الرفيق المجاهد صلاح المختار - رسائل الانتفاضة الشعبية الإيرانية
- الانتفاضة الجماهيرية في إيران
- 25 أغسطس 2021
- 6 دقائق قراءة

ما يجري في إسرائيل الشرقية حدث كبير له نتائج مهمة جداً سواء سقط النظام أم بقي لفترة أخرى ، ولعل أبرز الرسائل التي أطلقتها أحداثها واضحة وصريحة ما يلي :
1- لقد سقط جدار الخوف الذي صنعته جرائم أكثر النظم رجعية وتخلفاً في القرنين الأخيرين وأشدها وحشية وقسوة ويكفي أن نذكر هنا أن خميني مؤسس النظام أمر بقتل سجناء بلغ عددهم 30 ألف معتقل سياسي وثقتها منظمات دولية ، وكشفت هذه الجريمة البشعة في تسجيل صوتي لآية الله حسين منتظري ، النائب السابق لخميني ، يعود إلى 1988 ، والذي نشره نجل منتظري ، ووصف الأخير عمليات الإعدام هذه بأنها « أفظع جريمة ترتكب في الجمهورية الإسلامية » .
وبهذه الوحشية ضمن النظام الرجعي بقاءه حوالي أربعة عقود كانت فترة الظلام والبؤس للشعوب الإيرانية كلها وفترة الكوارث للشعب العربي كله .
والان ، وبعد أن أوصل هذا النظام عامة الناس إلى مرحلة بيع أطفالهم وأعضاء أجسادهم ناهيك عن انتشار الدعارة والشذوذ الجنسي والأيدز والأمراض الجنسية والتحلل الخلقي المبرمج من أجل الحصول على طعام خرج الناس مفضلين الموت على حياة ذليلة بائسة .
لقد سقط جدار الخوف وانطلقت ملايين الناس تطالب بسقوط النظام الفاسد والديكتاتوري ، لذلك فإن نجاح أو فشل الانتفاضة في إسقاط النظام لم يعد العقبة الأساسية أمام الخلاص والحرية بعد انهيار جدار الخوف .
2- أثبتت الانتفاضة بأفلام واضحة أن الجماهير بغالبيتها الساحقة ضد النظام وترفضه بشدة وأنها صبرت أملاً منها في تحقيق انفراج ولكنها اقتنعت بأن هذا النظام ليس فيه أمل ولا يفكر بالإصلاح وأن لعبة صراع المتشددين والإصلاحين ليست أكثر من عملية تخدير وخداع للناس يديرها الديكتاتور الأوحد خامنئي .
3- أثبتت الانتفاضة بأن من يدعمون النظام ورغم وحشيتهم وقسوتهم المفرطة غير مستعدين للدفاع عنه عندما يواجهون من يقاوم بشجاعة ، فلقد رأينا كيف أن حرس خميني ، وهو الحارس الأهم للنظام ، يهرب أمام المتظاهرين ويترك دراجاته النارية وسيارات النظام ويطلق النار على المتظاهرين وهو يهرب مرعوباً ، وهذه الواقعة قدمت للناس العاديين في إسرائيل الشرقية صورة عن هشاشة الحرس ( الثوري ) وجبنه وفساده وانتهازية أغلب أعضاءه .
لهذا ، فإن المواجهات القادمة مع الحرس سوف تشهد المزيد من الجرأة والشجاعة في مواجهته ومقاتلته وهو ما سيعجل بانهيار النظام العنصري .
4- أكدت الانتفاضة رفضها للفساد المستشري في مكونات النظام خصوصاً فساد خامنئي والحرس الإيراني والذي يعد السبب الرئيس في إفقار الجماهير الإيرانية وحرمانها واضطهادها ، وبذلك سقطت الهالة الزائفة للدين والمعممين وبرزت أمام العالم حقيقة نظام فاسد وجشع ومنحرف .
5- هذه الانتفاضة تختلف عن انتفاضة عام 2009 بأنها ضد النظام كله وليس انتفاضة من داخله كما كانت انتفاضة عام 2009 ، فالشعارات التي رفعت معادية لرأس النظام علي خامنئي ولم تميز بين إصلاحيين ومتشددين ، وهذا تطور مهم جداً يكشف عن عزلة النظام بكافة أركانه .
