top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - لماذا يعادي الغرب كل قائد عربي قوي ؟ - 2



لماذا يعادي الغرب كل قائد عربي قوي ؟

- الحلقة الثانية -


3- أوربا نهضت بالديمرقراطية الليبرالية لأنها تطورت في بيئة نظام رأسمالي تشكل وتطور تدريجياً واستقر بعد قرون من الحروب بين الأوربيين فاختاروا التعاون بدل الحروب ووضعت ضوابط دستورية وقانونية للتعامل فيما بينهم وبين شعوبهم ، لذلك كانت الديمقراطية وأساليبها في التنمية البشرية هي النظام السياسي للنهضة الأوربية وفرعها الأمريكي ، أما في الوطن العربي فهو لم يشهد نهوضاً أدى إلى بناء دول رأسمالية متقدمة ، بل كان واقعاً تحت الاحتلالات الأجنبية ونظم تتراوح بين الاقطاع والرأسمالية التجارية الطفيلية مع بقايا العبودية في مناطق معينة ، والرأسمالية العربية جاءت من الخارج ولم تنمو بصورة عفوية في الداخل ، ونتج عن هذا بروز عنصر تهجين غير طبيعي في الفكر والسلوك والعادات وهو ما أنتج نوعاً من الاضطراب الفكري والعادات السلوكية وتناقضات ضمن الطبقة الواحدة بل ضمن الأسرة الواحدة ! ، والأخطر أن الفرد الواحد تعرض لمؤثرات متناقضة فظهرت تناقضات فردية معيبة ! ، لذلك فإن الوطن العربي بتفتته الاجتماعي وتعدد مصادر التأثير عليه يحتاج لحكومات مركزية قوية ولقادة لديهم كاريزما يستطيعون بها تحييد التشرذم الاجتماعي أو ضبطه بقوة لأجل توحيد طاقات الجماهير وحشدها خلفهم لتحقيق النهضة والتقدم ، وهذا أهم شروط النهضة بعكس أ وربا التي احتاجت للفردية الليبرالية.

ويترتب على ذلك أن من يريد منع نهضة أي قطر عربي عليه أولاً أن يمنع صعود قيادة قوية أو بروز قائد قوي منفتح وله كاريزما ، وبما أن الوطن العربي في الأهداف الصهيوغربية ممنوع عليه تحقيق نهضته فإن إجهاض النهضة يبدأ بمنع صعود قائد قوي أو إسقاطه .

محمد بن سلمان لديه مشروع طموح جداً وهو مشروع رأسمالي ورغم أنه يخدم الغرب لكن مشكلته هي أنه عربي والعرب حكم عليهم منذ تبني تقرير لجنة بنرمان بعدم استيعاب التكنولوجيا الحديثة حتى لو استخدموها ، ولا تحقيق أي نوع من الوحدة القومية والتقدم الاجتماعي ، ونتيجة لذلك فإن بروز قائد قوي يتبنى الخيار الرأسمالي ويقدم للغرب فوائد ضخمة ولكنه بنفس الوقت يقود مشروعاً تنويرياً جاداً لا يغير الاستراتيجية الغربية والصهيونية التي تتمحور حول منع تحقيق نهضة العرب حتى لو كانت على الطريقة الرأسمالية ولخدمتها .

وهذا يشمل لعبة التطبيع مع إسرائيل الغربية حيث أنها لم تشفع لقادة عرب طبّعوا فمن قتل السادات في الواقع هو الغرب الذي لم يساعد مصر على النهوض برأسمالية مصرية مقتدرة واكتفى بدعم مالي ذهب لإفساد عسكريين ومدنيين ! ، ومن أسقط حسني مبارك وشاه إسرائيل الشرقية ونورييغا في بنما هو المخابرات الأمريكية رغم كل خدمات هؤلاء لها .

والمخابرات الأمريكية قررت التخلص من السادات لأن دوره انتهى بكسر الحاجز النفسي بزيارته للقدس وعرفت سلفاً أنه بهذه الخطوة سيحكم على نفسه بالعزلة عن جماهير الأمة بغالبيتها الساحقة وهو ما يحوله إلى عالة على أمريكا .

