top of page

الرفيق المجاهد صلاح المختار -  اللعبة نفسها ، وسذج مفتونون بها


اللعبة نفسها .. وسذج مفتونون بها



أعلن وزير الحرب الاسرائيلي " نفتالي بنيت " عن وجود اتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة مفاده ( أن تل أبيب تتحمل المسؤولية عن مواجهة إيران في سوريا ، فيما تعد واشنطن مسؤولة عن التصرف ضد الجمهورية الإسلامية في العراق ) المصدر : وكالات ، تايمز أوف إسرائيل يوم 9-2-2020) ! ، ما دلالات هذه التصريحات من حيث توقيتها وأهدافها الحقيقية ؟ .

1- هذه التصريحات تأتي في ذروة هزيمة نظام الملالي في العراق أمام الثورة الشعبية العراقية حيث فشل استخدام مقتدى الصدر وميليشياته لقهر الانتفاضة الشعبية التحررية وهو الخيار الأخير المهم ، وهذا تزامُنٌ من السذاجة إهماله ، فأمام تدهور معنويات مرتزقة نظام الملالي العرب وعجزهم عن مواصلة التبريرات التي تقدم للدفاع عن غزواته للعراق وسوريا ولبنان واليمن وتدخلاته الخطيرة في أقطار عربية أُخرى ، كانت إسرائيل الشرقية بحاجة لحبل إنقاذ لدروها التدميري في الوطن العربي لأن إسرائيل الغربية هي المستفيد الثاني من كوارثه الحالية ، فكلما استنزف العرب وأُشغلوا بمصائبهم تحقق المزيد من الأمن لإسرائيل الغربية ، وكلما زاد العرب خشية من اسرائيل الشرقية وجدت فرص أكثر لأمريكا لنهب المزيد من المال العربي وتوسيع التغلغل العسكري والمخابراتي في الأقطار العربية وتجريد الحكام من تحفظهم على التطبيع مع اسرائيل الغربية ، فالدور الإيراني الاستعماري ، ونكرر ما قلناه طوال سنوات فيه هو مصلحة استراتيجية مشتركة أمريكية صهيونية ، وحديث وزير الحرب الصهيوني يقدم جرعة دعم أُخرى لمعنويات نظام الملالي الذي يتعرض لأخطر هزيمة له وهي خسارة حاضتنه الأساسية العراقية في عمليات توسعه والتي عوّل عليها في إكمال متطلبات إقامة امبراطورية فارسية بقوة العرب مالياً وبشرياً وجغرافياً .

2- يعترف وزير الحرب الصهيوني ( أن إسرائيل كانت تستهدف لحد الآن واحدة فقط من كل خمس شحنات أسلحة إيرانية إلى حزب الله ) ، والسؤال المترتب على ما سبق هو: لِمَ لم تمنع الشحنات كلها ولجأت لتقسيط ضرباتها للميليشيات في سوريا إذا كانت حقاً تشكل تهديداً مباشراً لها ؟ ، ألا تعلم أن تقسيط العمليات يخدم إسرائيل الشرقية لأنه يسمح بتوسع مناطق غزوها ويعظم قوتها وينعش فكرة أنها تحارب إسرائيل الغربية فتبقى لها شعبية في أوساط عربية ؟ ، وبالعكس .. فإن حرباً خاطفة وشاملة تنهي الوجود الإيراني العسكري في سوريا تحرم نظام الملالي من توفير حقن متعددة ومتواصلة تزرق فيه دم الحياة ليواصل دوره التدميري في الوطن العربي ! ، أما أمريكا فإنها لا تقسط ردودها على هجمات إسرائيل الشرقية عليها فقط بل هي ترد بالقطارة ! ، فلم تقم إلا بعملية واحدة وهي تصفية قاسم سليماني وما عداها كانت خطوات أمريكا تخدم نظام الملالي لأنها تعزز فكرة أنه يحاربها وذلك يحقق نفس الفائدة من ترويج فكرة أنها تحارب إسرائيل الغربية .

