الرفيق الدكتور قيس النوري - المزيفون
- مفكر سياسي
- Feb 25, 2019
- 2 min read

المزيفون
د. قيس النوري
صوتهم عال ، يثيرون الضوضاء ، يبطنون عكس ما يظهرون ، يزايدون حتى على المقدس ، ينقلبون بالرأي أسرع من أي إعصار ، يتحينون الفرص للتسلل .
إنهم آفة يعيشون كما العلق بين الضلوع ، إنهم المزيفون المخربون عن قصد وسابق تصميم .
تاريخ الحركات الوطنية حافل بأمثلة هؤلاء ، بعضهم نجح في التسلل إلى أعلى السلم ، بل قفز بعضهم الآخر إلى القمة ووضع جماهير الكادحين أسفل قدميه .
لا يفترض تجاهل واقع هذا الأسلوب وحقيقته في الاستهداف الماكر ، فالمعركة مع القوى الطامعة في أية ساحة من ساحات المواجهة مخطط لها بعناية ، وهي كي تنجح في تحقيق أهدافها لابد لها من جيوب داخل الخندق المقابل ، وعلى تلك الجيوب أن تكون مرتفعة الصوت ، تنشد ليل نهار أناشيد وطنية وتعلن انتماء زائفاً ، إنهم بهذا السلوك يحققون هدفاً مزدوجاً ، الأول إنهم يتصدرون استعداداً للانحراف مستقبلاً ، والثاني العمل على تحقيق بوصلة التغيير باتجاه الأسوأ ، وهم بذلك جالية الانحراف وفيلق التضليل المستعد أبداً لذبح مسيرة الانعتاق .
ليس صائباً تصديق المزايد بالرأي عندما يكون الجدل داخل البيت ، فمثل هؤلاء سرعان ما ينقلبون ، ينبغي بالرأي أن يكون حاسماً وصلباً في مواجهة العدو فقط ، لا يهادن ، لا يضع قدماً مكسورة هنا ويتطلع إلى تحقيق نزعات المرض المتأصلة في تكوينه وترسبات الباطن المليء بالعفن .
المعركة مع العدو المركب طويلة ، فهذا العدو الطامع يوظف كل ما استطاع من ثغرات ، وربما يكون أفضلها في الأذى ( لص الدار ) الذي لا ينكشف إلا بعد فوات الأوان .
لقد تعرضت حركات التحررعلى مدى مسيرتها في مقارعة الطامعين إلى العديد من مشاهد التسلل المقصود ، بخاصة في ظروف الأزمات ، التي مرت بها ، حيث يستثمر الظرف الطارئ والمربك في تسلق عناصر تمتهن السياسة بصفتها حرفة عمل للارتزاق من دون مبدأ وإيمان عميق مترسخ في النفس .
توفر الأزمة ، التي تمر بها الحركة الثورية فرص استثمار مضافة ، وهذا يستوجب الحذر لتفويت الفرص على هؤلاء من خلال صرامة الالتزام الحازم بالقواعد الأساس في العمل الثوري ، وعدم الانجرار واستساغة الاستثناءات في القرارات حتى لا تتحول هذه الاستثناءات إلى قاعدة في العمل ، ومن ثم يترسخ السلوك الخاطئ في تكرارات من القرارات تفضي إلى إتاحة المزيد أمام المتسللين المزيفين .
تلافت الكثير من حركات التحرر الوطني مثل هذه المزالق القاتلة من خلال ابتداع الصيغ الكفيلة بوأدها بتعريض المنتمي إلى محكات تكشف عمق انتمائه من عدمه ، وهي أساليب مشروعة لحماية التنظيم وسلامة مفاصله وحراكه النضالي .
في الساحات الساخنة ، وعندما تشتبك القوى ، تستوجب الضرورة مزيداً من الحذر من احتمالات الاختراق المنظم المقصود ، كونه يشكل تهديداً من داخل البنية ، ويكون بهذا خطراً كامناً يوقع من الأذى أكثر مما يوقع فعل العدو المكشوف .
Комментарии