6- نظام القرون الوسطى في طهران في حيرة من أمره : فإذا استخدم العنف المفرط تحولت الحالة إلى انتفاضة مسلحة تزداد قوة وانتشاراً ، وإذا لم يستخدم العنف فإنها ستتسع ، ولهذا فالمؤكد أن النظام وهو في حالة رعب شديد سيقدم على العنف في أشد أشكاله وحشية لإنهاء التظاهرات بأسرع وقت وقبل أن تزداد اتساعاً وقوة ولكن هذا التوجه سوف يشعل المزيد من الحرائق وهنا يكمن المأزق القاتل للنظام الرجعي .
7- قدمت الانتفاضة دليلاً مادياً لنغول إيران العرب يقول بوضوح أن هذا النظام غير مضمون البقاء مادامت الملايين تعاديه من الداخل وفيه هشاشة توضحت الآن ، وهو واقع يدفع النغول العرب الذين يملكون الحد الأدنى من التحسب لإعادة النظر في نغولتهم وتبعيتهم لإسرائيل الشرقية فلا ملجأ لهم مستقبلاً وسوف يتلقون جزاء جرائمهم التي ارتكبوها ، ففي كل الأحوال هذه النظام لن يبقى طويلاً بعد هذه الانتفاضة وسوف يسقط ويتخلى النظام البديل عن نغول إيران حتما ، فأين سيذهبون ؟ ، أصبح جلياً جداً أن نهاية نغول إيران العرب باتت قريبة وأنهم سوف يواجهون شعباً بكافة مكوناته ينتظر تحرير العراق وسوريا واليمن ولبنان ، دون أدنى شك فإن الانتفاضة الإيرانية تحولت أو ستتحول قريباً إلى عامل خلخلة وتفكك لكافة تنظيمات نغول إيران في الوطن العربي بعد أن أدركوا أن النظام الذي كانوا يعولون عليه ويعتمدون على حمايته لم يعد ثابتاً ولا مضمون البقاء .
8- ما يهمنا معرفته وتذكره دائماً لخطورته هو أن من ثوابت الثقافة العنصرية الفارسية ومحرك سياساتها تجاه العرب ليس فقط الغزو والسطو بل أيضاً الانتقام بدافع الحقد المتطرف والمتجذر مصحوباً بطبيعة الغدر بمن تطمئنه وتعطيه وعد الأمان والأخوة والتصالح ، ولدينا أمثلة من الضروري التنبه لها لأهميتها في كشف طبيعة النخب الفارسية ، فأثناء الغدر بالشهيد علي عبد الله صالح وبحضور إيرانيين كشفوا للمغدور عن هويتهم وذكروه ( بأن إيران لم تنسى مشاركته العراق في الحرب ضد إيران والآن حان موعد الانتقام ) ! ، مثلما حمل الحوثي الإيراني عبد الملك خنجر ( جنبية ) شقيقه القتيل حسين يوم اغتيال الشهيد علي عبد الله صالح وليس قبل ذلك في تأكيد على أنه ينتقم لمقتل أخيه وأنه لم ينسى ذلك وأن الغدر بعلي عبد الله صالح ليس من أجل قضية وطن ، وذلك تقليد يعرفه شعبنا في اليمن ، والحادثة الأخرى قبلها هي الانتقام من القائد الشهيد صدام لدحره مخطط الغزو الفارسي للوطن العربي بإلحاق الهزيمة بخميني وإجباره على شرب سمها ، فقد حضر إيراني عملية اغتيال الشهيد صدام وهمس في أذنه وهو على منصة الموت رسالة قالت ( خامنئي يسلم عليك ) فابتسم القائد الشهيد صدام احتقاراً وسخرية من خامنئي وصغره .
هذه دروس تذكروها ياعرب أينما كنتم وكيفما كنتم سياسياً وأيديولوجياً كي لا تخدعوا ، تذكروا دائماً أن الفرس لا ينسون من دحرهم وأفشل غزواتهم ابدا او وقف ضدهم حتى لو غير موقفه فيما بعد ، وتذكروا ماهو اهم من ذلك وهو ان النخب الفارسية لا تتراجع أبداً عما قررت عمله إلا إذا ردعت بعنف شديد ، ولهذا فالحل الوحيد لمشكلتنا مع الفرس هو القوة في أعلى وأوسع أشكالها وأكثرها عنفاً ، ولا شيء غير ذلك يحمينا من غدر غزوات الفرس .
