الرفيق المجاهد صلاح المختار - ميديوقراطية أبو الحسن
- مفكر قومي
- May 7, 2019
- 5 min read

ميديوقراطية أبو الحسن
قبل فترة صدر كتاب مهم عنوانه : «Mediocratie» ، أو نظام التفاهة ، لكاتب كندي اسمه ( ألان دونو ) ، وهو يسلط الأضواء على ظاهرة سيطرة التافهين ويقول ( أن التافهين قد حسموا المعركة ، من دون اجتياح الباستيل ( إشارة إلى الثورة الفرنسية ) ولا حريق الرايخشتاغ ( إشارة إلى صعود هتلر في ألمانيا ) ولا رصاصة واحدة من معركة « الفجر » ( إشارة إلى المعركة الأسطورية بين بونتا وبراكمار ) ، ربح التافهون الحرب وسيطروا على عالمنا وباتوا يحكمونه ) ، ويتابع قائلاً : « لا لزوم لهذه الكتب المعقدة ، لا تكن فخوراً ولا روحانياً ، فهذا يظهرك متكبراً ، لا تقدم أي فكرة جيدة ، فستكون عرضة للنقد ، لا تحمل نظرة ثاقبة ، وسع مقلتيك ، أرخ شفتيك ، فكر بميوعة وكن كذلك ، عليك أن تكون قابلاً للتعليب ، لقد تغير الزمن ، فالتافهون قد أمسكوا بالسلطة » ! .
ولعل من أبرز عباراته ما يلي : ( وصارت قاعدة النجاح فيها أن « تلعب اللعبة » ، حتى المفردة معبرة جداً وذات دلالة ، لم يعد الأمر شأناً إنسانياً ولا مسألة بشرية ، هي مجرد « لعبة » ، حتى أن العبارة نفسها راجت في كل لغات عالم التفاهة : « أن تلعب اللعبة » ، وهي قاعدة غير مكتوبة ولا نص لها ، لكن يعرفها الجميع : انتماء أعمى إلى جسم ما ، يقوم على شكليات السهرات والغداءات والانتقامات ، بعدها يصير الجسم فاسداً بشكل بنيوي قاطع ، حتى أنه ينسى علة وجوده ومبادئ تأسيسه ولماذا كان أصلاً ولأية أهداف ) .
وفي كتابي ( متلازمة امريكا ) الصادر في لندن عن دار نشر E KUTUB في عام 2016 والذي ألفته في أعوام 2011 و 2014 شرح تفصيلي لكيفية زرع وتنمية وممارسة عملية التفاهة في واقع العراق والوطن العربي منذ غزو العراق وحتى اشتعال ما سمي خطأ بـ( الربيع العربي ) وأكدت فيه أن أمريكا تعتمد أساساً على التافهين في تسيير عملياتها ، فمثلاً العولمة بذاتها هي حكم التفاهة والدليل المادي هو أنها انهارت بيد أمريكا التي فرضتها وتعود أمريكا والعالم إلى عصر الحماية التجارية وهنا مكمن تفاهة العولمة ، ولم أكن أعرف بوجود نظرية باسم ( نظرية التفاهة ) ، وقدمت في كتابي نماذج من حكام العراق بعد احتلاله وكيف تعمدت أمريكا اختيار التافهين والساقطين أخلاقياً وأنصاف الأُميين لحكم العراق وكانت النخبة الأكثر دعماً من قبل أمريكا ومخابراتها الكتل التابعة لإسرائيل الشرقية والتي سلمتها أمريكا الحكم منذ عام 2005 وحتى الآن .
والسبب الرئيس لتسليمها الحكم هو أن مخابرات أمريكا تعرف مسبقاً وكثمرة لدراسات معمقة بان نغول إسرائيل الشرقية هم أحقر التافهين وأن نظام الملالي هو الأشد حقداً على العرب والجاهز لتدمير كل مجتمعاتهم وإبادة ملايينهم بلا رحمة وهو ما حصل في أعوام ( الانسحاب الأمريكي من العراق ) .
وبالامس ( 6-5-2019) قدمت قناة " روسيا اليوم " شخصاً عرّفته باسم ( أبو الحسن ) على أنه قيادي في حزب البعث ومنذ تلفظ أول حروفه عرفت أنه من التافهين لجهله فقد ظهر ساذجاً ، وأثبت أنه كذاب ، وتناقضت أقواله ، فسقط بالضربة القاضية بيديه هو من أول اللقطات أمام الناس ! ، فلِمَ وكيف يحدث كل ذلك ؟ .
1- واضح بأن " أبو الحسن " تم اختياره من قبل المخابرات الإيرانية وبالتعاون مع المخابرات السورية في إطار خطة تمارس علناً منذ نفذها حافظ أسد بدعم من الموساد والمخابرات الأمريكية وحتى الآن ، وهي خطة اجتثاث البعث من داخله بعد أن فشلت خطط اجتثاثه من خارجه وهي خطط أدت إلى استعادته لشعبيته ، وظهر حب الشعب للبعث وللشهيد صدام في عشرات اللقطات التلفزيونية التي صورت من داخل العراق لعراقيين يترحمون على حكم صدام والبعث ويدعون لعودته ويحلمون بها غير آبهين بالموت ، لذلك أُضيف الاجتثاث الناعم للبعث وهو اجتثاث يتم من داخله أولاً ، فحينما تعجز عن اختراق حصن ما استخدم حصان طروادة لاختراقه وتدميره من داخله .
