الرفيق المجاهد صلاح المختار - هل يمكن تغيير السياسة الأمريكية تجاهنا ؟ 2
- مفكر قومي
- Feb 19, 2018
- 5 min read

- هل يمكن تغيير السياسة الامريكية تجاهنا ؟ 2 -
ما هي الشروط المطلوب توفرها لتحريرالعراق من الغزو بكافة اشكاله ؟ ، استناداً لتجربة المقاومة العراقية في الفترة بين عامي 2003 و2011 يمكن تأكيد الحقائق التالية لضمان طرد أمريكا من العراق :
1- تجربة المقاومة العراقية أكدت بصورة حاسمة بأن أمريكا يمكن إلحاق الهزيمة العسكرية بها ليس فقط في حرب العصابات بل حتى في حرب كلاسيكية ، ومعركة الفلوجة الأولى في عام 2004 تؤكدان ذلك إذ صمدت الفلوجة في معارك حرب كلاسيكية وليس حرب عصابات ومنعت فيها أمريكا من تحقيق أي تقدم بل سجلت المقاومة العراقية تقدماً كبيراً على حساب القوات الأمريكية رغم التفوق الأمريكي الهائل .
أمريكا بالأصل دولة ظاهرها القوي جداً غير باطنها المنخور جداً بنفس القدر ، ففي ذروة قوتها التي تستحق أن توصف بالماحقة وهي كذلك فعلاً ، هزمت في حرب فيتنام ، ولم تكسب حرباً واحدة ضد حركات التحرر .
وثمة أسباب جوهرية لهزائمها المتكررة حتى حينما تحقق نصراً أولياً كما حصل في بداية غزو العراق ، أبرزها أنها دولة مواطنتها مصلحة وليس هوية قومية فالأمريكي لا توجد لديه هوية قومية لأنه مهاجر أو عائلته وجاء لأجل العيش الرغيد وليس للموت وعندما يتعرض للموت يفقد رجولته ويتحول إلى باحث عن الحياة بأي ثمن ، وهنا نرى أخطر ثغرات الجيوش وهي فقدان المعنويات والتي بدونها لا انتصار مهما تفوق ذلك الجيش .
أما الحقيقة الأخرى ، فهي ، أن امريكا شركة كبرى وليست دولة عادية ولم تصل بعد للدولة الوطنية ولهذا فإن سايكولوجيا الشركة ، وليس الأمة والوطنية ، هي التي تتحكم بالقرار الحربي الأمريكي ، وعندما تصل الخسائر مرحلة تهديد الاستقرار الاقتصادي الداخلي بنقل الحرب إلى داخل أمريكا بصيغة وجود قتيل أو معوق في كل حي أمريكي تصبح الحرب أزمة داخلية أمريكية خطيرة وعندها تضطر الشركة لإعادة النظر في مواصلة الحرب وتتقبل حتى الهزيمة ، وهذا ما حصل لها في فيتنام ثم في العراق .
ويمكن الإشارة إلى واحد من أبرز مظاهر العجز الأمريكي عن خوض حروب طويلة وشاملة هو استبدال الجيوش النظامية بنظام خصخصة الجيوش ، مثلاً شركة بلاك ووتر ، أي الاعتماد على المرتزقة فمنذ العدوان الثلاثيني على العراق في عام 1991 حيث جند عشرات الآلاف من المرتزقة من طالبي الجنسية أو الجرين كارت للقتال لتجنيب الجيوش الخسائر الهائلة والتي لا تستطيع تحملها لفترة طويلة في حرب شاملة برية وجوية ، وهؤلاء لا يسجلون كقتلى للجيش الأمريكي ، مما يؤكد هشاشة قوة أمريكا وإمكانية تفجير فقاعتها .
من هنا ، فإن من يريد مواجهة أمريكا يجب أن يضع هذه الحقيقة في مقدمة جدول أعماله وأن يعد العدة لحرب طويلة مكلفة جداً ولكنها ستنتهي بإجبار أمريكا على الانسحاب وترك العراق كما حصل في عام 2011 .
وما يعزز فرص النجاح هو أن أمريكا الآن في مرحلة الشيخوخة ولم تعد شابة وذات حيوية وهي تواجه أزمات بنيوية داخلية خطيرة جعلت اقتصادها يوصف من قبل خبراء أمريكيين بـ( الفقاعة الضخمة ) والتي يمكن أن تنفجر في أي لحظة .
بالاعتماد على حرب العصابات بالدرجة الأولى يمكن إجبار أمريكا على زج قواتها في الحرب وليس المرتزقة فقط كقوة صد وهجوم وهو ما سوف يجبرها أما على التفاوض وفقا لشروط المقاومة أو على الانسحاب الذليل لأنها لا تستطيع توفير العدد المطلوب من المقاتلين ولا صنع معنويات تسمح لهم بالقتال في بيئة معادية وفي مواجهة مقاومة شرسة كالعراقية ، ولا تتمكن من تحمل تكاليف حرب هائلة الثمن مادياً وهي تعيش مرحلة تدهورها الاقتصادي وتفكك مجتمعها أكثر مما مضى .
