمرت عشرة أيام ودارت معارك كبيرة وبارزة بين الجيش المصري والمقاومة الشعبية من جهة وقوات الاستعمار من جهة أخرى في مدن مصرية خصوصاً بورسعيد وانتهت بتسجيل مصر عبد الناصر نصراً سياسياً كاسحاً أدى إلى حصول أكبر نهوض قومي عربي في القرن العشرين شمل كل الوطن العربي من موريتانيا حتى اليمن ، وانهى فترات التراجع وهيمنة قوى الاستعمار ودشن عهد هجوم القومية العربية على أعدائها .

كانت فرنسا مدفوعة بمعرفتها بخطورة دعم عبد الناصر للثوار الجزائريين تنتظر فرصة للرد عليه فيما كانت بريطانيا تنظر بقلق لتقارب عبد الناصر مع المعسكر الاشتراكي فيما كانت إسرائيل الغربية تعاني من تضييق عبد الناصر عليها في قناة السويس وخليج العقبة والرغبة في إخراج القوات المصرية من سيناء والتي أخذت تهدد إسرائيل الغربية خصوصاً بعد التسلح المصري من المعسكر الاشتراكي .

لقد خاض عبد الناصر صراعاً مجيداً مع قوى الاستعمار التقليدية وإسرائيل الغربية بعد أن حرر مصر من السيطرة الأجنبية وبدأت جذور أزمة السويس في الظهور عقب توقيع اتفاقية الجلاء سنة 1954 بعد مفاوضات مصرية بريطانية بجانب رفض عبد الناصر الدخول في سياسة الأحلاف التي قادتها بريطانيا ، ورفض عبد الناصر الصلح مع إسرائيل كشرط غربي لمنحه قروضاً لبناء السد العالي وفقاً لخطة هدفت إلى تحجيم عبد الناصر ، بحظر المساعدات العسكرية وإلغاء تمويل السد العالي . فالحرب كانت ذات طبيعة تحررية واضحة لا شك فيها لهذا جعمت ملايين العرب خلف قيادة عبد الناصر وتيقنت أنه القائد المنتظر منذ قرون لتحرير الأمة كلها .

هل دور نظام أسد تحرري ووطني وخدم العرب أم أنه خدم أهدافاً استعمارية ؟ ، وهل أدى دور بشار في الحرب السورية لحصول نهوض قومي عربي كما فعل عبد الناصر أم انه دعم التقدم الاستعماري والصهيوني والفارسي ؟

1- قام حافظ أسد ومن معه بانقلاب عسكري دموي قاس جداً في 23 شباط عام 1966 ضد الحزب وقتل الكثير من مناضليه وحكم بالأعدام على مؤسسه القائد أحمد ميشيل عفلق واغتال شريكه في التأسيس الشهيد صلاح الدين البيطار وآخرين من قادة الحزب ، واتضح الآن بعد كشف خفايا ما جرى في أعوام ما بين عام 1966 وعام 1970 بأن كلاً من مخابرات أمريكا والاتحاد السوفيتي كانتا تدعمان حافظ أسد ضد قيادة الحزب الشرعية وضد رفاقه في ردة 23 شباط عام 1966 ، وهو ما كشفه الرفيق ضرغام عبد الله الدباغ الذي كان عضو قيادة قومية في تنظيم حافظ أسد ، فالمخابرات الأمريكية والسوفيتية كانتا تدعمان أسد ضد كافة خصومه مما يفسر لنا ظاهرة بقاءه أربعة عقود تم خلالها تدمير البعث في سوريا ، وسبب الدعم المزدوج السوفيتي والأمريكي هو أن نظام أسد قبل الاعتراف بإسرائيل الغربية وهو موقف كلاً من أمريكا والاتحاد السوفيتي في حين كانت قيادة البعث ضد أي تغيير في الموقف القومي الأصيل والأصلي ، وربما لا يقدر غير البعثيين دلالات دور أسد في تدمير الحزب في سوريا وشن حرب مستمرة ضد النظام الوطني في العراق ولكنها حرب كان لها آثار خطيرة على العرب كلهم .

