حوار مع الرفيق القائد أجرته مجلة " كل العرب "
- رئيس تحريرها علي المرعبي
- May 2, 2019
- 12 min read

القائد عزة إبراهيم :
كنا أول من قاوم ومعنا المجاهدين العرب الذين تطوعوا قبل الغزو و قاتلوا معنا ضد الغزاة .
كتب علي المرعبي
يتطلع الشعب العربي ، إلى معرفة موقفكم ورأيكم بما يخص الوضع العراقي والعربي ، خاصة بعد ثباتكم على مواقفكم المبدأية التي لم تتغير بعد الغزو والاحتلال ، رغم الهجوم الأجنبي الشرس والواسع من قوى الشر الاقليمية والدولية ، واستطعتم الحفاظ على مصداقيتكم في كل الظروف الصعبة والخطيرة ، رغم الأعداد الكبيرة من شهداء البعث والجيش العراقي الوطني ، والمقاومة العراقية البطلة .
مجلة " كل العرب " يهمها أن تلتقي بكم في هذا الحوار ، حتى ننقل للرأي العام العربي والدولي رؤيتكم ووجهة نظركم من كافة الحالات التي مرت عليكم ، والتطورات التي تعيشونها ، واستشرافكم للمستقبل .
القارئ العربي ، ينتظر أن يتطلع منكم على كل التساؤلات التي توضح له الموقف ، ولنا الفخر سيادة المناضل الكبير عزة إبراهيم أن نحظى بشرف هذا اللقاء ، الذي يتزامن مع بدء الغزو للعراق ، و انطلاق المقاومة الوطنية العراقية ، و ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي .
س 1 : نود أولاً أن ننقل لكم تحيات شعبنا العربي ، الذي يتمنى لكم الصحة والخير ، ويود الاطمئنان عليكم .
جواب 1:
تحياتي لكم في مجلة كل العرب صوت الأمة في أوربا والحمد لله أنا بفضل الله في صحة جيدة وعبركم أُرسل تحيات حارة لشعبنا العربي في كل مكان وأخص بالتحية شعبنا في المهاجر والذي حافظ على صلته العميقة بالوطن الأم وقدم و ما زال يقدم الدعم لقضايانا العادلة .
س2 : تصادف هذه الأيام ذكرى بدء غزو العراق من قوى الشر ، كيف كان تقديركم حينها ؟ ، وهل كنتم متأكدين من الغزو ؟ .
جواب 2 :
في الحقيقة كنا نتوقع أن الامبريالية والاستعمار الغربي والصهيونية العالمية سوف تتصدى لحزبنا وتجربتنا في العراق منذ تأميم النفط بداية السبعينيات وازداد تأكدنا عندما بدأت التنمية الحضارية الانفجارية تأخذ مداها وتظهر نتائجها وخاصة في ميادين التربية والتعليم والصناعة والزراعة ثم الميادين الأخرى وكان أكثر ما أفزع قوى الشر الاستعماري هو بناء الجيش الوطني القومي العقائدي وإعداد جيش العلماء والخبراء والباحثين ثم الصناعة العسكرية المتقدمة والاكتفاء الذاتي لأهم عناصر الغذاء ، الحبوب والمحاصيل الزيتية والسكرية فبدأ الحصار بوقت مبكر قبل حرب القادسية الثانية فحركوا الخميني وأمدوه بالسلاح وشجعوه على العدوان حتى طالت الحرب ثمان سنوات توقفت فيها نظم التنمية والتقدم وكان هدفهم هو إسقاط النظام الوطني القومي وإيقاف التجربة فعجزوا عن اسقاط الحزب وثورته ولكنهم أوقفوا مسيرة التنمية وغرق العراق بالديون فانتصر العراق في هذه الحرب الشرسة فجن جنونهم فبدأت التعبئة لجيوش هذه القوى بعد انتهاء الحرب بانتصار العراق مباشرةً فدبروا موضوع الكويت فبدأت الحرب على العراق منذ اليوم الأول لدخول الكويت بكل أشكالها ولم تتوقف حتى احتلال العراق عام 2003 .