إذاً ، المطبع لا ينجو بل يؤجل موعد إنهاءه .

القائد العربي القوي وصاحب المشروع النهضوي سواء كان مشروعاً تقدمياً اشتراكياً أو رأسمالياً يُستهدف من الغرب الاستعماري والإسرائيليتين الغربية والشرقية ، تذكروا أن شعار ( أرضك يا إسرائيل من الفرات للنيل ) يتناقض مع نهضة أي قطر عربي لأن الرقعة الجغرافية لإسرائيل الكبرى هي نفسها جغرافية النهضة العربية ، وهي نفسها رقعة التوسع الامبراطوري الفارسي ، فقط دققوا في شخصيات الحكام العرب الحاليين ستجدون أنهم ضعفاء وفاسدين بغالبيتهم ولا يملكون قدرات تحقيق النهضة والغرب هو من فرضهم حكاماً ، ولديكم مثال مُعبر جداً : إن من كان معارضاً للنظام الوطني في العراق وكان تكنوقراطياً أو مختصاً ويمتلك قدرات إدارة وزارة ورغم أنه متعاون أو عميل للمخابرات الأمريكية استبعد بعد الغزو وسلم الحكم لأشد عناصر المعارضة تخلفاً وفساداً .

وبناء عليه ، فإن إحدى أهم حقائق الصراع هي أن صدام أُغتيل لأنه قوي وكاريزمي وكذلك ناصر وهما اشتراكيان والآن جاء دور الرأسمالي المتحمس بن سلمان .

وعلى مستوى النضال الشعبي نرى الآن احتدام التأمر على قائد عراقي يملك شروط إنقاذ العراق لمنع اختيار الجماهير له ولحزبه ولحلفاءه لإنقاذ وقيادة العراق وهو الرفيق عزة إبراهيم خصوصاً بعد انتفاضة الجنوب والتي أكدت أن البعث هو الاقوى ، ما دلالات كل هذا ؟ .

1) الصراع السائد في العالم في جوهره صراع استراتيجيات وليس صراع أيديولوجيات ، فبوتين الرأسمالي الروسي الناشئ وجد عداء قوياً من أمريكا رغم أنه بدأ بمحاولات غزل مع أمريكا ورغم علاقات المصلحة التي تربط بوتين بترامب وتقربهما من بعض لكن رأسماليين آخرين ضده ، وأوربا رأسمالية ومع ذلك نرى ترامب يفرض عليها العقوبات كما يفرضها على الصين الاشتراكية .

في عصر صعود الرأسمالية الأمريكية تولت أمريكا قيادة الغرب وعزلت النزعات القومية في أوربا بما في ذلك الديغولية ، ولكن الرأسمالية في مرحلة أُفولها تواجه صراعات معقدة بين أنظمتها نتيجة تنافس منفلت بينها حول الأسواق لاحتكارها ، وهذا يشمل الشركات في بلد واحد والتي تنتقل من مرحلة التنافس السلمي والمنظم إلى مرحلة الاحتكار والتدميـر المنظـم فيما بينـها ، ولهذا سمى الغرب الرأسماليـة في مرحلة أُفولها بـ( المتوحشة ) .

هل ترون الآن العقوبات الأمريكية على أوربا والرد الأوربي القوي على أمريكا ؟ ، وهل ترون كيف أن بريطانيا كانت لغماً داخل الاتحاد الأوربي وتفجر الآن في مرحلة الأُفول ؟ ، إذاً ، هو صراع استراتيجيات بين منتمين لنفس النظام الاقتصادي وليس صراع أيديولوجيات متناقضة ، وهذا ينسحب على الوطن العربي أكثر من غيره . 2) أمريكا في مرحلة صعودها دعمت أوربا بمشروع مارشال ، وفي آسيا دعمت هدف إنشاء دول منظمة وقوية تتقدم بوتائر سريعة وفقاً لنمط الإنتاج الرأسمالي حتى وصلت إلى حد المنافسة مع أمريكا ذاتها وأحياناً تجاوزها في جوانب معينة ، وكانت نهضة ألمانيا واليابان في الثمانينات التحدي الأول لأمريكا ، وكوريا الجنوبية والنمور الآسيوية أمثلة ، والسبب الرئيس لدعم أمريكا للدول الآسيوية هو أن تكلفة إنتاج السلع في أمريكا عالية بينما هي رخيصة في آسيا فنقلت أمريكا الكثير من مصانعها وخبراتها إلى آسيا لتقليص التكاليف الرأسمالية وتعظيم الأرباح .