2- كانت أمريكا ومازالت تريد منع أي تقارب سوري – عراقي - مصري خصوصاً بعد وصول البعث للحكم في العراق وهو عامل يساعد على قيام الوحدة ، مما جعل نظام أسد بالغ الأهمية بالنسبة لأمريكا في تنفيذ خطتها خصوصاً بعد تأميم البعث للنفط العراقي فدعمته وهو ما رأيناه في تصعيد حافظ عداءه للعراق .

لو لم تحدث ردة 23 شباط عام 1966 وما ترتب عليها خصوصاً تدمير البعث في سوريا هل كانت سوريا والوطن العربي سيصلان لحالة الكوارث الحالية ؟ ، البعث كان التنظيم القومي الذي نهض ناشراً الوعي القومي مما جعل سوريا قلب العروبة النابض ومركز الاشعاع القومي النهضوي العربي ، وكان للبعث الدور الحاسم في إقامة وحدة مصر وسوريا والتي خطط البعث لها كي تكون نواة للوحدة العربية الشاملة وهو تحقيق لحلم الأجداد ، وكانت تلك أخطر ضربة توجه لخطة بنرمان الاستعمارية القائمة – حتى الآن - على منع أي وحدة عربية وإفشال أي تضامن عربي وحصول الوحدة وتوسع نطاقها تحول لو نفذ لما كنا الآن في حالة كارثة وتراجع ، وأسد لعب الدور الحاسم في إحباط المشروع النهضوي القومي وهو ما كانت قوى الغرب والصهيونية تسعيان إليه رسمياً .

انظروا الآن إلى سوريا ماذا تجدون ؟ ، سوريا لم تعد مركز الاشعاع القومي النهضوي العربي بل صارت هي ولبنان أخطر مراكز الدعوة الشعوبية الحديثة فتشرذمت بعد أن كانت واحدة قلباً وقالباً وصارت الصراعات والفتن الطائفية تدمر الشعب حيث تعوّد نظام أسد على إبادة الآلاف في كل هجوم له على الشعب كما حصل في حماة في عام 1982 وكان رفعت أسد شقيق حافظ يتباهى بأنه قتل في حماة أكثر من 38 ألف سوري ! ، وحوّل أسد الدولة بأجهزتها خصوصاً الجيش إلى أداة قمع فاشي لم تشهد سوريا له مثيلاً أبداً ، ولم تعد سوريا مرشحة للوحدة مع العراق ولا مع مصر بل صارت وكراً للتأمر على العراق ، ونفذ أسد أحد أهم أهداف خطة بنرمان والحركة الصهيونية وهو منع أي تقارب عراقي سوري بأي طريقة وبأي ثمن ، ولهذا فإن معطيات وعينا الحالي تسمح لنا بالربط بين مسار نظام أسد وأهداف خطط الاستعمار الغربي والصهيونية وأنه ينفذ تلك الخطط .

3- بعد تدمير الحزب في سوريا تنفيذاً للخطة المخابراتية الغربية والإسرائيلية كان يجب على أسد تحويله من حزب ثوري وعقائدي وطني وقومي واشتراكي إلى مجرد ميليشيا طائفية أُسرية تحمي النظام وفساده ونظام يتعاون مع أعداء الأمة العربية كلهم من أجل تنفيذ خطة بنرمان ، ولكن مع التمسك باسم الحزب وبشعارات قومية حبيبة على قلوب العرب للخداع من جهة ولشيطنة البعث من جهة ثانية ، وبهذه الخطوة أبعد سوريا لعدة عقود عن مسار التحرر الوطني والتحول التقدمي ووضعها في جبهة أعداء الأمة العربية ، وقدم صورة بالغة السلبية عن البعث استغلت لشيطنته وحتى الآن يقال ( نظام البعث في سوريا ) رغم أنه كان النظام الأشد عداء للبعث ! ، فحافظ أسد نفذ خطة اجتثاث البعث قبل أمريكا وحليفته الستراتيجية إسرائيل الشرقية بل أنه كان أخطر من بقية الأطراف لأنه عمل من داخل الحزب وفتته باسمه ونجح في إفساد الكثير من عناصره ، وبما أن تفتيت أي قطر عربي من الداخل هو الخطوة الحتمية التي لابد منها للتمهيد لاحتواءه من الخارج وإنهاء دوره الوطني والقومي فإن ما قام به أسد في سوريا هو تحييد سوريا بطاقاتها الشعبية والمادية وبمواصفاتها الفكرية والسياسية وبموقعها الاستراتيجي ثم بعد التحييد تسخيرها للإسهام الفعال في تدمير بقية الاقطار العربية خصوصاً العراق .

