الرفيق المجاهد صلاح المختار - ما دلالات سرقة انشتاين إنجازات زملاءه ؟
- مفكر قومي
- Sep 16, 2018
- 6 min read

ما دلالات سرقة انشتاين إنجازات زملاءه ؟
نشرت جريدة الشروق الجزائرية بتاريخ 14-9-2018 مقالاً قيما للدكتور أبو بكر خالد سعد الله ، أستاذ الرياضيات في الجزائر الشقيقة عنوانه ( هل كان آينشتاين عالمًا نزيهًا ؟! ) سلط فيه الأضواء على ما عد علمياً سرقات قام بها العالم الشهير ألبرت انشتاين من غيره بما فيها أهم ما نسب إليه وهما نظرية النسبية الخاصة ونظرية النسبية العامة وبهما صعد نجمه وصور على أنه عبقري القرن العشرين ومكتشف بعض أسرار مجرتنا ! ، فقد أكد الأستاذ الجزائري أن ما نشر باسم انشتاين كان أساساً جهد غيره ومساهمته في النظريتين كانت إما معدومة أو ثانوية .
وما أثاره الكاتب الجزائري حول نزاهة انشتاين يطرح السؤال التالي : هل الأمي والجاهل والمتخلف ينفرد بالكذب والنهب المادي والمعنوي أم أنه يشمل العالم والمصلح الديني والقائد السياسي وهؤلاء حُصّنوا افتراضاً ضد ممارسة العيوب البشرية المعروفة ؟ ، ثمة اتفاق عام على أن الإنسان سواء كان أمياً أو مثقفاً وعالماً ناقص بتكوينه الطبيعي وغامض بالكثير من دوافعه لهذا فهو معرض حتما لارتكاب الخطأ في ظرف ما تحت تأثيرات معينة .
وانشتاين يخضع لقاعدة البداهة هذه دون أدنى شك كما يخضع لها أي بشري آخر ومهما علت منزلته وعبقريته ، فهو تعرض لإغراء نسب جهود غيره له كما يشير المقال ، وهو ليس بعيداً عن كافة الإغراءات البشرية حيث مقاومته لإغراء ممارسة الخطأ تضعف وتقوى ، بل أذهب أبعد من ذلك وأُشير إلى أن بعض من يتمتعون بالذكاء الحاد والعبقرية أكثر استعداد لممارسة الخطأ من الأمي والجاهل لأن هذا البعض يجد في قدرته الفكرية تبريرات عميقة وتفصيلية لأي تصرف منه مما يجعله يتمادى في الانحراف عن الخط المستقيم للبشرية ! ، وبناء على الملاحظة السابقة فإن ما يجب البحث فيه هو الإجابة على السؤال التالي : ما الذي يدفع الإنسان لارتكاب الخطأ بكافة درجاته ومضامينه مع أنه يعرف في كثير من الأحيان أنه خطأ ؟ ، إذا بدأنا بسيجموند فرويد ، وهو من أشهر علماء النفس ، لوجدناه يقسم الشخصية إلى الهو و( الأنا ) والأنا العليا ، والهو تعبر عن الغرائز البدائية للإنسان غير المنضبطة بعدوانيتها وأنانيتها المنفلتة ، والأنا هي التي تمثل شخصية الإنسان العادي الذي يريد التوفيق بين الهو البدائي والغريزي والأنا العليا التي تمثل القيم العليا التي يتعلمها الإنسان من العائلة والمجتمع وتحدد له الخطأ والصواب وتنمي فيه الضمير .
أما في الفلسفة اليونانية فـ( الأنا ) أو السولبسية فتقول بأنه لا وجود لشئ غير الذات أو الأنا ، أو لا وجود حقيقي إلا لعقل الفرد وذلك يؤدي إلى إنكار وجود أي شيء خارج الإنسان ويجعل الإنسان بكل ما فيه من وعي وأنانية وانحياز ومصالح هو الحكم النهائي في كل الأمور .
والوجودية بكافة أشكالها تسرح بين هذين المفهومين ، ولهذا فإن الأنا تتقلب بين الصح عندما تصعد إلى قلعة الأنا العليا والخطأ عندما تنزل إلى مستنقع الهو تبعاً لمزاج الفرد وفي كل الحالات يصبح الضمير أسيراً لفكر حاد خبيث لأنه أناني الطبيعة .
