top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار - لعبة أمريكا الإيرانية


لعبة أمريكا الإيرانية


صلاح المختار


الآن وبعد كل ما حصل ، هل يوجد عربي لديه حد أدنى من الوعي الناضج مازال عاجزاً عن فهم ما يجري واكتشاف الأدوار الحقيقية لكل من أمريكا وإسرائيل الشرقية وخلفهما ومعهما إسرائيل الغربية ؟ ، ربما جاء قرار دونالد ترامب الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليؤكد جملة حقائق مادية تساعد على إزالة الإرباك المخطط وإنهاء حالة التضليل المتعمد ، دعونا نناقش الوضع بصيغة أسئلة لأجل الوضوح :


1- هل تزامن التقارب الخليجي مع إسرائيل الغربية مع تصاعد التهديد الإيراني وليس قبله صدفة ؟ ، إن توجه بعض الأطراف الخليجية نحو التطبيع مع إسرائيل الغربية سراً أو علناً ليس سوى ثمرة الشعور بالضعف المثير لأعنف مشاعر الخوف والقلق تجاه تنفيذ التهديدات الإيرانية الخارجية والداخلية فيها ، فلم تكن هناك توجهات في دول الخليج العربي نحو التطبيع مع الصهاينة قبل ظهور الخمينية وإعلانها الرسمي بأنها تعمل لنشر ما سمته بـ( الثورة الإسلامية ) في الأقطار الخليجية وإسقاط أنظمتها وترجمة ذلك عملياً وليس بالشعارات فقط ، ولكن كان العراق سد يحيمها فلم تضطر للتقارب مع إسرائيل الغربية ، ولكن عندما دمر العراق إنهار الدرع العراقي وتدفقت المخاطر الإيرانية بلا حدود لتهديد وجود ليس الأنظمة الخليجية فقط بل تهديد وجودها ككيانات تمثل دول معترف بها وتشريد عرب الخليج كلهم ليصبحوا شحاذين في الهند وباكستان وغيرهما .

وبما أن الأنظمة العربية الكبيرة والقوية غير مستعدة للدفاع فعلياً عن الأقطار الخليجية بقي الخيار الوحيد هو الحماية الأمريكية ، ومع تأكيدنا الواضح بأن هذه التوجهات غير مقبولة لكن علينا طرح السؤال التالي : أليس المسؤول الأول عن التطبيع الخليجي مع الصهاينة هو من أوجد خطر الغزو من الداخل والخارج وبدأ بالعمل الجاد لتحقيقه ؟ ، يقينا مطلقاً أن التهديدات الإيرانية هي العامل الأول والأهم في التطبيع الخليجي مع الصهاينة وأي محاولة للفهم الصحيح تتجاهل هذه الحقيقة ليست أكثر من تسويق للمخططات الإيرانية والأمريكية والصهيونية .

وما دمنا نبحث عن الأصول فمن الضروري الانتباه إلى تضليل آخر مورس على أنظمة الخليج العربي وهو ربط امتلاكها نفوذاً داخل أمريكا بكسب رضا اللوبي الصهيوني فيها فأخذ بعض الخليجيين يتسابقون ، وبعضهم بخسة وحقارة ، في كسب رضا هذا اللوبي بكافة الطرق ومنها التعاون مع إيباك وغيرها توقعا لقيامها بإقناع تل أبيب بدعم دول الخليج العربي وهو وهم قاتل دون شك لأن من يقف وراء تشجيع النظام الإيراني على تهديد الأقطار الخليجية هم الصهاينة بالذات وقبل غيرهم لأنهم المستفيد الرئيس من وجود تهديدات إيرانية لدول الخليج العربي تجبرها على التطبيع معهم ، وهذه لعبة خداع أخرى لن تنتج سوى المزيد من عزل دول الخليج العربي وتجردها من أي تعاطف عربي شعبي وهو هدف صهيوني مخطط مسبقاً أيضاً لأنها ستصبح لقمة مجانية جداً لكلا الإسرائيليتين الغربية والشرقية ولأمريكا طبعاً .


