top of page

الرفيق الوليد خالد - قبل الحقبة الترامبية .... وما بعدها !


قبل الحقبة الترامبية .... وما بعدها ! ،

ما هو المطلوب ؟


الوليد خالد

بداية ، أنوه إلى أن ما استعرضه في هذه المقالة لا يقترب ولو من بعيد للترويج للسياسة الأمريكية بقدر ما هو استذكار لرؤيتنا عن التغييرات القادمة للمنطقة !والتي بنيت على احتمالات التغييرات السياسية الداخلية الأمريكية .



منذ ما قبل الانتخابات الأمريكية بقليل ظهرت بوادر تغيير واضحة في السياسة الخارجية الأمريكية ، ومثلها داخل الإدارة الأمريكية ، ظهرت مؤشرات على شكل تقاطعات سياسية خطيرة خاصة في فترة الدعاية الانتخابية الأمريكية وصلت إلى اتهامات بالتدخل الروسي في مجريات العملية الانتخابية .

المؤشر الأول ، هو ترشيح جيب بوش عن الجمهوريين ، وهو من عائلة سياسية معروفة بسطوتها وانتمائها للعوائل السياسية الموثوقة بالنسبة للحكومة الخفية التي تقود العالم ، أو لنسمها الماسونية ، ومع ذلك بدت حظوظه ضعيفة جداً في النجاح للوصول لنهاية السباق الانتخابي ، فآثر الانسحاب وترك مضمار المنافسة بين طرفين لم يكونا بتلك القوة ، لكن السؤال هو ، ما هو الدافع الذي أخرج جيب بوش من المنافسة في حين يبدو هو الأقوى بسبب عائلته المخضرمة في حكم أمريكا ؟ .

المؤشر الثاني ، انحسار المنافسة واختصارها بهيلاري كلينتون ودونالد ترامب ، علماً بأن لم يسبق أن رشحت وفازت امرأة برئاسة أمريكا ، وهذا بسبب العقلية الأمريكية التي لا تفضل قيادة امرأة لأمريكا ، وهذا ليس موضوعنا ، لكن المهم أنها كانت ضعيفة في وقت تواجه فيه أمريكا تحديات اقتصادية وسياسية خطيرة لن تكون مثل هيلاري كلينتون خياراً مناسبا لقيادة المرحلة .

البديل كان دونالد ترامب ، وهو غير معروف في الحياة السياسية في أمريكا ، وليس له تاريخ سياسي يُعبِّد له الطريق للرئاسة الأمريكية بسهولة ، بل كان اقتصادياً وباحثاً عن المال في كل مكان ، في حلبات المصارعة والفنادق والمنتجعات وصولاً لمسابقات ملكات جمال العالم ، وربما صالات القمار وأخرى لا مجال للحديث عنها ، مثل هذا المرشح لا يمكن أن يكون خياراً محبذاً للجميع ، كما استبعدته كل مراكز الاستطلاع في نتائجها حول الانتخابات ، خاصة وإن بتصريحاته فتح النار على الجميع ، فخرج عن المألوف في الانتخابات الأمريكية التي تكون في العادة مسيطر عليها نسبياً .

كنت من الذين توقعوا فوز ترامب مع نسبة عدم توقع كبيرة جداً من قبل الجميع ، ومن ضمن الأسباب التي دعتني لهذا التوقع هو أن هناك تغيير سياسي دولي قادم ، وإن وجود شخص مثل ترامب على رأس أكبر دولة في العالم يمكن أن يفسر ماهية هذا التغيير القادم ، خاصة وإن الفوضى التي خلقتها أمريكا ربما تكون قد خرجت عن الخط المرسوم ، وهو احتمال قابل للصواب والخطأ ، وتحتاج هذه الفوضى لفوضوي مثل ترامب لإعادتها تحت السيطرة .

