الرفيق المجاهد صلاح المختار - البعث ، الاشتراكية ، الإسلام وأساليب النضال 3
- مفكر قومي
- Feb 1, 2018
- 4 min read

2- والوجه الآخر التدميري لليبرالية نراه متجسداً الموقف من الدين فرغم التجربة المرة للشيوعية التي نتجت عن مقولة بلورها ستالين بكل سذاجة معتمداً على المادية الديالكتيكية تقول بأن ( الكون لم يخلقه إنسان ولا إله ) وكانت نتيجتها حرمان الشيوعية من دعم مئات الملايين من الفقراء المؤمنين ، فإن الليبراليين العرب يتعمدون تكرار نفس الخطيئة الشيوعية الأولى وهي معاداة الدين تحت أغطية ظاهرية مثل علمانية إلحادية لا تعزل أصحاب العمائم البيض والسود بل تقويهم وتفتح أبواب النفوذ لهم بحجة حماية الدين !!! ، الليبراليون العرب يصرون ليس فقط على فصل النظام السياسي عن الدين بل أنهم يجعلون الإسلام عبادات وطقوس فقط رغم أن طبيعة الإسلام غنية اجتماعياً وأخلاقياً وتفسر وتهدأ الكثير من مصادر قلق الإنسان الميتافيزيقي ناهيك عن قيامها على العدالة الاجتماعية ، لهذا فإن الإسلام يمكن أن يكون مصدراً للحلول الاجتماعية والروحية في حالة واحدة فقط هي وجود نظام تقدمي وثوري قوي يتحكم في كل مفاصل المجتمع خصوصاً ضبط رجال الدين ، مثلما كان الحال في العصر الذهبي للعراق قبل الغزو .
إن تبني النظام السياسي لمبدأ المواطنة المتساوية واعتبار الهوية الوطنية هي الهوية الأساسية الجامعة للناس وما عداها عبارة عن هويات ثانوية يجب أن تخضع للهوية الوطنية هو الحل العملي والصحيح الذي يضمن الانسجام الاجتماعي ووحدة المجتمع والشعب بلا عزل للدين عن الدولة بصورة قسرية ومصطنعة والذي يقدم الحجج لكتل اجتماعية كبيرة لعزل النظام التقدمي كما حصل للشيوعية ، وبخلاف الشيوعية والليبرالية فإن البعث كان يعرف جوهر الدين مبكراً ولهذا أكد الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق منذ نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي على عدة منطلقات أساسية لا يمكن لأي بعثي حقيقي وليس مجرد حزبي إلا أن يتقيد بها بصفتها من أسس بناءه العقائدي العضوي وأبرزها المنطلقات الأساسية : ( الإسلام جسد روحه العروبة ) و( كان محمد كل العرب فليكن كل العرب اليوم محمداً ) .
ما كتبه الرفيق أحمد ميشيل عفلق كان ومازال صحيحاً من النواحي العقائدية والاستراتيجية والنفسية والاجتماعية ، فحينما نقول بأن الإسلام هو روح العروبة فإن ما يترتب على ذلك هو أن فصل الإسلام عنها يعني موت العروبة والإسلام منظومة قيم شاملة للأخلاق والحقوق وهو ما منح العروبة عظمتها الحضارية وثراءها الروحي .
ولكي نمنع شرور رجال الدين يجب أن تتولى الدولة الاشتراكية تحديد من يفسره ولا تترك الأمر لذوي العمائم وحدهم لمنع استغلال الإسلام لخدمة مصالح أخرى وهو ما نراه الآن في العراق والوطن العربي والإقليم والعالم حيث تستغل المخابرات ، خصوصاً البريطانية والأمريكية والموساد ، المسيحية والإسلام والهندوسية واليهودية والبوذية - كما نراه في ماينمار- لخدمة أهداف استراتيجية ومخابراتية وسياسية لا صلة لها بالدين أصلاً .
وفي إطار ذلك فإن من يفتي يجب أن يعترف رسمياً وعملياً بحقوق غير المسلمين وأن لهم مرجعية دينية خاصة بهم تفصل في قضاياهم الشرعية وغير ذلك وهو ما كان معمولاً به في ظل العهد الذهبي للعراق قبل الغزو عندما كانت في الدستور مادة أساسة تؤكد بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع لكنه ثبت بنفس الوقت والإلزام أن لكل ديانة مرجعيتها الخاصة .
وفي ضوء ما تقدم فإن المطلوب وطنياً هو منع رجال الدين من قيادة الدولة وليس عزل الدين عن الدولة .
3- أما الأخطر نضالياً وفكرياً ، فهو الدعوة لترك العقيدة القومية الاشتراكية وفصل القومية العربية عن الإسلام والاستهداء بمنهج تجريبي لا يتقيد بنظرية مسبقة ويعتمد على الوعي الإنساني العفوي والمزاجي والآني بالدرجة الأولى ، فهذه الدعوة يمثل دعاتها واحداً من اثنين :
- إما عناصر مخلصة ولكنها ضائعة ومفككة عقائدياً ولم تستوعب عقيدة الحزب .