س3 : هل كانت لديكم التصورات الكاملة لحجم التفوق العسكري الأجنبي على جيش العراق وتسليحه الذي أنهكه الحصار ؟ .
جواب 3 :
نعم كنا نعرف أن موازين القوى في صالح من حشد قواه لشن الحرب علينا ، فذلك كان واضحاً جداً ومن غير الممكن إنكاره ، ففترة الحصار أنهكت جيشنا والعمليات العسكرية طوال فتراته أدت إلى تدمير متدرج وشبه يومي لقواتنا المسلحة واقترن ذلك بتدمير متدرج ايضاً لاقتصادنا ولكننا كنا نتحمل مسوؤولية قيادة العراق نحو بر الأمان بقدر ما نستطيع وما نملك من قدرات وحاولنا أن نعزز صمودنا بتقوية المعنويات من خلال التوعية الوطنية والتذكير باختلال موازين القوى بين أجدادنا الذين فتحوا العالم والامبراطوريات القديمة كالفارسية والرومية وكيف أن قلة مؤمنة غلبت كثرة معادية وضالة بفضل الإيمان بالله وصواب الرسالة الخالدة التي حملناها للعالم ، لكن المشكلة كانت أكبر من من كل اعداداتنا للمواجهة لأن الأمر تعلق وقتها بموازين قوى عصرية مختلفة نوعياً ، فالعدو بدأ حربه دون نراه بينما أجدادنا عند الفتوحات الإسلامية كانوا يتواجهون مع عدوهم ويرهبونه بإيمانهم واستعدادهم التضحية ، وكان يقصفنا ولا نرى طائراته وتسقط علينا صواريخه منطلقة من أماكن لا نستطيع الوصول إليها ، وهكذا أخذت قدراتنا العسكرية تتآكل بسرعة رغم أنها بالأصل كانت مـتآكلة نتيجة الحصار ومنعنا من شراء الأسلحة الحديثة .
ورغم كل ذلك فقد قاومت قواتنا المسلحة ببسالة ما أن دخلت قوات الغزو جنوب العراق واشتعلت المقاومة الشعبية المسلحة ابتداء من أم قصر حتى الوصول إلى بغداد وخسرنا آلاف الشهداء من المقاومين والقوات المسلحة ودمرت أسلحتنا ، و زاد الأمر تعقيداً لأن قوات الغزو سلكت طريقاً خارج المدن غالباً للوصول إلى بغداد وعندما كانت تدخل المدن مضطرة كانت تواجه بمقاومة شرسة .
وهذا الخيار جعل قدرتنا على منع التقدم خارج المدن ضعيفة لأنها تتطلب أولاً وقبل كل شيء غطاء جوياً يحمي قواتنا التي تتقدم لمناطق مكشوفة أمام عدو متقدم عسكرياً علينا بكثير ويملك قوة جوية هائلة التطور ، لذلك استطاعت القوات الغازية منع تعرضها لخسائر ضخمة كان يمكن أن تتعرض لها لو دخلت المدن كلها وهي تتقدم نحو بغداد ، وهذه الحالة جعلت معركة المطار مثالاً مزدوجاً فهي من جهة مثلت بطولة قواتنا المسلحة التي اندفعت لصد تقدم القوات الغازية وأظهرت بسالة هائلة أربكت قوات العدو الذي تحمل خسائر كبيرة ولكنها من جهة ثانية أدت إلى إبادة ألوية مدرعة كاملة كانت جوهرة قواتنا المسلحة نتيجة التفوق العسكري والتكنولوجي الهائل للعدو علينا .
س 4 : ما هي الخطط البديلة التي أعددتموها لتفادي التفوق العسكري النوعي للقوات الأمريكية وحلفائها ؟ .