اضافة لذلك فإن الدول الآسيوية المعنية لم تكن لها خلفيات تاريخية أو عدائية متجذرة مع الغرب ولا مع الصهيونية ، كما أنها إما دول صغيرة أو أنها بلا هوية قومية واضحة ، فهي من حيث الأصول تتوزع بين عدة أصول إثنية لا تسمح بوصول التعاون تشكيل هوية واحدة تذوب فيها الأصول الإثنية وتتبلور لها هوية واحدة تسعى لاحقاً لطرد أمريكا ، فمثلاً في ماليزيا تجد الصيني الأصل يتعايش مع الهندي وكل منهما يحافظ على هويته الثقافية والدينية ... الخ .

3) لو أن من يهاجمون السعودية الآن يهاجمون بنفس الحماس والقدر إسرائيل الشرقية التي تقوم بدور المدمر الرئيس لأقطارنا وليس السعودية لقلنا هذه وجهة نظر ، ولكن حينما يقتصر الهجوم على السعودية فإن القضية لا تخرج عن إطارين : فإما أن من يقوم بذلك من أصول فارسية أو طائفي ، أو أنه جاسوس يقبض ثمناً للتحريض على شرذمة السعودية وتجنب فضح إسرائيل الشرقية .

مكمن الخطر في هجوم هؤلاء على السعودية ليس استهدافهم للنظام فقط بل نشرهم بذور تقسيم السعودية كقطر كما حصل في العراق وسوريا واليمن وليبيا ، وهذا هدف استعماري صهيوني فارسي مشترك لا يمكن لأي عربي أصيل قبوله ، مما يجعل الهجوم المقتصر على السعودية من أهم الأدلة على خدمة الغرب والإسرائيليتين . 4) ثمة سذج أو متساذجون يتهموننا بأننا ( ندعم السعودية بعد عداء شديد ) وهؤلاء إما جهلة بطبيعة المواقف أو يتجاهلونها لأغراض مصلحية ، فموقفنا الثابت منذ عقود هو أننا مع كل قطر عربي عندما يتعرض لهجوم من أطراف استعمارية دولية وإقليمية بهدف غزو أو تدمير القطر وليس النظام فقط وبغض النظر عن طبيعة النظام وما قام به تجاهنا سابقاً وربما حالياً ، فنحن لسنا عشيرة تضمر الثأر لسنوات ثم تنتقم ! ، موقفنا مبدأي فعندما كانت السعودية ودول الخليج العربي في ذروة موقفها المعادي للعراق بعد عام 1991 أطلق الشهيد القائد صدام مقولته الشهيرة : ( لو تعرضت السعودية الآن لعدوان أجنبي لقام جيشنا بالدفاع عنها ) ، إذاً ، موقفنا هذا ليس جديداً ولا هو ( انتقال من العداء الشديد للسعودية إلى الدعم التام لها ) كما وصف ، بل هو موقف مبدأي ثابت لم يتغير ، محوره وأساسه أننا نميز بين النظام وبين الشعب فنحن مع الشعب ووحدة الكيان الوطني لأي قطر عربي ومهما كان نظامه السياسي وعندما يتعرض لخطر أجنبي فنحن مع القطر العربي وبديهياً مع نظامه في هذا الموضوع لأننا لا نستطيع تجسيد وقوفنا مع القطر بدون التنسيق مع نظامه في حدود مواجهة التحدي الخارجي .

