الرفيق المجاهد خضير المرشدي - مهمة البعث التاريخية والقدر المرسوم
- عضو القيادة القومية
- Jan 4, 2018
- 3 min read

لكل حزب أو حركة سياسية دور ومهمة ، وإن الإنسجام والتفاهم بين أعضاء الحزب أو الحركة على الأمور الكبيرة والصغيرة يعتبر شرط أساسي لأداء دوره ومهمته .
ولغرض تكوين فكرة عن مهمة حزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي في هذه المرحلة من حياة الأمة العربية ، فلابد من مقياس معين يحدد طبيعة هذه المهمة وقدرة الحزب على تحقيقها .
ومن هذه المقاييس النضالية ... هي أن الحزب يجب أن يكون دائماً في مستوى الحركات العالمية ، وتقاس حركته وقوة فعله بمقياس هذه الحركات مثلما أشار لذلك الرفيق القائد مؤسس الحزب الأستاذ ميشيل عفلق ، رحمه الله ، حينما قال أن حزبنا لن يكون حزباً بالمعنى الصحيح إلا إذا كان بمستوى الحركات العالمية في العصر الحديث .
فالبعث كما هو معلوم حزب إنقلابي لا يقبل الرضوخ للأمر الواقع مثلما هو قائم ، بل تم تصميم الحزب على أن يُحدث إنقلاباً شاملاً في حياة الأمة على المستوى الفكري والثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي والأخلاقي وغيره .
فإذن ، ما هو المقياس الذي يجب أن يتبع لمعرفة ما إذا كانت تطلعات الحزب وطموحاته لم تبق وهماً وحلماً ، ومن أنها أصبحت حقيقة أو في طريق التحقيق الجدي ؟ .
إن المقياس كما حدده الرفيق مؤسس الحزب هو (( أن نقارن حركتنا بالحركات العالمية الجدية في عصرنا هذا )) .
وهنا ، لابد من التركيز على مفهوم ( الجدية ) كركيزة أساسية من ركائز الإبداع وتحقيق الانقلاب التاريخي ، والتي وردت في معظم أدبيات الحزب انطلاقاً من كونها الكلمة السحرية المرادفة للدقة المحسوبة في التخطيط والتنفيذ ، والإصرار على النجاح المقترن بالوعي العالي والفهم العميق وسرعة الإنجاز . لأن حزباً انقلابياً لا يمكن أن يقوم على هواية وأن يضم في صفوفه مجموعة مِن الهواة ليتحول إلى نادي اجتماعي أو ثقافي يتباهى فيه البعض بهوايته أو بمرتبته . هذا الحزب كما يؤكد القائد المؤسس (( أما أن يولد من الشعور الجدي القاهر ، من الشعور العميق بالألم الذي يدفع طلائع أمتنا إلى التضحية والمعاناة لإنقاذ الأمة من خطر الموت والفناء ، وأما أن يكون خدعة لنفسه وللشعب الذي يطلب تأييده )) .
فالانتماء لحزب إنقلابي مثل حزب البعث العربي الاشتراكي ليس هواية ولا ترف ولا تبجح ولا بحث عن دور قاصر وعنوان فارغ ، وليس الجلوس وراء الوهم بإصدار الأوامر عن بعد دون الانغماس في خضم الصراع الإيجابي في ساحات العمل والنضال ، إنه وظيفة نضالية من أخطر الوظائف على الاطلاق ، وواجب فيه من الجدية لا يدانيه واجب آخر .
مهمة الحزب بهذا المعنى تتلخص كما عرّفها الحزب منذ نشوئه بأنها (( رسالة )) وعندما يتم فهم مهمة الحزب على مستوى مفهوم الرسالة بكل ما يحمل من علاقة بين أبعاد الماضي والحاضر والمستقبل ، ندرك أن الشيء الوحيد القادر على تحقيق مهمة كهذه هو بناء (( تنظيم حديدي )) رصين متجانس محب لبعضه ، تنظيم لا يكتفي بجمع الكفاءات والمواهب وتنظيم أوقات الأعضاء دون النظر لنقاوة النفوس ونظافة العقول ... بل هو كما يقول الرفيق مؤسس الحزب (( أن يضع هذا التنظيم هدفاً له في ان يخلق من الأعضاء أناساً جدداً وأشخاصاً جديدين متكيفين مع ما تتطلبه المهمة الخطيرة منهم )) ، فالتنظيم ليس مجموعاً عددياً فحسب وإنما هو خلق وإبداع وجدية وحب وإصرار وفهم ووعي وتضحية وإنجاز في الدرجة الأولى ، فليس المهم أن يكون العدد محدوداً ، ولكن الأهم أن يكون جدياً وواعياً ، لأن من يكن جدياً يستطيع ان يتوسع وأن يتكاثر وأن يحقق المهمة بكفاءة وقدرة ، وبعكسه فإن بدأ بروح التساهل وانفراط الهمة وعدم تقدير الموقف وعدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ، فلن يستطيع من إصلاح شيء يمكن إصلاحه !! ، وهذا يجب أن يدفع المناضلين دوماً ليتحروا عن النوعية قبل الكمية ، ويتطلعوا إلى التركيز على الأفراد قبل المجموع لأن الأفراد كما يؤكد ذلك مفكر البعث ومعلمه الأول (( هم الذين يستطيعون الاتصال الحر والعميق مع أمتهم ويربطون مصيرهم بمصيرها ، وأن يدركوا حقيقة الطريق المرسوم لهم ، وهم الذين يستطيعون أن يغيروا مجرى الحزب إذا وجدوه منحرفاً أو متهاوناً ، وقد لا يكون الحزب دوماً في الطريق الصحيح السليم ، فالحزب يضم بشراً والبشر قد يخطئون ويتهاونون ويتكاسلون ، وتطرأ عليهم شتى نقاط الضعف التي تصيب كل إنسان ، ولكن الخطر كل الخطر هو ألا يظهر في هذا المجموع بين حين وآخر أولئك الأفراد الذين يقارنون بين ما رغبوا إليه في البدء واستهدفوه وصمموا عليه وما آل إليه الحزب ، فيهتزون في أعماقهم ويهتز وجدانهم ويصلحون ويغيرّون ويرجعون الحزب الى الصراط القويم )) .
هذا هو القدر المرسوم لحزبنا منذ بداياته في أن يكون بهذا المستوى من التفكير والنضج والوعي والفهم والجديّة والصدق والإصرار على رفض ومحاربة الانحراف والانزواء والسطحية والتقليد وعدم الانصاف .
وعلينا أن لا نطمئن يوماً على إننا حققنا ما نريد تحقيقه أو إننا أمتلكنا الحقيقة لوحدنا حتى لا يؤدي بِنَا ذلك إلى الغرور والمشي على رؤوس الأصابع في مرحلة خطيرة من تاريخ أمتنا تقتضي السهر الدائم والتفاعل الحي والإنساني مع الرفاق أينما كانوا لزرع الأمل والمحبة والتكاتف بين الجميع لإنجاز المهمة التاريخية ،،، نقول هذا انطلاقاً من ثقتنا العميقة بحزبنا ومبادئنا وثقتنا العالية بشعبنا العربي في كل مكان ، وإيماناً بعدالة قضيتنا وأصالة أهدافنا وعمق رسالة أمتنا . وعظيم همة وجدية وثورية قائدنا .
Comments