top of page

الأستاذ عبد المنعم الملا - الإخوان ، هل هم مسلمون حقاً ؟


الإخوان ، هل هم مسلمون حقاً ؟




كلما تعمقنا بحثاً في تاريخ الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي ، نتأكد من حقيقة دامغة لا تقبل الخطأ أنهم كانوا أدوات لمشاريع عنصرية استعمارية ساهمت بشكل كبير في صنع هذا النموذج المتخاذل من الإسلام ، خصوصاً في بدايات القرن الماضي ومع تطبيق الاستعمار لسياسته القديمه الجديدة " فرق تسد " فاستطاعوا أن يفرقوا بين الشعب العربي والإسلامي وجعلوهم شعوباً ودولاً فُصلت وقسمت على أهواء المستعمر وبموجب الولاء الذي قدمه ولاة الأمر من تلك الشعوب ومدى تعاونهم معه .

لكن الاستعمار فشل في تقسيم المسلمين أنفسهم في نفس تلك الفترة من القرن الماضي ، ولهذا لجأ إلى دعم الحركات الدينية والطائفية التي تشكلت في القرون التي سبقت القرن العشرين ، تحديداً بعد سقوط الدولة الفاطمية 1171م ، وعلى رأسها حركة التشيع الصفوي الذي قادها اسماعيل شاه صفوي 1501م ، لمجابهة الخلافة العثمانية الإسلامية أولاً ولإحياء العنصر الفارسي الذي لم يكن أمامه إلا خيارٌ واحدٌ وهو إما التشيع أو الموت .

واستطاع الصفويون التلبس بلباس ولاية علي " كرم الله وجه " ونيابة الإمام الحجة ، واتخذوا من هذه الدعوة ( الانتقام من أعداء آل البيت ) حجة لقتل المسلمين ، بينما كان الهدف الأساسي وراء هذه الحركة هو إضفاء الطابع المذهبي على الحالة القومية ، ومحاولة بعث القومية الفارسية وإحيائها تحت ستار التشيع والمولاة لآل البيت والتخلص من المسلمين الذين كانوا السبب وراء إندثارها .

دعمت أوربا حركة التشيع الصفوي بشكل كبير لأنها كانت الخنجر الذي تهدد به الدولة العثمانية كلما حاصرت أوربا ، وكانت بريطانيا صاحبة اليد الطولى في هذا الدعم الاوربي لحركة التشيع الصفوي ، واستطاعت إنقاذ ايران من الاستسلام والسقوط الكامل على يد الروس (180م -1828م) ، ثم ظهرت حركات دينية كثيرة أخرى ، غالبيتها كانت تدين بالولاء أو تلتقي مع مصالح وأهداف حركة التشيع الصفوي بشكل مباشر أو غير مباشر مثل البابية 184م التي أسسها ميرزا الشيرازي وادعى أنه الباب إلى المهدي المنتظر ثم ادعى أنه المهدي نفسه ، والبهائية والأزلية اللتين تأسستا على أنقاض وانقسام الحركة البابية على نفسها .

وفي العراق كانت من أولى هذه الحركات الإسلامية التي انبثقت في العراق حركة ما تسمى بـ" جمعية الأخوة الإسلامية 1949م " والتي أسسسها محمد محمود الصواف تاثراً بحركة الأخوان المسلمين الذي أسسه حسن البنا 1928م ، وهي نفسها ( التنظيم الدولي للأخوان ) الذي نفى وجوده العقل الاقتصادي للحركة يوسف ندا ، والذي يشبه إلى حد كبير هيكلية التشيع الصفوي مع أختلاف الأهداف ، تحديداً في نظام نيابة الإمام الحجة . دُعمت حركة الأخوان المسلمين أوربياً ايضاً وكعادتها كانت بريطانيا أُولى الداعمات له خصوصاً بعد محاربة التنظيم الدولي من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر 1954م .

