جومرد حقي إسماعيل - قاطعوا ولا تنقطعوا
- كاتب ومحلل سياسي
- May 20, 2018
- 5 min read

قاطعوا ولا تنقطعوا
( في فرض مقاطعة الكفار )
لا يزال البعض يصر على التعاطي مع أعداء العروبة والإسلام في تناول منتجاتهم وتطيب نفوسهم للإقامة بين ظهرانيهم وحسن معاملتهم تحت مسميات كثيرة أدخلت في مفاهيم مجتمعنا بشكل مجرد بدعوى السلام والإنسانية والمدنية وحوار الحضارات والتقدم والانفتاح ، وما إلى ذلك من المفردات التي عرف أهل الكفر ومن خلالها الكيفية التي بها يخترقون مجتمعاتنا ويسيرون النفوس الأمارة بالاتجاه الذي يرتئونه وحسب تطلعات أهوائهم الشيطانية وهم يزينون عداءهم ومكائدهم لأمتي العرب والإسلام بدعاوى التحرير والإصلاحات والديمقراطية حتى وصل الأمر أن يفرضوا على هذه الأمة ما تأكل وما تشرب وما تلبس وما تقرأ ، نعم ، لينظر الواحد منا إلى فعله في التعامل مع الغرب المتصهين ، نشتري منتجاتهم بلهفة وأسواقنا غارقة بها ، ويمنعون منتجاتنا من أسواقهم ، وما ذلك إلا من خلال الاستدراج المنظم الموافق للمنهج الاستعماري في أن يجعل مجتمعاتنا لا تستغني عن الأكل والشرب واللبس مما صنعت أياديهم النجسة { يآ أيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إنَّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرَامَ بَعدَ عَامِهِم هَذا } ، في الوقت الذي يتوفر فيه البديل الجيد للمنتجات الإسلامية والعربية ، وحتى ما نقرأ ، فإن دول الغرب تقودهم رأس الكفر ( أمريكا ) قد توجهت أوامرهم إلى عدد من قيادات العرب لتغيير المناهج الدراسية وفيما يتعلق بالتربية الإسلامية والوطنية والتاريخ الإسلامي على وجه التحديد ، ولم يعد هذا الأمر بخاف على أحد ، إنهم يمنعونا من تعليم أولادنا فقه الجهاد ، أو تدريسهم تأريخ أجدادهم في الجهاد ، أو المعاني التي تزيد من ارتباط الشباب بوطنهم ، وهكذا نجد عدداً من المجتمعات المنتمية لأمة العرب ، قد أغرقوهم في الترف وانتزعوا منهم معاني الوطنية وروحها .
البعض يرى وكأن المنتج الغربي هو روح الحياة بالنسبة له ، فلا يستطيع الاستغناء عن الكولا الصهيونية أو الكنتاكي الأمريكي أو الجبنة الدانمركية المؤيدة من البعض المشبوه المحسوب على علماء هذه الأمة رغم الإساءة المتعمدة التي ارتكبتها دولة الكفر الدانمركية في حق حضرة سيدنا النبي محمد صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم ، ولو أنهم أدركوا المعنى الجهادي في التصدي للمنتجات الكفرية ، وأن ذلك يمكن أمتي العرب والإسلام من تركيع دول أعداء الأمّة ، لما أقدم أحدنا على أن يمد يده في أسواقنا إلى كل ما هو غربي ، ولاتقى التجار الله وخرجوا عن الفجور واتجهوا إلى بلاد العرب والإسلام في تجارتهم فقد قال سيدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم (( التجار فجار ، إلا من اتقى )) ، وفي ذلك فقد كان توجيه الإمام الشهيد صدام حسين المجيد بتكثيف استيرادات المؤسسات العراقية من الدول العربية والإسلامية ، واعتماد القدرات والإمكانيات الذاتية في تصنيع العديد من السلع وبدائل الإنتاج التي كان العراق العظيم يستوردها من بلاد الغرب ، وكانت من توجيهاته ، رحمه الله ، هو ، أن يكون مخطط المشاريع الصناعية الكبرى متجهاً نحو تحقيق اكتفاءاً عربياً من أي منتج صناعي عراقي .
لقد أمرنا الله تعالى بالتعلم حيث ورد لفظ { واعلموا } في الكثير من آيات الكتاب العزيز ليهدينا جل جلاله لما يجب علينا تعلمه ، وقد أمرنا حضرة سيدنا النبي صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم بالتفقه فقال (( تفقهوا في الدين )) ، ولو أن الناس علموا وفقهوا دينهم لما أقدموا على تناول ما ينتجه الكافر البهيمي ولأيقنوا أن قوة اقتصاد بلاد الغرب تعني سلاحاً موجهاً لضرب أمتي العرب والإسلام .
لقد أمرنا الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله فقال جل جلاله { وَمَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا ، وَاتَّقُوا اللهَ ، إنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ } ، ومن أوامر سيدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم ونهيه لنا هو ترك الكفار والمشركين وعدم التعامل معهم فقد روي أنه صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم رأى أحد الصحابة وقد لبس ثوباً معصفراً فقال له (( هذه ثياب الكفار لا تلبسها )) ، وفي ذلك تنبيه واضح على مخالفة الكفار والمشركين ومقاطعتهم ، والمعصفر : الملون .
