top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - إنه صراع الإسرائيليتين وليس حربنا



- إنه صراع الاسرائيليتين وليس حربنا -



منذ ما بعد منتصف ليلة 9 على 10 أيار بدأت عمليات تبادل القصف بين قوات الحرس الثوري الإيراني وقوات إسرائيل الغربية في الساحة السورية ، وأنذرت إسرائيل الغربية حكومة بشار بأنها يجب أن لا تتدخل في تبادل القصف وإلا ستتعرض هي للضرب ، في تأكيد حاسم لحقيقة معروفة وهي أن القوات الإيرانية تسيطر على دمشق وأن جيش بشار لم يعد يشكل قوة لها وزن ، وهذه العمليات العسكرية يمكن أن تتحول إلى حرب شاملة وهو تغير مناقض لمصالح الإسرائيليتين وأمريكا ! ، فما الذي يجري ؟ :


1- واضح الآن أن مرحلة استخدام رجال الدين شيعة وسنة وصلت نهايتها المرسومة بتحقيق الأهداف التي رسمت لهم في منتصف السبعينيات من قبل المخابرات الأمريكية وبدأت خطواتها الأولى في أفغانستان التي تصاعدت فيها حرب ما سمي بـ( المجاهدين الأفغان ) ضد الاحتلال السوفيتي ، وفي إسرائيل الشرقية عندما وصل خميني للحكم بدعم غربي صهيوني معروفين ، ترامب ومعه نتنياهو يبدوان كأنهما ينهيان اعتمادهما على الحركات الإسلاموية والبداية بضرب الإسلاموية الإيرانية في سوريا بعد أن أدت دورها المرسوم خلال أربعة عقود مشؤومة كان العرب ضحيتها .


2- أمريكا طبعاً تقف مع إسرائيل الغربية لإنهاء الحرس الإيراني في سوريا ، كما تقول ، ولهذا لم تكن صدفة بدء الاشتباكات قبل قليل من إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي وبعده ، ولكن مشكلة إسرائيل الشرقية الأكبر هي أنها تواجه موقفاً روسياً يبدو متفاهما مع إسرائيل الغربية وأمريكا ، فروسيا تخشى التيارات الإسلاموية أكثر مما تخشاها أمريكا فهي تعرف أن أمريكا هي راعية تلك الحركات منذ نهاية السبعينيات وهي أداتها ، ولكن روسيا ترى فيها خطراً حقيقياً يهدد بانهيار الاتحاد الروسي من داخله مثلما انهار الاتحاد السوفيتي من داخله بجهد أمريكي مخابرتي كان من أهم أدواته المجاهدين الأفغان وجرت محاولات عديدة لتفكيك الاتحاد الروسي عبر نفس الأدوات ، وروسيا وإن كانت متحالفة مع إسرائيل الشرقية لكن تحالفها معها يتضمن أيضاً منعها من التوسع لأنه قد ينقلب عليها .

وهذا ما جعل من مصلحة روسيا تقليم أظافر إسرائيل الشرقية في سوريا وحفز نتنياهو على زيارة موسكو ، الآن وليس بالأمس ولا غداً ، وسط ترحيب ملوكي من قبل بوتين تمثل في حضوره العرض العسكري الروسي الضخم وتلك خطوة فهمتها طهران فوراً على أنها تراجع روسي عن دعمها وقبول بممارسة الصمت على ما تنوي إسرائيل الغربية فعله ضدها ، مصيبة خامنئي الآن هي أن روسيا وليس أمريكا فقط تريد تقليم أظافر إسرائيل الشرقية والقلق الذي سيقتل خامنئي قبل السرطان هو أن تقليم الأظافر سوف يتحول إلى اجتثاث شامل وجذري لنظام دموي حان وقت دفنه .


3- ما الذي جعل إسرائيل الغربية تنتقل من دعم نظام خميني وخامنئي بالسلاح والمعلومات المخابراتية منذ عام 1980 وحتى عام مضى إلى الرغبة في إنهاء توسعه الإقليمي ؟ .

