الرفيق المجاهد صلاح المختار - لماذا ذكّر خطاب الرفيق القائد بعموم ثوابت البعث ؟
- مفكر قومي
- Apr 18, 2019
- 5 min read

لماذا ذكّر خطاب الرفيق القائد بعموم ثوابت البعث ؟
لوحظ من قبل العديد من المراقبين المحايدين أن الرفيق عزة إبراهيم ، الأمين العام للحزب ركز باستفاضة في خطابة في الذكرى 72 لتأسيس البعث على كل ما يتعلق بالبعث فكراً وتنظيماً واستراتيجية وممارسات وتحديات بطريقة يعيد بها المستمع إليه إلى الجذور والأصول ويذكر بها بقوة من أجل التمسك بها ، ولهذا كان الخطاب طويلاً كما يجب أن تطول كل عملية تربوية جذرية ابتداء من نشر رسالة تغيير حضاري نوعي وجذري وشامل إلى بناء عمارة معقدة تحتاج إلى تفاصيل دقيقة لضمان متانة البناء .
تناول الرفيق القائد عزة إبراهيم في خطابة الأسس والمبادئ التي شيد البعث عليها ، فعدد قواعد العمل الحزبي الداخلية كالديمقراطية والنقد والنقد الذاتي وحقوق الرفاق والقيادة الجماعية والمبادئ التربوية والأخلاقية التي تربي الرفاق ، ثم تطرق لمبادي الحزب وجوهر عقيدته مجسدة في أهدافه القومية : الوحدة والحرية والاشتراكية ، وأنه حزب رسالي وليس حزباً تقليدياً بدأ نضاله منذ عقود وسيستمر لقرون مادام يحمل رسالة ليس فقط لتغيير الأوضاع الفاسدة وبناء مجتمع ديمقراطي تقدمي وتحقيق الوحدة العربية الشاملة بل ولإدامة الحياة فيه بجعله متطوراً يواكب روح كل عصر دون التفريط بهويته الأساسية ، ولذلك ، ركز على الانقلابية لأنها ضمانة محافظة البعث على أصالته وطليعيته ... الخ .
لماذا هذه التفاصيل الدقيقة بعد عقود من النضال وفقاً لها ؟ .
1- كما أن الجسد البشري يحتاج للفحص لدى الطبيب كل فترة – وهذا هو سياق المحافظة على كل شيء – فإن الحزب يحتاج كل فترة إلى فحوصات شاملة لوضعه بكافة مكوناته من أجل التأكد من سلامة الحزب وعدم تعرضه لأي نوع من أنواع الضعف أو الخلل ، وبعد 16 عاماً على الغزو وقبلها بعد 35 عاماً من حكم البعث في العراق يكون الحزب قد مر بمرحلتين خطيرتين جداً وتعدان من أخطر ما مر به البعث ، فالحكم كما أنه أداة تغييرات إيجابية فهو بنفس الوقت أداة إفساد للبعض ، وما بعد الغزو كما أنه مرحلة فحص درجة نضالية وثبات كل مناضل فإنه مرحلة إظهار مناطق الخلل والضعف في التربية الحزبية ، لهذا كان تشخيص كل تلك الظواهر ضرورة ( طبية ) لابد منها وهو ما قام به الرفيق عزة إبراهيم في خطابه التاريخي ، فالخطاب في جوهره هو تشخيص ( طبيب مختص ) لحالتنا في جانبيها الإيجابي والسلبي .
وأول خطوات الفحص هي التذكير بمداميك البعث وضوابطه العقائدية والتنظيمية والأخلاقية والاستراتيجية وتسليط الأضواء على البيئة الجديدة لنضاله كي يرى ليس البعثي فقط بل كل إنسان ما يحيط بنا وما نواجهه من تحديات وخروقات وأوضاع جديدة لم تكن موجود ، والأهم ما تركته فترة الحكم فينا من سلبيات وما أحدثه الاحتلال من ضغوطات هائلة وغير مسبوقة على الإنسان بما في ذلك البعثي ، وكل تلك البيئات توجب إجراء فحص شامل للحزب للتخلص من الشوائب .