البراغماتية ولدت من ( الهو ) وليس من ( الأنا ) ولم تأخذ اي شيء من الأنا العليا سوى الشكل التنظيمي لها أي القوانين ، فهي مشتقة أساساً من الحيوانية الكاملة ومن أشد نوازع الأنانية في الإنسان وإذا أردت رؤية البراغماتية الحقيقية فانظر إلى ترامب وقبله بوش الصغير سترى البراغماتية الأمريكية مجسدة بسلوكهما اليومي فترامب قال أنه يجب أخذ نصف نفط الكويت والعراق أو كله !!! ، وبوش ادعى أن الله أمره بغزو العراق ! ، والسبب الرئيس هو أن البراغماتية تقول بأن الإنسان هو الحكم وليس غيره فما ينفعه صحيح وما يضره خاطئ وبغض النظر عن القوانين والأخلاق ، وهذا هو أصل بلاء البشرية .
واذا حاولنا فهم سلوك اينشتاين وغيره نراه متجلياً في الردة إلى ( الهو ) الغريزية في لحظات تبرير السطو على نظرية غيره ، وهذا بالضبط هو ما يجعله متماهياً مع الفلسفة البراغماتية التي تقول بأن ما ينفعني صالح وصحيح وما يضرني طالح وخاطئ ، وفي اللحظة الشيطانية التي سطا فيها اينشتاين على حقوق غيره نراه مصطفاً إلى جانب ترامب وبوش ونتنياهو ! ، ما يجمع كل عتاة المجرمين والعلماء والمصلحين في لحظة الانحراف هو الأنانية المفرطة التي تتغلب على الأنا العليا أي الأخلاق والضمير والقانون ، كما رأينا ذلك على يد أمريكا وبريطانيا في العراق المحتل وعلى يد الصهيونية في فلسطين المحتلة ونراه الآن على يد إسرائيل الشرقية وهي تبيد الآلاف وتهجر الملايين من العراقيين والسوريين .
نحن إذاً مخلوقات غير مكتملة التكوين بطبعها وأصلها وتحتاج لتربية وضوابط سلوك وكلما كانت صارمة وواضحة كلما ارتقى الإنسان وتهذب بعكس الأنظمة الرخوة كاللبرالية التي تعطي لـ( الهو ) فرصاً واسعة لممارسة أنانيتها المفرطة .
ومادام الإنسان مخلوقاً اجتماعياً لا يستطيع العيش بمفرده فإن العيش المشترك يفرض رغماً عن الهو الوحشية ضوابط سلوك صارمة وقوانين عامة ملزمة لأجل تعليم الناقص ما يجب وما لا يجب فعله .
فهل تقبل الذات أو الأنا بتلك القيود أم تتمرد عليها ؟ ، ومتى تتمرد ؟ ، في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان الإنسان ينهض بقوة علمياً وتكنولوجياً وكانت النظريات تترى واحدة إثر أخرى وكان العلماء يتناقشون ويتبادلون الخبرات فيما بينهم لأجل إكمال ما اكتشفه أو اخترعه أحدهم ودعمه وصولاً إلى وضع نظريات تخدم الإنسان ، كان الإنسان سواء كان عبقرياً كاينشتاين أو لصاً قاتلاً كنتنياهو يمارس الجنس ويخضع للرغبات البدائية ويمارس كافة صنوف الأنانية في عالمه الخاص خصوصاً في إطار القيم الأوربية التي كانت ومازالت تطلق الرغبات من عقالها بعكس الشرق الذي يقيدها بصرامة .
انشتاين وبعد أن اطلع وناقش وساهم في وضع آراء معينة حول الكون سارع ونسب ما اكتشفه هو وغيره لنفسه فقط ! ، ولم يكن سلوكه بعيداً عن الأنانية المتدفقة من منابع عالم غامض جداً هو عالم الأنا وخلفيتها الوحشية الهو طارداً الأنا العليا بعيداً لأنها تضايق ( الهو ) المفرط الأنانية .