إسرائيل الغربية وفقاً لرؤيتها الاستراتيجة تفهم أن العرب وليس إسرائيل الشرقية هم العدو الرئيس لها لسبب مفهوم وهو أنها احتلت فلسطين وهي عربية وليست فارسية فالصراع الرئيس في المنطقة وحتى وصول خميني للحكم كان بين العرب وحركتهم التحررية وبين إسرائيل الغربية التي احتلت فلسطين ، ولكن وبعد أن قامت إسرائيل الشرقية بنشر الفتن الطائفية ومزقت العرب وأضعفت لحمتهم وأفقدتهم طاقاتهم بحروب داخلية مدمرة لن يستطيعوا معالجة آثارها لفترة قد تتجاوز العقدين فإن ما أخذ يهم إسرائيل الغربية هو قدرات إسرائيل الشرقية النووية ، فما إن صار هدف النخب القومية الفارسية هو الحصول على سلاح نووي حتى أيقظ ذلك سايكولوجيا الغوييم لدى نخب إسرائيل الغربية والتي تقوم على أن غير اليهودي عدو ويجب معاملته على أنه ليس بشراً مثل اليهود وأنه عدو أو عدو محتمل ، فالشك بغير اليهودي هو السايكولوجيا المتحكمة بالسلوك الإسرائيلي الغربي ، وتعاظم احتمالات نجاح إسرائيل الشرقية بصنع سلاح نووي حرك مشاهر القلق العميق لدى إسرائيل الغربية خصوصاً بانعدام أي ضمانة أن إسرائيل الشرقية لن تتحول في يوم ما وتصبح عدواً لإسرائيل الغربية ومن ثم تهددها بسلاحها النووي .

ولهذا فإن احتمال امتلاك إسرائيل الشرقية لسلاح نووي هو الذي قلب النظرة الصهيونية لنظام الملالي في طهران وما لم تنتزع قدرته على صنع قنبلة نووية فانه خطر محتمل ويجب تحييده مسبقاً وبضربات استباقية ، وهذا هو السبب الجوهري الآخر للانقلاب الصهيوني والأمريكي على نظام ملالي طهران .


4- ربما تتطور الاشتباكات إلى حرب شاملة وفي هذه الحالة إسرائيل الشرقية تعرف مسبقاً أن أمريكا ستدخلها مباشرة وذلك يفضي حتما لدمار إسرائيل الشرقية إذا نفذت تهديداتها بضرب إسرائيل الغربية بآلاف الصواريخ ، وهذه اليقين الإيراني هو الذي يجعلها تفكر مئات المرات قبل أن تقرر نوعية ردها على الضربات التي توجه لها وهي ساكتة تقريباً أو ترد بالحد الأدنى الذي لا يقدم لأمريكا مبرراً للتدخل ضدها ، ولكن تزايد الضغط العسكري عليها وهو أمر متوقع سوف يجبرها على رد أكثر مما تحتمل نتائجه ، وهنا نرى البعد الآخر للخطة الأمريكية وهو بعد التغيير الداخلي في إسرائيل الشرقية قبل حصول الحرب الشاملة التي لا تريده الأطراف الثلاثة لأنها تلحق بها خسائر مادية وبشرية لا تستطيع تحملها ، فهل ذلك وارد ؟ .


5- ما يلفت النظر كثيراً ظاهرة أن صانع الملوك وهو الإعلام الأمريكي دأب ومنذ غزو العراق على تلميع صورة قاسم سليماني وإبرازه والتركيز عليه أكثر من التركيز عل خامنئي ! ، وربما لم ينتبه كثيرون إلى أن من صنع أُسطورة قاسم سليماني ليس الإعلام الإيراني بل الإعلام الأمريكي ! ، بل أن المخابرات الأمريكية كان بإمكانها اغتيال سليماني بسهولة تامة وهو في العراق لكنها أبقت عليه ! ، فما الغرض من ذلك ؟ ، هل هو إعداد قائد إيراني بديل تخلق له شعبية داخل إسرائيل الشرقية كي يتحرك في اللحظة المناسبة للسيطرة على الحكم ؟ ، وما يلفت النظر أيضاً هو تصريح جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي قبل أيام عندما هدد بحصول انقلاب عسكري يسقط النظام الإيراني .

