top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - الطرب فوق جثث ملايين العرب


- الطرب فوق جثث ملايين العرب -

- صلاح المختار -


لا يحك جلدك مثل ظفرك ، مثل عربي من بين أهم ما أثبتته الشهور الأخيرة بكل تطوراتها الكارثية وانهت فترة حيرة البعض بين الشعار الدعائي والممارسة الفعلية ما يلي :


1- قومية النظام التركي :

إن مواقف نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوجان من الأحداث في دول المنطقة يقوم على أساس ثابت طغى على كل ما عداه وهو المصالح القومية التركية وليس الالتزام الإسلامي والذي مهما كان صادقاً ليس إلا ظاهرة ثانوية مقارنة بالالتزام القومي التركي ، بدليل المواقف التركية من العراق وسوريا وإسرائيل الشرقية مثلاً ، حيث رأينا ، وبعيداً عن الشعارات الإسلاموية التركية على النقيض منهاما يلي :

أ- وقوف تركيا مع نظام الملالي ضد الانتفاضة الشعبية الإيرانية العارمة والشاملة رغم مشروعيتها وخدمتها لدول المنطقة خصوصاً العراق وسوريا واليمن ولبنان ودول الخليج العربي .

إن الدعم التركي المطلق لنظام الملالي في طهران أظهرته تصريحات الرئيس التركي ورئيس الوزراء ووزير الخارجية التي توالت مؤكدة دعم نظام الملالي بقوة ، بينما كان ممكناً الاكتفاء بتصريح أحد كبار المسؤولين الأتراك ، وهي ظاهرة صدمت أنصار أردوجان العرب .

وخطورة الموقف التركي تكمن في أنه جاء في مناسبة كانت دول المنطقة التي دمرت تدميراً شاملاً بأدوات إيرانية وبدعم أمريكي صريح مثل سوريا والعراق واليمن ودول أخرى تتعرض للاستنزاف الخطير ويقترب زجها في مطاحن التدمير الشامل مثل دول الخليج العربي ومصر كانت تنتظر الانتفاضة الإيرانية الحالية كمخرج ضروري جداً لإنهاء كوارثها ، ناهيك عن القلق العالمي بسبب تزايد مخاطر أحداث المنطقة ، لكن الموقف التركي جاء مخيباً للآمال بدعم النظام الإيراني وليس الشعوب الخاضعة لنظام الملالي .

ب- في سوريا ، أكدت مواقف تركيا أنها تراجعت كثيراً عن مواقفها الأصلية وتفاهمت مع روسيا وإسرائيل الشرقية وقدمت تنازلات جوهرية لهما في تخل واضح عن حقوق الشعب العربي السوري ، ج- في العراق فإن تركيا ورغم كل تهديداتها بالتدخل فيما لو تعرضت مناطق فيها تركمان عراقيين للخطر بالتدخل العسكري ، وهنا نرى الدافع القومي وليس الإسلامي واضحاً فهي تدافع عن التركمان وليس عن المسلمين عموماً ، ولكنها تراجعت ولم تتدخل بسبب صلابة الموقفين الأمريكي والإيراني المناقضين للموقف التركي ، بل صمتت على اجتياح قوات الحرس الإيراني كركوك وعلى اجتياح ميليشيات الحشد الشعوبي مناطق هددت تركيا بالتدخل العسكري فيها .

د- وأعلنت تركيا دعمها لحكومة العبادي على حساب الشعب العراقي الذي مازال أكثر من أربعة ملايين مهجر منه داخل العراق يعانون من مصائب التهجير ومنعهم من العودة إلى مدنهم وأكثر من ستة ملايين مهجرين إلى الخارج ، رغم أن الرئيس أردوجان أكد أنه ( سيحمي سنة العراق ) وروج إعلامه لفكرة ( العثمانيون الجدد ) .

إذاً ، الحقيقة الواضحة هي أن ما يحرك النظام التركي الحالي ، كما الأنظمة السابقة له ، هو المصالح القومية التركية والإسلام ليس سوى مؤثر ثانوي تحدد دوره المصلحة القومية وليس العكس .