إذن ، تم انتخاب ترامب خارج كل التوقعات ، وكان لابد له أن ينفذ عدداً من الوعود التي أهلته ليكون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، منها قوانين الهجرة وبناء جدار المكسيك واستهدافه للأموال العربية والعودة للعراق لاستحصال التعويضات عن الحرب على العراق والخسائر التي تكبدتها أمريكا بسبب احتلاله ، والأخطر إنه أدخل يده في عش الدبابير باستهدافه لإيران والاتفاق النووي الذي اعتبرته أمريكا والاتحاد الأوروبي يوم ما بأنه انتصاراً كبيراً ، وهذا مجمل ما ذكره من قضايا قبل انتخابه والأهم ما بعده .

علينا ألا نغفل حقيقة أن الرجل وبالرغم من اتهامه بالجنون تارة وبسوء الأدب تارة أخرى فإنه يستحق وصف رجل الحقيقة ( أمريكيا ) ، فهو ليس سياسياً محنكاً ولا يتقن مهنة بيع الكلام للناس ، وهذا ما جعله في وجه المدفع مراراً داخل أمريكا وخارجها ، وربما قام بخرق بروتوكولات الحروب والاقتصاد مرات عديدة ، وتعرض للاتهامات التي وصفته بعضها بالخيانة .

كما وتسجل له كسابقة في السياسة الأمريكية أن يخرج رئيس أمريكي على الإعلام ، الذي يكرهه كثيراً ، ليعلن بأن احتلال العراق خطأ جسيم ! وأن خطة التخلص من صدام حسين جلبت الكوارث والويلات لأنه ، أي صدام حسين ، كان يقتل الإرهابيين ، وإن ما يحدث من فوضى تتحمله الإدارات الأمريكية السابقة ، والذي ترجم كلامه هذا بالتخلص من العديد من المسؤولين الأمريكان الذي أداروا تلك الفوضى في السابق .

بالتأكيد نحن بعيدون جداً عن التفكير بأن هناك ردة فعل واعتراف بأخطاء ومحاولة تصحيحها ، ليس هذا المقصود ، لكن لا زلنا نؤكد بأن هناك تغيير في السياسة الأمريكية ، وإن جانب من هذا التغيير يمس واقعنا المأساوي في العراق ، وفيه بعض ثغرات تساهم في حلحلة هذا الواقع المزري ، لكن الخطورة تكمن في أن يكون هذا التغيير وقتياً ، أي مرتبط بالمرحلة الترامبية إذا صح التعبير ، بمعنى إن ما يمكن الاستفادة منه في هذه الاستراتيجية يمكن أن يختفي في أي لحظة ، والسبب هو وجود مقاومة داخلية شديدة لسياسته ، وأخرى خارجية أشد وقعاً بسبب سياسات تتقاطع مع سياسة الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين ، مما يشكل وجوده صداعاً مؤلماً لهذه الأطراف .

إذا كانت السياسة الأمريكية ما قبل ترامب غير قابلة للثقة أو حصان خاسر من الخطورة الرهان عليه ، فإن السياسة بعد ترامب أكثر عدم موثوقية ، ليس لأنها اسوأ من السياسة السابقة ، بل العكس تماماً ، فما يمكن استغلاله من سياسة ترامب يعتبر فرصة ذهبية سانحة اليوم ، لأنها كما نوهنا سياسة غريبة وغير مألوفة في تاريخ أمريكا ، وهو ما يجعلها سياسة مؤقتة على المتضررين من سياسة أمريكا السابقة استغلالها وبكل قوة ، فما يمكن استحصاله منها يفوق ما يمكن كسبه من السياسات الأمريكية القديمة في ألف عام ، وهذا ما وعته أنظمة عربية تحاول استغلالها اليوم ، وعلينا التفكير جديا باستيعاب منافعها قبل أن توجه رصاصة لجبين ترامب أو يخسر حملته الانتخابية الثانية .

Comentarios


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page