2- هل هي صدفة أن تقوم إسرائيل الشرقية بدور اللاعب الرئيس في الخطة الصهيوأمريكية لنشر الفوضى الهلاكة ؟ ، طبعا كلا ، إنه عمل مبرمج مسبقاً فالفوضى الخلاقة ( تترجم عملياً بالهلاكة ) التي بشرت بها كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا حدثت فقط بدخول الميليشيات الإيرانية الصراع في العراق وسوريا واليمن ولبنان بعد الانسحاب الأمريكي العسكري من العراق وتسليمه لخامنئي وميليشياته ، وقبل ذلك أدى الغزو الأمريكي للعراق إلى فوضى كبيرة ومأساوية للعراقيين لكنها كانت منضبطة ومحتملة نسبياً لكنها تحولت إلى زلازل وبراكين مدمرة ومنفلتة فقط عندما أطلقت أمريكا الميليشيات التابعة لإسرائيل الشرقية كي تبدأ بتهديم ما لم تهدمه أمريكا وجيشها فانخرطت في الفوضى المنضبطة وحولتها إلى فوضى هلاكة منفلتة صار فيها النهب خير حافز لنشرها وهو الشرط الضروري جداً في المخطط الصهيوأمريكي .

من الضروري الانتباه إلى أن الفوضى المتحولة من محدودة ومنضبطة تحت الغزو الأمريكي إلى هلاكة بفضل الدور الإيراني الخطير أدت لإكمال تدمير الدول والجيوش والمجتمعات العربية من خلال المجازر وحمامات الدم التي قامت بها ميليشيات إسرائيل الشرقية لأجل إجبار المواطنين العرب على ترك ملايين وطنهم وأرض أجدادهم وجلب أجانب فرس وغيرهم وتوطينهم محلهم من أجل إنهاء الهوية القومية العربية وهو هدف صهيوأمريكي قديم سوبر استراتيجي ويخدم التطلعات الاستعمارية الفارسية أيضاً ، وهنا نرى مرة ثانية المصلحة الصهيوأمريكية في تعزيز الدور الإيراني حتى في هذه المرحلة وليس إضعافه كما توحي الظواهر .

ومن يشك بهذ الأمر عليه أن يتسائل : هل كانت سوريا واليمن مثلاً تشهدان الحروب الحالية قبل ظهور الميليشيات الإيرانية ؟ ، امتلاك إسرائيل الشرقية للميليشيات ، الطائفية ظاهراً والعنصرية فعلاً ، هو الذي جعلها تلعب الدور الأكثر حسماً في نشر الفوضى الهلاكة في الوطن العربي ، فمن دون الدور الإيراني التدميري للدول العربية لا يمكن للكيان الصهيوني أن يتخلص من الخطر العربي ، كما أنه من دون الدور الإيراني هذا لا يمكن لأمريكا أن تستمر في حلب العرب والتغلغل في أقطارهم مجاناً ، مما يجعل الفوضى الهلاكة صناعة أمريكية وصهيونية ولكن الدور الرئيس في نشرها هو للوكيل الإيراني ونغوله العرب .


3- لماذا تخدم خطوة حل الجيوش العربية المخطط الإيراني ؟ ، لسبب أصبح بالغ الوضوح الآن وهو أن حل الجيوش أو إضعافها هو التمهيد الضروري لتطبيق مخطط أمريكي يخدم في آن واحد أمريكا وإسرائيل الغربية مثلما يخدم نظام الملالي لأنه يوفر البيئة المناسبة لحلول الميليشيات التابعة لإسرائيل الشرقية محل الجيوش ، أليس هذا ما تقوم به أمريكا الآن بعد أن نشرت الميليشيات الإيرانية الفوضى الهلاكة وفتت المجتمعات العربية وهجرت الملايين وتخلى بعض الناس عن الوطنية والحقوق وصار همه العيش فقط بفضل الإرهاب الإيراني المتطرف القسوة الذي جعل أمريكا ليست عدواً له بل صارت الأمل في طرد إسرائيل الشرقية مع إنها هي من دعمت التغلغل الإيراني وكان لها مصلحة استراتيجية في انتشاره .


4- من طبق خطة إقامة أكثر من فلسطين بنجاح دون غيره وكيف ؟ ، أكثر من فلسطين مخطط صهيوني وضع في المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 ، والآن وجدت أكثر من فلسطين فعلاً بسبب التهجير الملاييني للعرب وإبادة ملايين العرب في العراق وسوريا واليمن وتوطين أجانب فرس وأفغان وباكستانيين محلهم في العراق وسوريا فنشأت أكثر من فلسطين وأخطر بكثير من فلسطين الأولى ، والسؤال الواجب تكرار طرحه هو : لو لم يكن لحزب الله رصيد إيجابي نتج عن مقاومته الغائية والوقتية للغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان هل كان ينجح في كسب عرب ؟ ، هل كان نغول إيران العرب قادرين على مواصلة الخيانة القومية العظمى بدعم غزوات اسرائيل الشرقية للاقطار العربية من دون سمعة حزب الله السابقة والتي استخدمت لامرار الخيانة تحت غطاء المقاومة ؟وهل يوجد تفسير اخر غير ان الدعم الامريكي او اللامبالاة الامريكية تجاه توسع التغلغل الايراني جزء من خطط اكمال اقامة اكثر من فلسطين ؟

