top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - جانوسيا


جانوسيا



الإنسان يُعرف بثلاث - السفر والسلطة والنساء

مثل عراقي


جانوسيا مشتق من اسم جانوس ، وهي شخصية أسطورية في الفلسفة الرومانية عُدّت من بين الآلهة ، وكان لها وجهان مختلفان ، أحدهما جانوس وهي تضحك ، حيث يمتلئ وجهها بالشفقة وتعلو أشعة الشمس على وجهها المشرق ، فيما ، وعلى العكس من ذلك فأنها تبدو عصراً بوجه آخر خال من الشفقة والرحمة تسوده علامات الغضب والبشاعة (Wikipedia) .

ولا أريد عرض التفاصيل الفلسفية للأسطورة وسأكتفي منها بفكرة وجود شخص واحد بوجهين أحدهما باسم ومحب والثاني غاضب وحاقد .

1- نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الغربية يقول اليوم ما يلي : ( لولا وجود إسرائيل في الجولان لوصلت إيران إلى شواطئ طبريا ) .

أين نرى جانوس ؟ ، نراه أولاً في أن نتنياهو يقدم لإسرائيل الشرقية المزيد من الدعم لدورها التدميري في الوطن العربي بادعائه أنها لو وصلت إلى شواطئ طبريا ستكون تهديداً لإسرائيل الغربية ، أي أنها خطر على الكيان الصهيوني وهذا أهم ما تحتاجه إسرائيل الشرقية للاحتفاظ بمن يؤيدها من العرب ، أما الوجه الآخر المناقض فهو أن نتنياهو يعرف بكل اليقين أن اسرائيل الشرقية لا تشكل تهديداً حقيقياً على إسرائيل الغربية ليس فقط لأن استراتيجة نظام الملالي لا تتضمن هدف لتحرير فلسطين بل أيضاً لأن الواقع يؤكد بأن نظام الملالي يجمعه قاسم مشترك سوبر استراتيجي مع الكيان الصهيوني وهو معاداة العرب والطمع في أراضيهم ومياههم وثرواتهم والتصميم على محو هويتهم القومية ، وهذا القاسم المشترك هو قاعدة التلاقي الاستراتيجي بين الطرفين واللحمة القوية بينهما ، ناهيك عن أن نظام الملالي متيقن بأن أي حرب بين الإسرائيليتين سوف يكون طرفها الثالث أمريكا وبما أن نظام الملالي براغماتي فإنه أبعد ما يكون عن الإقدام على أي خطوة تهدد وجوده بالسقوط في حرب غير متكافئة .

2- في جريمة نيوزيلاندا التي قتل فيها خمسون مسلماً وهم يؤدون الصلاة كان رد فعل الغرب بارداً ومحدوداً جدا مقارنة برد فعله على حادثة الهجوم على صحيفة شارلي إبدو في فرنسا في عام 2015 وأدى هذا الهجوم إلى مقتل 12 شخصاً .

لقد انتفض الغرب كله ومعه عرب وبمشاركة إسرائيل الغربية فنظمت مسيرة رؤوساء وقادة العالم احتجاجاً على هجوم من أُطلق عليهم اسم تحريضي متعمد وهو ( الإرهابيون المسلمون ) وكانت تلك أول مرة في حياتي أُشاهد فيها رؤوساء يقومون بمسيرة احتجاجية !!! وأحصت مؤسسة روبرت شومان 45 رد فعل من رؤساء الدول ورؤساء الوزراء أتت من 39 دولة ومنظمة دولية !! .

في نيوزلندا قتل خمسون مسلماً وأدان الجريمة عدد محدود جداً من الرسميين ولم يدعى ملوك ورؤوساء لمسيرة قادة دول استنكاراً لجريمة نيوزلندا كما فعلوا مع جريمة شارلي ابدو ! ، إنه جانوس يطل علينا بوجه شديد الغضب عندما يتعرض هو لخسارة لكنه يطل علينا بوجه آخر مرتاح حتى وهو منزعج ولو قليلاً عندما تكون الخسارة للاخر .

ومن مشتقات أسطورة جانوس نرى اليوم إزدواجية المعايير .