جواب 4 :
لقد أعددنا شعبنا بوقت مبكر لخوض معركة الدفاع عن الثورة ومنجزاتها فدربنا سبعة ملايين مقاتل رجالاً ونساءً ووزعنا السلاح على خمسة ملايين منهم بالإضافة إلى المقاتلين الذين أنتجتهم حرب القادسية الثانية وأعدو خطة مسك المدن ومداخلها فأرعب العدو هذه الأعداد والتخطيط عندما اصطدم بمدينة عراقية صغيرة في جنوب العراق اسمها " أم قصر " أوقفت قوى المقاومة الشعبية أقوى أرتال العدو وأهمها أسابيع عند حدودها فغير العدو خططه واختار تجنب الدخول في المدن أو التقرب منها واختار الصحراء لكي يستثمر تفوقه في كل شيء على جيشنا حتى دخل بغداد وأظهر الجيش العراقي العظيم بطولات قل نضيرها رغم التفوق الهائل للعدو وكانت معركة المطار الشاهد الأول على بطولة الجيش واستبساله حتى اضطر العدو أن يستخدم الأسلحة المحرمة دولياً .
س 5 : الخطة البديلة التي ذكرتها مصادر مستقلة ، بتحول الجيش العراقي من المواجهات العسكرية الكلاسيكية ، والإنتقال إلى مواجهات الكفاح المسلح ، هل كانت ناجحة ؟ .
جواب 5 :
نعم كانت في غاية النجاح فخسارتنا للمواقع والمدن واحتلالها عوض عنه بانطلاق مقاومة مسلحة وفقاً لقواعد حرب العصابات والتي بدأت مع تدهور قدرات جيشنا على مواصلة الحرب النظامية فبدأت صفحة حرب التحرير الشعبية أو المقاومة المسلحة والتي اعتمدت أساساً على الملايين التي دربناها بوقت مبكر وعلى ضباط جيشنا ومقاتلي الحزب والأجهزة الأمنية ، فهؤلاء باشروا المقاومة المسلحة فوراً سواء بتنظيم محكم أو بالعفوية ، وقمنا بتشكيل فصائل مقاومة متعددة وقمنا بدعم كل من يريد المقاومة من غير البعثيين لأنها حرب كل الشعب والدفاع عن العراق واجب كل العراقيين ، فلم نكن نميز بين بعثي ومستقل أو من أيديولوجيا سياسية أخرى قدمنا السلاح والدعم العسكري والتدريب والخبرة لكل من أراد حمل السلاح ضد الغزاة وانتشر ضباط الجيش على كل فصائل المقاومة الوطنية والقومية والإسلامية، و لهذا سجلنا في التاريخ بأن المقاومة العراقية هي أول مقاومة مسلحة شعبية تبدأ بهذه السرعة بمشاركة آلاف المقاتلين مرة واحدة وفي عدة مناطق في آن واحد ، بينما كانت حرب العصابات في الدول الأخرى تبدأ ببضعة أشخاص ثم تتوسع تدريجياً و هذا ما حصل في الجزائر وكوبا وفلسطين وغيرها لكن التجربة العراقية انفردت بأنها أنتجت مقاومة مسلحة بدأت القتال بآلاف المقاتلين ، وكل ذلك تم بفضل إعدادنا للملايين من المدنيين المدربين على حرب العصابات ونتيجة التحاق ضباط جيشنا بالمقاومة الشعبية المسلحة وتشكيلهم لفصائل مقاتلة ضمت كل العراقيين وبغض النظر عن هويتهم السياسية .