2- بخلاف مرحلة هزيمة أمريكا في العراق والتي تميزت بخضوع كافة الدول للابتزاز الأمريكي نرى ظاهرة جديدة لعبت المقاومة العراقية الدور الأساسي في بلورتها وهي بروز أكثر من طرف دولي وإقليمي يتحدي أمريكا مباشرة بعد أن ثبت أنها فقاعة كبيرة مع أن ذلك كان حتى عام غزو العراق 2003 غير ممكن ولا يجرأ أحد على تحديها بل كانت الأغلبية من الدول تحاول استرضاءها لأنها كانت في ذروة عنجهيتها واستكلابها ، بعد هزيمة أمريكا أمام المقاومة العراقية انتقلت روسيا من مغازلة أمريكا إلى تحدي أمريكا في كل مكان تقريباً وما الساحة السورية إلا مثال واحد على ذلك ، كما أن الصين تصعد مواجهتها لأمريكا .
وفي ميادين التكنولوجيا نرى أن روسيا والصين وكوريا الشمالية تربك أمريكا في مجال المعلوماتية ، وهي مجال التفوق الأمريكي حتى بضع سنوات ، حيث انتقلت روسيا إلى الهجوم التكنولوجي على أمريكا ، وبرز الهكرز الروس والصينيين والكوريين الشماليين كفرسان لساحات الاختراق ألحقوا هزيمة مريرة بهكرز أمريكا ، بينما كان الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية تلهثان خلف أمريكا تكنولوجياً ، وما التحقيقات الأمريكية حول اتهام ترامب بأن روسيا كانت سبب فوزه في الانتخابات نتيجة تدخلها الالكتروني ودعايتها ضد كلنتون إلا مثال واحد فقط .
لقد فقدت أمريكا عنصر الانفراد في استخدام أرقى التكنولوجيا وتنافسها الآن روسيا والصين وغيرهما حتى في التكنولوجيا العسكرية والفضائية ، بل أنهما تهددان الأمن القومي الأمريكي بتكنولوجيا المعلوماتية ، وهذه ظاهرة تدل على انتهاء عصر احتكار أمريكا لأهم المصادر الحديثة للتفوق العسكري وهي المعلوماتية .
واحتدام التنافس الامبريالي بين أمريكا من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية يسمح بالكثير من المناورات لحركات التحرر الوطني ، مثلاً نظام بشار بقي في الحكم فقط بسبب التدخل الروسي والإيراني .
لقد انتهت مرحلة الابتزاز الأمريكي للدول وبدأت مرحلة تتوفر فيها إمكانية عقد تحالفات مصلحية وأحياناً بصورة متناقضة وغير مفهومة وهو ما نراه أُنموذجياً في سوريا من خلال التحالفات المتغيرة والغامضة بين تركيا وروسيا وإسرائيل الشرقية وإسرائيل الغربية وأمريكا والتي تدوخ من لا يستطيع تفكيك خيوطها المتداخلة .
وبهذا المعنى ، فإن المقاومة العراقية يمكنها التعاون مع أطراف دولية وإقليمية بمرونة عالية جداً ، وليس كما كانت أثناء وبعد غزو العراق ، من أجل محاصرة أمريكا وطردها وهي حالة كانت معدومة عندما انطلقت المقاومة العراقية واعتمدت على نفسها فقط في دحر أمريكا .
3- سقوط كافة المشاريع البديلة لمشروع الحركة الوطنية العراقية خصوصاً المشاريع الطائفية والعنصرية ومشاريع أحزاب الفرد الواحد وهي الصيغة المخابراتية الأمريكية الأهم ، ومشاريع الأنظمة العربية كلها ، والتراجع الواضح للدور الأوربي واقتران ذلك بتنامي الوعي السياسي لدى أوساط تشكل الأغلبية خصوصاً إدراك أن انتقاداتها للنظام الوطني في العراق قبل الغزو وربما بعده كانت عبارة عن نظرة مثالية لما يجب أن يكون عليه النظام السياسي خصوصاً أنه يجب أن يخلو من الأخطاء ، وهذه النظرة ثبت أنها خاطئة لأن أي نظام ومهما كان صحيح البنيان والأشخاص لابد أن يرتكب أخطاء كبيرة أو صغيرة ما دام البشر هم صناعه وقادته والبشر خطاءون وأخطاء نظام البعث كانت طبيعية خصوصاً في بيئة التحديات التي واجهته ، ولهذا رأينا الأغلبية الساحقة تعيد النظر وتعبر عن قناعتها بأن الحل الوحيد لأزمات العراق مرهون بعودة البعث واعتبار أخطاءه طبيعية وأن عليه تصحيحها وليس اجتثاث البعث .
هذا التغيير المعبر عنه حتى من خلال فضائيات تبث من داخل العراق يؤكد بأن المشروع الوطني للحركة الوطنية العراقية والذي طرحه البعث يشكل القاسم المشترك بين الأغلبية الساحقة من العراقيين في كافة محافظاتهم ، وهو ما يرعب كل من أمريكا وإسرائيل الشرقية اللتان كثفتا من حملاتهما لشيطنة البعث وبأساليب جديدة .
4- انكشاف أهداف الحقيقة الإيرانية والتركية أمام جماهير الشعب العربي ، فالمصلحة القومية لكل من تركيا وإسرائيل الشرقية هي المحرك وليس أي شعار آخر وهذا يساعد على توحيد صفوف العرب ... يتبع .
Almukhtar44@gmail.com
19-2-2018















































Comments