top of page

الوليد خالد - الانتحار بشرف



ينبغي التنويه مقدماً بأن هذه المقالة مجردة من الشروط أو الأوامر أو حتى فرض الأفكار ، إنما هي مجرد طرح أفكار بصوت عالي وتحتمل الصواب والخطأ ، إنما نريد بها استخلاص العبر من مراحل ليست بالبعيدة وكشف مواطن الخلل فيها وتصحيح أخطائها ، ومن قال بأن ليس هناك أخطاء أنصحه بأن يبتعد عن المقالة هذه بالذات .

الجميع يعلم بأن منذ دخول المحتل فإن أنجح العمليات أو الخطط على الساحة العراقية على الإطلاق كانت ممارسة التقية من قبل من أتت بهم أمريكا أولاً - وهو المتوفر حينها خارج العراق - لحكم العراق بعد التخلص من نظامه الوطني في زمن تقلد فيه أسوأ رؤساء أمريكا على الإطلاق زمام الأمور .

هذه التقية يا سادة بجميع أنواعها الدينية والطائفية والسياسية عبرت بشذاذ الآفاق مرحلة خطيرة متجاوزين كل ما مر به الشعب العراقي من مآسي ، فلم يمسهم سوء أو وصلتهم حتى إطلاقة بالخطأ ، وربما كان ذلك بحكمة إلهية معينة نحن في غنى عن ذكرها هنا ، لكن المهم إن التقية أوصلتهم إلى حكم العراق بالنار والحديد ، حتى أمريكا تلقت عقوبتها وعلى الأرض ، فأخذت نصيبها من القتل والخسائر المادية والاقتصادية والمعنوية .

لمن لا يعلم فإن من أخطر الممارسات المجتمعية على الإطلاق هي التقية ، ولا يهمنا إن كان اسمها نفاق أو تملق ، لكنها أداة نجح أسوأ ما خلق الله من الإنس بممارستها حتى تمكنوا ، بينما الآخرين قاتلوا وضحوا وشردوا وهجروا واعتقلوا ونكل بهم ودمرت مدنهم عندما اختاروا طريق المقاومة ( وهو شرف لا يدانيه شرف ) .

بالعودة للنتائج فإننا نرى هؤلاء أصحاب التقية لا زالوا يحكمون ! وتفرش لهم أكبر وأصغر الدول العربية السجاد الأحمر وتعزف لهم أناشيد الوطنية عندما يحلون ضيوفاً فيها ، هذا ليس خلل ! ، بل هو الواقع ، التعامل حسب ما تفرضه السياسة ولا علاقة للعاطفة فيه ، يتم احترام رئيس الدول حتى لو كان مجرد قواد يدخل الأجنبي على أهله ، ونحن لا زلنا نتكلم بالواقعية التي يكرهها كثيرون اليوم ويحاولون تجنبها .

كيف أوصلت هذه الممارسة السخيفة هؤلاء إلى سدة الحكم في أعقد الدول حكما وهو العراق ؟ ، وكيف جعلت من إيران متحكماً بالعراق والتاريخ يشهد على عكس ذلك ؟ ، وكيف أصبح الرعاع رؤساء ومسؤولين يتحكمون بالعراق وتفتح لهم أبواب القصور ترحيباً بهم ؟ ، ويجلسون على موائد المفاوضات حالهم حال الملوك والأمراء والرؤساء .

الأجوبة ليست صعبة مطلقاً ، بل إنها سهلة للحد الذي نستسخف فيه الإجابة ، ومن يصر على الإجابة نقول أنها خطط وسياسات غربية ومصالح واستراتيجيات فرضت على العراق ولم يجد صانعو ومنفذو هذه السياسات غير هؤلاء الحثالة لتمريرها ، لكن لا زالت التقية تلعب دوراً خطيراً في استمرارهم ، فالوصول للقمة ليس انتصاراً ، بل استمرار البقاء في القمة هو التحدي الأكبر ، فكيف استمر هؤلاء ؟ .

وصل مسامعي ذات يوم بأن هناك أسلحة يتم بيعها والمقاومة كانت تحتاج لشرائها ، لكن تطور النقاش عندما سأل أحدهم عن مصدر الأسلحة ، فيما رد آخر وما دخلنا في المصدر ، المهم أن نحصل على ما يديم مقاومتنا ، وقال آخر يجب أن نتأكد ، فسألت راوي الحادثة ولماذا كل هذا القلق من المصدر ؟ ، فقال لأن هناك مصادر إيرانية تزود بعض المجموعات بالأسلحة والمال ! ، استغربت ببلاهة ! ، كيف هذا ؟ ، قال هذه معركة والمهم فيها الحصول على ما يديم زخمها مهما كانت المصادر .

المغزى من الحادثة أعلاه كبير وخطير ، وتدخل التقية كلاعب أساسي في الخطة التي مررت حينها من قبل إيران ، وأشهد إنها ذكية إلى درجة شيطانية ، لقد دعمت إيران أطرافاً معينة ذات واجهات طائفية ( سنية ) لمقاومة المحتل ومن جانب آخر غذت أصحاب التقية بالمال ونصحتهم بزيادة الانبطاح للمحتل ، فحققت أمرين في غاية الخطورة ، الأول هو تأليب أمريكا المحتل ومن ورائها الدول المشاركة بالاحتلال على شريحة معينة في سبيل التخلص منهم بطرق مختلفة ليس أسوئها الاعتقال والتعذيب ، والأمر الثاني التغلغل في مفاصل الدولة العراقية من خلال التقية والانبطاح للأمريكان .

هل تعتقدون بأن إيران سهلة ؟ ، أو ربما تعتقدون بأن الخطر الأمريكي أعظم ؟! ، لقد أوقع العقل الإيراني المتمرس بتنفيذ الخطط الشيطانية التي لا يمكن لأي طرف أو جهة تنفيذها بهذا الخبث ، أوقعنا في شباك نحن أساساً نؤمن بالوقوع فيها لأنه أساساً واجبنا الشرعي والقانوني للدفاع عن بلادنا ، ولولا هذه الخبائث لربما اعترفت أمريكا بالخسارة قبل وقت طويل وجلست مع أصحاب الأرض لتسوية القضية .

نعود الآن إلى موضوع أزلي وهو إن أمريكا سمحت لإيران ونغولها بالتغلغل في مفاصل الدولة العراقية ، وهذا ما نقوله هنا أيضاً ، لأن أمريكا أساساً تريد التخلص من صداع المقاومة بأي شكل ، وتستعين بكلاب الشوارع السعرانة لأشغالهم ، فالأمر ليس مخططاً بقدر ما هو رد فعل ضد المقاومة ، وهذا تفعله كل الدول التي تهيمن عسكرياً على دول أخر .

إيران ونغولها سيكررون لعبة التقية ، ولا نعلم مدى غباء أمريكا في تقبل هذا الأمر مرة أخرى ، لكن إذا ما تجددت المقاومة فبالتأكيد ستعود التقية الإيرانية للساحة ، وندخل حينها في حلقة مفرغة ، يقوم فيها أصحاب العمائم بخطابات حماسية ضد الشيطان الأكبر ، فيدفعون الشباب للموت من أجل بقائهم منبطحين تحت هذا الشيطان ، ليمرروا حقبة ثانية ومعركة أخرى لا يفوز فيها فقط الذي ينتحر بشرف ! .

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page