والسؤال المنطقي هو : هل إسرائيل الغربية وأمريكا عاجزتان عن شن حرب شاملة وسريعة لتصفية ميليشيات إسرائيل الشرقية في سوريا والعراق ؟ ، نعم .. إسرائيل الغربية قادرة على شن حرب شاملة للميليشيات الإيرانية تجتثها من سوريا ونظام بشار عاجز عن الرد بينما ذلك يخدم روسيا أيضاً ، ولكنها لا تفعل وتقسط هجماتها وتحدد زمنا لها يتوافق مع خسائر النظام الإيراني فيعوضه عنها بهجمات تزكية إسرائيلية - غربية له ! ، وهذا ينطبق على الموقف الأمريكي في العراق ، فأمريكا قادرة كل القدرة ولديها أكثر من خيار حاسم على اجتثاث كافة الميليشيات الإيرانية من العراق سواء بقواتها الموجودة في العراق ، وهي كافية جداً ، أو بالقوات العراقية التي دربتها في الأردن وغيره ، وكررت التسريب بأنها تعد لإسقاط النظام في بغداد أو ( لفرض حكومة لا تتبع إيران ) ، فما الذي يجعل أمريكا إذاً تنفذ عملياتها في العراق بالقطارة ؟ ، إنها لعبة إبقاء وجه جذاب لإسرائيل الشرقية حتى وأمريكا تعمل على إعادته لما بين السكتين لأن المزيد من الخراب والقتل في الأقطار العربية فيه مصالح لأمريكا وشركاتها التي تستعد لإعادة الاعمار وهي صفقات تجارية ، بينما إسرائيل الغربية من مصلحتها زيادة القتلى العرب والخراب في مدنهم .

3- ما الذي جعل أمريكا وإسرائيل الغربية تسمحان بتسلح " حزب الله " وغيره حتى أصبح أقوى من الدولة في العراق ولبنان ؟ ، هل هما عاجزتان عن منع ذلك ؟ ، الجواب القطعي هو كلا ، فهما قادرتان كل القدرة على تدمير كافة الميليشيات وبزمن قياسي لأنهما فعلا ذلك قبلاً مع جيوش دول عربية : فإسرائيل الغربية دمرت قوات مصر وسوريا والأردن في حرب عام 1967 ، واحتل شارون بيروت رغم وجود فصائل المقاومة الفلسطينية وكانت قوية جداً هي والحركة الوطنية اللبنانية ، وأمريكا دمرت جيش العراق في عامي 1991 وعام 2003 رغم أن القوة العراقية والمصرية والسورية والأردنية كانت قوى بمئات المرات عددياً ونوعياً من تسلح حزب الله وغيره ؟ ، بل أن فجوة القوة العسكرية والتكنولوجية زادت بين إسرائيل الغربية وأمريكا من جهة وإسرائيل الشرقية وميليشياتها ، خصوصا حزب الله ، من جهة ثانية لصالح أمريكا وإسرائيل الغربية قطعاً ؟ ، إذاً .. الهدف هو ذاته الذي يقرر رد الفعل الأمريكي - الصهيوني : تواصل تجميل وجه إسرائيل الشرقية وميليشياتها ، واللعبة هي ذاتها : تواصل العمليات التدميرية في الأقطار العربية التي تقوم بها إسرائيل الشرقية وميليشاتها .

