top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - صدامونيا


صدامونيا



آخر مظاهر الرعب الاستعماري من صدام ما حصل في بريطانيا حيث يقول سكان شرقي لندن وطبقاً لهيئة الإذاعة البريطانية ( إنهم تفاجأوا بظهور لوحة تذكارية عن الرئيس العراقي السابق ، صدام حسين ، بمنطقتهم ، وقد كتب على لوحة نحاسية على أحد المقاعد وسط شارع مزدحم في منطقة وانستيد ، إحدى الضواحي شرق لندن ، " تذكار محبة لصدام حسين " ، مع الإشارة إلى تاريخ ميلاده عام 1937 وتاريخ إعدامه عام 2006 ) ، شبكة هيئة الاذاعة البريطانية في 19-11-2018 .

هل هذه الزيارة الأولى لصدام ؟ ، كلا فقد تعود على مواصلة زيارته الميدانية بعد استشهاده فتجول في قارات الظلم وأزقة الجوع ومدن التهجير وتقاسم الأحزان مع ضحايا التعذيب ووضعت صورته فوق المنصة الأعلى وسط منصات التواصل الاعلامية ( الانترنيت ) ليحصد أعلى شعبية في العالم محاطاً باعجاب الملايين من الناس في كافة القارات بما في ذلك في عقر دار من اعدم صدام : أمريكا .

لن أقول أننا لا نعبد الأشخاص فتلك طريقة ساذجة في الابتزاز الرخيص الذي نسخر منه فنحن أصلاً وجوهراً مع القيادة الجماعية ولكننا قبل هذا يقينا مع عظمة صدام وانجازات صدام ونراه بكامل هيئته البشرية بلا نقص عندما كان جسداً حياً بيننا ومثلنا يأكل وينام ويمرض ويخطأ ويصيب ..الخ ، ولكنه وقد تحول إلى رمز قومي وكوني لا نرى إلا عظمته وانجازاته .

وكما كنا في زمن صدام سنبقى منسجمين مع أنفسنا ومع ماضينا ولن نحيد عنه مهما تعرضنا للتشرد والظلم والحرمان والاضطهاد والمخاطر وهي متواصلة ولم تتوقف منذ الغزو وحتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال .

إنها قضية مبدأ وشرف وعقيدة ولا صلة لها مباشرة بصدام لأنها تنطبق على كل حالات الشرف والعظمة والابهار وصدام هو سيد الابهار بلا منازع وسيد العظمة وبمسافات ضوئية وسيد الشجعان وفارس الإنسانية الأكبر منذ جلجامش وحتى بعد صعوده سلم الشرف : المشنقة كما وصف هو حبل المشنقة في يوم تخليده . اعتقدتْ الطغمة الملثمة الوجوه المتحكمة في أمريكا والتي أمرت القرقوز بوش الصغير بإعدام صدام إن شن حملات لشيطنته سوف تنهي أُسطورته فلفقت عشرات القصص الكاذبة عنه في حياته الأولى وفي حياته الثانية حينما اعتلى سلم الشرف ، لكن سيرة صدام أولاً وقبل دفاع رفاقه عنه أسقطت هذه الأكاذيب بابتسامة صدق من وجه صدام ، إذ يكفي ظهور صدام وهو يبتسم لحرق كافة أوراق متعهدي التلفيق ونغول إبليس سواء كانوا فرساً أو صهاينة أو غربيين .

وربما كانت أول مظاهر انحطاط الحلقات التي تتحكم بالغرب الاستعماري وتجردها من قيم الشرف والإنسانية اعتمادها على الكذب الكامل في محاربة خصومها ، لأنها أصلاً وتكوينا تربت في بيئة تقدس السقوط الأخلاقي وتحارب كل نموذج صالح في العالم .

الغرب تورط مع صدام عندما أراد إظهاره مثل نورييغا ( حاشا صدام ) ونورييغا هذا كان رئيس بنما والذي خدم الأميركيين وتجسس لصالحهم وقاد عمليات المتاجرة بالمخدرات تنفيذاً لأوامر المخابرات الأمريكية قبل أن ينقلبوا عليه ومات في السجون الأمريكية حقيراً محتقراً .

