الرفيق المجاهد صلاح المختار - اسألونيا ، مَقاتِل الرقص مع أمريكا
- مفكر قومي
- Nov 4, 2018
- 6 min read

اسألونيا
مَقاتِل الرقص مع أمريكا
ربما يكون السلاح الأخطر الذي تستخدمه كل من أمريكا والإسرائيليتين الغربية والشرقية هو سلاح التخدير وإخفاء حقيقة مواقفها العملية وتعمد تضليل الكثيرين بطرح دعوات تبدو صحيحة ولكنها في الواقع ليست أكثر من أساليب تخدير وتعطيل للمبادرات الوطنية وجر الكثيرين للاعتقاد بوجود أمل في حل أمريكي رغم أن أمريكا تقوم بتدمير العراق وبقية الأقطار العربية .
ولكي نعرف حقيقة الموقف الأمريكي علينا أن نتذكر حقيقة جوهرية وهي أن غزو العراق وما قبله لم يكن إلا خطوات مقرّة سلفاً تقوم على تقسيم الأقطار العربية على أُسس عنصرية أو طائفية أو غيرهما ، وهذه الاستراتيجية منسجمة مع الاستراتيجية الصهيونية التي وضعت على أساس ثابت وهو أن بقاء إسرائيل الغربية رهن بتقسيم الأقطار العربية خصوصاً العراق ومصر وسوريا ، وبدون تقسيم هذه الأقطار لن يستمر الكيان الصهيوني .
ومن يريد التأكد ليكتب في غوغل عبارة ( خطط تقسيم الأقطار العربية ) سيجد آلاف الصفحات والكثير من الخرائط والوثائق الرسمية التي تؤكد ذلك ، فهل تصل السذاجة بعربي حد تصور أن أمريكا مزاجية تقرراليوم وتغير غداً خططها الاستراتيجية مثل أغلب الأنظمة العربية ؟ ، الغرب الاستعماري لا يغير استراتيجياته مع تغير الرؤساء لأن كل رئيس مدير وليس قائد يكمل خطوات من سبقوه ولا يستمر أي زعيم في أمريكا في منصبه إلا إذا نفذ الخطط الموضوعة قبل وصوله .
من هنا ، فإن من يتوقع تغيير أمريكا لموقفها من العراق وسوريا وغيرهما عليه أن ينتظر وصول جودو ، وهو لن يأتي أبداً طبقاً لمسرحية صموئيل بيكيت ! ، ومما يجعل الرئيس عاجزاً عن تغيير تلك الخطط هو المتحكم الخفي في أمريكا وبعض ممثليه في الكونغرس والمخابرات ومراكز بحوث تقف كلها لمنع الرئيس من أي خطوة مناقضة لما خطط مسبقاً .
لاحظوا الآن كيف أن ترامب يعد بخطوة ما لكنه يتراجع عنها وصارت تراجعاته مصدر سخرية منه ، ولهذا فإن الكثير من الرؤساء بعد مغادرة الرئاسة نراهم يعبرون عن الندم على ما قاموا به ! .
وهنا سنطرح أسئلة منطقية وواقعية تثبت أن أمريكا مستمرة في إعداد البيئة المناسبة للتقسيم خصوصاً جعله مطلباً شعبياً عربياً بعد إيصال الأوضاع إلى الكوارث الطاحنة والمستمرة :
1- لماذا قطعت موارد أكثر من 50% من مياه العراق من قبل تركيا وإسرائيل الشرقية ويتوقع أنه في عام 2040 سوف يصبح العراق خالياً من الأنهار ؟ .
2- لماذا تستمر عمليات تلويث بيئة العراق منذ عام 1991 وحتى الآن باليورانيوم المنضب وتسميم المياه والتربة وتدمير حبوب العراق وإجباره على شراء حبوب معدلة جينياً من مونسانتو ؟ .
3- لماذا حل الجيش والوزارات رغم اعتراض المخابرات والخارجية ووزارة الدفاع الأمريكية قبل الحرب وحذرت من فوضى عارمة وانهيار الدولة وتفكك المجتمع وأوصت بإبقاء القوات المسلحة مع تعديلات ؟ .
4- لماذا تعمدت أمريكا إطالة أزمة غزو العراق وجعلها تستمر عقداً ونصف العقد ، وواضح أنها ستستمر أطول ، ألم يكن بالإمكان اختصار الفترة الانتقالية بشهور أو سنوات قليلة وتنصيب حكومة قوية بدون تدمير الدولة مثلما حصل في دول الاتحاد السوفيتي السابق وغيرها ؟ .
5- لماذا تعمدت المخابرات الأمريكية ومعها المخابرات الإيرانية تشكيل كتل صغيرة متعددة من نفس الجهة والولاء ورفضت السماح بوجود تنظيم قوي وجماهيري واحد لكل تيار ؟ ، هل هو الخوف من انبعاث الروح الوطنية لدى البعض وانقلابه على الاحتلال ؟ ، أم أنه متعمد من أجل شرذمة الشعب بتوزيعه على كتل صغيرة متناحرة من أجل المصالح ؟ ، وهذا تكرر في سوريا واليمن وليبيا .
