top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - كسكسونيا


كسكسونيا



اسمحوا لي أولاً بتوضيح معنى اسم كسكسونيا ، فهو مشتق من اسم الأكلة المغاربية العربية الشهيرة كسكسي ، ذقتها لأول مرة في بيت المرحوم الرفيق مسعود الشابي في تونس في عام 1990 وهي أكلة لذيذة ، وقلت أنها مغاربية لأن أقطار المغرب العربي الأربعة المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا تواجه أزمة بدت خطيرة منذ سنوات فكل منها يؤكد أنها منه وله ، ووصلت الخلافات حداً من التوتر لدرجة أن الوزير الأول الجزائري ، أحمد أويحيى قبل استقالته مؤخراً أطلق تصريحاً يتهم فيه المغرب بمحاولة احتكار طبق الكسكسي المغاربي ! ، ولكي يحل هذا التناقض العدائي والرئيس الذي أشغل المغرب العربي عن كافة القضايا الوطنية والقومية الاجتماعية والثقافية فقد عقد اجتماع وزاري لوزراء الثقافة في الدول الأربعة وشكلوا اللجان الفرعية واستدعوا الخبراء لبحث أزمة الكسكسي ومنع التصعيد لدرجة اشتباكات عسكرية ! ، فماذا فعل الاجتماع الوزاري العتيد ؟ .

نجحت الدول المغاربية الأربعة في تحقيق خطوة تاريخية فريدة ومنتظرة منذ عقود وهي الخروج بقرار موحد وهو تقديم ملف مشترك لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة « اليونسكو » ، من أجل تصنيف « الكسكسي » كتراث إنساني مغاربي .

وقال عز الدين ميهوبي وزير ثقافة مغاربي حضر هذا الاجتماع ، أن لقاء المتخصصين المغاربة في التراث « يشكل وعياً مشتركاً » و» خطوة إيجابية » من أجل الحفاظ على هذا التراث الخاص بالطبخ والمشترك بين بلدان المغرب العربي ! ، وهكذا حلت مشكلة كادت تشعل حرباً شاملة هذه المرة بين أربعة أقطار وليس فقط بين الجزائر والمغرب ! .

وعندما شرح صحفي حضر المؤتمر الصحفي للوزراء المبدعين والذواقين أكد بأن الوزراء قرروا حل مشاكل الجوع المزمن في الصومال واليمن والعراق والسودان جنوباً وشمالاً وفي كل بقعة عربية تشهد موجات عاتية من الموت جوعاً ، وأضاف بأن الرئيسين الصومالي والسوداني بعثا ببرقيتين يؤكدان فيهما أن الصومال والسودان اللتان تملكان ثروة حيوانية هائلة يتبرعان باللحوم لتنفيذ هذا التعهد القومي ، بينما تبرعت شركة أمريكية تدعى ( بلاك ووتر ) بتوزيع وجبات الكسكسي في كل الأقطار المعرضة للجوع بل أنها أكدت أنها مستعدة ايضاً لإيصال تلك الأطباق حتى إلى القصور التي تتضور من التخمة .

ولمن لا يعرف شركة بلاك ووتر نشير إلى أنها شركة خدمات إنسانية تنتقل بين أماكن الأزمات لإطعام الجياع وتجنيبهم الموت جوعاً وقدمت في العراق بعد احتلاله خدمات جليلة ما زال أبناء الفلوجة يتذكرونها كوميض نار ينتشر في سماء معتمة ، ولكنها تواضعاً ولأسباب إنسانية صرفة تتجنب ربط أعمالها الخيرية بنفس الاسم فتغير اسمها بعد كل خدمة والآن وأطلقـت على نفسـها بعد مؤتمـر الوزراء المغاربـة الأربعة ( منظمة الانقاذ بالكسكسي ) .

أحد النشطاء الأساسيين قال وهو يتنحنح بتؤدة : لقد حان الوقت لقيام المغرب العربي بحل أزمات الجوع والفقر في الوطن العربي كله ، وبانتهاء الجوع تهدأ الاعصاب المتوترة ونحل أزمة الصحراء المحتدمة منذ عقود بين المغرب والجزائر ونتمكن من مصالحة حكومة طرابلس مع حكومة بنغازي في ليبيا ونوفق بين المعارضة في الجزائر والسودان وبين البشير وبوتفليقة ونوقف صرف المليارات على الدعاية الحربية بين قطر والسعودية والإمارات ، ونقنع خامنئي بالكف عن وضع البرقع فوق وجهه وهو يعانق نتنياهو ، فالكسكسي ليس له توجه سياسي يشعل الحروب وهو من لذائذ الحياة ومن نعم الله الرائعة .

ولكن ، ما لفت الانتباه هو لقطة فريدة في المؤتمر الصحفي حيث طرحت صحفية موريتانية سؤالاً على الوزراء الأربعة هو التالي : لماذا أُطلقت تسمية الكسكسي على هذه الاكلة ؟ ، فنهض أحد الوزراء وهمس في أُذن الصحفية كلاماً لم يسمعه سواها فاحمر وجهها وكاد ينفجر وتدفقت سيول العرق على وجنتيها وكادت عيناها تخرجان من محجريهما واختنقت وازرقت شفتيها وهي تصمت وتنسحب بسرعة من شاهد شيطاناً أمامه ! .

والآن ، هل عرفتم لم لم أكتب منذ عشرة أيام وتركت أحداثاً خطيرة تجري وتفرغت لمتابعة ثورة الكسكسي لإنهاء الجوع وهو هدف كل الاشتراكيين والثوريين وذوي النزعات الإنسانية ؟ ، لقد أسرتني عبقرية من طرح فكرة أن الكسكسي يمكن أن يتحول إلى عامل توحيد للمغرب العربي بدل أن يبقى عامل صراعات ! ، ألا يستحق ذلك مني إهمال تفاعلات أزمات فلسطين وآخرها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وتأكيد وجود خطة لتنفيذ صفقة القرن ، وأزمة اعتراف أمريكا بحق إسرائيل الغربية بضم الجولان إليها ، وأزمات العراق وسوريا المتفاقمة بسبب تنافر أطراف الأزمة الأجانب والسوريين والعراقيين وعدم توافقهم ، وكارثة الموصل التي ذهب ضحيتها أكثر من مائة عراقي ، فكل هذه الأزمات ثانوية مقارنة بأزمة الكسكسي ، ولكن المشكلة العويصة هي فطاحلنا الوزراء الأربعة عجزوا عن اقناع ثوار ليبيا بأن عدم دعوتهم كانت نتيجة غياب الحكومة المركزية مما زرع لغماً ليبياً داخل المغرب العربي يمكن تفجيره في كل لحظة ! ، هل عرفتم الآن لم تركت كل ذلك لأكتب عن أحد أهم إنجازات أمتنا العربية وهو كيفية حل أزمات أمتنا عبر الكسكسي ؟ .

Almukhtar44@gmail.com

2-4-2019

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page