هكذا يرحل الرجال الرجال - جومرد حقي إسماعيل
- مقالات الرفاق -
هكذا يرحل الرجال الرجال
- جومرد حقي إسماعيل -
عرضت عليهم الدنيا بزينتها فوضعوها في كفة ووضعوا قيمهم وعقيدتهم ومبادئهم في كفة ، فثقُلت كفة العقائد والقيم والمبادئ ، عرضت عليهم الحياة بمساومات لا تليق بالرجال وجعلوها في كفة وجعلوا تأريخهم النضالي والجهادي في كفة ، فرجحت كفة التأريخ وأسفاره الجهادية ، فثبتوا بثبات القيم والعقيدة والمبادئ وتأريخهم النضالي وفعلهم الجهادي ، وتناثرت هناك عروض الدنيا وتجارة الحياة التي خيرهم بها الكافر المحتل ، ثبتوا لأنهم مع الحق وأن الحق معهم ، ثبتوا لأنهم صميميون أولوا ألبابٍ ، ما كانت هواجسهم تذهب بعيداً عن مصلحة أمتهم وحفظ عزتها وكرامتها ومن أجل خدمة شعبهم العربي عموماً والعراقيين على وجه الخصوص والتحديد ، فثبتهم الله على طريق الحق قولاً وفعلاً { يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بالقَولِ الثَّابِتِ في الحَياةِ الدُنيا والآخِرَةِ } .
نعم ، هكذا يموت الرجال وقوفاً ، وهكذا يتوفاهم الله بتمام شموخهم وكمال عزّتِهم ، رجال هم الخصوص الخصوص الذين اختاروا لأنفسهم ولأهليهم ورفاقهم من بعدهم حقيقة الرقي والسمو في مقامات الإحسان ، مقامات أولياء الله تعالى الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وما ذلك إلا باختيارهم حفظ تأريخهم المجيد وحفظ معنى الخلود في وجدان كل عربي شريف غيور على أمّته وكرامتها ، وقد بلغنا اليقين أن التأريخ قد سجل أسفارهم الخالدة بأحرف دائمة الإشعاع حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وهكذا هو يقيننا بالله الذي لا يضيع أجر المحسنين .
رحلوا وقد عرفوا معنى الحياة وكيف الزرع فيها ، وأيقنوا بالحصاد وهو الخير كله الذي وعدهم الله تعالى به ، فجعلوا من حياتهم ساحة للبر والتقوى والإحسان ، والعمل مع الله وبالله وفي الله ، فأحسن الله تعالى خاتمتهم ، فألبسهم ثياب النصر في دنياهم والشهادة في أُخراهم .
نعم ، عرفوا كيف يَحيَون وعرفوا طريق الشهادة كأحسن خاتمة يتمناها كل امرءٍ عابد وما دونه ، ويحضرني قول الشاعر :
مثل النخل مات وگوف
شاخص شامخه صروحه
لو هيچي الرجال تموت
لو غم الرجال بموت ما به ملوحه
إلى عليين يا أيها الرجال الرجال
والله أكبر ، وليخسأ الخاسؤون