6- لماذا سمحت أمريكا بنهب إسرائيل الشرقية وأطراف أخرى ثروات العراق مع أنها كانت تنفرد بالسيطرة حتى الانسحاب العسكري ؟ ، إسرائيل الشرقية فقط نهبت أكثر من تريليون دولار كما عترف بهاء الأعرجي عندما كان نائباً لرئيس الوزراء إضافة لسرقة المعامل والآلات والآليات ! .
7- لماذا نصبت أمريكا حثالات المعارضة وزراء وأعضاء برلمان وغيره وأبعدت التكنوقراط ذوي الخبرة بإدارة الدولة ؟ ، هل لأنها كانت تريد تفكيك العراق ومجتمعه تدريجياً عبر تلك الحثالات من أميين وفاسدين ؟ .
8- لماذا اجتثت أمريكا عشرات الآلاف من التكنوقراط والوطنيين من غير البعثيين ؟ .
9- لماذا أصرت أمريكا بعد الغزو على اجتثاث البعث رغم أنها اقتنعت بأنه غير قابل للاجتثاث وبقي قوياً وفاعلاً ؟ ، لو كانت تريد الإصلاح وبناء دولة عراقية حديثة حتى على الطريقة الغربية ، ألم يكن ممكناً التعاون مع البعث وغيره خصوصاً وأن البعث طرح الحل السلمي وتبنى النظام التعددي الديمقراطي وهو لا يتناقض مع شعارات أمريكا الديمقراطية ؟ ، أليس الإصرارعلى اجتثاث البعث ورفض مشروعه دليل مضاف على أن هدف أمريكا ليس الإصلاح وإنما تدمير العراق وتقسيمه وتغيير هويته ؟ .
10- لماذا سمحت أمريكا بدخول ملايين الأجانب من إيرانيين وغيرهم ومنحوا الجنسية العراقية وهي كانت تتحكم في العراق ولم تتدخل لمنع هذه العلمية التي تفضي إلى تغييرات سكانية خطيرة ؟ ، هل ذلك كان دعماً للنسب الاعتباطية التي وضعتها للسنة والشيعة ثم وضعت الأكراد كطرف ثالث في تركيب مصطنع لا ينسجم مع واقع العراق السكاني الفعلي ؟ ، أليس ذلك محاولة لإثارة الصراعات الطائفية والعرقية ؟ ، أليس ذلك تطبيقاً لنظام المحاصصات الذي وضع في دستور بريمر وتم تبنيه ؟ .
11- لماذا أُطلقت القاعدة أولاً ثم داعش وميليشيات إسرائيل الشرقية في العراق وجعلتها تتحكم بمسار العراق وتمنع استقراره وتجره للاستنزاف المميت لثرواته وبشره واستقراره ولهويته ؟ ، ألم يكن بالإمكان القضاء على القاعدة وداعش بطريقة الاجتثاث التام كما فعلت مع الدولة العراقية ؟ ، وهل اجتثاث منظمة تعيش في الصحراء مكشوفة للطيران وللصواريخ أمر صعب ؟ ، هل كان ظهور هذه الميليشيات جزء من خطة تفتيت العراق ودفعه نحو مستنقع مميت من الصراعات التي تدمر البشر والعمران ؟ ، ولمن يخدم مثل هذا الوضع ؟ ، وهل يعقل أن أمريكا التي غزت العراق ودمرته وتملك أحدث وسائل كشف ما تحت الأرض وما فوقها لا تعرف مخابئ داعش والقاعدة ؟ ، ألم تقم القوات الأمريكية بنقل قوات داعش من مناطق القتال لانقاذها ووضعها في مناطق أخرى لتواصل القتال في العراق وفي سوريا أيضاً وبصورة علنية ومصورة ؟ .
12- من وراء إكمال تلويث البيئة التي بدأتها أمريكا متعمدة باستخدام اليورانيوم المنضب وغيره قبل الغزو وأكملتها إيران بتلويث شط العرب بعلم أمريكا وموافقتها ؟ ، ومن سمم محافظة بابل وقتل ملايين الأسماك ؟ ، أليس واجب أمريكا كما تنص الاتفاقية الأمنية التي وقعت مع المالكي أن تتدخل لحماية العراق ؟ ، لِمَ لم تتدخل وتمنع تلويث البيئة ؟ .
13- هل حماية أمريكا الشذوذ الجنسي وتشجيعه مقدمة لتدمير الأجيال العراقية الجديدة ؟ ، ولم شجعت زواج المتعة الذي روجته إسرائيل الشرقية تحت أنظارها وموافقتها الواضحة ؟ ، ألم تكن تعلم بأن الشذوذ وزواج المتعة وحماية المنحرفين أخلاقياً يهدم الأسرة والمجتمع ؟ .
14- رغم الحروب الطاحنة في الاعلام بين أمريكا وإسرائيل الشرقية لم تطلق رصاصة واحدة بينهما فهل ذلك له تفسير غير أن الحرب الكلامية كانت للخداع والتضليل ؟ .
