top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - سذاجونيا


سذاجونيا



هذه الأيام تتفاقم ظاهرة سذاجة نغول إسرائيل الشرقية وسادتهم القابعون في طهران ولعل أبرز مظاهر تلك السذاجة هي كيفية تعاملهم مع انتشار القوات الأمريكية في العراق وظهورها العلني في مناطق عراقية ، فقد ارتفعت عقيرتهم بالصراخ حول سيادة العراق وخرقها ، رغم أنهم هم من طلب تدخل الأمريكيين و( ناضلوا ) سنوات يطالبون بغزو العراق ، وهم من عملوا خدماً مخلصين للاحتلال الأمريكي وصاروا ميليشيات تحمي العملية السياسية تحت إشراف أمريكي .


ولكن ، الأكثر تعبيراً عن السذاجة هو اعتقاد حكام إسرائيل الشرقية بأن أمريكا غزت العراق كي تقدمه لخامنئي مجاناً بكل ثرواته وقيمته الجيوبولتيكية ! ، ولأن أمريكا فهمت لعبة خميني وبعده خامنئي فإنها وفرت قبل انسحاب قواتها من العراق ضمانات العودة القوية وبلا عوائق كبيرة لقطف الثمار التي حددتها قبل الغزو ، ولهذا فهي ستضرب بيد من حديد وبلا رحمة كل من يفكر بمنعها ! ، سذاجونيا إذاً تقتل ضحيتها لأنها تحمل في أنيابها سموم قتله ، فحكام الفرس وعلى رأسهم خميني الذي كان أول من مارس لعبة السذاجونيا مع أمريكا عندما قبل الدعم الأمريكي والصهيوني له ضد العراق في الحرب التي فرضها عليه ، طبقاً لعدة وثائق ومنها شهادة أبو الحسن بني صدر ( أول رئيس لجمهورية إيران الإسلامية ) ، وكان منطق خميني الساذج يقول : يمكننا الاستفادة من الدعم بدون أن نقدم تنازلات لأمريكا والصهيونية !!! ، بل أن خميني كما كشفت الوثائق الأمريكية قام بمراسلة جون كندي الرئيس الأمريكي ووعده بخدمة مصالح أمريكا لو ساعد على الإطاحة بالشاه ! ، وينغمس خامنئي في لعبة سذاجونيا أكثر من خميني لأنه شاهد أمريكا تصمت على الاعتداء على السفارة الأمريكية في طهران ولا تعاقب من نسف مقر قوات المارينز في بيروت مقتل عشرات الجنود الأمريكيين ولا ترد على شتمها يومياً ، فتصور أنها تخشاه ، أو نسيت خسائرها ، فتمادى في ممارسة لعبة سذاجونيا مع أن أمريكا وهي أكبر موثق للوقائع في التاريخ كانت توثق كل شيء وتنتظر نهاية مرحلة توكيل الإسلاموية الإيرانية للقيام بدور بلدوزر تهديم الإنسان والعمران في الوطن العربي ثم تحاسب النظام على كل عملياته ! .

في العراق نغول إسرائيل الشرقية لعبوا دوراً واضحاً جداً وهو خدمة الغزو الأمريكي فهم من تولى تحقيق أهم أهدافه بعد إسقاط النظام الوطني وهو حماية النظام البديل الذي أقامه الاحتلال ، وهم من حاربوا المقاومة العراقية طوال فترة نهوضها العظيم وصار كثير منهم مخبرين للأمريكيين يدلونهم على المقاومين أو يقومون بتنفيذ اغتيالات لمئات منهم ، وهم من نفذ خطة نهب العراق ونشر الفساد فيه تحت نظر أمريكا ، وهم من سرق دور الناس وأموالهم وأصبحوا مليارديرية ، وهم من شاركو الأمريكيين في إبادة مئات الآلاف وكان عدد القتلى والشهداء يومياً حسب الاحصاءات الأمريكية ما بين 200 و300 عراقي تكتشف جثثهم في المزابل والأنهار والسواقي والمقابر الجماعية وتلك عمليات كانت مصممة لتخليص الاحتلال الأمريكي ممن يقاومونه .

والآن ، وبعد أن أكملوا دوهم المرسوم في تدمير العراق وحولوه إلى خراب شامل بعد أن كان مزدهراً وعظيماً ومتقدماً وشعبه آمن وواحد ومحافظ على كرامته وسمعته الطيبة ، وبعد أن خربوا سوريا واليمن وأسروا لبنان ، حان وقت تغيير دور إسرائيل الشرقية ونغولها ليكون تحت السيطرة الأمريكية المباشرة .