- أو أنها عناصر مدجنة تم اختراقها مخابراتياً خصوصاً في الساحات التي تملك القوى السياسية المعادية لنا فيها القدرة على الابتزاز والاختراق المخابراتي .
من الناحية الشكلية فإن المنهج التجريبي هو نقض لأسس بناء البعث كحزب عقائدي يستهدي بعقيدة محددة ولا يمكن تغييرها من قبل أي قيادة أو فرد كما نص الدستور ، أما موضوعياً فإن هذه الدعوة ليست إلا محاولة صريحة لاجتثاث البعث عبر تفكيك أهم مصادر قوته وهي وحدة طريقة التفكير فما لم نضمن ديمومة منهجية واحدة في عملنا وفهم ما يجري فإن الحركة الثورية تغترب وتضيع بين نوادي الجدل البيزنطي وهذا من ممهدات الاجتثاث الرئيسة ، أو وفي حالة التجنيد المخابراتي لعناصر معينة فإنها متقوية بحماتها تمارس الوقاحة والابتزاز عندما يرفض تجريبيتها الفجة العقائديون .
التجريبية وكما أثبتت كافة التجارب وصفة تروجها مخابرات متقدمة لإنهاء الحزب الثوري من خلال تحويله إلى ناد ثقافي بلا بوصلة تحدد وتضبط في آن واحد مسار خياراته وطرق تفكيره فيغرق في الجدل والصراع الفكري في كل مرحلة وعند كل تحول لأنها تلغي منهج العقيدة ومنطلقاتها وتفرض منهج البحث الآني في كل ظاهرة جديدة ، تماماً مثل فرد يخرج للسفر وهو لا يعلم أي أين سيذهب ويجرب كل الطرق عسى ولعل يصل لمبتغاه بالصدفة وتلك هي أزمة الخروج من مكان خانق إلى أماكن قد تكون مناطق قتل حقيقية .
وتزداد أهمية التفكيك التنظيمي للحزب الثوري بالنسبة للقوى المعادية عندما يتولى مسؤولية تحرير وطن محتل ، فالتجربيبة تجر جراً إلى الانشقاقات ومنع تبني استراتيجية وطنية شاملة وواحدة نتيجة تغليب العقل الفردي النرجسي على العقل الجماعي المنقى من النواقص ، فالعقل الجماعي الممثل للعقيدة محكوم بأن لا يخرج عن سكتي فولاذ أُعدتا مسبقاً كي لا يضيع القطار في متاهات مختلفة قد تكون معدة سلفا له .
4- وفي مجال التطبيق نرى أن الليبرالية تجر إلى نفي ضرورة النضال بكافة أشكاله والتركيز فقط على النضال السلمي وهذا بالطبع مطلب غربي يمارس منهجاً آخراً تفكيكياً أيضاً هو المنهج الانتقائي الذي لا يرفض الاشتراكية أحياناً مباشرة لكنه ينتقي منها ما يريد ويترك مقومات جوهرية فيها مدركاً مسبقاً أن الانتقائية كفيلة بقدح شرارة احتضار الجسد مادام قائماً على بنية عضوية ، وهذا المنهج هدفه في النهاية منع تحرير أي قطر أو بلد من نظم الاستغلال والاستبداد أو من الهيمنة أو الغزو الغربي والإقليمي ، مع أن التحرر يقترن بضرورة إبقاء الخيارات مفتوحة أمام أساليب العمل والنضال لتشمل العمل المسلح إلى جانب العمل السلمي .
5- والتجريبية كما الانتقائية تجعلان الاشتراكية خياراً وليس حتمية اجتماعية وعقائدية ولهذا علينا التأكيد دائماً على أن الاشتراكية ليست خياراً أو حلاً مرحلياً ، بل هي حتمية عقائدية ونظاماً اقتصادياً اجتماعياً ثقافياً يتصف بالديمومة ولهذا لا يجوز الدعوة لنظام اجتماعي أساسه الاصلاح السلمي فقط مع عدم التمسك بأسس النظام الاشتراكي وتركها غائمة أو قابلة للتغيير والمساومة ، ويتجلى هذا في التركيز على الاصلاحات المطلوبة دون وضعها في إطار النظام الاشتراكي تحديدا .
6- وأخيراً وليس آخراً ، فإن محافظة البعثي على أخلاقية نضاله خصوصاً احترام الآخرين وترفعه عن الصغائر والأنانية جزء من نضاله العقائدي فما لم يجسد البعثي في سلوكه عقيدته ذات السمة الأخلاقية فإنه يقدم أُنموذجاً سلبياً عن الحزب ولهذا فإن الخروج عن عقيدة الحزب ومنهج تفكيره وممارسة الفوضى والتهجمات المنفلتة أثناء الحوار يسهم مباشرة في شيطنة البعث أمام الناس الآخرين .
Almukhtar44@gmail.com
1-2-2018















































Comments