15- لِمَ سمحت أمريكا بدخول إسرائيل الشرقية وحزب الله إلى سوريا وكانت قادرة على منعهما لو أرادت حقاً وكان دخولهما الحرب هو الذي منع انتهاءها وأنقذ النظام ؟ .
16- ولِمَ سمحت لحزب الله بالسيطرة على لبنان ومنعت تسليح القوى اللبنانية المحسوبة على الغرب كما فعلت عندما سلحتها ودعمتها ضد المد القومي العربي في زمن عبد الناصر ثم دعمتها عندما أصبحت المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية قادرتان على تغيير معادلات لبنان الطائفية والسياسية ؟ ، منذ بدأ صعود حزب الله قيدت أمريكا وليس غيرها القوى اللبنانية كلياً ومنعت من اعتراض نمو هذه الأداة الإيرانية الخطرة : ما السبب ؟ .
17- ألم يكن السماح بسيطرة حزب الله على لبنان مقدمة لإنشاء قاعدة قوية تنطلق منها إسرائيل الشرقية للتوسع الاقليمي وبفضلها – حزب الله – كسبت كتل عربية محسوبة على تيارات سياسية ودينية لم يكن بالامكان كسبها لولا اصطناع شعبية حزب الله وتسخيرها لإضعاف التيار القومي الاصلي ؟ ، ما مصلحة أمريكا في انتشار حزب الله بلا عوائق كتلك التي وضعت أمام البعث مثلاً والمقاومة العراقية والمقاومة الفلسطينية ؟ ، لِمَ حجمت ثم ضربت المقاومتان العراقية والفلسطينية من قبل أمريكا أولاً بينما ترك حزب الله يؤسس شعبية كبيرة له في الوطن العربي ؟ ، هل لأنه في واقع الأمر ليس سوى حارس لأمن إسرائيل الغربية كما قال صبحي الطفيلي وكرر مراراً وهو أول أمين عام لذلك الحزب ؟ ، هل لأن شعبية حزب الله سوف تتكون على حساب الحركات الوطنية والقومية العربية وهي أهم موانع التوسع الاستعماري الإيراني ؟ ، أليس هذا مافعله حزب الله في الجنوب اللبناني عندما منع المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية من العمل في الجنوب إلا وفقاً لتعليماته الصارمة وتحت وصايته ؟ .
18- أليس تعمد أمريكا إبقاء الحكومات في العراق بعد الاحتلال ضعيفة وعاجزة عن تحقيق أي إصلاح أمني أو سياسي أو اقتصادي عمل مخطط له ؟ ، أليس ذلك هو أحد أهم أسباب تفكك الدولة وتدهور المجتمع وتعمق الجروح وهجرة الملايين من العراق ؟ .
19- هل تلويث البيئة المستمر وتعمد نشر الإرهاب وإجبار العراقيين على الهجرة بالملايين هي عمليات متعمدة لإنهاء العراق وإعادته لعصر ما قبل الصناعة كما هدد جيمس بيكر وزير خارجية أمريكا ؟ ، هل الكوارث التي حلت بالعراق بعيدة عن تهديدات أمريكا الرسمية قبل الغزو أم أنها خطوات مرسومة مسبقاً ؟ .
20- وهل رفض أي حل عملي توافق عليه القوى الأساسية في العراق عبارة عن ضمانة لإكمال ترتيبات تقسيمه ؟ ، إن رفض أمريكا التفاوض الجدي ، وليس اللقاءات لجمع معلومات مخابراتية ، مع المقاومة ومع القوى الوطنية الحريصة على وحدة العراق وسلامة شعبه واستقلاله الدليل الحاسم الذي يكرر الاثبات أنها لا تريد للعراق أن يتعافي ويتجاوز محنته وكوارثه .
ومن هذه المنطلق نراها تتعمد التنسيق مع أفراد وكتل هامشية لا تأثير لها ولا شعبية ولا تاريخ من أجل تخدير بعض الناس وزرع أمل كاذب بوجود حل أمريكي وخداعهم ومنعهم من الانضمام للقوى الوطنية وتفيتت إرادة الشعب الواحدة بتوزيعها على كتل هامشية وأفراد لاهمَّ لهم سوى الحصول على المال على حساب العراق .
21- لِمَ كان من بين أول أعمال قوات الاحتلال الأمريكية إعداد عصابة أحمد الجلبي وقيامها بسرقة المتحف الوطني وتحطيم ما بقي من آثار عمرها أكثر من ثمانية آلاف عام ؟ ، أليس نهب وتدمير الآثار خطوة خطيرة تكمل عملية تقسيم العراق ومحو هويته والآثار جزء حيوي منها ولابد من التخلص منه ؟ .
والآن ، حاولوا الإجابة على الأسئلة والتساؤلات بهدوء وتأن مع التخلي عن الأوهام والرغبات الذاتية ستجدون أن طريق الخلاص ليس المراهنة على حل أمريكي مستحيل وأنه ليس أمام العراق سوى المقاومة بكافة أشكالها وإلا فإن الفناء ينتظرنا .
Almukhtar44@gmail.com
3-11-2018
Comments