top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - اجتثاث من خطط لاجتثاث البعث



اجتثاث من خطط لاجتثاث البعث

من بين أهم ما سلط الرفيق القائد عزة إبراهيم عليه الأضواء في خطابه في الذكرى 72 لتأسيس البعث ما خُطط للحزب من قبل الاعداء وكيفية مواجهة الحزب لكل تلك الخطط ، فقال : ( لقد عبئوا كل قوى الشر في العالم لكي يجتثوا عقيدة البعث وفكره فعجزوا وارتدوا على أدبارهم خاسئين وباؤوا بغضب من الله والبعث ماضٍ بإذن الله وبقوته القوية وبإرادة مناضليه ومجاهديه وبالتفاف الشعب حوله حتى يسحق الخونة والعملاء الصغار الرعاديد ويسحق عمليتهم السياسية المخابراتية البائسة . وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون ) .


في هذا النص معان عديدة وعميقة منها :

1- بما أن نهضة الأمة مرهونة بنشوء الطليعة الانقلابية الواعية وتعاظم قوتها ودورها القيادي في المجتمع فإن الدروس التي تعلمها أعداء الأمة من تجربة البعث الأول في زمن الرسالة الإسلامية هو أن اجتثاث البعث مشروط أولاً باجتثاث الطليعة أن نشأت ومنعها من إكمال متطلبات نصرها بجرها إلى معارك جانبية تبعدها عن معركتها الرئيسة ، وهو ما يشيطنها فتعزل عن الجماهير ، والأخطر أن تشغلها بصراعات داخلية تفتت قدراتها وتزجها في دروب التيه ، وهكذا فإن الاستعمار الأوربي وبعده الامبريالية الأمريكية ومعهما الصهيونية العالمية وخلفهما القوميون الفرس كانوا عبر التاريخ الحديث يبدأون التأمرعلى الأمة سراً ومخابراتياً بالعمل على اجتثاث الطليعة أولاً وهذا عمل مخابراتي في المقام الأول ويسبق العمل العسكري العنفي ويقف خلف الصراعات السياسية ولا يطغى عليها ، وهو أهم منه ، فإذا أضعفت الطليعة أو حيدّتها يضمن منع النهضة العربية والتحرر الوطني والتكامل القومي الوحدوي .

إن الأحداث الخطيرة والغير مفهومة وقتها التي وقعت في بداية الستينيات في سوريا والعراق ومصر وغيرها تثبت أن العمل المخابراتي كان خلف بعض ماحصل وكان أحد القوى المحركة أو الصانعة للازمات وقتها ، إذ يكفي وجود عنصر واحد مجند ، أو واقع تحت تأثيرات معادية ، كي يحقق الهدف المخابراتي عندما يكون في موقع قيادي ، ولدينا حافظ أسد والبرامكة في العصر العباسي واصطناع التشيع والتسنن أمثلة حية وواضحة جداً على خطورة الاختراق لصفوفنا ، هذه حقيقة تذكرها أحد أهم عوامل إحباط مخطط المخابرات المعادية.

2- اجتثاث الطليعة لا يأخذ شكلاً واحداً ولا يمارس أسلوباً منفرداً فقوة الطليعة واستعدادها للتضحية وصمودها الأسطوري نتيجة تشبعها بمبادئ البعث يجعل مستحيلاً تحقيق أي نجاح في اجتثاثها باتباع أسلوب واحد تكشف طريقته وتحدد كيفية مواجهته وإفشاله ، ولهذا لابد أن تتعدد الأساليب لتشمل كافة الامكانات المتاحة لاختراق الطليعة ، ولا يوجد أكثر تخريباً من اختراق نواة الحياة وطرح بيوض الفساد في رحم منطقة القدسية ، فكيف يتم ذلك ؟ ، وما هي الأساليب التي اتبعتها أجهزة المخابرات المتعددة والمتلاقية حول قاسم مشترك وهو اجتثاث الطليعة البعثية التي نهضت مرة أُخرى في السابع من نيسان عام 1947 ؟