خطتنا البديلة كانت المقاومة الشعبية المسلحة التي أعطت ثمارها بإجبار قوات الغزو على تحمل خسائر هائلة بلغت أكثر من 75 ألف قتيل أمريكي حسب إحصاءات جهات أمريكية معارضة للحرب ولكن الحكومة الأمريكية حسبت منها أقل من خمسة آلاف لأن هؤلاء كانوا جنوداً وضباطاً رسميين بينما البقية كانوا ممن تقدموا بطلب الجنسية الأمريكية أو البطاقة الخضراء ( الجرين كارت ) وهي للإقامة الدائمة في أمريكا ، فاشترط عليهم القتال في العراق لمنحهم الجنسية أو الإقامة الدائمة وهؤلاء لم يسجل من قتل منهم في عداد المقتولين ومن هؤلاء سقط العدد الأكبر من القتلى ، أما الإصابات فقد أصيب أكثر من مليون أمريكي بعاهات جسدية أو نفسية بسبب غزو العراق نتيجة تبديل القوات المستمر ، وهذه الخسائر البشرية الأمريكية غير مسبوقة في كل حروبها بما في ذلك في فيتنام حيث لم يتجاوز عدد القتلى الأمريكيين أكثر من خمسين ألف قتيل ، وأخيراً اعترف الرئيس ترامب بأن خسائر أمريكا المالية تقدر بسبعة تريليون دولار في العراق وقبله قدر عدد من الأكاديميين الأمريكيين تلك الخسائر بثلاثة تريليون وكلها أرقام لم تخسر مثلها أمريكا لا في فيتنام ولا في غيرها ، وبسبب هذه الخسائر البشرية والمالية قررت أمريكا الانسحاب العسكري وسلمت العراق لإيران في عام 2011 .
س 6 : كيف كان أداء منظمات الحزب بالمواجهات عسكرياً و شعبياً ؟ ، هل قاموا بدورهم كما خططت قيادة الحزب ؟ .
جواب 6 :
دور الحزب كان أساسيا في المواجهة فقد خسرنا أعضاء قيادة استشهدوا وفي مقدتهم الرفيق الشهيد نايف شنداخ ، وهم يقاومون تقدم القوات المحتلة وخسرنا عشرات الكوادر الذين استشهدوا وهم يقاتلون ونتيجة لشجاعة رفاقنا فقد التحق بهم آلاف العراقيين المستقلين وتوسعت المقاومة ، ووفقاً لهذه الحقيقة فإن دور البعثيين يمثل النفيضة ويمثل البركان الذي جذب الآخرين وفتح لهم كل الأبواب للمشاركة في المقاومة .
ولكن التفوق الكبير والنوعي لقوات الغزو بالمعدات والتكنولوجيا وغيرها لعب دوراً أساسياً في احتلال العراق ويكفي فخراً شعبنا وحزبنا أنه قاوم ببسالة لمدة واحد وعشرين يوماً أقوى جيوش العالم وأكثرها تقدماً تكنولوجياً ، ولو كان من يقاتل الجيش الأمريكي جيش دولة أوربية قوية لانهار خلال أقل من أسبوع ، كما حصل لفرنسا التي انهارت أمام تقدم القوات النازية بعد أقل من أسبوع مع أن فرنسا كانت دولة عظمى ومتقدمة تكنولوجياً وعسكرياً من جهة ، كما أن تكنولوجيا الحرب العالمية الثانية كانت بسيطة مقارنة بتكنولوجيا حرب عام 2003 حيث استخدمت أسلحة توجه وتحدد أهدافها بالأقمار الصناعية من جهة ثانية ، لذلك فصمودنا 21 يوماً كان مفخرة عراقية كبيرة بعكس ما يروج من أن الجيش العراقي انهار بسرعة ، آخذين بنظر الاعتبار إضعاف جيشنا واقتصادنا خلال فترة الحصار .
س 7 : بعد هذه السنوات الطويلة من الغزو والاحتلال ، هل كان يمكنكم تجنب هذا الغزو بتقديم تنازلات ؟ ، وما هو حجمها و طبيعتها ؟ .