وفي نهاية ستينات القرن الماضي قامت مجموعة من الضباط العراقيين المنتمين الى حركة الأخوان ، بزعامة عبالغني الراوي ، بمحاولة إنقلابية على الحكومة العراقية بدعم من المخابرات الايرانية " السافاك " التي كانت تأوي الراوي قبل انتقاله إلى السعودية في التسعينات !! ، وبعد ذلك إتخذت حركة الأخوان المسلمين العراقيين موقفاً مؤيداً للخميني ومعادياً للعراق أثناء حربه مع ايران ، واعترفت في وقت لاحق بأن الخميني قائد للثورة الإسلامية ، تماماً مثلما أعلنت حركة حماس ( الإخوانية ) أن خامنئي هو قائدهم ومرشدهم الأعلى .

وفي مطلع الثمانينات دعم الخميني تنظيم الإخوان العراقيين عبر خلية رئيسة كانت يرأسها الدكتور أسامة التكريتي ( والد أنس التكريتي ، عضو مكتب الإرشاد للتنظيم الدولي للإخوان ) عندما كان طبيباً في مستشفى شركة " أدنوك " ابو ظبي الوطنية للبترول ومعه " إياد السامرائي - إبن صالح السامرائي " الذي أعدم في محاولة عبد الغني الراوي الانقلابية ، وهو من أشد المدافعين والمؤيدين لنظام الولي الفقيه وقد عين رئيساً للبرلمان العراقي من قبل النظام الإيراني عرفاناً لولائه المطلق لإيران ، وقد أدان تقرب إياد السامرائي من إيران أحد مؤسسي الإخوان في العراق وهو ( عبد المنعم صالح العزي - الملقب " محمد أحمد الراشد " ) وقبله أعلن انشقاقه عنهم وهو المراقب العام " عبد الكريم زيدان " الذي آثر الموت خارج العراق في الوقت الذي كان الإخوان عبر الحزب الإسلامي العراقي الذي يرأسه إياد السامرائي يتربع على كرسي رئاسة البرلمان العراقي آنذاك .

بعد 2003م شارك الإخوان في العملية السياسية بقيادة " محسن عبد الحميد " تحت مسمى الحزب الإسلامي التي فرضها الاحتلال الأمريكي في العراق بعد احتلاله ، بعد أن نصبوا أنفسهم ممثلين للسنة وبحجة درء المفاسد عنهم ، رغم أن هدفهم كان غير ما أعلنوا تماماً ، واشاد بمشاركتهم المجرم " بول بريمر " حاكم الاحتلال الأمريكي في بغداد والذي كان قد كتب في كتابه " لي عام لي في بغداد " كنت أفكر بالكتابة إلى الإدارة الأمريكية في الاسبوعين الأولين من قدومي إلى بغداد ، استحالة بقاء قواتنا في العراق حتى أعلن السنّة مشاركتهم في العملية السياسية وفتوى السستاني بعدم جواز مقاومة المحتل .

إعادة حركة الإخوان العراقية تشكيل عشرات الحركات والجمعيات والأجنحة العسكرية والاجتماعية الأخرى المرتبطة بها إما بصورة مباشرة أو عن طريق طرف ثالث لا يمت لها بصلة ، إلا أنه يعتبر مركز تلاق وتوجيه بالنسبة لهذا التنظيم والحركات المرتبطة به ! ، تطبيقاً لسياسية التنظيم الدولي للأخوان المتبعة ومنذ وقت طويل ، وذلك من أجل توسيع قاعدة الأخوان الاقتصادية أولاً وقبل كل شيء ، وثانياً محاولة كسب أعضاء جدد للتنظيم ، علاوة على الكسب المادي عبر المؤسسات الخيرية المنتشرة بكثرة في العالم ، خصوصاً في الدول الأوربية وقسمٍ من الدول العربية ، وتحت عناوين ومسميات تختلف عن أسم التنظيم الدولي لكنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً به .