4- سلم الجولان بلا قتال لإسرائيل الغربية بالإعلان عن سقوطها بيد القوات الإسرائيلية بينما كانت بيد القوات السورية بل وطلب حافظ أسد الانسحاب الفوضوي منها فتقدمت القوات الإسرائيلية واحتلتها بلا قتال وبقيت في حوزتها حتى الآن ! ، وفي عام 1973 وأثناء حرب أكتوبر كان بالإمكان تحرير الجولان بعمل مشترك بين القوات العراقية التي وصلت وأنقذت دمشق من الاحتلال الصهيوني لها ، والقوات السورية ولكن حافظ رفض ذلك وقبل قرار 338 الذي يفرض وقف أطلاق النار وهو قرار يكمل القرار 242 ولم يتعب نظام أسد في مرحلتيه الحافظية والبشارية بتقديم أي تفسير لسبب تسليم الجولان بلا قتال ! ، ولهذا وتأكيداً على أنه ينفذ المخطط الصهيوغربي حيّد سوريا في الصراع العربي الصهيوني ولم يطلق منذ أكثر من أربعة عقود رصاصة واحدة لتحرير الجولان ! ، وهذه العملية لوحدها تكفي لإدانة حافظ بتهمة الخيانة العظمى .

5- قبل نظام أسد قرار مجلس الأمن 242 (1967) وجوهره الاعتراف الصريج بإسرائيل الغربية والموافقة على احتلالها لأكثر من 80% من الأرض الفلسطينية وتم ذلك تحت غطاء ( مبادلة الأرض بالسلام ) مرتداً عن الموقف البعثي والعربي العام الأصيل والشرعي والصحيح وهو النضال بكافة الوسائل لتحرير الأرض العربية الفلسطينية كاملة وعدم التنازل عن أي أرض عربية محتلة ، وتلك من أسس هوية البعث ، فالردة هنا واضحة ولا تحتاج لإثبات ، وهي ليست ردة عن عقيدة الحزب فقط بل هي ردة وطنية سورية وردة قومية عربية أدت إلى الإعداد لردات عربية تكمل ردة أسد في مسار تنفيذ خطة بنرمان .

6- عندما حدثت ثورة 17- 30 تموز في العراق في عام 1968 ناصبها العداء بشدة وسخر قدرات الدولة السورية للتأمر على نظام الحزب في العراق والسبب معروف : فانقلابه الدموي على الحزب وتصفية قادة كثيرين منه والارتداد عن عقيدته سوف تفضحه مواقف وإنجازات الحزب في العراق وتؤكد أنه منحرف ومرتد عن عقيدة البعث ومعادٍ لها وأن كل ممارساته غريبة عن البعث ولهذا اعتبر وصول البعث للحكم في العراق أكبر تحد له ولردته وأخذ ينتطر أي فرصة لاغتنامها للعمل ضد العراق .

7- دعم إسرائيل الشرقية في حربها ضد العراق ومنع النفط العراقي من المرور عبر سوريا إلى لبنان لتصديره وقطع مياه نهر الفرات عن العراقيين فأصاب الفلاح العراقي ضرر كبير .

.. يتبع .

Almukhtar44@gmail.com

28-4-2018

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page