5) والذين يهاجمون السعودية الآن بحجة أنها تطبع مع الكيان الصهيوني يتناسون أن المطبع الأول بعد السادات هو نظام حافظ أسد وخليفته بشار بقبولهما قرار 242 وقرار 338 اللذان صدرا عن مجلس الأمن وهما يشكلان اعترافاً صريحاً بإسرائيل الغربية ، كما أن بشار كان يحظى بدعم أمريكي - بريطاني منذ توليه الرئاسة حتى تفجر الانتفاضة الشعبية ضده ، وكان حضور مادلين اولبرايت وزيرة خارجية أمريكا تنصيبه في دمشق مظهراً لدعم الغرب له لأنه كوالده تم إعداده أصلاً في بريطانيا ، وكانت مخابرات بشار تتعاون بلا حدود مع المخابرات الأمريكية تحت غطاء محاربة الإرهاب ونظام بشار هو من نفذ خطة تسريب آلاف العناصر التي أعدتها المخابرات الأمريكية والبريطانية والموساد إلى العراق عبر سوريا تحت اسم تنظيم القاعدة وكان الهدف تدمير المقاومة الوطنية وتحويلها إلى فتنة طائفية وهذا ما ثبت فيما بعد .

6) كما أن من يتجاهل علاقات إسرائيل الشرقية بإسرائيل الغربية حالياً ومنذ تنصيب الغرب لخميني حاكماً يجب الطعن بنزاهته وصدقه ودوافعه لأن نظام الملالي كان نتاج قرارات استراتيجية غربية وصهيونية ودوره منذ غزو العراق يؤكد أنه الخادم الأكثر فاعلية للغرب والصهيونية وما انتشاره في الأقطار العربية واحتلاله لأربعة منها والاعتراف الإيراني الرسمي بذلك إلا دليل واضح على دعم الغرب له ، ومع ذلك فإن الغرب يمارس معه المصارعة الحرة منذ عام 1979 وحتى الآن وهي مصارعة تمثيلية متفق عليها مسبقاً .

ولو تذكرنا ما حصل للعراق عندما دخل الكويت وقارناه بدخول إسرائيل الشرقية للعراق وسوريا واليمن واحتلالها للبنان وحللنا ردود الأفعال الأمريكية والصهيونية عليها لعرفنا أن للغرب والصهيونية مصلحة استراتيجية في مرحلة ما في تغلغل إسرائيل الشرقية في الأقطار العربية واحتلالها لبعضها ، ناهيك عن الدلالات الاستراتيجية لـ( ايرانجيت ) ودعم أوباما للنظام الإيراني خصوصاً تقديمه 120 مليار دولار لها .

وعقوبات ترامب على إسرائيل الشرقية لو قورنت بالعقوبات التي فرضت على العراق وشملت حتى أقلام الرصاص والكتب والدواء لعرفنا كيف أن ترامب يريد إنقاذ النظام بقراره استثناء دول من المقاطعة وهي دول تستطيع تحييد المقاطعة جوهرياً ، وهو استثناء يجردها من تأثيرها القوي ، ولنتذكر أن رؤوساء أمريكا لم يرحموا أبناء العراق من الجوع والمرض والتشرد .

الخلاصة الجوهرية هي أن من لا يرى هذه الأحداث والوقائع الدامغة يستحق اتهامه بمختلف التهم المخلة بالشرف والنافية للوطنية ونظافة اليد .

أما في حالة تعاظم شعبية قائد جماهيري في مرحلة النضال السري وتزايد احتمالات وصوله للحكم وإنقاذ العراق فنرى أجهزة المخابرات تجند الكثيرين ضده وعزله تمهيداً لتصفيته والمثال هو الرفيق عزة إبراهيم ، قائد أكبر حركة جماهيرية عراقية منظمة تضم البعث وحلفاءه ، كيف يتم ذلك ؟ ، ومن ينفذه ؟

29-11-2018

Commentaires


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page