جواب 7 :
لقد مارسنا مرونة كبيرة وأبدينا إيجابية عالية وأذكر هنا بأننا سمحنا حتى بتفتيش القصر الجمهوري من أجل تجنب الحرب كما أننا قبلنا أن نمنح الشركات الأمريكية عقوداً كبيرة في إعادة بناء البنية التحتية للصناعة النفطية ، خصوصاً المنشآت النفطية ، وغيرها من المؤسسات الاقتصادية التي أنهكتها حرب إيران علينا والعدوان الثلاثيني والحصار ، وقلنا للأمريكيين نحن لا نريد الحرب ، والنفط يمكن أن يكون وسيلة سلام وليس وسيلة حرب ، ولكنهم كانوا مصرين على الغزو ولم تنفع كل مرونتنا وإيجابيتنا لأن المطلوب كان إنهاء العراق المستقل والمتحرر والملتزم بقضاياه الوطنية والقومية والإنسانية .
س 8 : كيف بدأت أعمال المقاومة الوطنية العراقية ؟ .
جواب 8 :
بدأت المقاومة فور دخول القوات البريطانية جنوب العراق وكانت مدينة أم قصر والبصرة أول محطات المقاومة المسلحة والتي قاتل فيها معاً الجيش والمقاومة الشعبية وعجزت القوات المحتلة عن احتلال المدن إلا بعد مرور أيام طويلة تم خلالها تدمير القوات المسلحة ، أما بعد احتلال بغداد فقد قام آلاف الضباط والبعثيين والمستقلين بتشكيل فصائل مقاومة فوراً ومارست المقاومة المسلحة في بغداد قبل أن تبدأ في الفلوجة وفي مدن أخرى وتعددت الفصائل الجهادية التي أنشأناها ومنها جيش رجال الطريقة النقشبندية وجيش الصحابة وجيش محـمد وجيش تحرير الجنوب وقوات الكرامة وسرايا الطف الحسينية وسرايا الزبير ولقد بلغت فصائل القيادة العليا للجهاد والتحرير57 فصيلاً مسلحاً عدا فرق وألوية الجيش ، وبهذه المنظمات كنا نقاتل الغزو ، وليس صحيحاً أن المنظمات غير البعثية سبقتنا فقد كنا أول من قاوم ومعنا المجاهدين العرب الذين تطوعوا قبل الغزو وقاتلوا معنا ضد الغزاة عند بدء احتلال العراق ، وبعدنا وبدعم منا ظهرت منظمات مقاومة أخرى إسلامية وغيرها ، وكانت أعمال قوات الغزو الوحشية تزيد من لهيب المقاومة وعدد المنخرطين فيها حتى وصلت المقاومة في معركة الفلوجة الأولى مستوى قهر القوات الأمريكية حتى في معركة نظامية والتي لعب فيها ضباطنا وجنودنا الدور الحاسم .
س 9 : الجبهة الوطنية العراقية ، من تضم من القوى السياسية المعارضة للاحتلال وما يسمى " العملية السياسية " وهل حققت الهدف السياسي من وراء تأسيسها ؟ .
جواب 9 :
الجبهة الوطنية تضم قوى وطنية وفصائل جهادية معروفة منها حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي العراقي - اللجنة القيادية – وكتل قومية ومنظمات شعبية ومهنية وشخصيات وطنية بارزة وهي نتاج عملنا بعد الاحتلال حيث بادرنا واتصلنا بالقوى السياسة الوطنية المعارضة للاحتلال وتحاورنا حتى وصلنا إلى إعلان الجبهة لتكون إطاراً واسعاً لكافة الوطنيين والقوميين والإسلاميين وتتولى عملية تحشيد الجماهير وتوحيد جهودها من أجل إنقاذ العراق ، والجبهة نجحت في كشف زيف العملية السياسية وفشلها وأثبتت أنها منبع الفساد والتبعية للأجانب المحتلين وميزت مناهضوا الاحتلال عن داعميه ونشرت الوعي بضرورة تحرير العراق من الاحتلال الإيراني .
