تذكر يا نصر الله ( أن الأمور بخواتيمها ) ؟
- مفكر قومي
- Nov 17, 2018
- 6 min read

تذكر يا نصر الله ( أن الأمور بخواتيمها ) ؟
لخص المحرر السياسي لنشرة ( ليبانون ديبيت ) الأزمة اللبنانية الحالية المتمثلة في العجز عن تشكيل الحكومة بما يلي : ( يرأس العماد ميشال عون الماروني الدولة من دون أن يرأسها ، ويكلّف الرئيس سعد الحريري السنّي تشكيل الحكومة من دون أن يمتلك أي قدرة على تشكيلها ) ، ويختتم المحرر تعليقه بما يلي : ( في كل الحالات قال السيد حسن اليوم .... ما معناه : في لبنان الأمر لنا ، الطائف انتهى ، ولا حكومة إلا على ذوقنا ولو ... بعد ألف سنة ! ) ، ليبانون ديبيت 11 - تشرين الثاني - 2018 ! ، ربما أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو : كيف نجح حزب الله في فرض سيطرته على لبنان ؟ ، دعونا نستخلص العبر والمعاني والأفكار :
1- عندما أسسه خميني كان الهدف النهائي والحقيقي لإنشاء حزب الله هو السيطرة على لبنان وليس ذلك ممكناً إلا بغطاء محكم وذكي يستطيع به خداع الناس .
حزب الله الآن هو الحاكم الفعلي للبنان وبيده مفاتيحه وهو من يعين ويزيح ولم تعد صيغة التوازن اللبناني التقليدية قائمة وتلك هي الخاتمة التي يبنى أي فهم وتحليل عليها وليس بدايات الحزب وأواسط عمله .
حسن تمكن من السيطرة على لبنان بسلاح المقاومة وبالشعبية التي كسبها بسبب مقاومة الغزو الصهيوني لجنوب لبنان رغم أنه أقسم مراراً وتكراراً بأن ( سلاح لن يستخدم لتغيير المعادلة السياسية اللبنانية وسيبقى موجها فقط للعدو الصهيوني ) !!! لكنه الآن كشف ما كان مستوراً وهو إخضاع القوى السياسية اللبنانية كلها وفرض ما تريده سيدته إسرائيل الشرقية على لبنان حتى لو أدى لخرابه وهو ما يحصل الآن بصورة واضحة مع تعاظم امكانية انهيار لبنان بكارثة مأساوية ! .
2- من مكّن حزب الله من السيطرة التامة على لبنان ؟ ، سيقول السذج والخدج أنها إسرائيل الشرقية ولكن الأمر أعمق وأكثر تعقيداً : صحيح أن طهران هي الداعمة له مالياً وعسكرياً وسياسياً ولكن من سمح لطهران بفعل ذلك بكل سهولة هو الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية .
سيطرة حزب الله كانت متدرجة وواضحة ولم تكن سرية بما في ذلك إقامته لجهاز مخابرات ونصب منظومة اتصالات متطورة واحتكار أمن مطار بيروت الدولي ليكون الواسطة الرئيسة لتزويده بكل شيء من طهران وبلا عوائق وكان كل ذلك يتم علناً وبلا إخفاء ، وعندما حاولت الحكومة تغيير مدير المطار في عام 2008 ارتكب مجزرة بعد احتلاله لبيروت وأسقط قرار الحكومة بتغيير مدير المطار ! ، السؤال المنطقي هو : لِمَ وقفت أمريكا بقوة في عام 1958 إلى جانب حكومة كميل شمعون وهددت الرئيس جمال عبد الناصر والقوى الوطنية من مغبة التدخل في لبنان وهو ما حمى الحكومة اللبنانية من السقوط الحتمي ؟ .
ولِمَ شجعت أمريكا تدخل حافظ أسد لمنع سحق قوات اليمين اللبناني في المعركة الحاسمة مع المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية فاحتل لبنان وأنقذ اليمين من الهزيمة ؟ ، الجواب : لأن الغرب والصهيونية كانا آنذاك يريدان استمرار المعادلة اللبنانية لأنها تخدم مصالحهما .
ولكن ومنذ الثمانينات اعتمد الغرب معادلة أخرى مختلفة تقول أن النفوذ الإيراني إذا انتشر في الوطن العربي يؤدي إلى تقسيم الأقطار العربية ، وأهم الخطوات على هذا الطريق : وجود قيادة إيرانية ترفع شعارات حبيبة على قلوب العرب ونُصِّب خميني تحقيقاً لهذا الشرط ، وإنشاء حزب يقاتل إسرائيل الغربية من لبنان ويستقطب دعم وإعجاب العرب فأُسس حزب الله ، بعد ذلك تبدأ أخطر كوارث العرب : تحول ولاء بعض العرب من الولاء الوطني إلى الولاء الطائفي ومن ثم تقسيم الأقطار العربية ! ، أليس ذلك أهم أهداف الغرب والصهيونية ؟! .