3- على المستوى الفردي فإن جانوس يطل علينا بصورة أكثر وضوحاً ، حيث إننا اعتدنا على رؤية الوجه الباسم والودود لمن ليس لديه سلطة ( سلطة المال أو المنصب .. الخ ) بل نرى البعض الآخر متملقاً بطريقة مقرفة يكاد يصل فيها التملق حداً تقبيل اليد خضوعاً وتبعية ، لكن هذا الشخص نفسه ما إن يمتلك وسائل القوة سواء بالمنصب أو المال حتى نراه بصورة مناقضة تماماً ، فالذي كان ينحني ويكاد يقبل يديك تملقاً لك تراه يكلمك بطريقة متعالية أو أحياناً عدوانية ! ، وهذا الانقلاب يحدث فور تغير موازنة المستويات الوظيفية أو غيرها .

في هذه الحالة نرى الانتهازية في أوضح صورها وغالباً ما يكون الانتهازي حينما يتمكن عدوانياً بتطرف وانتقامياً بصورة لا أخلاقية رغم أن من ينتقم منه لم يسيء إليه ولكن مجرد امتلاكه سمات التفوق الفكري والشخصي والأخلاقي والوظيفي يجعله هدفاً للحقد .

كيف نتعامل مع جانوس المجتمعي ؟

1- إذا كان لجانوس وجهان كجزء من الطبع البشري فهل الموازنة بينهما متعادلة أم تختلف تبعاً لتركيب الشخص النفسي ؟ نعم ، الموازنة تختلف فهناك أشخاص بحكم طبعهم أو تربيتهم يتغلب عليهم وجه واحد لا غير بينما يوجد آخرون لديهم وجهان ، والبيئة المحيطة هي التي تنمي أو تضعف هذا الطبع .

2- الجانوسية الاجتماعية ثمرة الافتقار إلى المؤهلات وضعف الامكانيات الشخصية التي تعالج بالتملق وإظهار المسكنة والتبعية ولهذا فإن امتلاك وظيفة أعلى تسد النقص ولكن بطريقة كاريكتيرية لأنها زائفة فهي تمنح ناقص القدرة أداة تعالٍ وليس سمو شخصي وتقدم أخلاقي ، فهو يستند إلى قوة خارجية في ترقية قوة داخلية أصلاً ضعيفة ، وعندما يمتلك القوة الخارجية يتحول إلى جبار منتقم قاس لا يرحم خصوصاً من هو أقدر منه . 3- متى ينكشف خداع إزدواجية وجه جانوس ؟ ، بالممارسة التي تكشف الوجه الحقيقي لمن نتعامل معهم .

4- ماذا عليك أن تفعله مع من يحمل وجهين ؟ ، إذا فشلت في تغييره اتركه يمارس كافة أشكال الحماقة من النزق إلى الجريمة ولا تحتك به أو تجادله فذلك لا ينفع ، وهو سيغرق في مستنقع أخطاءه وجرائمه حتماً لأن جانوس إن كان بقي في الأساطير إلا أنه في المجتمع والسياسة حالة طارئة مدانة تزول لسبب بسيط هو افتقار المزودوج الشخصية لمقومات البقاء الأخلاقية وهي أساس البقاء حياً ونقياً .

5- استخدمنا المثل العراقي لأنه يكشف قبل الأسطورة الرومانية عن أن العرب اكتشفوا تنوع الطباع البشرية ووضعوا لها تصنيفات صحيحة فالإنسان تعرفه بالتجارب وأهمها امتلاك المال فهو سلطة قوية أيضاً مثل سلطة الدولة وفي حالات كثيرة المال يوصل لسلطة الدولة ، لهذا يجعلك المال تتخلى عن أي أسلوب اضطررت لاستخدامه وأنت في حالة الاعتماد على امكانياتك الضعيفة ، والسجن يكشف ما كنت تخفيه وأنت طليق لأنك مضطر لممارسة ما كنت تخفيه أمام بقية السجناء ، أما النساء ، فهي مفتاح شديد الخطورة والتعقيد لفك الغاز العدوان والانحراف البشري .

والعراقيون استخدموا أمثالاً كثيرة لوصف حالة جانوس قبل ولادة الأسطورة الرومانية منها المثل ( في الوجه مراية وفي الكفا سلاية ) ، أي في الوجه مشرقاً مثل المرأة وفي القفا سكين مخفية .

الدرس الكبير لمن يريد أن يبقى بوجه واحد طاغ هو أن الإنسان القوي هو الإنسان الوحيد الوجه دائماً وبغض النظر عن الظروف ، والتاريخ وأن سجل وصول مزدوجي الوجه لمواقع القوة لإلا أنه سجل أيضاً نهاية سيرتهم الحسنة وأدخلهم في صفحاته السود ، تذكروا هذا الدرس التاريخي ولا تنسوه أبداً مهما تعرضتم للضغوط والتهديدات .

Almukhtar44@gmail.com

20-3-2019

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page