كيف يفسر الدور الجوهري لحزب الله وإسرائيل الشرقية في إقامة أكثر من فلسطين ؟ ، أليس هو تكريس للغزو الإسرائيلي لفلسطين على اعتبار أن الأمل في تحريرها مرهون بوجود أقطار عربية قوية ومستقلة وموحدة وغيابها بتقسيمها أو تقزيمها وهو ما تقوم به إسرائيل الشرقية بدعم أمريكي ليس سوى أكبر هدية سوبر استراتيجية لإسرائيل الغربية .


5- هل برزت تحديات وجودية أشد خطراً من خطر نظام الملالي والذي أجبر بعض العرب على تغيير أولياتهم كافة الداخلية والخارجية وليس تجاه فلسطين فقط ؟ ، كلا ، فلم يحصل ذلك أبداً إلا مع الخمينية .


6- لماذا وقّت ترامب نقل السفارة الآن في وقت يشهد مرحلة الضعف العربي الأشد بسبب الغزوات الإيرانية المدمرة داخلها ؟ ، أليس هو استثمار مخطط أمريكي صهيوني مسبق لنتائج الغزوات الايرانية ؟ .


7- لماذا تصر أمريكا على استمرار لعبة إشعال الحرائق في الأقطار العربية مهما برزت مؤشرات تؤكد أنها استنزفت وقودها وحان وقت إخمادها لكنها تمارس لعبتها التقليدية والمكشوفة وهي إلهاء العرب بمشاريع حل لا تحل أبداً وإنما تضمن انغماس العرب أكثر بالتفاوض من أجلها بحيث يصبح استمرار التفاوض هو الهدف وليس الحل ، ثم تلغى المشاريع أو تمهل بعد عقود كما فعل ترامب حينما أعلن عملياً موت رعاية أمريكا للخديعة الأكبر المسماة ( عملية السلام ) .


8- هل ثمة أهداف أكبر من الأزمات العربية ؟ ، نعم ، وأبرزها الأزمة البنيوية للرأسمالية الأمريكية التي شاخت فكان لابد من علاجات خارجية تتابع كلما نفد تمويلها ، والمال المنهوب هو أكبر العلاجات ودول الخليج العربي أحد أهم مصادر المال السهل الذي يعطل ويؤخر موت الرأسمالية الأمريكية ، كما أن تعاظم القوة الروسية والصينية وتراجع قوة أمريكا سبباً آخراً لتعاظم نزعة النهب الأمريكية وهو ما أكدته استراتيجية الأمن القومي التي أعلنها ترامب قبل يومين فالخوف من تفوق الصين وروسيا على أمريكا هو محرك أمريكا الرئيس الآن وبما أن أمريكا تتداعى بنيويا من الداخل فإن الحل الأسرع والأسهل هو تخفيف التفوق الصيني ، التجاري على الأقل ، والتفوق الروسي العسكري على الأقل ، ويتم ذلك بواسطة نهب المال من العالم كله خصوصاً من العرب الأثرياء ومنع روسيا والصين من تحقيق نفوذ أكبر في الوطن العربي .


9- هل حقاً أن أمريكا الرأسمالية تدافع عن معتقدات توراتية أم أنها تستخدمها لتعبئة التوراتيين داخلها وفي الغرب في شن حروب الاستعمار كما فعلت الغزوات الصليبية الاقطاعية ؟ ، أمريكا الرسمية ليس لها دين سوى الدولار وهذا هو مفتاح فهم أمريكا ، ولذلك فإن النزعات التوراتية والتي أخذت تستخدم كواجهة لها خصوصاً منذ رونالد ريجن ووصلت ذروتها باختيار ترامب رئيساً ليست سوى غطاء لجشع الرأسمالية الأمريكية والتي تمارس نفس ما قام به الاقطاع الأوربي في القرون الوسطي باستخدام الصليب لشن حروب نهب ثروات الشرق .