2- اللعبة الأمريكية الخبيثة :

قدمت الأحداث الأخيرة أدلة جديدة ومضافة لما سبقها تؤكد بلا أي شك أن أمريكا تنفذ خطة تقسيم سوريا ، وبقية الأقطار العربية طبعاً ، بأدلة واضحة جداً منها :

أ- أنها ترفض حل الأزمة السورية وتصر على بقاءها متواصلة ومتصاعدة وتقوم بتغيير دورها ومواقفها بصورة مدروسة لأجل تحقيق هذا الهدف . وهذه اللعبة هي ذاتها التي لعبتها أثناء حرب خميني على العراق .

ب- كما أن دعمها لما يسمى بـ( قوات سوريا الديمقراطية ) مثال آخر على كارثية اللعبة الأمريكية حيث أن هذه القوات صنعت من قبل المخابرات الأمريكية والموساد ولم تكن موجودة قبل عام 2011 من أجل التمهيد لتقسيم سوريا بإيجاد قوات عسكرية قوية غير عربية تتولى إمساك الأرض ومنع السلطة المركزية في سوريا المحررة من فرض سيادتها على كل الأراضي السورية ، ويقع في هذا الإطار تمكينها المصطنع من طرد داعش في مناطق معينة آخرها مدينة الرقة بطريقة تؤكد بأن داعش تخضع أجزاء كثيرة منها للمخابرات الأمريكية حيث أنها لم تقاوم قوات سوريا الديمقراطية كما قاومت قوات العبادي في الموصل والأنبار وقبلها قوات المالكي .

لقد سهلت المخابرات الأمريكية عمليات السيطرة على مدن عربية وليس فيها أكراد لقوات سوريا الديمقراطية من أجل زيادة حصتها في المساومات القادمة حول تقسيم سوريا ، ولا داعي لتكرار التذكير بأن استبعاد تركيا من عملية تحرير الرقة كان من أجل تعزيز دور قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية .

ج- أثبتت الأحداث بأن تهديدات ترامب لإسرائيل الشرقية كانت عبارة عن محاولة مد حبل إنقاذ لها بطريقة تختلف عن طريقة دعم أوباما لها ، فلئن كان أوباما يدعمها علناً كما في الاتفاقية النووية فإن دعم ترامب أخطر فهو يريد إعادة تجميل وجه نظام الملالي وميليشيا حزب الله اللذين تقبحا جداً نتيجة دورهما الإجرامي في سوريا والعراق واليمن وغيرها ، فجاءت تهديدات ترامب لنظام الملالي لتحييه وتقدم له ولنغوله العرب الغطاء لمواصلة القتال داخل الأقطار العربية وتمنع تفكك تلك الميليشيات .

د- وهذا الأمر تجلى في عدم تنفيذ التهديدات ضد نظام الملالي أثناء الانتفاضة الجديدة بل كان الموقف الأمريكي مطابق لموقف روحاني الذي دعا إلى الإنصات لمطاليب المنتفضين ! .

هـ - ووقف الإعلام الغربي موقفاً لافتاً للنظر تميز بتجنبه تقديم الدعم الحقيقي للانتفاضة وتجاهلها وشكك فيها مع أنه لو كانت هناك نية حقيقية أو خطة أمريكية موضوعة لإسقاط النظام كما وعد ترامب مراراً لنفذت مستغلة انتفاضة الملايين ضد النظام وكان عشرات الآلاف مستعدين للقتال حتى الموت من أجل إسقاط النظام ولكن أمريكا تجاهلت كل ذلك وبقي ترامب يقلد بشار أسد بقوله ( سوف نقدم الدعم في الوقت المناسب ) ! ، في تأكيد حاسم على أنه يورط الجماهير الإيرانية ثم يتخلى عنها لتصبح ضحية الجلاد الإيراني الذي قتل أكثر من أربعين متظاهراً دون حملات قوية لكشف جرائمه . و- كما أن الموقف الأمريكي من أحداث اليمن أكد أن ترامب كان يريد توريط دول الخليج العربي في أزمتها من خلال إطلاق مواقف قوية ضد التدخل الإيراني فيها وكان يريد الحصول على المليارات التي حصل عليها بفضل دعمه لموقف السعودية وما إن حصل عليها حتى انقلب على موقفه الداعم للسعودية ، وكما كان متوقعاً تماماً ، فطالب السعودية برفع الحصار عن الحديدة وكافة مداخل اليمن مع علم مخابراته بأن هذا يعني فك طوق الحصار الخانق حول رقبة الحوثيين وإنقاذهم من هزيمة أخذت مؤشراتها تظهر .