2 - ولعل أخطر السلبيات المتراكمة منذ حكم البعث ثم جاء الاحتلال ليبرزها بقوة والتي يجب معالجتها ظاهرة ضعف الرادع العقائدي والتنظيمي لدى البعض من الحزبيين ، فمن سلبيات السلطة أنها سمحت بحكم حاجتها للكم في إدامة أمن الدولة بالخلط بين حاجة الحكم وبين حاجة الحزب ، فلئن كان الحكم بحاجة لحراس فإن الحزب بحاجة إلى عقائديين مستوعبين لعقيدة البعث واستراتيجيته وأخلاقياته ، وحينما يخلط بين الحارس وبين العقائدي ولا يمكن التمييز بينهما تبدأ مسيرة المشاكل المعقدة لأن الأول يتقن فنون القوة أو التنفيذ الإداري لكنه ضعيف عقائدياً واستراتيجياً ، بينما الثاني يبدع في توضيح وشرح العقيدة والهوية والاستراتيجية والعلاقات الرفاقية للتنظيم إضافة لتمتعه بقدرات نضالية عالية جداً بفضل وعيه العام والخاص ، والنتيجة هي وجود عناصر لم تستوعب عقيدة البعث ولا أخلاقياته ناهيك عن جهلها لضوابطه التنظيمية حتى لو قرأت النظام الداخلي والمرجع الأول لعقيدة البعث كتاب ( في سبيل البعث ) عشرات المرات لأن النظام الداخلي والعقيدة روح قبل أن يكونا كلمات ، والروح نتاج معاناة وتفاعل طويلين ، ولهذا فإن بعض من كسبناهم أثناء حكم البعث وتمكنوا بفضل نشاطهم البدني من تسلق السلم الحزبي فواجهوا تحديات معقدة أجبرتهم على الاعتماد على تربيتهم الاجتماعية وثقافتهم العائلية والقبلية وليس على ثقافة الحزب وعقيداته التي تحتاج لمعايشة طويلة ومتعبة ، فماذا كانت النتيجة العملية ؟ ، البعض تصرف ومازال يتصرف ونوازع عشائرية تتحكم فيه في إطار مسؤولياته الحزبية كأنه رب العائلة وشيخ العشيرة فيغضب عندما يناقشه أحد ويحرجه ويتحول إلى عدواني شرس لا يقبل النقد ! ، ومن نتائج هذه الظاهرة استشراء التملق ، فهذا النوع قبل أن يتسلق يبدو لطيفاً وناعماً كالحرير لدرجة أنه يبدي كافة أنواع التبعية لمن ينظر إليه سراً باحتقار فيخاطبه بعبارات مثل ( تؤمر ) أو ( سأنفذ توجيهاتكم ) .. الخ ، لكنه ما أن يصل حتى يتنمر ويبدأ بالتصرف بخشونة ويستخدم أساليب كان ينتقدها بشدة ! ، بل أن حجم المرض الاجتماعي لهؤلاء يصل حد أنه لا يصدق أنه فقد وظيفته بعد الاحتلال فيتصرف بنفس البيروقراطية السابقة ويخاطب الناس بخشونة وعدوانية ! ، وهذا سلوك غير بعثي بالتأكيد .
3 - ومن بين أسوأ النتائج ضعف الرادع الأخلاقي ، فحيثما تسلل شخص إلى صفوف الحزب دون إكمال تربيته الحزبية والعقائدية وفحص مؤهلاته نجد لديه الاستعداد للردة الأخلاقية حتى وإن تظاهر في فترة ما بالتقيد بالقيم الأخلاقية وبضوابط البعث ، فحينما كنا في الحكم كان يخشى العقوبات فتقيد خوفاً وليس قناعة ، وبعد الغزو ونتيجة لغياب سلطة الدولة لاحظنا بروز ظاهرة انفلات البعض تنظيمياً وعدم التزامه بقواعد التنظيم والضبط ، بل الأسوأ من ذلك هو لجوء هذا البعض لوسائل تهديمية مثل الطعن برفاقه في وسائل التواصل الإعلامي وتلفيق أكاذيب عنهم لأنه إما اختلف معهم أو يخشى كفاءاتهم وهو لا يملك الكفاءة البعثية وإن امتلك الكفاءة النضالية .