الخواتيم تؤكد بأن فرنسا وأمريكا تخليتا عن اليمين اللبناني ومنعتا تسلحه ليوازي سلاح حزب الله وكان ذلك تطوراً نوعياً واضحاً دعمته إسرائيل الغربية فانهار التوازن اللبناني نتيجة الفارق الهائل في التسلح وسيطر حزب الله .
وهذا حصل في العراق أيضاً ، حيث قامت أمريكا بغزوه وتسليمه لإسرائيل الشرقية والميليشيات الشقيقة لحزب الله ، وهو ما حصل في اليمن حيث دعمت أمريكا إسقاط نظام الشهيد علي عبد الله صالح الذي حافظ على عروبة اليمن واستقراره طوال عقود فكان إسقاطه مقدمة لنشر الفوضى الهلاكة في اليمن وسيطرة الحوثيين وهم أشقاء حسن ! ، وكذلك فإن دخول حزب الله وإسرائيل الشرقية إلى سوريا تم بموافقة واضحة من أمريكا وإسرائيل الغربية لأن ذلك سيعجل بتدمير سوريا وطناً وهوية وشعباً ! ، بل الأكثر وضوحاً في الخواتيم هو التالي : حينما قررت السعودية دعم القوى اللبنانية بالسلاح وأعلنت أن حزب الله ميليشيا إرهابية وأن سيطرته على لبنان يجب أن تنتهي وقفت أمريكا ضد سياسية السعودية هذه رسمياً ومنعتها من تنفيذ تلك الخطة ، فالغرب كما أكدت أحداث العقدين الأخيرين كانت له مصلحة استراتيجية في تعاظم نفوذ إسرائيل الشرقية في الوطن العربي وسيطرة حزب الله على لبنان وكسبه شعبية عربية وهذا الهدف أهم من دعم اليمين اللبناني لأنه يؤدي إلى تقسيم الأقطار العربية .
3- تدعي إسرائيل الشرقية وتابعها حسن نصر الله أن صعود الحزب وتفوقه على بقية الأحزاب اللبنانية يرجع لضعف أمريكا والغرب وليس لعدم رغبتهما في دعم اليمين اللبناني وهذا كلام يتناقض مع واقع العالم والمنطقة ، أمريكا هي صانعة تسوناميات كارثية في الوطن العربي منذ عام 2011 والتي انهت قوة العديد من الأقطار العربية خصوصاً سوريا وليبيا واليمن وقبلها العراق وأضعفت بقية الأقطار العربية ، وهي قادرة على تكرار نفس السيناريوهات في إسرائيل الشرقية لو كان ذلك مفيداً لها ، بل أنها تستطيع تفجير الغام أكثر خطورة فيها لأن التشكيلة السكانية لإسرائيل الشرقية تتميز بأن القومية الفارسية لا تشكل أكثر من 30-35% من سكانها ، وهناك معارضة إيرانية قوية تشمل بعض القوميين الفرس لو دعمتها أمريكا فعلا لاستطاعت إسقاط النظام مثل مجاهدي خلق و( الاصلاحيين ) ، وثمة ملايين من الإيرانيين تهتف بسقوط النظام في أغلب المدن الإيرانية ، وأخيراً وليس آخراً انتفضت القوميات المستعمرة خصوصاً القومية العربية في الأحواز وفي كردستان إيران والبلوش والأذريين وغيرهم ولكن أمريكا وليس النظام هي من تركها تذبح ومعها كل الغرب .
القول بأن الغرب افتقر للقوة اللازمة لقمع حزب الله وإسرائيل الشرقية كذبة كبيرة خصوصاً وإن دعم اليمين اللبناني بما يحتاجه وإنهاء مقاطعته كاف لتحجيم حزب الله في لبنان ، أما إذا توقفت أمريكا وأوربا عن معارضة خطة السعودية وكل طرف عربي لإنهاء حزب الله والتوسع الاستعماري الإيراني وهو هدف ممكن التحقيق بشروط معروفة فإن انقلاباً استراتيجياً سيحدث ولكنه لا يخدم هدف أمريكا وهو إكمال تقسيم الأقطار العربية لذلك ترفض إضعاف إسرائيل الشرقية وحزب الله .
4- حرب عام 2006 ألحقت أضراراً فادحة بلبنان وهو ما دفع حسن للقول علناً ( لو كنت أعرف أن النتيجة ستكون هكذا لما خطفنا الجنديين الإسرائيليين ) ! ، وهذا القول بحد ذاته يكشف أن ذكاء حسن وقدراته القيادية محدودة جداً وهو لا يملك مؤهلات القائد الذكي والقدير ونجاحاته تعود للدعم الإيراني المكثف له بما في ذلك وضع الخطط له وتوجيهه مباشرة ، كما أن الغرب لم يضغط لمنع تسلح حزب الله ولا منع سيطرته على لبنان .
