الرفيق المجاهد صلاح المختار - تحية لعبد الناصر في ذكرى رحيله
- مفكر قومي
- Sep 28, 2018
- 5 min read

تحية لعبد الناصر في ذكرى رحيله
اليوم تمر ذكرى وفاة قائد عظيم شرف الأمة العربية عموماً ومصر خصوصاً ورفع رأسها بمواقفه الوطنية والقومية البطولية وجعل العربي يفخر بعروبته وكان صاحب شعار ( أرفع رأسك يا أخي فأنت عربي ) ، إنه القائد الفذ جمال عبد الناصر حلمنا الأول في عهد البعث الثاني ومحقق أعز أمانينا وهي الوحدة المصرية السورية وباعث النهضة القومية العربية ، إنه جمال عبد الناصر بطل ليس كأي بطل قبله لقد كان داينمو حرك ملايين العرب من موريتانيا حتى اليمن وكان وراء تجسيد شعار ( أمة عربية واحدة ) ، ومازالت هتافاتنا لعبد الناصر ورغم مرور أكثر من ستين عاماً ترن بأذني وتنعش ضميري وتمده بالمزيد من العزم والإصرار على مواصلة النضال من أجل تحرر الأمة العربية ووحدتها : ( من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر لبيك عبد الناصر ) .
كان قادة الغرب والشرق يحنون الهامة احتراماً لعبد الناصر حتى من كان يعاديه وليس ذلك غريباً فهو عملاق من آخر عمالقة العرب والعالم كله ، رأيناه وعشنا في عهده ووقفنا خلفه وناضلنا تحت رايته الخالدة .
ربما لا يعرف بعض من سيقرأ المقال من أنا ، ويظن أنني ناصري ، ولكنني يجب أن أوضح لكي يفهم الحكمة من وراء كتابة مقالي هذا :
فأنا كنت ومازلت مناضلاً في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي ، وقضيت 60 عاماً بالتمام والكمال تحت راية البعث ولم أكن ناصرياً بالمعنى الحزبي وإنما أنا الآن ناصري بالمعنى التكريمي لناصر العروبة فكل قائد قومي عربي يقدم للأمة خدمات ويرفع اسمها ورايتها ، هو قائدي حتى لو ظلمني ، وهنا أشير مضطراً إلى أنني اعتقلت في زمن المرحوم عبد السلام عارف وكان محسوباً على نظام عبد الناصر وعذبت في السجن وكان من يعذبني من عشاق عبد الناصر وكان يعذبني ويشتمني وهو يهتف لعبد الناصر ، وأزيد فأقول وصل الصراع بيننا وبين عبد الناصر حد أننا ثلة من البعثيين عندما سمعنا بأن عبد الناصر سيزور العراق قررنا اغتياله ودرسنا من أي بناية سيلقي خطبته لأنه كان يلقي خطبه على الهواء من شرفات بنايات عالية كعلوه ، وهذا الشخص الذي اعتقل وعذب في عهد حسب على عبد الناصر وفكر في اغتياله هو نفسه كاتب هذا المقال عن عظمة ناصرنا وحبينيا جمال . لماذا ؟ ، نحن في عصر انهيار القيم الأخلاقية وتمزيق كل قيمة عليا ومنها عدم احترام قادتنا رغم كل ما قدموه من تضحيات من أجل الأمة ، فلا يرى البعض إلا سلبياتهم ويتناسى – ولا ينسى – إيجابياتهم حتى لو كانت طاغية على كل سلبياتهم ، وهنا مكمن ضعفنا وتداعي صورتنا وتعمق صراعاتنا ، بينما الأوربي نراه يقيم التماثيل أو يطلق أسماء قادة أوربيين على شوارع حتى لو كانوا في يوم ما أعداء ، فهناك في ألمانيا والنمسا شوارع وساحات بأسماء كارل ماركس وفرديريك أنجلز وروزا لوكسمبرغ وتلك أسماء قادة شيوعيين والنظم رأسمالية مناقضة ، والحكمة الصحيحة من وراء الاعتراف بعبقرية أو انجازات الشخصيات الوطنية هو احترام للذات أولاً وتمسك بمصالح الأمة ثانياً فالعبقري والمفكر والعالم والرياضي والمهندس هو نتاج عبقرية أمته وليس مجرد فرد نبغ ، وهذا ما تفعله إسرائيل الغربية وإسرائيل الشرقية عندما تمجدان شعرائهما وعلمائهما وكل من برز في مجال ما ، لذلك تقدمت أوربا وازدهرت معتمدة على عبقرية وإنجازات كل أبناءها بما في ذلك من كانوا مناقضين للمواقف الرسمية ، وتخلفنا لأننا نذبح عباقرتنا ومبدعينا لمجرد أنهم من تيار آخر مختلف معنا !!! ، الان أكتب عن ناصر لأنه ابن بار لأمتي وأمتي تستحق منا تسجيل تاريخ أمجادها وإنجازاتها بروح الأمة المتعالية على الأحقاد والثارات والمهتمة فقط بما قدم لها من أعمال جليلة مزيحين سلبيات ظهرت وأراد البعض جعلها طاغية مهملين أُم الحقائق وهي أن الإنسان ، أي إنسان ، خطاء ولا يوجد إنسان كامل ، بدافع الحقد وهو مرض ينقض إنسانية الإنسان ويحوله إلى مخلوق مدمر لسمعته أولاً ولمستقبله تالياً ، أكتب اليوم عن ناصرنا وحبيب أجيال مناضلة من القوميين العرب والوطنيين كافة ليس من منطلق عاطفي بل من منطلق علمي وعقلي مدروس قام على وقائع مادية : فهو بطل تأميم قناة السويس ، وهو بطل معركة أمتنا الأولى الظافرة ضد الاستعمار في عام 1956 عندما شنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل الغربية حرباً على مصر رداً على تأميم القناة فقاتل ناصر وقاتل كل مصري وطني ووقف كل قومي عربي من موريتانيا إلى اليمن خلفه يهتف له وجسده يرتعش حماسا ( لبيك عبد الناصر ) .