وخير دليل على تطبيق هذه السياسة في العراق ، هي الحركات والجمعيات والمليشيات المسلحة التي دنست أرض العراق منذ الاحتلال الأمريكي 2003م وحتى يومنا هذا ، فغالبيتها ترتبط بشكل أو بآخر مع الأخوان المسلمين سواء على مستوى التنظيم القطري أو على مستوى التنظيم الدولي للاخوان ، أو مرتبطة بايران رسمياً أو دُعمت منها .

وقد لعب تنظيم حماس العراق ( الجناح العسكري للحزب الاسلامي العراقي ) وجماعة الفقه والإرشاد أخبث الأدوار في تمييع أحد فصائل المقاومة العراقية والذي كان له دور كبير في مقارعة المحتل وحولوه إلى جمعية خيرية تتبع نفس أسلوب الأخوان في الكسب المادي مع اختلاف الأهداف البعيدة كل البعد عن الوطنية التي لا يعترف بها الأخوان ، ناهيك عن باقي الفصائل التي تميل فكرياً إلى حركة الأخوان وعلى رأسها كتائب ثورة العشرين ، رغم أنها كانت ولا تزال تحمل نفس المبادىء التي تأسست عليها وتصف نفسها بأنها حركة جهادية وطنية تسعى لتحرير العراق ، على النقيض تماماً من توجه حركة الأخوان المشاركة في الحكومة والعملية السياسية التي كرسها الاحتلال وتتعاون معه .

ورغم الانقسام الواضح بين قياديي الأخوان وأعضائها وبعض المجاميع المرتبطة فكرياً بالأخوان في داخل العراق مع قادة الأخوان خارج العراق والحزب الإسلامي العراقي ، إلا أنها أثبتت أنها أكثر حركة انبطاحية وصولية ( براغماتية ) للمحتل الأمريكي وأكثر منه المحتل الإيراني ، الاعب الرئيسي في العراق اليوم ، وتعاونت معه .

ما يعني ، أن حركة الأخوان جزءاً أو منظومة مكملة لنظام الولي الفقيه وحركة التشيع الصفوي التي تهدف إلى اعادة إحياء العنصر الفارسي تحت غطاء الولاية ونيابة الأمام الحجة ، وهذا يفسر تمدد إيران والميليشيات المرتبطة بها أو التي تدعي محاربتها مقابل تقلص ومحاربة الحركات والفصائل الاسلامية الحقيقية في العراق، وما يعزز هذه النظرية التوافق الكامل الذي تبدو عليه حركات الإسلام السياسي ( الأخوان والسلفيه الجهادية والميليشيات السنية القادمة من إيران ) من جهة وأحزاب التشيع الصفوي ونظام الولي الفقيه من جهة أخرى .

إذاً ، وازاء كل هذه المعطيات والحقائق التي تستند على أدلة أكثر بكثير مما قدم أعلاه ، ما الحكم الواجب في الكتاب والشرع الإسلامي بحق هذه الحركة ( الأخوان ) وباقي الحركات والميليشيات السياسية ( السنية والشيعية ) التي تتخذ من الإسلام غطاء لمآربها وأجنداتها التي تمددت على حسابهم حركة التشيع الصفوي وأُعيد إحيائها لتسيطر على أربعة عواصم عربية اسلامية ؟! ، مع الأخذ بنظر الاعتبار وبمقارنة بسيطة أن تأثير هذه الحركات أسوأ من تأثير الخوارج على الإسلام والمسلمين ، فنسبة الملحدين والزرادشتيين وغيرها من الجماعات التي لا تعترف بالإله الواحد الأحد جلّ وعلا ، قد وصلت إلى حد لا يتقبله لا المنطق ولا العقل في زمن تسيد هذه الحركات التي تدعي الإسلام والإسلام منها ومنهم براء إلى يوم الدين .


" ملخص جزئي من بحث " الأخوان وإيران ما بين العقيدة والمنهج والممارسة "


لندن تشرين الثاني 2018

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page