نظام الملالي أدى الدور المرسوم له وهو تفتيت الأقطار العربية ، خصوصاً قوة العرب الضاربة : العراق ، بفتن طائفية عمياء هدمت الكثير من القيم العليا في المجتمع ونهبت ثروات العراق وجعلته خراباً شاملاً ، ولهذا حان وقت قيام البلدوزر الأمريكي بتنظيف العراق من نفايات البلدوزر الإيراني الذي أجّرته أمريكا .

هنا ظهرت سذاجة خامنئي ونغوله العرب في اوضح صورها : بعد أن تراكمت جبال الجثث وركامات آلاف المعامل والعمران والمزارع وتحولت مدن العراق التي كانت في زمن النظام الوطني الأجمل والأنظف والأكثر تنظيماً من بين دول العالم إلى خراب وقاذورات تعافها النفس وتتمركز فيها الميليشيات التي تقتل وتخطف وتغتصب فاصبح العراق مكاناً لا أمان فيه ، بعد حصول كل هذا بدأت ساعة تنظيف العراق تدق ، فلا تجارة ولا استثمار في ظل الخراب والفوضى والدمار، وضرب نغول إسرائيل الشرقية أو تقييدهم يصبح مطلباً شعبياً عراقياً حتى وإن كانت أمريكا من تحققه ، فشعب العراق يحتاج للخلاص من الموت وأمريكا تحتاج لإعادة بناء نفوذها فيه بطريقة توفر شروط استغلال ثرواته وموقعه .

خامنئي لفرط سذاجته وظنه أنه أذكى من نخب أمريكا التي خططت لكل شيء تعاون مع أمريكا بلا حدود وقدم لها ما أرادت ظناً منه أنه سيستطيع اعتماداً على ميليشياته طرد أمريكا من العراق أو على الأقل تقاسمه معها بحكم الأمر الواقع ، فجاءه تاجر لا يرحم حتى ابنته عند تقاسم الأرباح ، هو ترامب ، كي ينفذ ما رسم مسبقاً للعراق وهو رسم تبدو فيه إسرائيل الشرقية أحد أقمار النظام الاقليمي الجديد إضافة لتوأمهما إسرائيل الغربية وتركيا ، ولكن بعد إعادة تأهيل نظام طهران ، وكل ضغوط إمريكا الآن هدفها ليس إسقاط النظام بل تغيير سلوكه ليصبح خادماً لاستراتيجية غربية جديدة أعدت من جهة لمواجهة الصين وروسيا ومن جهة ثانية لمنع العرب من النهوض والتحرر ولعب دور مشروع في عالمنا .

الخطيئة الأكبر لخميني ثم لخامئني أنهما ومن اتبعهما لم يتذكرا أن أمريكا ليست جمعية خيرية وهي لا تضحي بدولار واحد ولا بأمريكي واحد من أجل آخرين ، فكل دولار تصرفه أمريكا وكل أمريكي يقتل أو يجرح يجب أن يكون ثمنه مليارات الدولارات تحصل عليها شركات أمريكا حصراً ، الآن ترامب يعمل كرئيس أكبر وأغنى شركة في العالم على إجبار حلفاءه الأوربيين والآسيويين وكندا وعرب الثراء على الدفع له نقداً عن كل خدمة وخطوة كانت في زمن الرؤوساء قبله جزء من تكاليف هيمنة أمريكا على العالم ، أما الآن وأمريكا تغرقها أزمات بنيوية طاحنة فإنها لا تستطيع إعطاء دولار واحد هبة .

من هنا ، فالعاقل هو الذي ينتبه للسؤال التالي : كيف عندما تكون أمريكا قد قدمت حوالي خمسة آلاف أمريكيا قتلوا في العراق وهو الرقم الرسمي بينما الرقم الحقيقي لعدد من قتلوا على يد المقاومة العراقية كان 75 ألف أمريكي لم يسجلوا في قائمة الجيش لأنهم من طالبي الجنسية الأمريكية ؟ ، وكيف حينما تصرف أمريكا على غزو العراق مبلغ ثلاثة تريليون دولار حسب احصاءات أكاديمية وسبعة تريليون دولار حسب ما قاله ترامب ؟ ، هل ستحني رأسها لخامنئي وتقول هل تفضل ابق متحكما بالعراق ؟ ، أم أنها سوف تقول له : اقبل بما أريده أنا وإلا سأضعك في قفص وأدور بك في الطرقات لتسلية الناس ؟ ، أمريكا تعرف أن نغول إسرائيل الشرقية في العراق ليسوا أكثر من فقاعات بعكس نغولها في لبنان واليمن ، نغولها في العراق خليط غير متجانس يتكون من أميين وانتهازيين ومن طائفيين نصف متعلمين وهؤلاء يتقلبون في أحضان كل من يسيطر ، وهؤلاء تبللت سراويلهم ما إن أخذ جنود أمريكا يظهرون وهم يرقصون مع شباب في الزعفرانية أو يزورون شارع المتنبي ويحادثون أهل الموصل وأعدوا أنفسهم للقفز من الزروق الإيراني المثقوب ! .