وفي منع مجاراة الكفار ومجاملتهم وحرمة موالاتهم ، والتي يسمونها اليوم بالسياسة ، خصوصاً إذا كانت على حساب مصلحة الأمّة المحمدية ، فقد جاءنا الباري تعالى بالذكر الحكيم ليشتمل هذا الأمر ، فقال جل جلاله { يَآ أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُم أولِيآءَ تُلقُونَ إلَيهِم بِالمَوَدَّةِ وَقَد كَفَرُوا بِمَا جَآءَكُم مِّنَ الحَقِّ يُخرِجُونَ الرَّسُولَ وَإيَّاكُم أن تُؤمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُم إن كُنتُم خَرَجتُم جِهَاداً فِى سَبِيلِي وَابتِغَآءَ مَرضَاتِى } ، ثم يأتينا البعض ليعتذر بآيات مشروطة في التعامل مع الكفار أو مخالطتهم أو مسالمتهم ، وجهل صراحة المعنى في العديد من الآيات البينات التي تحرم على المسلم مسالمة الكفار والمشركين ، بل وتوجب مقاتلتهم وجهادهم ، فقال تعالى { سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أن يَأمَنُوكُم وَيَأمَنُوا قَومَهُم كُلَّ مَا رُدُّوا إلَى الفِتنَةِ أُركِسُوا فِهَا ، فَإن لَم يَعتَزِلُكُم وََيُلقُوا إلَيكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أيدِيَهُم فَخُذُوهُم وَاقتُلُوهُم حيَثُ ثَقِفتُمُوهُم ، وأولئِكَ جَعَلنَا لَكُم عَلَيهِم سُلطَاناً مُبِيناً } ، ويأمرنا حضرة النبي صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم بالسلام ومقاتلة الكفار ، أي مقاتلة من يقاتلنا ويعادينا فيقول صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم (( أفشوا السلام وأطعموا الطعام واضربوا الهام )) ، والهام : رؤوس الكفار ومفردها هامة .
ويشيرنا حضرة سيدنا النبي محمّد صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم إلى مقاطعة الكفار في دعائه (( اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق )) ، فتدبر أخي قول رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم (( ونخلع ونترك من يفجرك )) ، ففيه التوجيه الواضح والصريح على ضرورة مقاطعة الكفار الذين فَجَروا طاعة الله تعالى وأنبياءه ، وهذا الدعاء يقوم به الأحناف في وترهم ، ويستند عليه الكثير من خطباء المساجد في جمعاتهم وجماعتهم ، فليتدبر القائمون بهذا الدعاء ما فيه ولتوقن الأمة برؤسائها ومرؤوسيها أن عذاب الله تعالى بالكفار ملحق في الدنيا والآخرة ، وكذا ، فقد ورد النهي النبوي الصريح عن مخالطة الكفار ووجوب مقاطعتهم في الحديث الذي يرويه حضرة سيدنا الإمام علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، إذ يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( لا تساووهم في المجالس - يعني الكفار - ولا تعودوا مرضاهم ، ولا تشهدوا جنائزهم )) .
ومما تقدم يتضح لنا ، أن كتاب الله تعالى وسنّة نبيه الكريم صلّى الله تعالى عليه وعلى آله سلّم قد جاءتا بأوامر مقاطعة الكفار سياسياً واقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً ، ومن تلك المقاطعة الاجتماعية أيضاً قوله تعالى { وَلا تَنكِحُوا المُشرِكَاتِ حتَّى يُؤمِنَّ ، وَلأَمَةٌ مؤمِنَةٌ خَيرٌ مِن مُشرِكَةٍ وَلَو أعجَبَتكُم ، وَلا تُنكِحُوا المُشرِكِينَ حَتَّى يُؤمِنُوا ، وَلَعَبدٌ مُؤمِنٌ خَيرٌ مِن مُشرِكٍ وَلَو أعجَبَكُم } ، ويقول في ذلك حضرة سيدنا النبي محمّد صلّى الله تعالى عليه وسلّم (( من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة )) وفي رواية أخرى (( برئت الذمة ممن أقام مع المشركين في ديارهم )) ، ويقول صلّى الله تعالى عليه وسلّم (( أنا بريء من كل مسلم مقيم بين أظهر المشركين )) ، وكذا في قوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم (( من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله )) ، ونسأل الله تعالى لنا ولكم حسن الخاتمة وليتعظ أولئك الذين يتسابقون للحصول على تصاريح الهجرة والإقامة في دول الكفر وليتقوا الله تعالى في أنفسهم ، ولنعمل معاً لتصحيح واقع هذه الأمة ونحث أبناءنا وإخواننا في بلاد الغرب الكافر على ترك بلاد الكفر والهجرة إلى بلاد الإسلام ، فصبرهم على الظلم في بلاد الإسلام ترق في الدرجة عند الله تعالى ، لكن براءة الإسلام ورسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم منهم أمر فيه هوانهم ولا حظ لهم في الآخرة ولا نصيب لهم في نعيم الله ، وللذي مازال مصراً على تقبل الكافر وبيئته وما يصنع وما يقول ، نذكره بحديث حضرة سيدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم (( كل نفس تحشر على هواها ، فمن هوي الكفرة فهو مع الكفرة ولا ينفعه عمله شيئا )) ، ونقول لأصحاب اللحى والعمائم المقيمين في بلاد الغرب الكافر بحجة الدعوى والإرشاد ، أن حضوركم في بلاد أفريقيا والصين ومنع حملات التنصير التي يمارسها الغرب من خلال تجويع وإمراض الشعوب المسلمة هناك ، أفضل من اتخاذكم متكئاً في بلاد الكفر ، واستقووا بأمتكم وادخلوا بلاد الغرب فاتحين ، أقوَم لكم من العيش فيها أذلاء يحكمكم دستورهم الصليبي فإن ذلك داخل في تولي الكفار ، بسم الله الرحمن الرحيم { يآ أيُّها الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أولِيآءَ ، بَعضُهُم أولِيآءُ بَعضٍ ، وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُم فَإنَّهُ مِنهُم ، إنَّ اللهَ لا يَهدِى القَومَ الظَّالِمِينَ } ، والله أكبر وليخسأ الخاسئون .
Comments