ولئن كان اينشتاين العالم الكبير مستعداً لنسب جهد غيره له مع إنه عالم حقيقي وليس مبتدأ فكيف نتوقع من إنسان بسيط القدرات أن لا تغريه الأنا كي يسطو على جهد غيره من أجل أن يبرز هو ويحصل على المكاسب وحده ويدفع خلفه الاكفأ منه ؟ ، وكيف لا نتوقع من جديد يرى فرصة احتلال مكان من هو أقدم منه وأكثر خدمة منه ولا يقوم بذلك ؟ ، هنا نواجه إشكالية كارثية نرى في داخل محيطها كل الجرائم والانحرافات التي ارتكبت في المسرح الإنساني خصوصاً في المسرح السياسي حيث لا أخلاق ولا روادع تمنع الجديد والطارئ من إزاحة وقطع رأس معلمه كي يحل محله دون أي إحساس بأن معلمه أحق منه بالموقع وأكفا منه لممارسته ! ، من يريد القفز للموقع الأول تخدر ضميره رغبته الغريزية كما يفقد المراهق أو المتوتر جنسياً صوابه حينما يرى زليخا زوجة عزيز مصر أمامه عارية وتدعوه للسرير ! ، يقينا أكثرية البشر ليسوا مثل يوسف بترفعه وتمسكه بالقيم العليا بل الأغلبية تنزع عن وجهها قناع الأخلاق وتقفز نحو سرير زليخا دون أي حساب لبقية الأمور كما فعل بيل كلنتون مع مونيكا لوينسكي ! ، أو يظهر وجه أخوة يوسف الغادرين من تحت صورة وجه يبتسم لك فيغرسون سكينهم في قلبك وأنت تظن أنهم حماتك ورفاقك المخلصين ! ، خذوا مثلاً ما حصل بعد غزو العراق حيث أن أمريكا تعمدت تسليم الحكم لحثالة المجتمع رغم أن تلك الحثالة تعلم أنها حثالة وأنها تافهة ولا تملك الحد الأدنى من المؤهلات للمشاركة في الحكومة ومع ذلك قبلت بل نزعت عنها كل أقنعة الخير وانغمست في مستنقعات الشر الأكثر خطورة فهدمت الدولة وفتت المجتمع رغم أنها كانت تعلم أنها غير قادرة على قيادة حمار واحد ! ، الأنانية وقوة دفعها هي التي حددت طريق الحثالة العراقية نحو تفتيت الدولة والمجتمع ! ، والكارثة الأعظم هي أن هذه الحثالة وبعد أن عرفت بصورة كاملة أنها دمرت المجتمع والدولة زاد إصرارها على مواصلة تخريبها وهو الذي جعل أمريكا تواصل دعمها لأن أمريكا هي ترامب وترامب هو أمريكا .
في فترة ما قبل وضع الحثالة في العراق حكاماص كان بعضهم إنساناً عادياً جداً يكذب قليلاً وقد ينافق قليلاً وربما يعتدي قليلاً بحكم خوفه من الآخرين ولكنه ما أن وجد الدعم وأنه صار وزيراً أو نائباً حتى تفتحت كل أبواب الشر الكامنة فيه وحولته إلى مخلوق رافض لأي أخلاق وقانون دافناً ضميره تحت جثث آلاف الناس ! ، هل أصبح واضحاً لِمَ سطا اينشتاين على جهود غيره ؟ ، ولِمَ سطا ترامب على تريليونات العرب ؟ ، إنه الاستعداد الفطري في الأنا للعودة إلى الوحشية ما أن تجد فرصة لها . إن ما يفسر السر في البروز الكبير لانشتاين وحمايته من الإدانة بتهمة سرقة جهد الآخرين هو إثبات أن اليهود هم ( شعب الله المختار ) وأن أغلب عباقرة العالم منهم وبما أن اينشتاين كان يهودياً فقد حمي من الفضح لإثبات ذلك رغم أن اليهود بشر مثل غيرهم في ذكاءهم وسلوكهم وتكوينهم .
هل عرفتم الآن ما أهمية الانقلابية ، أي ضرورة البدء بتغيير الذات قبل تغيير المجتمع ، بصفتها الأداة الرئيسة لمنع ردة الإنسان نحو التوحش الكامل من خلال محاصرة الوحش بقوانين وأنظمة وضمير ؟ .
Almukhtar44@gmail.com
15-9-2018
Comments