لقد تصور بأن التباعد المكاني بين الرفاق والقيادة يسمح له باللعب خارج النظام والأخلاق وأنه لن يحاسب .
4 - والأشد تهديماً للعقيدة هو الكذب وتبديل المعلومات عمداً ، فحينما يعتقد ( الحارس ) بأن اللصوص سرقوا ما كان يجب أن يحافظ عليه يبدأ بتلفيق الأكاذيب لتبرئة نفسه ، بل أنه يتبع أسلوب ( الهجوم خير وسيلة للدفاع ) فيمارس شتى أنواع التلفيقات لرمي المسؤولية على منافسيه كما يعتقد هو ! ، وهذه الحالة تضع الرفاق العقائديين الأصلاء أمام وضع صعب فهم تعودوا على الأمانة في القول والدقة في النقل وتجنب كل ما من شأنه أن يسيء للآخرين أو يشغل الحزب لأن إخلاصهم المبدأي هو الذي يحركهم وليس خلفياتهم الفردية العشائرية أو الغريزية .
5 - عدم الانضباط يؤدي أيضاً إلى ضعف التنفيذ وبما أن التنفيذ في حزب يتعرض لأقسى أنواع الاجتثاث هو الواجب الأساس للبعثي الحقيقي فإن ضعف التنفيذ يعرض المؤسسة الحزبية برمتها لمخاطر الفشل في صراعها المصيري مع أعداء الأمة المنفذين لاجتثاث البعث بلا رحمة .
6 - ولكن من أشد نتائج الكسب تحت الحاجة لـ( الحراس ) والذين يستلمون تحت ضغط ظرف قاس مواقع ليست للحراس وإنما للواعين والعقائديين ظهور الخلل من فوق وليس من تحت ، أي من مواقع قيادية ، وهذا أحد أهم أسباب اضطراب بعض الحراس الذين تولوا مواقع العقائديين بالغلط أثناء دخول القوات الأمريكية لبغداد وفقدانهم للقدرة على تقدير الموقف بصورة سليمة رغم شجاعتهم التي تبخرت مع سيطرة الاضطراب عليهم ، بينما تمكن العقائدي من التصرف بصورة سليمة رغم كل مخاطر المواجهات وقتها ، كما أن ذلك أحد أسباب ظاهرة تلفيق الأكاذيب ورفعها لمن هو أعلى تجميلاً لصورته هو ، وذلك أدى إلى تقدير قوة الحزب بصورة غير واقعية مثلما حصل قبل صفحة الغدر والخيانة أو صفحة الغزو .
وأخيراً وليس آخراً ، فهذا النوع مرشح للتجنيد من قبل الأعداء لوجود أكثر من ( صاحب ) له .
هذه بعض السلبيات التي تتناقض مع ما قدمه الرفيق القائد في خطابه التاريخي وهو يستعرض مفردات العقيدة والاستراتيجية والنظام الداخلي والقيم الأخلاقية للبعث وسمات البعثي الرسالي ، الأمر الذي يجعل تناولها في الخطاب عبارة عن دروس للتعلم منها وتصحيح الأخطاء بواسطتها ، ففي غمرة النضال تغيب عن المناضل حتى العقائدي الكثير من المفردات الأساسية .
من هنا ، فإن الضرورة تقتضي التذكير بها وتسليط الأضواء عليها من أجل إعادة الوضوح الكامل والتمكن من حل الاشكالات بأقل الخسائر .
وهذه الحقيقة تلزمنا بأن نجعل من مفردات الخطاب محاور ومادة للتثقيف والتعلم مجدداً في الحزب وخارجه لسد الثغرات التي حصلت وإعادة تأهيل من كُسب كحارس لكنه تولى مسؤولية عقائدية لا يصلح لها ، وأخيراً فرز من لا يمكن إصلاحه بالطرق الرفاقية والتخلص من سلبياته .
Almukhtar44@gmail.com
18-4-2019
ความคิดเห็น