10- هل تهديدات ترامب لإسرائيل الشرقية جدية ؟ ، الجواب بالغ الوضوح ، فوعود ترامب وأمريكا وتهديداتها لإسرائيل الشرقية ليست سوى أداة حلب للعرب ودفعهم للمزيد من التورط في أزمات خانقة يعجزون عن الخروج منها إلا بوعود كاذبة بمساعدة أمريكية مدفوعة الثمن ولكنها أيضاً مقترنة بتوريطهم في أزمات أخرى أشد تعقيداً كما حصل في دفعهم للغزل مع إسرائيل الغربية مع تصاعد مخاطر صراعهم مع طهران ! وبنفس الوقت تتواصل عملية التوسع الاستعماري الإيرانية تحت نظر أمريكا ودون اعتراض فعلي ، وإكمال خط الحياة الواصل بين طهران وبيروت مروراً بالعراق وسوريا والذي وعد ترامب بمنعه لكنه تحقق خير مثال ، كما أن وعد ترامب ونغوله العرب من الإعلاميين بأن ( ترامب سوف يطرد إيران ) بعد طرد داعش من الموصل لم يتحقق فقد طردت داعش ليس من الموصل فقط بل من الرقة عاصمتها ومع ذلك بقيت القوات الأمريكية تراقب طوابير داعش تتحرك في الصحراء نهاراً دون أي تحرش بها .


11- لماذا تقدم أمريكا الوعود بحماية أقطار الخليج العربي وبضرب إسرائيل الشرقية وميليشياتها لكنها لا تفعل إلا العكس أي دعم انتشارهما ؟ ، لأنها تريد تخدير العرب أنظمة وشعباً لأجل مساعدة نظام الملالي على إكمال كافة الخطط التدميرية للعرب شعباً وهوية ودولاً ومجتمعات ، أما التفسير الدقيق لهذا الموقف فهو الاتفاق الأمريكي – الإيراني منذ غزو العراق على أن ما فوق أرض العراق أي النفوذ السياسي لإسرائيل الشرقية ، وما تحتها أي ثروات العراق لأمريكا .


12- هل ما تطرحه أمريكا من مشاريع للأزمات تحمل حلاً أم أنها لأمر آخر ؟ ، كل مشاريع الحلول الأمريكية لكافة قضايا العرب ليست أكثر من وسيلة سرقة زمن لأجل ضمان انتصار الطرف غير العربي وهذا يشمل الحروب مع إسرائيل الغربية كما يشمل الحرب العراقية الإيرانية والصراع الحالي مع إسرائيل الشرقية ، وموقف ترامب وبعكس ما يروج هو دعم أقوى لخامنئي من دعم أوباما فأوباما دعم خامنئي علناً ورسمياً أما ترامب فهو يعاديه رسمياً وهو ما يحتاج إليه خامنئي ونصر الله لتعبئة أنصارهما العرب والإيرانيين وتوفير خير حجج لغزواتهما ، لكن ترامب بنفس الوقت يستخدم تكتيك ترك إسرائيل الشرقية تتوسع وتغزو كما حصل في العراق وسوريا بعد إخراج داعش من الموصل والرقة ، وهذه وقائع وليست فرضيات .


13- من تبنى شعار ( تحرير القدس والقضاء على إسرائيل ) أنظمة الخليج العربي أم إسرائيل الشرقية ؟ ، بعض الأنظمة العربية مشاركة أو متواطئة في بيع فلسطين والعراق والأحواز وسوريا وليبيا وغيرها ، ولم تدعي أنها ستحرر القدس بينما إسرائيل الشرقية حققت كل مكاسبها غير المسبوقة في الوطن العربي بفضل ما تروجه من تضليل مثل تحرير القدس وفلسطين لكنها عملياً تعمل على تطبيق شعار آخر وهو ( تحرير القدس يمر عبر تحرير بغداد )! ، ثم أُضيفت مدن سورية إلى قائمة المدن التي يجب تحريرها قبل تحرير القدس وفلسطين ، وهكذا صار نغولها العرب يهتفون الموت لإسرائيل والموت لأمريكا كلما قاموا بغزو أو عدوان على قطر عربي وكانت بوصلتهم تدلهم على عرب فقط وليس على القدس أو فلسطين أبداً !!! ، والآن والقدس تهود نرى خامنئي وتابعه حسن نصر الله يمارسان سياسة الصمت والهدوء وكأن ترامب لم يفعل شيئاً لكنهما يزدادان حماساً وشدة في الحرب في سوريا والعراق واليمن ولبنان وتتعاظم هجماتهما على دول الخليج العربي ! ، فهل لهذا من معنى غير أن إسرائيل الشرقية ذخيرة سوبر استراتيجية لأمريكا وإسرائيل الغربية ؟ .


Almukhtar44@gmail.com

21-12-2017


Comments


Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page