س 10 : كيف تنظرون لأداء جبهة الجهاد والتحرير التي تقودونها ، في ظل تجفيف مصادرها التسليحية ، المالية ، و الحصار على جميع الأصعدة ؟ .
جواب 10 :
جبهة الجهاد والتحرير قاتلت الغزاة المحتلين وعملائهم وألحقت بهم خسائر فادحة أجبرت الجيوش الغازية على الهروب ، فجبهة الجهاد والتحرير هدفها الكبير هو إنقاذ العراق من حالته الكارثية وإنهاء الاحتلال الإيراني وإعادة بناء الدولة بطريقة حديثة ودستورية وإقامة نظام تعددي ديمقراطي يضمن لكل العراقيين الحرية والحياة الكريمة وينهي الفساد والمفسدين ، ونتيجة لكل تلك الضغوطات والحرص الشديد على حرماننا من الدعم المالي الذي كان يفترض أن تقدمه لنا الأمة العربية لم نحصل على شيء إلا على الدعم الواسع من الجماهير العراقية بالتبرعات ولهذا واجهنا عدداً كبيراً من المعوقات ولكننا والحمد لله تغلبنا على الكثير منها رغم كل ما سببه الحصار من مشاكل وصعوبات ، ومنذ البداية كنا نؤمن بان الحركات الثورية تزدهر وتتقوى بقدر ما تتعرض له من تحديات وضغوطات ولكن بشرط وجود ضوابط تنظيمية واضحة تجعل ممكنا التغلب على تلك التحديات .
س 11 : المراقبون يتحدثون أن تنظميات حزب البعث داخل العراق باتت الآن أكثر قوة وتنظمياً من ذي قبل .. كيف استطعتم ذلك في ظل قانون " اجتثاث البعث " وحملات الاغتيال والاعتقالات التي طالت عشرات الآلاف من مناضلي البعث ؟ .
جواب 11 :
نعم ، نشعر بالفخر والاعتزاز لأن حزبنا تعاظمت جماهيريته بعد الغزو مثلما تعززت قدراته التنظيمية بعد أن تساقطت العناصر الضعيفة التي علقت به بصورة عندما كان في الحكم ، أما بعد الغزو فلم ينخرط في صفوف النضال إلا أصحاب المواقف المبدأية الواضحة المستعدون للتضحية والفداء وهذا ما رأينا تطبيقه العملي باستشاهد أكثر من 160 ألف بعثي حتى عام 2014 وهو رقم لو تمعنا في دلالاته نرى أن حزب البعث العربي العربي الاشتراكي حزب رسالي لا يمكن اجتثاثه مهما تعرض للاضطهاد والتشريد التعذيب .
الآن ، ترى الكثير من العراقيين يتمنون عودة البعث للحكم ويقولونها عبر شاشات التلفزيون ويقولونها في التظاهرات بشجاعة وتحد للنظام الفاسد ، والسبب في ذلك هو حرصنا على النوعية في مناضلي الحزب فلم نعد نهتم بالعدد وأخذنا نتشدد في تقييم من يتولون المسؤولية لنضمن أداء ممتازاً ، وعمقنا الوعي الوطني والقومي ، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار البناء النضالي الصلب لحزبنا بالأصل نتمكن من معرفة أسباب فشل الاجتثاث وتحول هذه السياسة إلى أحد أهم عوامل تعزيز دور الحزب وزيادة جماهيريته .
س 12 : كيف تنظرون لمخاطر التدخل الإيراني داخل العراق ؟ ، ولماذا برأيكم سهلت الولايات المتحدة وصول عملاء إيران للسلطة بعد الاحتلال ؟ ، وهل كان يوجد تنسيق أمريكي ــ إيراني قبل وأثناء و بعد الاحتلال ؟ .