إن الفشل الإسرائيلي ( في حرب 2006 ) سببه الضعف الشديد للمعنويات الإسرائيلية وليس قوة حزب الله وهي حقيقة معروفة لكل من قاتل من الفلسطينيين والعراقيين جنود إسرائيل الغربية ، فصمود حزب الله إذا ليس معجزة وإنما هو نتيجة طبيعية لضعف معنويات الجيش الصهيوني والرغبة الغربية في إكساب الحزب سمعة جيدة كي يوظفها ضد العرب وهو ما يحصل الآن .
5- ومن الخدمات الاستراتيجية التي قدمها حزب الله لإسرائيل الغربية خدمة انقاذها من العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية من جنوب لبنان والتي كانت التهديد الرئيس لإسرائيل الغربية في السبعيينات ، إذ كانت الحدود اللبنانية مفتوحة للمقاومة لكن حزب الله بعد سيطرته عليها أقفلها فتحقق هدف خطير وهو تحجيم المقاومة الحقيقية السابقة لحزب الله ، وأهم تطور بعد حرب عام 2006 ونتيجة لها وضع قوات دولية على الحدود بين لبنان وإسرائيل الغربية بصورة دائمة لمنع أي عملية مقاومة منها وبقرار من مجلس الأمن وافق عليه حزب الله ! ، وهكذا تحقق ما كان غير موجوداً قبل سيطرة حزب الله وهو وجود حراس دوليين يمنعون عمليات المقاومة من جنوب لبنان ، وهو تطور خدم في النهاية إسرائيل الغربية والغرب معاً بجعل الاعتداء على القوات الدولية اعتداء على العالم كله ، فهل هذا التطور ثانوي أم أنه تطور نوعي وخطير كان سببه حزب الله وضع حداً لاحتمال قيام مقاومة من لبنان ؟ .
6- بعد تلك الحرب انتهت مقاومة حزب الله حيث لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل الغربية منذ عام 2006 وحتى الآن رغم أنها مازالت تحتل مناطق لبنانية مثل مزارع شبعا وقرية الغجر ، فلِمَ أوقف المقاومة طوال 12 عاماً ؟ ، أوقفها المقاومة بأمر إيراني مباشر لأن أمريكا حذرت طهران مباشرة بأن أي حرب جديدة سيكون الرد عليها ضرب طهران بالذات ، إضافة لإكمال حزب الله شروط تأهيله ليلعب دوراً داخل لبنان وفي الوطن العربي لصالح إسرائيل الشرقية بعد أن اكتسب سمعة طيبة ، فانتهت المقاومة اللبنانية في عام 2006 وحول حزب الله سلاحه للسيطرة على الداخل اللبناني وللتدخل في الأقطار العربية .
تجارب آلاف السنين علمت البشر بأن الحكم على الأشياء يجب أن يتم في ضوء نتائجها النهائية وليس بداياتها ولا أواسطها ومادام المطلوب هو الحقيقة فيجب انتظار اكتمال مقوماتها ، ما يجري هو غزوات إيرانية رسمية للعراق وسوريا واليمن ولبنان ومشروع غزوات أخرى معلنة لدول الخليج العربي وانتشار إيراني في كل الوطن العربي ، فهل تلك مقاومة حقيقية أم أنها غطاء يمهد لغزو استعماري صريح ؟ ، تذكروا لو أن أمريكا والصهيونية أرادا منع تعزز قوة حزب الله وسيدته طهران لكان ذلك سهلاً دون شك ولكن العكس كان هو المطلوب أي تعزيز قوة طهران ونفوذها داخل الأقطار العربية كي تنفذ خطة تقسيم الأقطار العربية وهو الهدف السوبرستراتيجي لكل من الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية .
مقاومة حزب الله كانت غطاء لتقسيم الأقطار العربية وهو ما تحقق الكثير منه ونرى صورته الأخيرة في أزمة لبنان الحالية .
وحزب الله بهذا المعنى الوظيفي ليس سوى أداة الاستعمار الإيراني في تغيير التركيبة السكانية للأقطار العربية وتقسيمها وإنهاء عروبتها ، وهذا هدف مشترك لثلاثة أطراف وهي الغرب الاستعماري والصهيونية وكيانها في فلسطين وإسرائيل الشرقية .
هذه هي خواتيم ما بدأ يحدث منذ وصل خميني للحكم وهو متخف تحت شعاره الشهير ( الموت لأمريكا ) وشعاره الآخر ( الموت لإسرائيل ) لكنه طبق عملياً وبدعم غربي صهيوني شعار ( الموت للعرب ) ، ولم يطلق رصاصة واحدة ضد أمريكا ولا ضد إسرائيل الغربية ، خواتيم نصر الله ترينا وجهه الفارسي وانخراطه قائداً في جيش الاستعمار الإيراني مباشرة .
16-11-2018
Comments