4- قد يقول البعض : ولكن أمريكا وإسرائيل الغربية لا تريدان دفع ثمن باهض إذا شنتا حرباً على حزب الله وبقية الميليشيات الإيرانية ! ، وهذا كلام مردود أصلاً ، لأننا شهدنا أمريكا تشن حروباً أبرزها ضد العراق غير آبهة بخسائرها البشرية والمادية من أجل تحقيق هدف استراتيجي حقيقي وليس خُلّبي ، وهو إنهاء النظام الوطني فيه ، فدفعت ثمناً باهضاً جداً وهو ثلاثة تريليون دولار وهو مبلغ لم تدفعه أمريكا في كل حروبها الأخرى مجتمعة ، ومقتل آلاف الجنود وجرح مليون جندي ، أما إسرائيل الغربية .. فقد شنت الحرب على مصر عبد الناصر عندما كانت تقود نضالاً وطنياً مصرياً وقومياً عربياً جاداً ، ولم تفكر بالخسائر المادية والبشرية بقدر التفكير بتحييد العدو الحقيقي وهو عبد الناصر ، والآن تكاليف أي عملية ضد ميليشيات إسرائيل الشرقية هو إلى حد كبير (penuts) ، كما يقول الأمريكيون عندما يدفعون ثمناً تافهاً أو قليلاً مقارنة بمخاطر عدم الرد على التحدي المميت ، ولدينا أدلة حاسمة تؤكد ذلك ، فالحركة الصهيونية اتفقت مع هتلر على قتل اليهود الألمان مقابل تقديم ملايين الدولارات كان هتلر يحتاج إليها بشدة لتنفيذ خططه الحربية ، والهدف كان إجبار اليهود الألمان على الهجرة إلى فلسطين ، وفي العراق قتلت الحركة الصهيونية يهوداً عراقيين بعد إعلان قيام الكيان الصهيوني في فلسطين لإجبار البقية على الهجرة إليها بعد أن رفض يهود العراق الهجرة ، أما أمريكا فإنها قتلت السفير الأمريكي في باكستان من أجل تصفية الرئيس الباكستاني ضياء الحق معه في نفس الطائرة ، وضحت بالجنود الأمريكيين الذين قتلتهم القاعدة وداعش وغيرهما رغم أنهما صناعة مخابراتية أمريكية ، كما أن أمريكا ضحت بعشرات ضباطها في الاختبارات السرية على أسلحة جديدة ، وكل هذه التضحيات الامريكية - الاسرائيلية ثمن قليل مقارنة بالثمن الذي قد تدفعه لو تساهلتا في القضايا الخطرة فعلاً .

5- لعبة قتل أعداء أمريكا وإسرائيل الغربية بيد غيرهما بينما هما تتفرجان مع تدخلات انتقائية تكاليفها ضئيلة جدا مقارنة بنتائجها الاستراتجية ، فأنت لا تستطيع اكتساب الصحة بدون الهرولة والسباحة وكلاهما فيهما جهد ، وهذا ما تفعله أمريكا واسرائيل الغربية مع العرب فتدعمان اسرائيل الشرقية وميليشياتها من أجل أن تحقق لهما ولنفسها أهم أهدافهما وهو تدمير الأقطار العربية بلا تورطهما مباشرة في الحرب .

انظروا الآن لما حصل ويحصل للعرب تدركون بلا أي شك بأن كل ما يجري لنا خصوصاً منذ غزو العراق هو تخطيط أمريكي - بريطاني - صهيوني تنفذه إسرائيل الشرقية لتحقيق أهداف وضعت منذ أكثر من قرن ، ونظام الملالي هو الأداة الأكثر نجاحاً حتى الآن في تنفيذ الأهداف المشتركة لهذه القوى الثلاث ، ألا ترون أن تقسيط الهجمات والتضحية ببضعة جنود اسرائيليين أو أمريكيين هو ثمن لابد من دفعه كي تتحقق فوائد استراتيجية منها انتشار اسرائيل الشرقية وميليشياتها كي تحقق أهداف للغرب والصهيونية ؟ .

تبقى ملاحظة أخيرة مهمة وهي نظرية اللعبة Game theory فأمريكا والصهيونية تعتمدان بصورة أساسية على تطبيق تلك النظرية فهما تطلقان ، أو تدعمان بصورة غير مباشرة ، أداة لا تملكان السيطرة التامة عليها وإنما تملكان تأثيرات مهمة عليها بوسائل عدة منها تقسيط الضربات لمنعها من الخروج عن الحدود المرسومة لها ، وفي كل الأحوال فإن نظرية اللعبة تمنع شل الأداة قبل إكمال مهمتها الأساسية ، لأنها تخدمهما في الإطار العام ، وتتم السيطرة عليها بواسطة اللعبة المدعومة بعمليات مخابراتية وعسكرية واقتصادية وغيرها ، ونظام الملالي كان طوال أربعة عقود خير أداة لتنفيذ خطط الغرب والصهيونية ولكنه لم يكن أداة كاملة الطاعة ، لذلك كان لابد من إدامة السيطرة عليه وهو عمل يكلف من يدير اللعبة ثمناً تكلفة ضئيلة مقارنة بالمكاسب الكبيرة ، فلا تنظروا لسقوط قتلى أو طائرة ، بل انظروا للنتائج النهائية وحددوا المستفيد النهائي ، فالنصر لمن يضحك أخيراً وليس لمن يقهقه متشفياً أولاً .

Almukhtar44@gmail.com

10-2-2020

Featured Posts
Recent Posts
Archive
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page