جواب 12 :
التدخل الإيراني لم يعد تدخلاً بل هو احتلال شامل للعراق ، احتلال للحكومة والبرلمان والمؤسسات العسكرية والأمنية ، واحتلال للموارد المالية ، لهذا نحن أكدنا مراراً بأن الخطر الإيراني هو الخطر الأول من حيث نتائجه وآثاره الكارثية على العراق والأمة خصوصاً وأنه يعتمد على تأجيج الطائفية التي تشرذم الناس البسطاء وتخلق مشاكل معقدة ويصعب حلها ، إضافة لاعتماده على التغيير السكاني ومنح الجنسية لأعداد ضحمة من غير العراقيين مثلما فعلت الصهيونية في فلسطين ، والتعاون الأمريكي الإيراني سابق للغزو ويعود إلى تعاون خميني مع أمريكا وإسرائيل في " إيرانجيت " وما بعدها وما رافقها ، وسبب اعتماد أمريكا على إيران في غزو وتدمير العراق يعود لسببين :
السبب الأول - هو أن أمريكا تريد تجنب الخسائر البشرية والمادية في العراق ، إذا خاضت معارك واسعة مع المقاومة العراقية ولفترات طويلة ، اعتماداً على تغلغل إيران وتولي ميليشياتها دوراً أمنياً ومخابراتياً وسياسياً مباشراً .
والسبب الثاني - أن أمريكا خططت لتجريد إيران من احتلالها للعراق بعد أن تنجز مهمتها وهي نشر الفتن الطائفية وشرذمة العراق لتسهيل غزوه والاستقرار فيه فتحملها مسؤولية كل الكوارث التي حلت بالعراق وهو ما نلاحظه الآن حيث تقوم إدارة الرئيس ترامب بتشديد الخناق على إيران تدريجياً .
س 13 : نعرف أن البعث والمقاومة العراقية والجبهة الوطنية العراقية ، يرفضون الدخول بما يسمى العملية السياسية ، هل موقفكم قابل للتحول إذا كانت هناك ضمانات دولية ؟ .
جواب 13 :
طرحنا مشروعاً سياسياً مهماً وهو الحل الشامل لمشكلة العراق بمشاركة كافة العراقيين ومن خلال مؤتمر يعقد بإشراف دولي وعربي تتوفر فيه الضمانات لإنهاء الحالة الشاذة ، لكن إيران وأتباعها رفضوا هذا الحل لأنه يجردهم من مكاسبهم غير المشروعة في العراق ويضع حداً للاحتلال الإيراني للعراق ، والآن تجري محاولات نأمل أن تنجح للوصول إلى حل سياسي لأزمة العراق يقوم على إبعاد الميليشيات وإنهائها وطرد إيران وعملائها وتصحيح الأوضاع التي نتجت عن الاحتلال وتنشط عناصر كثيرة على الصعيد الدولي للوصول إلى إقناع أطراف دولية وإقليمية بالاتفاق على حل ينهي معاناة العراق .
س 14 : ما هو رأيكم على ما تردده الإدارة الأمريكية من التحول بموقفها السياسي من إيران ؟ ، هل تعتقدون أن الإدارة الأمريكية قد تستهدف إيران ؟ ، وإلى أي مدى ؟ .