3- المخابرات المعادية تخطط دائما لما هو أخطر من الاجتثاث الجسدي وهو الاختراق المخابراتي للطليعة والعمل من داخلها حتى ولو بانفار محدودين ، إذ يكفي تسلل أنفار لإفساد منطقة كاملة من محيط القدسية في معابد الطليعة ، ولكن الاختراق ولأنه مخابراتي لا يشترط فيه أن يكون بصيغة تجنيد أعضاء بل الأخطر منه التأثير على أعضاء في منطقة القدسية دون تجنيدهم من خلال وضعهم في بيئة معينة يتعرضون فيها لتأثيرات خفية ناعمة خصوصاً تنمية التطلعات غير المشروعة لديهم والتي تؤدي بعد زمن إلى التحكم بمواقفهم وقرارتهم وتشعل صراعات بين أعضاء منطقة القدسية ، ومن ثم تحقيق أهداف معينة عن طريقهم ، ولو كررنا النظر إلى ما حصل منذا عام 1963 لرأينا كيف أن تنمية التطلعات غير المشروعة لعب دوراً أساسياً في جر الحزب إلى معارك جانبية أنهكته وأضعفته وأبعدته عن مواصلة تحقيق أهدافه الرئيسة .

ومن أهم أُسس العمل المخابراتي أنه يحدد لمن يجب أو توجه الضربة الأساسية ويترك البقية فكما أنك حينما تضرب أساس الجدار يتهدم البناء دون أن تتعب نفسك بتهديمه كله فإن ضرب عناصر معينة يؤدي إلى تهديم آخرين تلقائياً بحكم الترابط الرفاقي والثقة والأُنموذج الذي تقوم عليه فكرة الطليعة الثورية ، ويخلق الاضطراب والارتباك ويفكك الترابط فتظهر بوادر الضعف العام من خلال تراجع الانضباط والمركزية وشيوع الانفلات والتجاوزات .

وفي ضوء ذلك صار واضحاً أن المخابرات المعادية لا تتعب نفسها بتوجيه ضربات لتنظيم جبار منيع بل توجه ضربات منتقاة ورئيسة لعناصر القوة فيه وهي النماذج الطليعية المجربة والأكثر قدرة على الإبداع في العملية الثورية وتستخدم في ذلك تأثيراتها على بعض ذوي التطلعات غير المشروعة بتحريضهم ضد الناجح وتنمية فكرة أنهم أحق منه بالقيادة والشعبية والبروز .

وأيضاً ، لأنها مخابرات دقيقة الخطوات وتهتم بشدة بترتيب الأولويات عندما تحقق اختراقا فإنها توقّت استخدام ما حققته من مكاسب مع وصول الصراع ذورة حاسمة فتوقظ المناجذ النائمة – الجواسيس أو من وقع تحت تأثير تلك المخابرات دون وعيه – وتحركها نحو هدف محدد : توجيه الضربات الرئيسة لمفاتيح الطليعة وحراس المعبد المقدس ، لأنها إذا حققت ذلك وصلت لمن يجلس في المعبد المقدس ويقود كل الطليعة ويعد شرط توحدها ومتانة صلاتها وعندها يمكن للمخابرات تصفية القائد بالأسر أو الاغتيال فتوضع الحركة الثورية أمام واقع كارثي وهو إنهاء الدور التوحيدي للمركز بعد اختراق محيط القدسية فيه .

وعندما يتحقق ذلك يكون الاجتثاث قد تم بأسرع الطرق وأقلها خسارة تكلفة وأمهرها في التضليل خصوصاً إرباك المنظمة الثورية وتحييد آلاف المقاتلين الجاهزين للقتال حتى الاستشهاد ولكن تغييب الحراس أولاً ثم ضرب مركز القدسية ثانياً يجعلها مجرد كم بلا رأس يقود ويفكر .

ألم تخطط المخابرات الإيرانية والسورية للسطو على الحزب من داخله بواسطة المرتد محمد يونس الاحمد ؟ ، وبعده ألم يسقط الحزب خطة تصفية القيادة والقائد بواسطة عبد الباقي ؟ .