نرى الآن أحد قادة الميليشيات التي قتلت السوريين والعراقيين وطعن بأهل الفلوجة يقفز من الزورق ، ويتوسل قاتل سادي كان يتلذذ بشوي الاجساد للتدفء بنارها : ساعدوني على الهرب من العراق ! .

أمريكا لا تتوقع من ميليشيات الفرس رد فعل شامل ضدها حينما تقوم بفرض ما خططت له منذ عام 1998 ولم ولن تتراجع عنه إلا إذا أُجبرت ، ونظام الملالي لا يملك الحد الأدنى من متطلبات إجبار أمريكا على ترك العراق . كما أن أمريكا ترى أيضا أن خامنئي وهو يدرك أن المشنقة تنتظره وسط طهران لن يصدر أوامره لنغوله في العراق ليقوموا بمهاجمة القوات الأمريكية على نطاق واسع .

والأهم أن أمريكا ستفتح كل ملفاتها المؤجلة مع نظام الملالي من احتجاز دبلوماسييها في طهران إلى قتل مارينزها في لبنان وصولاً لعمليات مشاغلة قام بها بعض نغولها في العراق ، لقد حان وقت الحساب ودفع الثمن المؤجل 40 عاماً .

لقد استغلت أمريكا السذاجة الإيرانية ونصبت لنظام الملالي فخ التشجيع المبالغ فيه له على التوسع الاستعماري في الوطن العربي والامعان في قتل جماعي للعرب واحتلال أراضيهم ولم تفهم طغمة الملالي أن أمريكا والصهيونية أرادتا وكيلاً يقوم بما تريدانه دون أن تسمحا له بقطف الثمار وفقاً لما يريد ، وكيلاً يحقق هدفهما دون أن تفقدا جندياً واحداً أو دولاراً واحداً ، وأن يتحمل الوكيل الإيراني كل التكاليف اللاحقة وعندما يكمل مهمته تزيحه أمريكا وتضعه في منصة تصلح لواحد من خيارين : إما أن يكون مسماراً في آلة أمريكية أو تدفنه بعد جعله قراقوزاً .

هل نبالغ عندما نصف خامنئي بالساذج ؟ ، لاحظوا أنه أطلق يوم 8-2-2019 تصريحاً نارياً أكد فيه ( إن المقصود بشعار الموت لأمريكا هو الموت لترامب وليس أمريكا ) ، والسذاجة واضحة فهذا الشعار رفعه خميني منذ عام 1979 وبقي مرفوعاً ! ، ألا ترون أن السذاجونيا فنون وقد تصل للجنون ؟ .

إذاً ، التوريط الغربي الصهيوني لنظام الملالي خطة مرسومة منذ عهد كارتر ونتيجتها واضحة : فكثير من العرب يهملون الآن حقيقة أن أمريكا هي التي غزت ودمرت الدولة في العراق ، وهي من أطلق نغول الفرس ليكملوا خطة التدمير الشامل للعراق بتدمير المجتمع والقيم العليا والهوية الوطنية ، وبما أن الإنسان يوقف نزيف الجرح الأكبر فإن العرب تذكروا أن جلادهم المطلوب ضربه الآن هو خامنئي ونغوله مادام ضربه سيؤدي إلى تخفيف الكوارث أو ربما إيقافها ، وهذا أمر طبيعي في حالتنا بل ومطلوب .

درس الـ 40 عاماً الأعظم هو التالي :

لا تلاعب مخلوقاً أقوى منك بكثير ويمكنه في لحظة ما تحويل أحلامك الوردية إلى كابوس تتمنى الانتحار على تحمل رعب تواصله .

وهذا هو حال خامنئي الآن بعد أن تمدد في قبره منتظراً توقف كوابيسه ، أوراق مائة خامنئي بيد أمريكا الآن تقلبها لتختار من تريد .

Almukhtar44@gmail.com

10-2-2019

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page