جواب 14 :
التحول الأمريكي تجاه إيران يقترن بإكمال إيران لدور الناشر لعوامل الدمار والخراب في العراق والمنطقة كلها فقد نشرت كافة أشكال الخراب والفساد والإرهاب والنهب وأكملت خطة تدمير الدولة وهجرت ملايين العراقيين من ديارهم ومدنهم وقراهم ونشرت الفتن الطائفية وأفقرت الناس ونشرت الشذوذ الجنسي والأخلاقي ، مما أدى إلى تبلور عداء شعبي شديد وغير مسبوق لإيران ولمن يتبعها في العراق ، لهذا نرى أمريكا الآن تستثمر هذا الجو النفسي المعادي لإيران لتنفيذ خطة تقليم أظافرها في العراق وفرض شروط أمريكية عليها تجعلها أحد اللاعبين في العراق وليس اللاعب المسيطر بينما تقوم أمريكا بدور القوة المسيطرة ، إذ ليس معقولاً أن أمريكا وبعد أن قدمت أكثر من 75 ألف قتيل في العراق وخسرت ثلاثة تريليون دولار على الأقل أن تقبل باحتلال إيران للعراق وتخرج هي بلا مكسب ؟ .
أما المدى الذي تذهب إليه أمريكا في تقييد إيران فهو إعادة تركيب العراق بحيث تصبح هي المهيمنة وإيران تحت إدارتها خصوصاً وأن إيران طرف في النظام الإقليمي الذي تريد أمريكا إقامته تحت تسمية النظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط والذي يفترض أن يضم تركيا والكيان الصهيوني وإيران وأطراف هامشية عربية لإكمال ديكور الحلف ، أما عن موقفنا الثابت والمشروع فهو أننا لم نخفي منذ بداية الغزو بأن أي خطوة تؤدي إلى إضعاف إيران في العراق وبقية الأقطار العربية نرحب بها وهذا هو الحد الأدنى لأهدافنا الاستراتيجية ، أما الحد الأعلى فهو طرد إيران وإنهاء أدوار عملائها في العراق وبقية الأقطار العربية .
س 15 : بمناسبة الذكرى 72 لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي ، ما هي رسالتكم للشعب العربي ولمناضلي الحزب ؟ .
جواب 15 :
في هذه المناسبة نؤكد لشعبنا العربي في كل مكان وللإنسانية عموماً بأننا مصممون على إنقاذ العراق ونعد هذا الهدف هو المقدمة الطبيعية لإنقاذ كافة الأقطار العربية ، فمن العراق بدأت الكوارث وبتأثير تحرره ستنتهي الكوارث لذلك ندعو كافة المناضلين العرب والأنظمة العربية لدعم حزبنا من أجل الاسراع بإنقاذ العراق وإعادة بنائه ليكون قادراً على تعبيد طريق إنقاذ الأقطار العربية وإيقاف المد الإيراني وإعادت إيران إلى حدودها القديمة ومنعها من التدخل في شوؤننا الداخلية .
ولكي نحقق هذه الأهداف الوطنية والقومية فمن الضروري الارتقاء بمستوى نضال الحزب وبنائه التنظيمي في الأقطار العربية كافة وتعزيز الهوية القومية لتنظيمه لأنها إحدى أهم ضمانات وحدة أمتنا العربية لاحقاً فبدون صورة البعث القومي الواحد القوي والملتزم لن تنهض الأمة ولن تتحرر ولن تتوحد .
س 16 : أخيراً ، كيف تنظرون لمستقبل العراق وأمنه وسيادته بعيداً عن التأثيرات الأقليمية والدولية ؟ .
جواب 16 :
ننظر لمستقبل العراق من منظورنا الأصيل كبعثيين فلا أمل بنهضة العراق من دون وحدته الوطنية وضمان المساواة لكل العراقيين واحترام ثقافاتهم وتنوعهم ضمن العراق الواحد ، فالعراق القوي هو العراق الذي يحترم حقوق كل مواطنية السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ويقضي على الفساد والتمييز بكافة أشكاله ، ولهذا نناضل بلا هوادة من أجل أن نقيم عراقاً بهذه المواصفات وهي سوف تضمن بتحققها حمايته من التأثيرات الاقليمية والدولية السلبية ، مع التأكيد على أننا نرحب بالتأثيرات الإيجابية التي تقوم على تحقيق التقدم والتقارب بين الشعوب وسيادة السلم والمساواة بين الأمم .
Comentarios