5- وعندما انهارت العملية السياسية وفشلت كلياً بعد أن أوصلت العراق وشعبه إلى جحيم لا يطاق وهدمت الدولة ثم سحقت الكثير من مداميك المجتمع الأخلاقية والثقافية واقتنع الشعب بأنها عملية مدمرة وأنها سبب البلاء وطالبت الأغلبية الساحقة بإسقاطها وأعلنت حرصها على عودة البعث واستعدت الطليعة لإسقاطها بعد نضوج الظروف الموضوعية ، وبعد أن نجح البعث في التعبئة الجماهيرية في مؤتمرات عالمية ناجحة بكل المقاييس كان آخرها مؤتمر المغتربين العراقيين في اسبانيا في عام 2017 وبعد أن تعزز الدور الفاعل للتنظيمات الشعبية المطلوبة لملء الفراغ مثل المجلس السياسي والجبهة الوطنية واللجان الاعلامية أثبت - البعث - للناس أنه فعلاً الطليعة المؤهلة لإنقاذ العراق ، وصار واضحاً كل الوضوح أن البعث أكمل متطلبات إسقاط العملية السياسية .

فماذا كان رد فعل أجهزة المخابرات المتعددة على النهوض البعثي الكبير ؟ ، رأينا صعود ظاهرتين خطيرتين : الظاهرة الأولى ، إطلاق داعش لإنهاك المقاومة والطليعة الثورية وإجهاض التغيير الجذري الذي كان ممكنا عملياً ، وقام داعش بإعدام أكثر من مائة قائد بعثي مدني وعسكري بما في ذلك أعضاء في مركز القدسية ، أما الظاهرة الثانية ، فكانت استخدام ما تحقق من اختراقات سابقة ناعمة لأجل إرباك المنظمة الثورية وإشغال الطليعة بمشاكل جانبية تافهة متتابعة لتبقي الطليعة منشغلة بحلها وبمعالجة نتائجها مخصصة وقتاً كان يجب أن يكون من حصة عملية إسقاط العملية السياسة .

6- ولكن هذه الخطط المخابراتية المعادية كان هناك من يرصدها ويتابعها وهم عيون الشعب الساهرة التي تركت الأعداء يكشفون احتياطيهم الغالي المخفي – المضموم - وتحملت الطليعة شتى أنواع التجاوزات لأنها كانت تريد أن ترى الشيطان يطل علينا بوجهه وليس بقرونه فقط كي يشخص بدقة وتوجه له الضربة القاضية وتحبط كل خططه وتقضي على نغوله وإصلاح من وقع في فخه بدون وعيه ، وهذا يتطلب فترة تتحدد خلالها كل المواقع الآسنة ونرى من يقف فوقها كي لا تكون ضربة حماية قلب القدسية غير دقيقة وكان المركز يراقب الحملات الاعلامية المشبوهة المتعددة المصادر والمختلفة الرايات والطروحات ضد الطليعة وضد مركز القدسية فيها وهو القائد لأجل استكمال شروط الرد الصحيح .

الصبر والحكمة والتعقل ضرورات لابد منها لقلب عملية الاجتثاث وجعلها اجتثاث لأعداء الأمة ولمن حاول اختراق منطقة القدسية فيها وهذا مافعله البعث دائماً في مراحل نضاله منذ أزمة عام 1963 وحتى الأن .

والطليعة الثورية تعتمد قاعدة بداهة لابد منها وهي عدم التطير من بحث إمكانية تحقيق اختراق مخابراتي لصفوفها من خلال بعض الضعفاء أو الطارئين ، فلو حسبنا أن حافظ أسد يمكن أن يكون جاسوساً لما تعرضنا للكوارث الحالية أو بعضها ، لا يعيش الإنسان آمناً بدون التحسب الدقيق والشامل ، وإحباط العمل المخابراتي المعادي مرهون بافتراض أنه يستطيع تحقيق اختراق لبعض الضعفاء ، أما إذا تجاهلنا ذلك فإننا نحط من شأن حزبنا ، فالأعداء لا يهتمون بالضعيف بل بالفاعل والمؤثر .


Almukhtar44@gmail.com

20-4-2019

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page