فهل الضربات الحالية للقوات الإيرانية في سوريا هي لجرها لحرب تصل لطهران ذاتها وهو ما قد يسمح بالاستيلاء العسكري على طهران وإزاحة نظام الملالي أو مقتل خامنئي أو قتله وحصول فراغ لا يمكن الاتفاق على ملئه فيأتي العسكر لحسم الأمر تحت غطاء الانقاذ ومواجهة الخطر الخارجي ؟ ، وهذا ما كتبت عنه في العام الماضي ، تركيز الإعلام الغربي على تلميع سليماني هو الذي أدى إلى تفاقم الشكوك بسليماني من قبل خامنئي فنشرت معلومات قبل أيام في طهران عن قرار بإعفاءه من منصبه وتعيينه في وظيفة أخرى وكان التبرير الساذج هو الخوف عليه من الاغتيال في الخارج ! ، التفكير بصوت عال بتغيير سليماني مؤشر على أن خامنئي قد بدأ يشك به وأنه ربما يكون رجل أمريكا البديل .


6- وما يجعل الحرب الشاملة احتمالاً أضعف من حرب تحريك منضبطة ومحدودة هو أن الأطراف الثلاثة أمريكا وإسرائيل الغربية وإسرائيل الشرقية كلها لا تتحمل استنزافها الكبير بشرياً ومادياً ونفسياً وهي تخشى خوض حرب طويلة ناهيك عن إدراكها بأن خوضها الحرب الشاملة سوف يؤدي إلى إلحاق دمار بالإسرائيليتين أخطر وأكبر وأعمق أثراً من الدمار الذي لحق بالعراق وسوريا بينما أمريكا ستجد أنها أمام تفاقم أزماتها المالية والاجتماعية والسياسية وزيادة إفلات الوضع الإقليمي من يدها ، ولهذا فإن الخيار الأسهل هو حرب تحريك الوضع الإيراني وإعداده لتغييرات داخلية سريعة بانقلاب عسكري سيجد ترحيباً داخلياً هائلاً بلا شك ، وبذلك تبقى إسرائيل الشرقية احتياطاً استراتيجياً للغرب بعد تنصيب نظام تابع للغرب فيها وليس بلداً مدمراً على أمريكا ومن معها تحمل ثمن إعادة إعماره قبل دمجه بالمحور الغربي .


7- هذا الصراع بين الإسرائيليتين ليس صراعنا بل صراع أعداءنا وكل منهما ألحق بنا خراباً لا حدود له ومن مصلحتنا القومية العربية والوطنية العراقية تحول الضربات إلى حرب شاملة بينهما تحرق أخضرهما ويابسهما ، فكلما زادت تكاليف الحرب بين الإسرائيليتين البشرية والمادية تعاظمت فرص تحررنا واستقلالنا ، فـ( لندع نارهم تأكل حطبهم ) كما يقول المثل العراقي ، أو ( لندع الفخار يكسر بعضه ) كما يقول المثل الشامي ، أنها حرب حرامية ومجرمين وقتلة أبادوا ملايين العرب ودمروا عشرات المدن العربية وكانت فلسطين أول ضحايا إسرائيل الغربية بينما كانت الأحواز أول ضحايا إسرائيل الشرقية .

هل هي صفقة إسرائيلية روسية أمريكية تحظى روسيا بموجبها بحصة من الكعكة إقليمية مقابل عدم دفاعها عن إسرائيل الشرقية ؟ ، هل نقل نتنياهو لبوتين رسالة تطمين من ترامب مقابل عدم تصدى القوات الروسية للضربات الموجهة للقوات الإيرانية في سوريا ؟ .


Almukhtar44@gmail.com

فجر يوم 10-5-2018

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page