2- ولم يكن صدفة أن دور التافهين تعاظمت أهميته في سنوات نهوض البعث العظيم والذي وصل الذروة في عام 2017 حينما عقد مؤتمر المغتربين العراقيين في " أوبيدو " في إسبانيا وظهر العراق أصيلاً مؤصلاً بحضور أكثر من 500 شخصية حزبية ومستقلة ضمت سفراء متقاعدين بعضهم أتى يمشي على عكازات وفنانين وكتاب وشعراء وعلماء تبرعوا لتغطية الجانب الفني والثقافي ، فجن جنون حكومة المنطقة الخضراء التي عقدت عدة اجتماعات استثنائية لبحث أسرار نهوض البعث وصعوده الكبير وكيفية الرد عليه وإفشاله ، لأنه كان وراء إعداد مؤتمرات نهوض العراق في الخارج وفعاليات غطتها ( اللجان الإعلامية للدفاع عن العراق ) والتي انتشرت في بلدان أجنبية وأقطار عربية وربطت بين شباب الأمة كلها من المشرق إلى المغرب وقدمت صورة مصغرة لوحدة العرب وأنشأت قلعة متينة حراسها أوفياء للمبادئ .
هجمة التافهين على البعث اتخذت صورة مضافة رغم أن البعث تعرض لهجمات شرسة منذ الاحتلال وكان هدف الحملات دائماً حراس البعث الأشداء الذين رفعوا رايته بشجاعة ووجوههم مكشوفة وليس مثل التافه أبو الحسن الذي أخفى وجهه جبنا رغم أنه يعيش خارج العراق ، وتحدوا أمريكا وإسرائيل الشرقية وتحملوا الضيم والتشرد لأجل نقاوة البعث وحمايته من الاجتثاث وتحرير العراق .
وهذا طبيعي فلكي تخترق قلعة حصينة عليك أولاً التخلص من حراسها ، أو الدخول إليها بالخديعة ، وبما أن ضرب الحراس الأصلاء قد فشل فقد أُضيف تكتيك حصان طروادة وهو دس خيول داخل القلعة وتحت غطاء حمايتها ، ولهذا لم تكن صدفة أن العناصر التي اختيرت لدخول القلعة خبأت في خيول طروادة وكانت تزايد على البعثيين الأصلاء لكنها تهاجم الرموز خصوصاً الرفيق الأمين العام للحزب عزة إبراهيم ، وهذا ما فعله أبو الحسن مثلاً .
3- التافهون عندما يحكمون أو يسيطرون نراهم عاجزون عن اكتشاف تناقضاتهم وافتضاح أكاذيبهم لكنهم وبما أنهم تافهون فإن طبيعتهم الفاسدة والمفسدة تجعلهم يكررون ألفاظاً محددة تزيج الستار عن وجوههم فيظهرون سماسرة يتاجرون بكل شيء من أجل المتعة وليالي سهر وفيلا راقية وخدم في البيت وعدة سيارات لاندكروزر وملابس غالية ...الخ ، وهنا مقتل التافه فهو مهما تظاهر وأمسك بمصادر قوة فهو لا ينسى أنه سمسار ويتصرف منكسراً مثل كل سمسار رغم أنه يحمل رشاش عوزي ، فعهر الضمير هو المحرك الأساس في داخل أبو الحسن وأمثاله ، ومثلما يمكن أن يكون عهر الضميرحافز وقاحة فإنه مهدم ما تبقى من قوة للإنسان لأن السمسار ومهما كان وقحاً هو في النهاية جبان لافتقاره للأخلاق .
4- الهدف المباشر لمقابلة أبو الحسن هو تضليل حزبيين وتجنيدهم للدفاع عن إسرائيل الشرقية وعن نغولها في العراق بعد تصعيد الضغوط الأمريكية عليها وعليهم ، فهي إذاً ليست سوى فصل آخر من فصول محاولة الاجتثاث الناعم للبعث من داخله ولهذا رأيناه يمتدح " حزب الله " و" مقتدى الصدر " ويبعد إسرائيل الشرقية من تصدر قائمة الأعداء الأكثر خطراً ، ولكن فات المخابرات الإيرانية التي تولت إعداد أبو الحسن وغيره من نغولها الذين دربوا على اختراق القلعة أن البعث ليس مثل طروادة كي يخترق بخيول مهجنة فحراس البعث الواقفين في بوابته الرئيسة يفتشون من يدخل فيها وإحدى أهم ملكاتهم هي القدرة على تمييز من هجن وفقد أصالته ، وحتى حينما يسمح بدخول تافه مهجن فإنهم يتركونه لمراقبة حراس الداخل كي يكتشف من معه ولم يكشف بعد .
5- عندما اختارت أمريكا التافه والمجرد من القيم الأخلاقية والوطنية لحكم العراق كانت تعرف سلفاً أن هؤلاء هم وحدهم من يستطيعون تقسيم العراق بتهديم أسسه وخصوصاً تدمير المجتمع والعائلة بالتجويع المنظم والمتصاعد وبغياب الأمن ونهب الثروات بلا قيود وبنشر كافة أنواع الفساد خصوصاً التلفيق والشذوذ الجنسي ، وهكذا تهدم الإنسان الكريم وتفتح كل الأبواب لصعود وسيطرة إنسان تافه أناني بلا قيم ولا مواهب يتحكم به الجشع والسقوط الأخلاقي ومهمته الأساسية هي الحصول على المال والأضواء .
ظهور التافه أبو الحسن بهذا المعنى ليس سوى لحظة اضطراب وفقاعة ، فالحراس في بوابات القلعة .
Almukhtar44@gmail.com
7-5-2019
Comentários