ارتكبت أمريكا خطيئة كبيرة عندما اعتقدت بأن صدام مثل نورييغا وأنها تستطيع خلق التشابة بينهما بالشيطنة والتلفيق الاعلامي والقضاء على جسد صدام ، لكن رجال امريكا من الحلقات الخاصة جدا وهم ضباط المخابرات المخضرمين والذين لا تخلوا خلية من أجسادهم من دماء ضحاياهم اعترفوا مذهولين بأن ( صدام قائد كاريزمي عظيم وحكيم وشجاع ورجل مبادئ ونزيه وليس كما قيل لنا ) ، ومن هؤلاء جون نيكسون الذي ألف كتاباً في الغزل الصريح بصدامنا رغم ضغوطات وكالة المخابرات عليه ، وهذا وحده يكفي لتأكيد أن صدام مازال حياً ليس بيننا نحن العرب فقط بل في كل العالم والآن يظهر في بريطانيا ناشراً ورود ابتساماته لتقض مضاجع عتاة المجرمين مثل توني بلير .

لم يكن لدينا شك في أن صدام باق وأن صعوده سلم الشرف يوم اعدامه كان تخليداً حاسماً له أسقط إلى الأبد كل خطط شيطنته وحفر له وسط قمة جرانيت مكاناً خالداً وستقرأ عليه مليارات البشر بعد ألف عام بأنه ظهر في الوطن العربي فارس فريد هز أعمدة الغرب والصهيونية وحلق لحى معممي قم اسمه صدام ، وكما نقرأ عن بطولة جلجامش بفرح ولو كان أسطورياً فإننا سنبقى نتغذى من معين صدام البطولي طوال قرون وألفيات وستقرأ أجيال ما بعد ألف عام وألفي عام قصص صدام في المدارس وفي حكايات العجائز للأطفال وفي منصات التواصل البشرية القادمة .

ظهور صدام في بريطانيا ليس الظهور الأول بعد اعدامه فقد كان يظهر يومياً في شوارع العراق وفلسطين والأحواز واليمن وسوريا والجزائر وكل بقعة أرض ، فسيد شهداء العصر وهو شهيد أكثر حرصاً على زيارة الناس بلا توقف مما كان عليه قبل اعدامه ، تلك هي رسالته الخالدة بعد الاستشهاد : أن يواصل جولاته التفقدية لشعبه وللعالم ليذكر بقيم الشرف والنزاهة والمبادئ ، وهو لذلك ليس الظهور الأخير فهو وكما أكدنا شهيد المستقبل لأنه صار رمزاً وسنراه نحن مادمنا أحياء وستراه الأجيال القادمة بشغف من يتطلع لوجه أمه بعد غياب طويل .

صدامونيا آخر الرموز الأسطورية للبشرية عامة وللعرب خاصة ولكن المعاشة والتي وجدت بيننا وصافحناها وقبلناها وعملنا معها وتحت قيادتها ، وهي رمز للبطولة البشرية التي تظهر كل بضعة قرون ، نجد تقاسيمها الفريدة في بسمات صبيان القدس العربية الذين أقاموا لصدام تمثالاً في قلوبهم حباً وولها ، مثل فتيان العراق والأحواز ، وصدامونيا بطولة تتوفز في كل مكان يضطهد فيه طفل أو يقتل ، وهي عوالم سحر ما إن تنتهي حلقة منه حتى تبدأ الحلقة الأخرى فيبقى العالم كله مشدود الأنفاس يلهث خلف خطوة صدام القادمة .

أكرر ما نشرته سابقاً عندما كتب لي أحدهم يقول : إنك تنكر أن صدام ارتكب أخطاء ! ، فاجبته : لم تشرك بالله ؟ ، قال وكيف أشرك بالله ؟ ، أجبته : لأنك حينما تتساءل عن أخطاء صدام تظن أنه إله وتنسى أنه إنسان مثلنا والإنسان خطاء ولا يوجد بشر معصوم ولكننا لا نرى الآن أخطاء صدام بل ما نراه ونحن في معركة وجود وبقاء هو رمزية صدام فقط ، أما الأخطاء فشخصناها وتحولت إلى دروس غنية لنا ولغيرنا . Almukhtar44@gmail.com

20-11-2018

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page