هزم الاستعمار في معركة السويس وانتصر العرب لأول مرة منذ قرون ونهضت الأمة كلها تهتف للوحدة العربية التي حرمّها علينا الغرب الاستعماري والصهيونية وإسرائيل الشرقية ، وسقط حلف بغداد الاستعماري وانتعشت الثورة الجزائرية بفضل دعم ناصر وبقية أحرار العرب وانتصرت بفضل تضحيات شعبنا العربي الجزائري البطل الذي قدم مليون ونصف المليون شهيد من أجل الحرية والاستقلال ، وقامت وحدة مصر وسوريا في عام 1958 على يد عبد الناصر والبعثيين . وزاد نهوض الأمة وحماسها وانهارت قلاع الاستعمار وطغت روح النهضة والتوحيد العربية ، ومد المعسكر الشرقي يده لعبد الناصر وتعاظمت حركات التحررالعالمية ، وأنشأ ناصر ونهرو وسوكارنو وتيتو حركة عدم الانحياز ، وبنى السد العالي لتوفير الطاقة والأرض الزراعية لفقراء مصر ، وأقام الصناعات الثقيلة وهي أساس أي نهضة شاملة وأعطى الفلاحين خمسة فدادين كي تنهض الزراعة ونشر التعليم والكهرباء في القرى والأرياف مؤمناً بأنه لا نهضة ولا تقدم من شعب متعلم وبدون كهرباء ،،، الخ .
هذه بعض إنجازات عبد الناصر وليست كلها ولكن واحدة منها تكفي لاعتباره بطلاً وطنياً مصرياً ورائداً لقوميتنا العربية وقائداً لمسيرتها في ذلك الوقت ويستحق منا تخليده ، فهل ما فعله كارل ماركس وأنجلز وروزا لوكسمبرغ لألمانيا يمكن مقارنته بما قدمه عبد الناصر لمصر وللعرب كي تسمي ألمانيا شوارعاً وساحات بأسماء هؤلاء القادة الذين قدموا الفكر ومارسوا النضال ولكنهم لم يبنوا دولة في ألمانيا تطبق عقيدتهم بينما ناصرنا حقق كل ما سبق ذكره وهناك من ينكره أو يحاول شيطنته ؟ ، عبد الناصر بالنسبة لكل عربي ضميره حي ويقدر الأعمال الجليلة قائد فذ دخل تاريخنا العظيم من أوسع أبوابه وأكمل سيرته العطرة بدخوله باب الخلود ويده نظيفة وضميره نقي وحي . أما من يتحدثون عن سلبيات ناصر الآن ويشتمونه أو يقللون من شأنه فهم لا يرون إلا صورة الشيطان الكامن في ضمائرهم والمحرك لأسوأ نوازعهم ، وهؤلاء يشتمون أنفسهم في الواقع ولا يشتمون ناصر لأن الشتيمة بهذه الطريقة هي سقوط أخلاقي أولاً وقبل كل شيء .
ولكي أُكمل ما في نفسي لابد من أن أشير أيضاً إلى ناصريين نسوا ناصر الذي هتفوا له وبحت حناجرهم من مديحه أنهم الآن صامتون ولا يردون على من يريد شيطنة ناصر ! ، بل الأكثر إثارة للقلق على سمعة ناصر هو موقف من يدعي أنه ناصري لكنه يقف مع الغزو الإيراني للعراق وسوريا واليمن رغم الإعلان الرسمي الإيراني بأن هدف نظام الملالي هو السيطرة على الأقطار العربية وضمها لامبراطورية فارسية تتخذ من الإسلام اسماً فقط ! ، إذ كيف يمكن لناصري حقيقي يومن يحقوق العرب في أرضهم ومياههم وسماءهم أن يدعم غزوات إسرائيل الشرقية ويستخدم اسم ناصر ؟ ، إنه السقوط الأخلاقي المركب ، فهؤلاء ليسوا ناصريين أبداً وإنما هم مرتزقة بكل ما تعنيه هذه المفردة من معنى .
ونحن نخوض أقسى وأخطر نضال لأمتنا العربية مواجهين غزاة غربيين تقودهم أمريكا ، وشرقيين في طليعتهم إسرائيل الشرقية ، إضافة لاستكلاب إسرائيل الغربية ، ونحن نقدم يومياً عشرات الشهداء في العراق وسوريا واليمن وليبيا وتتعرض بقية أقطارنا التي أراد ناصر توحيدها لعمليات تفكيك وشرذمة مرسومة لمحو هويتنا العربية وإحلال هويات ما قبل الأمة وما قبل الوطنية مثل القطرية والعشائرية والطائفية والعرقية محلها ، أقول ونحن نخوض نضالنا المقدس ضد كل أعداء الأمة العربية نرفع التحايا لعبد الناصر في ذكرى رحيله ونحني الهامات إجلالاً واحتراماً وتقديراً لدوره التاريخ العظيم .
Almukhtar44@gmail.com
28-9-2018
Comments