الحقد أحد مكونات الشخصية الفارسية وتكتسبه بالتربية البيتية والمدرسية والاجتماعية ، ولهذا نلاحظ أنها استهدفت العرب وليس الأمريكيين ولا اليهود ولم تطلق رصاصة واحدة ضدهم رغم أنها تدعي معاداتهم لسبب واضح وهو أنه لا توجد معهم أي عداوة فعلية سابقة بل أن اليهود والأوربيين حلفاءها عبر التاريخ ، وهم بعيدون عنها جغرافياً وليسوا جزء من مخططها الامبراطوري ، بينما قررت نشر ما اسمته بـ( الثورة الإسلامية ) في العراق أولاً ، ورفعت شعارها الصهيوني ( تحرير القدس يمر عبر تحرير بغداد ) لأن العرب وأرضهم وثرواتهم جزء من مخططها ولديها معهم ثأرات تاريخية .
أما الهدف القومي والانتقامي الذي لم يتغير فهو الانتقام من عملية تحرير العراق من الغزو الفارسي والتي أدت إلى انهيار الامبراطورية الفارسية قبل 1400 عام ، وهي لذلك أبقت جذوة الثأر من العراقيين والعرب عموماً حية طوال 1400 عام وعملت بطريق التقية اليهودية على تعبئة أنصارها وتثقيفهم بروح العداء للعرب وبزرع الطائفية غطاء يخفي المحرك الحقيقي للنخب الفارسية القومية وهو المحرك العنصري القومي ، وما نراه الآن من جرائم بشعة ترتكبها إسرائيل الشرقية ونغولها هي تعبير عملي عن نزعة انتقامية جامحة ، بل أنها تلجأ لتجويع شعوب إسرائيل الشرقية بوضع مواردها لخدمة هدف الانتقام من العرب وهذا ما اكتشفته النخب والجماهير الإيرانية وعبرت عنه في الانتفاضة الحالية والتي رفعت شعارات تطالب بانهاء التدخل في غزة والعراق واليمن ولبنان وتخصيص الموارد للإيرانيين بدل قتل العرب والتدخل في أقطارهم .
9- وبانكشاف نظام الملالي امتلكت حركة التحرر العربية وعياً معمقاً عزز إصرار مناضلي الأمة العربية ، بكافة أيديولوجياتهم ورغم كل تناقضاتهم ، على القضاء على التهديد الوجودي الإيراني قبل أي خطوة أخرى داخلية أو خارجية ، وهو ما اكتشفه قبل قرون القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي الذي قضى على العدو داخل العالم الإسلامي كي يستطيع القضاء على الغزو الصليبي وهذا هو ما فعله بالضبط .
وإسرائيل الشرقية ودون أدنى شك هي التهديد المميت حاضراً وماضياً والذي لا يصل أي تهديد آخر لجزء من خطورته ، أما التفاوض والسلام معها فليسا سوى هدنة يستخدمها الفارسي لسرقة الوقت والأهم لخداع الخصم بالتظاهر بالود كما فعل بعد انتهاء الحرب في عام 1988 فوثقنا به وأمناه مضطرين على طائراتنا بتصور أنه مثلنا نسى الماضي لكنه كان يمثل واستولى على الأمانة بكل خسة .
وبناء عليه فإننا نؤكد بأن نضالنا ضد وجود إسرائيل الشرقية لن يتوقف ويجب أن يكون الهدف المركزي للعرب كافة قبل العودة للنضال التحرري في جبهات فلسطين وغيرها هو تبني نفس خطة صلاح الدين الأيوبي ، وهي اجتثاث الخطر الإيراني إلى الأبد ، فكما أن إسرائيل الشرقية نجحت في منعنا من مواصلة نضالنا في جبهة فلسطين بإشعالها حروباً داخل أقطار عربية ، فيجب تحييدها كلياً بالتركيز عليها ومحاصرتها واستنزافها والتخلي عن موقف الدفاع والانتقال إلى الهجوم الشامل عليها وبكافة الوسائل الحربية والسياسية والنفسية والاقتصادية والاعلامية ...الخ ، والدعم الفعال والمتواصل وليس الموسمي لنضال الشعوب المستعمرة كالعرب والترك والأكراد والبلوش وغيرهم من قبل القومية الفارسية وتمكينها من إقامة دولها القومية المستقلة وفي مقدمتها دولة الأحواز العربية .
أما نحن أو إسرائيل الشرقية ، وكل التحديات الأخرى في هذه المرحلة ومهما كانت فهي ثانوية . وللتذكير فقط فإن هذه الاستراتيجية هي نفس ما تنفذه فعلاً إسرائيل الشرقية ضدنا وما يجب أن نقوم به ليس أكثر من رد مكافئ لما تقوم به ، فهل ستكون الانتفاضة الإيرانية الحالية مقدمة لإنهاء كوارثنا ؟ .
Almukhtar44@ gmail.com
31-12-2017
Commentaires