ز- وكذلك ، فإن موقف الأمم المتحدة في اليمن ما كان له أن يتحول إلى دعم الحوثيين وعدم التقييد بقرارات مجلس الأمن لولا التأثير الأمريكي مثلاً دعم طباعة وترويج كتب دراسية ذات طبيعة طائفية واعتراف ممثل الأمم المتحدة بأن الحوثيين هم حكومة الأمر الواقع رغم أن الواقع اليمني يؤكد بأن الحوثيين يتراجعون بسرعة وتسيطر الحكومة الشرعية على أغلب الأراضي .

خباثة اللعبة الأمريكية نراها واضحة في أنها أرادت توريط السعودية ودول الخليج العربي في أزمة اليمن كي تكمل سرقة أموالها وتبقيها عاجزة عن تمويل حروب الدفاع عن النفس .

ك- وفي لبنان أظهرت أمريكا وفرنسا أنهما أرادتا وتحت غطاء سيادة لبنان منع إضعاف الدور الإيراني في لبنان بالمحافظة على هيمنة حزب الله على لبنان ومنع تقليم أظافره والذي رادت السعودية وأطراف أخرى القيام به ، ولكن الموقف الأمريكي - الفرنسي كان الكابح الأكبر لتنفيذ الهدف رغم أن حزب الله وهو الأداة الرئيسة في ممارسة الغزو الإيراني للبنان وبقية الأقطار العربية .

ل- وفي أزمة قطر أظهرت أمريكا نفس الخبث حيث اتخذت موقفاً علنياً بدعم موقف السعودية والبحرين والإمارات ومصر ولكنها بنفس الوقت أخدت تعقد صفقات تجارية مع قطر وتجري مناورات عسكرية معها ، ويقوم ترامب بالاتصال هاتفياً بأمير قطر يطمئنه ، وتطرح مطاليب تدعو للحوار بدل الحل العسكري فغمضت الصورة وصارت أزمة قطر عملية أخرى لنهب واستنزاف دول الخيلج العربي كلها .


3- متطلبات صعود الامبراطورية الروسية :

أما روسيا فإنها ومن خلال تدخلها في سوريا أكدت بطريقة قاطعة بأن محركها الأساس هو إصرارها على إقناع أمريكا بالاعتراف بأنها شريك مكافئ لها في زعامة العالم وليس تابعا لها ، فأصبح المطلوب أمريكيا هو تثبيت دعائم الهيمنة الأمريكية المنفردة على العالم رغم استحالة ذلك عملياً مقابل إصرار روسيا على إقامة نظام شراكة عالمية في إطار نظام دولي جديد متعدد الأقطاب .

روسيا حققت نجاحاً كبيراً في مسعاها ولذلك تتعاون براحة تامة مع إسرائيل الغربية من جهة ومع إسرائيل الشرقية من جهة ثانية من أجل ترتيب أوضاع الإقليم بما يضمن إجبار أمريكا على الاعتراف بالأمرالواقع ، وهذه الحقيقة تؤكد ليس فقط أن روسيا دولة رأسمالية فجة وناهضة بل أن الإسرائيليتين ورغم كل الثرثرات العدائية بينهما يجمعهما قاسم مشترك كما كان الأمر عبر التاريخ وهو العداء للعرب والعمل على تدمير مصادر قوتهم وإخضاعهم لهما ولمن يقف معهما سواء أمريكا أو روسيا .

هذا هو واقعنا الإقليمي والدولي وعلينا الانتباه إلى طبيعته لتجنب الوقوع في فخاخ من يريد إنهاء هويتنا القومية العربية ، وفي كل الأحوال ليس ثمة خيار صحيح ويمكن تحقيقه سوى الاعتماد على النفس والتخلي عن أوهام الاعتماد على الآخرين فلن يحك جلدنا مثل ظفرنا ، والمقاومة أقل تكلفة من الاستسلام .

Almukhtar44@gmail.com

12-1-2018


Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page