الرفيق الوليد خالد - كيف البعث ؟ ، ولماذا واشنطن ؟ ، وما السبب الآن ؟
- سياسي عراقي
- Mar 6, 2019
- 3 min read

كيف البعث ؟ ، ولماذا واشنطن ؟ ، وما السبب الآن ؟
الوليد خالد
نخوض اليوم في هذه الثلاثية الاستفهامية التي طرحت حولها الكثير من الأسئلة التي نحاول وضع الإجابات المناسبة في ظل ظروف استثنائية ربما تغيب عن فكر من يطرح مثل هذه الأسئلة ، وله كل الحق في ذلك الطرح طالما ينبع عن حسن نية .
كيف البعث ؟
فكرة هذا السؤال تأخذ بنظر الاعتبار تاريخ البعث وتمسكه الشديد بمبادئه والأسس الوطنية المتينة التي بنى عليها مواقفه منذ انطلاقته وعبر كل الظروف التي واجهته ، وهو يشير إلى استغراب تواجد البعث في منطقة غير متوقعة ، وبغض النظرعن الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا العربي فيبقى السؤال كيف للبعث أن يبحث عن ظروف مواتية أو البحث عن ثغرات سياسية يمكن أن تصب في صالح العراق بعد أن حمل السلاح مع القوى الوطنية الأخرى ضد المحتل الأمريكي حتى أثخنوا فيه الجراح التي لازالت ندوبها واضحة على السياسة الأمريكية لغاية اليوم ؟ .
من يعرف البعث جيداً لن يقع فريسة هذا الاستغراب ، فالحزب الذي قاد نضالاً ضد حكومات عميلة للاستعمار منذ نشأته وقاد الثورات ثم دخل في مرحلة بناء السياسة والاقتصاد وصولاً إلى بناء الإنسان وواجه كل الظروف القاسية من استهداف سياسي واقتصادي أدت إلى حروب قادها البعث ضد المعتدين الفرس ومن بعدهم الأمريكان ، مثل هذا الحزب وهذا التاريخ والتواجد الدائم في كل الظروف لن يخذل الشعوب التي آمنت بقدرته على القتال في سوح الوغى ، وبالضرورة لن يخذلها عندما يفرض المشهد السياسي نفسه بديلاً عن سوح القتال ، فهو من أثبت مقولة " إن للقلم والبندقية فوهة واحدة " ، وهو من مارس السياسة سابقاً مع بقاء قوة السلاح مفعلة ، وهو من مسك المعول لإعمار العراق بيد وفي اليد الأخرى السلاح دفاعاً عنه ، لذلك ، فالبعث هو الأكثر تأهيلاً لممارسة هذا الدور عندما يراه مناسباً ، وفي الوقت المناسب .
لماذا واشنطن ؟
الكثير من علامات الاستفهام طُرحت حول مؤتمر واشنطن ، ومحورها إنها عاصمة الدولة المارقة التي احتلت العراق ، وإن من غير المنطقي التعويل على الولايات المتحدة وهي من دمرت العراق ، وهي من وضعت عملية سياسية لقيطة أوصلت العراق إلى هذا الحال من السوء ، والحقيقة إن علامات الاستفهام هذه تدور بعيداً عن فلك الحدث الحقيقي ، مؤتمر واشنطن الذي سيُقام في 13 آذار 2019 ، والذي يحمل عنواناً أكبر من كل علامات الاستفهام المطروحة ، وهو كيف التخلص من التغلغل الإيراني الذي تجاوز مرحلة الاحتلال الجغرافي ليصل إلى مرحلة خطيرة من الاحتلال الثقافي والديني والاقتصادي والاجتماعي ، هنا مركز القضية التي تضمحل أمامها كل القضايا الأخرى .
إن جواب " لماذا واشنطن ؟ " يمكن أن يكون على شكل أسئلة أخرى ، لماذا إسطنبول أو ستوكهولم أو جنيف أو لندن ؟ ، فكل هذه العواصم بل وأغلب عواصم العالم شاركت بطريقة ما باحتلال العراق ، وجميعها وضعت حدوداً مجحفة للمؤتمرات التي توجه اتهامات واضحة لإيران ، لكن هناك فرصة لإقامة مؤتمر يوضح للعالم ما تفعله إيران بالعراق والدول العربية ، وظهرت هذه الفرصة في واشنطن ، عاصمة الدولة التي سلمت العراق لإيران ، لكن في ظروف مختلفة تماماً ، كان فيه الصراع الأمريكي الإيراني مجرد قصص خيالية ، ذلك لأن الهدف الدولي حينها والأهم هو العراق ، لكن الظروف الدولية اليوم مختلفة ، ومن يقرأ مراحل تطورها سيعلم بأن هناك فرصة لاستغلالها من أجل مصلحة العراق ، وكانت واشنطن الانطلاقة ، وستتبعها الكثير من الفرص .
ما السبب الآن ؟
بغض النظر عن كل الذكريات السيئة عن الاحتلال الأمريكي للعراق ، فإن الساحة اليوم تنذر بتغييرات جديدة على ساحة الشرق الأوسط في وقت توجه فيه الأنظار إلى إيران ، مع ظهور خلافات جدية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول آلية استهداف إيران ، وليس استهدافها من عدمه ، فقرار استهدافها واقع ، إنما بانتظار التوقيت والآلية ، وهو السبب في الخلاف بين حليفين ثقيلين مثل أوروبا وأمريكا ، وهي ثغرة سياسية مناسبة لاستغلالها للتخلص من الهيمنة الإيرانية على العراق وغيره من الدول ، وينبغي على البعث أن يكون حاضراً في أي تغيير قادم ، وعدم ترك نهايات سائبة يمكن أن يتغلغل من خلالها ذات نغول العملية السياسية بعد تغيير جلودهم .
لا نريد القول أما الآن أو فلا ، لكن تطور الأوضاع في المنطقة وخارجها يحتم اتخاذ قرارات جريئة وواقعية يشكل فيها التوقيت العامل الأهم ، خاصة بالنسبة لحزب حمل السلاح وقاوم المحتلين ونال ما ناله من ظلم ، وجاء الوقت للدخول في المضمار السياسي في زمن ليس بالسهل ، والذي ربما لن يكون أقل خطورة من مرحلة المقاومة ، فهو ذلك الحزب المعروف بخياراته التي يعتمد فيها على دراسة المواقف السياسية والعسكرية ، ويمتلك القدرة على قراءة الواقع الدولي واستغلال نقاط الضعف التي ربما تظهر في فترة زمنية محددة ثم تتلاشى فيما بعد ، ولن يكون مؤتمر واشنطن سوى دليل آخر لقدرة البعث على التواجد في الساحة الدولية وقت يشاء وبالآلية التي يختارها بعد أن أثبت قدرته على التواجد في أرض المعركة ، وهو تسلسل منطقي للأحداث لا يستقيم معه الاستغراب .
Comments